منظور عالمي قصص إنسانية

هايتي: الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي لتكثيف دعمه وتحويل الأزمة الحالية "غير المسبوقة" إلى فرصة للبلاد

الأمهات ينتظرن مع أطفالهن تلقي التطعيم في مستشفى يدعهم صندوق الأمم المتحدة للسكان في جنوب هايتي.
© UNFPA/Ralph Tedy Erol
الأمهات ينتظرن مع أطفالهن تلقي التطعيم في مستشفى يدعهم صندوق الأمم المتحدة للسكان في جنوب هايتي.

هايتي: الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي لتكثيف دعمه وتحويل الأزمة الحالية "غير المسبوقة" إلى فرصة للبلاد

السلم والأمن

على الرغم من إحراز بعض التقدم على أرض الواقع منذ الاجتماع الأخير للمجلس، لا يزال الوضع في هايتي مترديا، إذ يعاني البلد من عدم الاستقرار السياسي وعنف العصابات المستشري والوضع الإنساني المتدهور.

وقد عقد مجلس الأمن اليوم بطلب من روسيا، اجتماعا حول هايتي تحدثت فيه نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، والممثلة الخاصة للأمين العام لهايتي ورئيسة مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتي (BINUH) هيلين لاليم، وكاتب في المجلة الأسبوعية Haïti Liberté، كيم إيفز.

 

كما قدم السفير ميشيل كزافيير بينج (الغابون) إيجازا لأول مرة بصفته رئيسا للجنة الجزاءات المفروضة على هايتي 2653. وشاركت كل من كندا والجمهورية الدومينيكية وهايتي بموجب المادة 37 من النظام الداخلي المؤقت للمجلس.

مستويات عنف غير مسبوقة

نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، تقدم إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع في هايتي
UN Photo/Manuel Elías
نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، تقدم إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع في هايتي

خلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء، قالت السيدة أمينة محمد إنها شعرت بالتشجيع أثناء زيارتها للبلاد في شباط / فبراير من الجهود المبذولة لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح، ولكن مع قدوم نهاية العام، وصل انعدام الأمن إلى مستويات غير مسبوقة إذ تنتشر انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء هايتي.

وقالت نائبة الأمين العام إن عنف العصابات يشل البلاد ويعيق حرية حركة الأفراد والبضائع والمساعدات الإنسانية، وأضافت: "لقد أدى إلى عودة انتشار الكوليرا، وزاد انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات لا يمكن تصورها، وشرد 155 ألف شخص، وعطل تعليم آلاف الأطفال."

تدهور حالة حقوق الإنسان

وأكدت السيدة محمد أن العاصمة بور-أو-برنس والمناطق الأخرى تعاني من "أسوأ حالة طوارئ حقوقية وإنسانية منذ عقود،" مما يعيق أي فرص للتنمية المستدامة. ونددت بأشد العبارات بما تردد عن انتشار العنف الجنسي من قبل العصابات المسلحة وقالت:

"ستواصل الأمم المتحدة إعلاء الصوت من أجل النساء والفتيات اللواتي يعشن في المجتمعات التي تسيطر عليها العصابات؛ والعمل على الحد من تعرضهن للعنف بجميع أنواعه؛ والدعوة إلى العدالة ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم الشنيعة."

الدعم والتضامن الدوليان

سلطت نائبة الأمين العام الضوء على الحاجة الماسة إلى الدعم والتضامن الدوليين مع هايتي، وقالت: "الآن ليس الوقت المناسب ليتخلى العالم عن هايتي. لقد حان الوقت لتكثيف [الدعم] وتحويل الأزمة الحالية إلى فرصة لهايتي لتستعيد قوتها."

وحثت السيدة محمد الدول على النظر على وجه السرعة في طلب حكومة هايتي لـ "قوة مسلحة دولية متخصصة" للمساعدة في استعادة الأمن وتخفيف الأزمة الإنسانية. وقالت إن هذا أمر ضروري للغاية إذ ما كانت البلاد لتعود إلى الاستقرار المؤسسي ونحو السلام والتنمية المستدامة.

قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، إن هايتي تمر "بأزمة متفاقمة ذات نطاق وتعقيد غير مسبوقين، مما يدعو إلى قلق شديد."

وقالت المسؤولة الأممية إن شعب هايتي له الحق في ممارسة حياته اليومية دون التعرض لخطر الاختطاف أو الاغتصاب أو القتل، وفي الوصول إلى الخدمات الأساسية والمنقذة للحياة، وممارسة حقوقه السياسية والمدنية، بما في ذلك حق التصويت في الانتخابات.

وأضافت: "هناك أزمات كثيرة أخرى حول العالم. لكن أزمات قليلة للغاية، إن وجدت، تختبر التزامنا وقيمنا مثل تلك التي نشهدها في هايتي. إنها اختبار للإنسانية المشتركة التي ينبغي أن تكون في صميم التعاون الدولي. إنها اختبار لتضامننا مع الناس الذين يواجهون معاناة عميقة."

وأكدت السيد محمد من جديد التزام الأمم المتحدة تجاه شعب هايتي ودعم تعافي البلاد نحو التنمية المستدامة والديمقراطية والاستقرار والسلام. واختتمت بيانها والقول: "في هذه السنة الجديدة، أدعو إلى الوحدة والتضامن لدعم حل الأزمة في هايتي، بقيادة الهايتيين، ومن أجل جميع الهايتيين."

 

بصيص أمل تبدد بسرعة..

اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في هايتي
UN Photo/Manuel Elías
اجتماع مجلس الأمن حول الوضع في هايتي

من هايتي، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، أطلعت الممثلة الخاصة للأمين العام لهايتي ورئيسة مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتي، هيلين لاليم، مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في البلاد.

وقالت إن الحصار المفروض على محطة الوقود الرئيسية في هايتي، والذي تزامن مع أشهر من الاحتجاجات والاضطرابات المنظمة وحواجز الطرق المسلحة في جميع أنحاء البلاد، قد انتهى في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر بفضل الجهود المتضافرة من قبل الشرطة الوطنية الهايتية.

وبدأ الوقود بالتدفق في عدد من الأحياء في منطقة بور-أو-برنس، مما سمح للمستشفيات والشركات بفتح أبوابها، وخلق ما يشبه عودة محتملة إلى الحياة الطبيعية.

"لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل"، استدركت لاليم مشيرة إلى ظهور مستوى جديد من نشاط العصابات على الفور في جميع أنحاء العاصمة، اتسم بارتفاع عمليات الخطف والقتل والاغتصاب. إذ شهد تشرين الثاني / نوفمبر 280 جريمة قتل عمد- الأعلى على الإطلاق.

"ومما يبعث على القلق بنفس القدر عدد حالات الاختطاف من أجل الحصول على فدية"، بحسب الممثلة الخاصة التي أوضحت أن عمليات الاختطاف المبلغ عنها في عام 2022 تجاوزت حتى الآن 1200 حالة – أي ضعف العدد المسجل في عام 2021 - مما يجعل كل رحلة تنقل للمواطن الهايتيّ العادي محنة.

كما تعكس الزيادة في عمليات الاغتصاب المسجلة طريقة عمل العصابات المروعة، التي، كما ذكرت البعثة في تشرين الأول/ أكتوبر، تستخدم العنف الجنسي لترهيب وإخضاع مجتمعات بأكملها. أصبحت الوحشية التي يُرتكب بها هذا العنف علامة على سوء سمعة الجناة.

وبينما تواصل الحكومة الاستثمار في الشرطة الوطنية الهايتية، حيث استلمت ست مركبات مدرعة جديدة في تشرين الأول/أكتوبر، ومن المتوقع أن تصل إلى اثنتي عشرة مركبة أخرى في السنة الجديدة، لا تزال الشرطة تعاني من نقص في الموارد ومن عدم كفاية التجهيزات اللازمة للتصدي لضخامة المهمة المقبلة، كما أكدت الممثلة الأممية الخاصة لأعضاء مجلس الأمن.

ومما يزيد من تفاقم محنة الملايين الذين يعيشون وسط هذا العنف الوضع الاقتصادي الكارثي، حيث تخضع جميع الطرق الرئيسية داخل وخارج العاصمة لسيطرة العصابات، مما يعوق التجارة.

بور-أو-برنس عاصمة هايتي.
UNDP Haiti/Borja Lopetegui Gonzalez
بور-أو-برنس عاصمة هايتي.

البعثة مستمرة في جهودها لدفع الحوار قدما

مع تصاعد النقاش، واصلت البعثة الأممية في هايتي جهودها لدفع الحوار السياسي قدما. وأفادت السيدة لاليم بأنه في أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر / تشرين الثاني، أطلقت مجموعات المجتمع المدني جولة جديدة من المشاورات الشاملة حول خارطة طريق انتقالية، مع أعضاء اتفاق مونتانا، وجمعيات القطاع الخاص، والنقابات العمالية والمنظمات الدينية.

ومن هذه العملية انبثقت وثيقة "التوافق الوطني". وتتضمن الوثيقة خطوات للانتقال بالبلاد إلى الانتخابات في إطار زمني مدته 18 شهرا، مع وجود مجلس انتقالي وآلية إشراف. في 6 كانون الأول/ديسمبر، أصدرت مجموعات المجتمع المدني التي تقود هذه المشاورات أول بيان عام لها باسم "لجنة التيسير المستقلة"، داعية إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية عام 2022.

كما نشط أصحاب المصلحة الآخرون. وقالت السيدة لاليم إن نداء 8 كانون الأول/ ديسمبر من قبل الجهات الفاعلة في القطاع الخاص لتغيير ممارسات الأعمال يمثل خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح. "من المهم أن يلتزم مجتمع الأعمال بهذه الالتزامات ويعزز الروابط مع المجتمع المدني والفاعلين السياسيين من أجل حل الأزمة."

أمل في غد أفضل..

في الوقت الذي كانت تحيط السيدة لاليم فيه مجلس الأمن الدولي، كانت تجري مشاورات مكثفة، إلى جانب الجهود المبذولة لتوسيع الدعم لوثيقة "التوافق الوطني". وفي هذا السياق شجعت الممثلة الخاصة "جميع شرائح المجتمع، من أجل الوطن، على تنحية خلافاتهم جانباً، وصياغة مسار مشترك لدفع البلاد إلى الأمام."

وأشارت لاليم إلى أن عددا كبيرا من المحاورين الهايتيين رحب بعمل المجلس الأخير، وأيد تبني العقوبات كأداة حاسمة في مكافحة الفساد والإفلات من العقاب.

غير أنها أوضحت أن العقوبات ستكون أكثر فعالية كجزء من نهج شامل يشمل الحوار السياسي الجاري وتعزيز الدعم الأمني التشغيلي للشرطة الوطنية الهايتية على النحو المبين في رسالة الأمين العام.

"ستكون هذه النهج بالتوازي ضرورية لاستعادة النظام، وثقة الجمهور، والأمل في أن يكون غد البلاد أفضل. الهايتيون لا يستحقون أقل من ذلك."