منظور عالمي قصص إنسانية

أوكرانيا: مجلس الأمن يبحث مسألة استخدام الأسلحة التقليدية الثقيلة فيما خلفت الحرب المستعرة منذ تسعة أشهر دمارا هائلا

لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوصول إلى مدينة ماريوبول المحتلة ولم تتمكن من التحقق من عدد الضحايا المدنيين.
Mariupol City Council
لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوصول إلى مدينة ماريوبول المحتلة ولم تتمكن من التحقق من عدد الضحايا المدنيين.

أوكرانيا: مجلس الأمن يبحث مسألة استخدام الأسلحة التقليدية الثقيلة فيما خلفت الحرب المستعرة منذ تسعة أشهر دمارا هائلا

السلم والأمن

في إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي حول مسألة "إمدادات الأسلحة الفتاكة لأوكرانيا وعواقبها"، شددت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح على أن منع تحويل الأسلحة والذخيرة أمر ضروري لتجنب تأجيج الصراع وانعدام الأمن في المنطقة وخارجها.

وقد بحث مجلس الأمن الدولي هذه المسألة في جلسة عقدها مساء يوم الجمعة بتوقيت نيويورك تحت بند "التهديدات للسلم والأمن الدوليين".

وقالت السيدة إيزومي ناكاميتسو إنه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، نقلت عدة دول منظومات أسلحة وذخائر إلى أوكرانيا من أجل قوات دفاعها. 

لكنها أوضحت أن المعلومات الواردة من الحكومات بشأن عمليات نقلها متاحة إلى حد كبير من خلال المصادر المفتوحة.

وقد اشتملت عمليات النقل هذه على أسلحة تقليدية ثقيلة، بما في ذلك دبابات قتال وعربات قتالية مصفحة، وأنظمة مدفعية من العيار الثقيل وأنظمة صواريخ ومركبات قتال جوي دون طيار، وأسلحة صغيرة وأسلحة خفيفة.

وكانت هناك أيضا تقارير واسعة النطاق ومثبتة بشكل مستقل عن نقل أنظمة الأسلحة التقليدية الرئيسية إلى الجماعات المسلحة غير الحكومية المتورطة في النزاع ضد أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المدفعية، على حدّ قولها.

وأضافت قائلة: "يثير تدفق الأسلحة على نطاق واسع في أي حالة نزاع مسلح العديد من المخاوف بشأن السلام والأمن، بما في ذلك مخاطر التحويل فضلا عن التداعيات المحتملة والتصعيد."

وأشارت إلى أن تدابير مواجهة التحويل المحتمل للأسلحة والذخائر ستكون أساسية للتعافي بعد الصراع والأمن والاستقرار الإقليميين، وكذلك لمنع الصراع في مناطق أخرى. تشمل هذه التدابير تقييمات مخاطر ما قبل النقل وضوابط ما بعد الشحن، بما في ذلك عمليات التفتيش في الموقع والتحقق من المستخدم النهائي.

وتابعت تقول: "تتساوى في الأهمية الحاجة إلى حماية المعدات العسكرية المنقولة وأخذها بالحسبان."

ولتعزيز الشفافية في عمليات نقل الأسلحة، يظل سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية أداة رئيسية كما تفعل معاهدة تجارة الأسلحة. كما أنها أداة مهمة لتتبع تدفق الأسلحة والذخيرة في مناطق الصراع.

حماية المدنيين

وبعيدا عن معالجة مسألة عمليات نقل الأسلحة، أكدت المسؤولة الأممية أنه يقع على عاتق جميع الأطراف واجب حماية المدنيين عند القيام بشن العمليات العسكرية.

فمنذ 24 شباط/فبراير، سجل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان 17,181 ضحية مدنية مع تزايد الأعداد بازدياد. 

ولا تزال معظم الوفيات والإصابات بين المدنيين ناجمة عن استخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات بالمدفعية الثقيلة وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة والصواريخ والطائرات.

ومضت قائلة: "بالإضافة إلى آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، شهدنا تدمير البنية التحتية والخدمات المدنية والحيوية، خاصة باستخدام الصواريخ والمركبات الجوية بدون طيار."

وأشارت إلى أنه إلى جانب تدمير المنازل والمدارس والطرق والجسور، تأثرت أيضا المستشفيات والمرافق الصحية. كما أن انقطاع المياه والغاز والتدفئة والكهرباء الناجم عن الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة يشكل مصدر قلق خاصة مع بداية فصل الشتاء مما يضفي بُعدا جديدا على الأزمة الإنسانية ويعرّض الملايين من الأشخاص للخطر.

وذكّرت بأنه بموجب القانون الدولي الإنساني، لا يجب على المقاتلين أن يوجّهوا هجمات ضد المدنيين أو البنية التحتية المدنية ويجب عليهم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في إدارة العمليات العسكرية لتجنب – أو على الأقل تقليل – الخسائر العرضية في أرواح المدنيين، والإصابات في صفوف المدنيين والأضرار التي تلحق بالأعيان المدنية.

لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوصول إلى مدينة ماريوبول ولم تتمكن من التحقق من عدد الضحايا المدنيين.
Mariupol City Council

علامة فارقة في جهود حماية المدنيين

تبنت الشهر الماضي أكثر من 80 دولة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، الإعلان السياسي بشأن تعزيز حماية المدنيين من التبعات الإنسانية الناجمة عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.

وأكدت أن هذا الإعلان يمثل علامة فارقة في جهودنا لتوفير حماية أفضل للمدنيين من عواقب الصراع المسلح. ودعت جميع الدول الأعضاء إلى تفعيله.

وقالت إن الأشهر التسعة الماضية شهدت دمارا هائلا نتيجة لاستخدام الأسلحة التقليدية الثقيلة. "يجب أن تتوقف الهجمات ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية."

وحثت الدول على تطبيق تدابير فعّالة لتحديد الأسلحة للتصدي للمخاطر المتعلقة بنقلها. 

وأكدت في ختام كلمتها أن الطريقة الوحيدة لوضع حد للمعاناة والدمار في أوكرانيا هي عبر إنهاء الحرب. وناشدت جميع الدول الأعضاء بذل قصارى الجهود من أجل تحقيق السلام.

قضية مثارة منذ سنوات

وعبر تقنية الفيديو، خاطب البروفيسر في القانون والمحامي المختص بحقوق الإنسان، دانيال كوفاليك، أعضاء مجلس الأمن، واقتبس من تقارير صحفية متعددة منذ عدة سنوات بشأن مسألة تدفق الأسلحة في إشارة إلى أنها ليست قضية حديثة العهد.

واتفق مع السيدة ناكاميتسو قائلا إن ما ينبغي أن يحدث هو إنهاء هذه الحرب، لافتا الانتباه إلى أهمية التفاوض وهو أمر ممكن على حدّ تعبيره.

وقال: "في آذار/مارس ونيسان/أبريل وُجد اتفاق كان بإمكان الطرفين القبول به لكن (رئيس وزراء بريطانيا السابق) بوريس جونسون أوعز للرئيس الأوكراني بألا يوقّع عليه، ولكن ثمّة صفقة يمكن من خلالها إنهاء الصراع، وينبغي إنهاؤه عبر تسوية تفاوضية."

الحرب في أوكرانيا تحمل عواقب على الأطفال
UNICEF / Diego Sanchez

روسيا: خروج عن السيطرة

قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن الهدف من الاجتماع هو إعطاء فرصة لأعضاء مجلس الأمن بأن يقوموا بتقييم تأثير الضخ المكثف المستمر للأسلحة الغربية إلى أوكرانيا على احتمالات إنهاء الصراع، إضافة إلى تقييم عواقب التهريب المستمر لهذه الأسلحة إلى مناطق مختلفة من العالم على السلم والأمن الدوليين، على حدّ تعبيره.

وقال إنه بعد وقت قصير من بدء العملية الخاصة، والتي كان أحد أهدافها نزع السلاح في أوكرانيا، أصبح من الواضح أن الإمكانات العسكرية للجيش الأوكراني نفسه كانت على وشك الإنهاك.

"وعليه، فقد كانت اللحظة التي لم يعد فيها نظام كييف في أوكرانيا يشكل تهديدا على بلدنا تقترب أكثر فأكثر. لكن مثل هذا السيناريو لم يناسب شركاءنا الغربيين السابقين."

وأشار إلى أن اتفاق مينسك كان مجرد غطاء لإعادة تسليح القوات المسلحة الأوكرانية، "كما قالته لنا بسخرية" المستشارة الألمانية السابقة، أنغيلا ميركل، بحسب المسؤول الروسي.

وأوضح أنه ليس من خيار آخر سوى تحقيق أهداف ضمان أمن روسيا وإنقاذ الأرواح والحفاظ على هوية السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا بالوسائل العسكرية. وحذر من أنه لا يرى أي بوادر وعي من قبل الدول الغربية، أو أنها تزيد الاحتقان مما يخاطر "بابتلاع العالم بأسره". وفسّر بالقول إن ثمة معلومات وصلت الشرطة الفنلندية بشأن أسلحة تم تزويدها إلى كييف ذهبت لمجرمين أيضا في السويد والدنمارك وهولندا.

"دعوني أقول إن قضية سرقة الأسلحة من مخازن الجيش هو أمر أثير منذ وقت طويل." وتحدث عن معلومات منذ عام 2020 بشأن أسلحة تتدفق من أوكرانيا إلى مناطق النزاعات في أفريقيا والشرق الأوسط، بما يشمل الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات. وحذر من أن الوضع يخرج عن السيطرة لدرجة أن الأسلحة التي تذهب إلى كييف تظهر في الأسواق السوداء وليس في أوروبا فقط.

أوكرانيا: سنواصل إزالة الاحتلال عن أراضينا

أشار مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسيا، في بداية كلمته إلى إنه ليس من حاجة لإغراق قاعة مجلس الأمن بدخان المؤامرات.

وتابع يقول: "مرة أخرى تحاول روسيا إضفاء الشرعية على انتهاكاتها الجسيمة لميثاق الأمم المتحدة عبر استخدام هذا المجلس كمنصة لنشر الدعاية الكاذبة."

وأضاف أنه يتم إلقاء اللوم على الضحية، وكلما قاومت الضحية وكلما زادت المساعدة التي تتلقاها الضحية من الدول التي لديها شعور بالمسؤولية، تصبح الاتهامات المنهالة (عليها) أخطر.

وأوضح أنه يتم تغليف الكذب بأسماء وعبارات متعددة ومواصفات تقنية وأرقام، وهذا ما يجعل الكذب يبدو وكأنه واقعي.

وقال: "على وجه التحديد، لم نسمع من موسكو لماذا لم يتم العثور على المقابر الجماعية وغرف التعذيب سوى في المواقع التي نُشرت فيها القوات الروسية. يمكننا تخيّل ما سنعثر عليه في المناطق التي لا تزال تخضع للاحتلال الروسي."

وأكد أنه كلما تم التعجيل بتحرير تلك المناطق، كلما كان بالإمكان إنقاذ الأوكرانيين: "لهذا السبب سنواصل نزع الاحتلال عن مناطقنا ذات السيادة بما يتماشى بشدة مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة."

وحذر من أن روسيا قدمت "نفس الادعاءات" في أيلول/سبتمبر، وما حدث بعد ذلك هو أن القوات الأوكرانية نفذت عمليتها لتحرير شرقي وجنوبي البلاد. منذ أيلول/سبتمبر تم تحرير آلاف الكيلومترات في أقاليم خاركيف وخيرسون ولوهانسك. "هذا أكثر برهان قوي وحيوي على أن جميع الأسلحة في يد الأوكرانيين تخدم هدفها المحدد، وهو مساعدة الجيش الأوكراني لتحرير شعبنا وأراضينا."

وأكد أنه لمنع استخدامها غير المشروع، أنشأت أوكرانيا - وضمنت فعالية - منظومة متعددة المستويات للسيطرة على السلاح.