منظور عالمي قصص إنسانية

مجلس الأمن يبحث الوضع في أوكرانيا: حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للكهرباء والتدفئة يتطلب دعم المجتمع الدولي

أحد سكان خاركيف ينظر إلى حجم الدمار الذي أصاب المدينة، أوكرانيا.
UNOCHA/Matteo Minasi
أحد سكان خاركيف ينظر إلى حجم الدمار الذي أصاب المدينة، أوكرانيا.

مجلس الأمن يبحث الوضع في أوكرانيا: حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للكهرباء والتدفئة يتطلب دعم المجتمع الدولي

السلم والأمن

أدّت الهجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، بما في ذلك محطات الطاقة والتدفئة، إلى حرمان ملايين الأشخاص من التدفئة والكهرباء والمياه. وفي إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، قال مارتن غريفيثس إن ذلك أضاف بُعدا خطيرا آخر على الأزمة الإنسانية التي سببتها الحرب.

جاءت إحاطة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس على خلفية الهجمات الجوية والصاروخية الروسية الأسبوعية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء أوكرانيا، وهي الاستراتيجية التي بدأتها روسيا منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر.

فقد ألحقت الهجمات الروسية أضرارا كبيرة بشبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما أدّى إلى انقطاع هائل في الكهرباء وانقطاع خطوط الهاتف والإنترنت وانخفاض إمدادات المياه في جميع أنحاء البلاد. وكان الوضع حرجا بشكل خاص في الغرب وفي العاصمة كييف.

حصيلة الحرب المتواصلة منذ فبراير

قال السيد غريفيثس لأعضاء مجلس الأمن الدولي إن أكثر من 14 مليون شخص في عداد النازحين قسرا من ديارهم في أوكرانيا، بما في ذلك 6.5 مليون نازح داخليا، وتم تسجيل أكثر من 7.8 مليون لاجئ في جميع أنحاء أوروبا.

وحول أعداد الضحايا، قال غريفيثس نقلا عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، إن هناك 17181 ضحية من المدنيين، مع مقتل 6702 منذ 24 شباط/ فبراير، لكننا "نعلم أن الخسائر الحقيقية كبيرة للغاية". كما فرّ الملايين أو اقتُلعوا من منازلهم أو انفصلوا عن عائلاتهم أو تعرّضوا لخطر العنف.

عمال الإنقاذ يفتشون مبنى دمرته الصواريخ في زابوريزهجيا ، أوكرانيا.
© UNOCHA/Dmytro Smolienko

إضافة إلى ذلك، أبلغت منظمة الصحة العالمية عمّا لا يقل عن 715 هجوما على الرعاية الصحية في البلاد، بما في ذلك 630 هجوما أثر على المرافق الصحية و61 أثّر على الطواقم.

وتمثل هذه الهجمات في أوكرانيا أكثر من 70 في المائة من جميع الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم هذا العام.

تعاظم المخاطر مع انخفاض درجات الحرارة

ومع حلول فصل الشتاء، أشار غريفيثس إلى انخفاض درجات الحرارة بالفعل لأقل من درجة التجمّد ومن المتوقع أن تنخفض إلى أقل من -20 درجة مئوية.

نتيجة للهجمات على البنية التحتية المدنية، يُحرم الناس من الرعاية الصحية والأطفال من التعليم.

وقال المسؤول الأممي إنه وسط درجات الحرارة المتجمدة والدمار، يصبح المستضعفون بالفعل الأشخاصَ الأكثر عرضة للخطر – من بينهم كبار السن وذوو الإعاقة وملايين النازحين – بسبب نقص الخدمات الأساسية.

يجب الحرص الدائم على تجنيب المدنيين والأعيان المدنية في جميع العمليات العسكرية

ومضى قائلا: "القانون الدولي الإنساني يتحدث عن نفسه: يجب حماية الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. ويجب الحرص الدائم على تجنيب المدنيين والأعيان المدنية في جميع العمليات العسكرية."

علاوة على كل ذلك، لا يزال العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يستهدف النساء والفتيات متفشيا، ولا يزال التبليغ عن عدد الحالات منخفضا.

وشدد غريفيثيس على أن عمل المنظمات الإنسانية هو الحفاظ على الحياة والحفاظ على الكرامة، ولا يزال المجتمع الإنساني ملتزما بالبقاء والتسليم.

وقد قدّم ما يقرب من 690 شريكا في المجال الإنساني – معظمهم من المنظمات المحلية على الخطوط الأمامية – خدمات المساعدة والحماية الحيوية للحياة لـ 13.5 مليون شخص. 

وتابع يقول: "إنهم يعملون على مدار الساعة لدعم المدنيين بالخدمات والإمدادات الحيوية لفصل الشتاء."

الحرب في أوكرانيا تحمل عواقب على الأطفال.
UNICEF / Diego Sanchez

خلال الأشهر القليلة الماضية، واستعدادا لفصل الشتاء، قدّم العاملون في المجال الإنساني إلى أكثر من 630 ألف مدني أشكالا مختلفة من المساعدات الشتوية المباشرة، وتم توزيع 400 مولد كهربائي على المرافق الحيوية.

منذ تشرين الأول/أكتوبر، خلفت الهجمات المستمرة على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مستوى جديدا من الاحتياجات التي تؤثر على البلد بأكمله، وتؤدي إلى تفاقم الاحتياجات التي تسببت بها الحرب.

المطلوب المزيد من الدعم

أكد غرفيثس أن حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للكهرباء والتدفئة يتطلب دعم المجتمع الدولي المعزز لحكومة أوكرانيا بما يتجاوز ما يمكن أن يقدمه العاملون في المجال الإنساني.

في الأسابيع الأخيرة، تسنى الوصول إلى المزيد من المناطق في الأقاليم الشرقية والجنوبية، مما سمح للعاملين في المجال الإنساني بالوصول إلى مجتمعات جديدة تماما وتقديم المساعدة لها.
وتستجيب الفرق وتقوم القوافل المشتركة بين الوكالات بالتحرك لتقديم المساعدة إلى المناطق التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها مؤخرا.

وقال: "في خيرسون على سبيل المثال، قامت القوافل بتوصيل المياه الصالحة للشرب التي تمسّ الحاجة إليها لآلاف المدنيين والإمدادات الطبية لعلاج 100,000 شخص لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وتقديم خدمات الصحة الإنجابية للنساء والفتيات. كما تم تسليم مساعدات غذائية لحوالي 100,000 مدني."

وتلقى حوالي 765,000 طفل الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدتهم على التعامل مع الآثار المؤلمة للحرب والنزوح.

وأوضح غريفيثس أن ذلك لم يكن ممكنا بدون دعم الدول الأعضاء غير المسبوق والجهات المانحة الأخرى للنداء العاجل لأوكرانيا، مع تلقي 3.1 مليار دولار من جملة الـ 4.3 مليار دولار المطلوبة حتى نهاية عام 2022.

وبينما كانت هناك بعض التحسينات التي طرأت على وصول المساعدات الإنسانية، يتمثل التحدي الأكبر في العوائق التي تحول دون الوصول إلى مناطق في دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا.

وتتواصل المناقشات بين الأمم المتحدة والأطراف لتسهيل الوصول دون عوائق إلى هذه المناطق.

وقد أطلق غريفيثس في الأسبوع الماضي "نظرة عامة على العمل الإنساني العالمي" ويُجمل التقييم السنوي للاحتياجات الإنسانية العالمية وكيفية الاستجابة لها.

وفسّر أنه في بداية عام 2022، كان 274 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. في عام 2023، ارتفع العدد المتوقع للأشخاص المحتاجين إلى 339 مليون شخص. هذا يمثل زيادة بنحو 24 في المائة، أو 65 مليون شخص. "إنه يمثل واحدا من بين كل 23 شخصا على هذا الكوكب."

عاملة إنسانية تقدم معلومات لعائلة تصل إلى مركز تقديم مساعدات إنسانية في زابوريزهزهيا، بعد إجلائها من دونيتسكا أوبلاست في أوكرانيا.
© UNOCHA/Matteo Minasi

الاجتماع يأتي بطلب من فرنسا والمكسيك

يركز الاجتماع الذي طلبته فرنسا والمكسيك على الوضع الإنساني وتأثيرات الحرب على الأطفال في أوكرانيا.

وقال مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دي ريفيير، إن بلاده تدين بأشد العبارات الممكنة الهجمات المتواصلة الروسية التي تطال جميع الأراضي الأوكرانية.

"أمس قتلوا مرة أخرى العديد من المدنيين، وألحقوا أضرارا بالبنية التحتية الحيوية."

وأضاف أن هذا "الاستهداف الممنهج، في حين تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من صفر مئوية، يعكس الرغبة الواضحة لروسيا لجعل السكان الأوكرانيين يعانون ولحرمانهم من المياه والتدفئة والكهرباء على أمل تقويض عزيمتهم."

من جانبه، قال مندوب المكسيك الدائم لدى الأمم المتحدة، خوان رامون دي لا فوينتي، إن الاحتياجات ستتواصل في التعاظم مع استمرار الحرب وحلول فصل الشتاء.

"هذا السيناريو هو نتيجة الهجمات المكثفة ضد شبكات الكهرباء في أوكرانيا والتي خلّفت أكثر من 10 ملايين شخص بدون كهرباء"

وأشار إلى أن السكان المدنيين هم ضحايا الحرب ولديهم صعوبات متزايدة في الوصول إلى الخدمات الصحية. وقال: "نكرر دعوتنا الملحة لوضع حد لهذه الهجمات والنهوض بجهود إعادة بناء شبكات الكهرباء."

ودعا إلى ضمان الإمداد بالكهرباء لمحطة زابوريجيا وفي جنوب أوكرانيا لتجنب كارثة نووية على حدّ تعبيره.

روسيا: نستهدف المواقع العسكرية

استهل مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، كلمته بالحديث عن الضحايا الذين سقطوا بسبب ما وصفها بالهجمات الأوكرانية المتواصلة منذ عام 2014، حيث قتلت أوكرانيا أكثر من 250 طفلا في دونباس، وقال إن القوات الأوكرانية تستهدف المدنيين السلميين في دونباس، والأمر مستمر.

"لكنّ الزملاء يحاولون إخفاء ذلك بشكل مخجل."

وأشار إلى أن أوكرانيا تطالب بالحصول على أسلحة لأنها بحسب ما ورد على ألسنة قادتها تريد القضاء على روسيا وأن الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع موسكو يستهين بكرامة الشعب الأوكراني، وقال المسؤول الروسي "أعتقد أنه لا يمكن الوقوف صامتين إزاء خطابات الكراهية من قبل كييف، يجب مواجهة هذه الأفعال الشنيعة بما في ذلك من خلال ضرب البنية التحتية التي تُستخدم للإمدادات العسكرية واللوجستية."

وأكد المسؤول الروسي أن بلاده بعبارة أخرى ستُضعف القدرات العسكرية لهذا النظام. 

وقال إن البنية التحتية المدنية لن تعاني إذا لم تكن منظومة الدفاع الجوية الأوكرانية موجودة في مناطق مدنية، "ولسبب ما يتم إلقاء اللوم على روسيا ويقال إن روسيا تستهدف البنية التحتية المدنية."

وقال إن الصاروخ الذي سقط في بولندا قبل مدة، والصاروخ الذي سقط في مولدوفا يوم أمس، أمر يظهر خطورة استخدام القوات الأوكرانية للأسلحة ليس فقط داخل البلاد، ولكن أيضا في الدول المجاورة.

وشدد في ختام كلمته على أن روسيا ستحمي مصالحها بجميع الوسائل المتاحة، والطرق العسكرية المشروعة.

أوكرانيا: نقاوم محونا عن الخريطة

قال مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسيا، إن بلاده تلقت يوم أمس وابلا من الصواريخ الروسية أمس: "تم إطلاق أكثر من 70 صاروخا من الجو والسفن" لكن القوات الأوكرانية اعترضت حوالي 60 من تلك الصواريخ على حد قوله.

وأشار في بداية كلمته إلى أن المعتدي سيفشل وسيتم مساءلة مجرمي الحرب.

وفيما يتعلق بسقوط الصاروخ على مولودفا، شدد المسؤول الأوكراني على أن "الإرهاب الروسي" لا يشكل مخاطر على أوكرانيا فقط بل على الدول المجاورة أيضا.

وتابع يقول: "الطريقة الوحيدة لوقف هذه الهجمات هي مواصلة دعم أوكرانيا عبر تعزيز دفاعنا الجوي أكثر وقدرات الدفاع الصاروخي."

وشدد على أن أوكرانيا ترغب بالسلام، لكنّه جرى اقتحام أراضيها، وقتل سكانها، وتدمير منازلها ونهبها على يد القوات الروسية: "نحن نقاوم، ليس السلام، ولكن محاولات موسكو محونا عن الخريطة."

كما تحدث عن فصل الأطفال عن ذويهم ونقلهم إلى روسيا. وحتى هذا التاريخ حددت السلطات الأوكرانية 12,340 طفلا تم ترحيلهم إلى روسيا أو الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا بشكل مؤقت. 

وحتى الآن تم إعادة 119 طفلا فقط إلى ذويهم في أوكرانيا. "نحث موسكو على وقف هذه الممارسة غير القانونية وتزويد الوكالات الأممية والمنظمات الدولية بالمعلومات الكاملة حول الأطفال الأوكرانيين المختطفين أو المرحّلين إلى أراضيهم، بما في ذلك الأطفال الذين تم تبنيهم أو نقلهم إلى عائلات لرعايتهم."