منظور عالمي قصص إنسانية

الصومال: أمهات يفقدن أطفالهن بسبب الجفاف خلال رحلة البحث عن الماء والغذاء

امرأة تقيم مأواها في موقع النزوح في دولو، الصومال.
IOM/Claudia Rosel
امرأة تقيم مأواها في موقع النزوح في دولو، الصومال.

الصومال: أمهات يفقدن أطفالهن بسبب الجفاف خلال رحلة البحث عن الماء والغذاء

المساعدات الإنسانية

في أحد مواقع النزوح في بيدوا بالصومال، تجلس سيدة عجوز متأملة بما آلت إليه أمورها. فها قد مضى شهران على مكوثها في الموقع بعد أن نفقت ماشيتها. سارت على الأقدام ما يقرب من خمسة أيام، في ساعات النهار كانت تستظل تحت الشجر وتكمل الرحلة في ساعات المساء.

في مدينة بيدوا الواقعة في إحدى أسوأ المناطق المتضررة من الجفاف في جنوب وسط الصومال، يصل حوالي 7,500 شخص إلى مواقع النازحين أسبوعيا، هؤلاء يكونون في حاجة ماسة إلى المساعدة.
تلك السيدة العجوز خسرت ماشيتها، لكن الخسائر البشرية كانت كبيرة أيضا، وأثرت على الكثيرين. تقول امرأة جالسة بين مجموعة من الأشخاص وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "فقدنا بعض أطفالنا بسبب الجفاف."

أولئك الذين وصلوا إلى مواقع النازحين اتخذوا قرارات مؤلمة للمخاطرة بالرحلة في حالتهم الضعيفة الناجمة في المقام الأول عن سوء التغذية، أو ترك أفراد أسرهم الأكثر ضعفا – كبارا وصغارا – على أمل البقاء على قيد الحياة.

"أكافح لإطعام إبني"

تأمل فرحية (30 عاما) في تجنّب نفس المصير لطفلها، وتقول: "أكافح لإطعام ابني. إنه مريض ولا أعرف أين آخذه، لا أحد يساعدنا."

تكشف الأم الشابة عن مجموعة من آثار الحروق الظاهرة على ابنها البالغ من العمر ستة أشهر الذي يعاني من سوء التغذية. كانت فرحية قد أخذته إلى معالج بالطب التقليدي ضغط على جسد الصغير بالخشب المحترق للقضاء على المرض.

أكافح لإطعام ابني. إنه مريض ولا أعرف أين آخذه، لا أحد يساعدنا

تعيش فرحية في مخيمات بيدوا العشوائية منذ تسعة أشهر ومع ذلك لم يخبرها أحد عن العيادة الصحية القريبة. 

بعد أن شاركت فرحية قصة مرض ابنها، ساعدها موظفو إدارة المخيم من المنظمة الدولية للهجرة على التعرف على مستشفى بيدوا، الذي أدخل ابنها لتلقي العلاج في ذلك اليوم ومعالجة التهاب في الجهاز التنفسي.
بعد عشرة أيام تحسّن ابن فرحية بشكل كبير وخرج من المستشفى.

عدم قدرة فرحية على الحصول على الرعاية التي تحتاجها لابنها ليست حالة منعزلة. وكثيرون من النازحين مثلها لا يعرفون حقوقهم أو الخدمات المتاحة لهم.

فرحية، 30 عاما، في مأواها المؤقت في أحد مواقع النزوح في بيدوا، الصومال.
IOM/Claudia Rosel
فرحية، 30 عاما، في مأواها المؤقت في أحد مواقع النزوح في بيدوا، الصومال.

نزوح أكثر من مليون شخص بسبب الجفاف

الاحتياجات في الصومال غير عادية بالنظر إلى حقيقة أن أكثر من مليون شخص قد نزحوا داخليا بسبب الجفاف، مع 150,000 منهم استقرّوا في بيدوا؛ أقام الوافدون الجدد في مخيمات مؤقتة، مما أدى إلى توسيع المواقع غير الرسمية التي تستضيف بالفعل آلاف الأشخاص النازحين بسبب الصراع والصدمات الناجمة عن المناخ.

بالنسبة للكثيرين، هذه هي المرة الأولى التي يضطرون فيها إلى ترك منازلهم وطريقة حياتهم. آخرون نزحوا عدة مرات بسبب عمليات الإخلاء أو نقص الخدمات في الأماكن التي استقرّوا فيها من قبل.

وفي خضم الفوضى والصدمات الناجمة عن فقدان نمط حياتهم التقليدي، يواجه النازحون عقبة جديدة – الوصول إلى المعلومات الحيوية بما في ذلك طرق ووسائل الغذاء والمأوى والرعاية الطبية والحفاظ على وحدة الأسرة.

يقول بنجامين كونر، منسق مجموعة إدارة المخيمات التي تشارك في قيادتها المنظمة الدولية للهجرة في الصومال: "إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تعيش فيها في موقع مثل هذا أو حتى في هذه المنظمة، فأنت لا تعرف من أين تحصل على المعلومات، وما هي الخدمات المتاحة وما يحق لك الحصول عليه، بينما قد لا يعرف الشركاء في المجال الإنساني أنك وصلت. هذا هو المكان الذي يمكن لإدارة المخيم فيه سد فجوة المعلومات والخدمات والتنسيق."

المنظمة الدولية للهجرة تدير مئات المخيمات

غالبا ما تُترك المجتمعات النازحة خارج الأماكن التي تشعر فيها بالارتياح والاستقرار وتلجأ في مواقع كملاذ أخير بحثا عن الأمان والرعاية الطبية والغذاء والمأوى والمياه.

قد لا توفر هذه المواقع حلا دائما ولكن إذا تمت إدارتها بشكل جيد، فيمكنها توفير ملاذ مؤقت حيث يمكن تقديم المساعدة المنقذة للحياة. 

عندما لا يكون تنسيق وإدارة المخيم موجودين، يضطر النازحون إلى الانتقال مرارا وتكرارا للعثور على المساعدة الإنسانية، غالبا بسبب الخدمات المحدودة أو عدم فهم ما هو متاح بسبب ضعف مشاركة المعلومات.

وتدير المنظمة الدولية للهجرة أنظمة إدارة المخيمات فيما يقرب من 628 موقع نزوح في جميع أنحاء البلاد استقبلت عشرات الآلاف من الأشخاص.

يعمل موظفو إدارة المخيمات في المنظمة الدولية للهجرة في بعض أكبر مخيمات النازحين في الصومال.
IOM/Claudia Rosel
يعمل موظفو إدارة المخيمات في المنظمة الدولية للهجرة في بعض أكبر مخيمات النازحين في الصومال.

تبدأ العملية بمجرد وصول كل شخص أو عائلة إلى الموقع. يحدد مديرو المخيم كل فرد ويجمعون معلومات عن خلفيتهم حتى يفهم الشركاء نطاق الاحتياجات لضمان الرعاية الكافية. في حين أن العملية قد تبدو مباشرة، فإن لكل نازح مجموعة فريدة من الاحتياجات المعقدة التي يجب معالجتها، والتي تتطلب غالبا شركاء أو مسارات متعددة للوصول إلى المساعدة.

ثم تنظم المنظمة الدولية للهجرة جلسات إعلامية لتزويد سكان الموقع بالمعلومات والإرشادات حول حقوقهم وخدماتهم، بما في ذلك مكان العثور على المرافق الصحية ومصادر المياه وكيفية الوصول إلى توزيع الغذاء.

يتم تيسير الجلسات من قبل أفراد المجتمع المدرّبين المطّلعين على الخدمات الإنسانية في المنطقة.

ويتم تزويد سكان موقع النزوح أيضا بمعلومات حول كيفية التعبير عن الشكاوى أو تقديم الملاحظات والطلبات لمنظمات الإغاثة بشأن احتياجات محددة، من خلال مكتب المساعدة أو الخط الساخن المجاني للاتصال الذي تديره المنظمة.

تقدم رقية محمد، وهي عضوة في فريق المنظمة الدولية للهجرة في بيدوا، مثالا قائلة: "هذا الأسبوع، جاءت امرأة شابة مع طفلها المصاب بسوء التغذية الحاد لطلب المساعدة. من خلال المعلومات التي قدمتها للموظفين، تمكّنا من إحالتها إلى فريق التغذية الذي قام على الفور بفحص الطفل وإحالته إلى عيادة صحية تابعة لليونيسف."

وصل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى مواقع النزوح في جميع أنحاء الصومال منذ العام الماضي مع تدهور حالة الجفاف ؛ معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
IOM/Claudia Rosel

يعتبر نقص الغذاء والماء والمأوى من أهم الشكاوى المقدمة من قبل سكان الموقع. لا يعمل نظام التعليقات أو الملاحظات على تحسين المساءلة فحسب، بل تسريع عملية الإغاثة أيضا. 

مما لا يثير الدهشة، مع وجود أكثر من 3,500 موقع نزوح في الصومال وحده، فإن الاحتياجات هائلة لأنظمة إدارة المخيمات. تدير المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها 30 في المائة من المواقع، وبسبب التمويل المحدود تجد صعوبة في نشر المزيد من مديري المخيمات الذين بإمكانهم مراقبة وتسجيل الوافدين الجدد للمساعدة على تلبية احتياجاتهم.

تحتاج المنظمة الدولية للهجرة بشكل عاجل إلى 12.5 مليون دولار لتوسيع خدمات إدارة المخيمات وضمان وصول هذا الدعم المنقذ للحياة إلى من هم في أمس الحاجة إليه.

** نُشرت هذه القصة على موقع المنظمة الدولية للهجرة باللغة الإنجليزية، ونقلناها بتصرف.