منظور عالمي قصص إنسانية

أمينة محمد: أفريقيا تتأثر بالإرهاب أكثر من أي منطقة أخرى في العالم- ومكافحة الإرهاب تتطلب استجابات متعددة الأطراف

قام المتطرفون المسلحون بالعديد من الهجمات الإرهابية في الصومال. في الصورة هجوم بسيارة مفخخة على فندق في مقديشو، الصومال، في 25 آب 2016.
UN Somalia
قام المتطرفون المسلحون بالعديد من الهجمات الإرهابية في الصومال. في الصورة هجوم بسيارة مفخخة على فندق في مقديشو، الصومال، في 25 آب 2016.

أمينة محمد: أفريقيا تتأثر بالإرهاب أكثر من أي منطقة أخرى في العالم- ومكافحة الإرهاب تتطلب استجابات متعددة الأطراف

السلم والأمن

قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد إن انتشار الإرهاب في أفريقيا لا يمثل مصدر قلق للدول الأفريقية وحدها، بل هو "تحد لنا جميعا".

وأشارت إلى أن أفريقيا تتأثر بالتهديد الذي يشكله الإرهاب أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.

جاء ذلك خلال حديثها في اجتماع لمجلس الأمن، اليوم الخميس، تحت بند التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين. وحملت الجلسة عنوان: مكافحة الإرهاب وأهميته بالنسبة للسلام والأمن العالميين والتنمية.

وترأس الاجتماع الرئيس الغانيّ نانا أكوفو أدو.

وقالت أمينة محمد إن الإرهابيين والمتطرفين العنيفين- بما في ذلك داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما- استغلوا عدم الاستقرار والصراع بهدف زيادة أنشطتهم وتكثيف الهجمات في جميع أنحاء القارة، مشيرة إلى أن العنف الوحشي لهذه الجماعات تسبب في مقتل وجرح الآلاف.

"ولا يزال الكثيرون يعانون من التأثير الأوسع للإرهاب على حياتهم وسبل عيشهم. تتحمل النساء والفتيات، على وجه الخصوص، وطأة انعدام الأمن وعدم المساواة. بعض الجماعات الإرهابية لديها نظرة كراهية تجاه اللنساء، وتحرم النساء والفتيات من حقوقهن الأساسية".

الإرهاب يفتك بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا

الوضع في منطقة الساحل وغرب أفريقيا ملح بشكل خاص، حيث تنشط بعض الجماعات التابعة لداعش الأكثر عنفا في المنطقة. وخلال العامين الماضيين، توسعت هذه الجماعات عبر مناطق واسعة من الساحل، مما زاد من وجودها في مالي بينما توغلت أكثر في بوركينا فاسو والنيجر، وفقا للسيدة أمينة محمد.

وأشارت إلى أن أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة تفاقم حالة عدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية. "ويمكنها أن تغرق دولة خارجة من الحرب مرة أخرى في أعماق الصراع".

نائبة الأمين العام، السيدة أمينة محمد وإلى يسارها الرئيس الغاني، نانا أكوفو أدو خلال جلسة لمجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب في أفريقيا.
UN Photo/Loey Felipe

 

وأكدت أن مكافحة الإرهاب الدولي تتطلب استجابات فعالة متعددة الأطراف. وسلطت الضوء على خمس أولويات دعت مجلس الأمن إلى النظر فيها في سبيل تعزيز جهود مكافحة الإرهاب في أفريقيا:

أولا، الوقاية

تظل الوقاية أفضل استجابة لنا على الإرهاب والتطرف العنيف والتهديدات الأخرى للسلام والأمن، وفقا لنائبة الأمين العام.

"يجب أن نتصدى لعدم الاستقرار والصراع اللذين يمكن أن يؤديا إلى الإرهاب في المقام الأول، وكذلك الظروف التي يستغلها الإرهابيون في السعي لتحقيق أجنداتهم".

ثانيا، ضرورة إشراك الجميع

قالت نائبة الأمين العام إن معالجة الدوافع العديدة للإرهاب تتطلب مقاربات تتضمن إشراك المجتمع بأسره وتراعي الفوارق بين الجنسين.

"يتطلب إشراك جميع قطاعات المجتمع التزاما سياسيا مستداما عبر الإدارات الحكومية، وشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وغير ذلك".

ثالثا، لا يمكن أبدا أن تكون مكافحة الإرهاب ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان أو القانون الدولي

وقالت أمينة محمد إن الانتهاكات المرتكبة بذريعة مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف لن تؤدي إلا إلى تراجعنا. "يجب أن تدعم سياسات مكافحة الإرهاب الناجحة، مثلها مثل جميع السياسات، سيادة القانون وتحترم القانون الدولي، بما في ذلك قانون حقوق الإنسان".

رابعا، أهمية دور المنظمات الإقليمية

في هذا الصدد، قالت إنه لا يمكن مواجهة التحديات التي تطرحها الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة إلا من خلال نهج تتكيف مع السياقات المحلية.

ورحبت بفريق العمل الفني المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المعني بمنع التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب، والذي يهدف إلى زيادة التنسيق والتآزر بين المنظمتين.

خامسا، منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف يتطلب موارد

في هذا السياق، قالت نائبة الأمين العام إن حجم المشكلة يتطلب توفير استثمارات جريئة، مؤكدة أن معالجة هذه العقبات المترابطة - من الحرمان الاقتصادي إلى الجريمة المنظمة وتحديات الحوكمة - تتطلب تمويلا مستداما ويمكن التنبؤ به.

جنود كاميرونيون يقومون بدوريات في أجزاء من بحيرة تشاد تضررت بالنشاط الإرهابي.
UN Photo/Eskinder Debebe

 

قمة مكافحة الإرهاب

رحبت نائبة الأمين بالقمة القادمة حول مكافحة الإرهاب في أفريقيا، والتي ينظمها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ونيجيريا في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقالت إن القمة ستمثل فرصة للنظر في سبل تعزيز دعم الأمم المتحدة لجهود مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء القارة.

وأعربت عن ثقتها في أن مناقشة اليوم ستوفر رؤى مفيدة لهذه القمة، "وتقربنا من الحلول التي نحتاجها لمواجهة تهديد الإرهاب في أفريقيا، وتساعد في بناء مجتمعات مسالمة ومستقرة في جميع أنحاء القارة".

موسى فكي محمد: التضامن مع أفريقيا في مكافحة الإرهاب واجب دولي

متحدثا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد إن التضامن مع أفريقيا في نضالها البطولي ضد الإرهاب وتغيرات الحكم غير الدستورية والهشاشة التغذوية والتعليمية والصحية يمثل واجبا دوليا. وأضاف:

"الإرهاب لا يعرف وطنا ومن ثم فإن دحره في أفريقيا أساسي لقطع طريق تفشيه في مناطق أخرى. وإن هذا التضامن سيكون عديم الجدوى إنْ لم يستند إلى منظور جديد لتحقيق السلام والحفاظ عليه من خلال رسم نموذج أكثر حيوية وأقل بيروقراطية".

وأضاف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أن الآليات التقليدية للاستجابة للتهديدات المحدقة بالسلام ولحفظ وبناء السلام لم تعد تتماشى مع الواقع والتهديدات الجديدة.

وأشار موسى فكي محمد إلى أن هذه النماذج القديمة لم تعد قادرة على مجابهة الإرهاب بجميع أشكاله والاتجار بالبشر، مشددا على ضرورة إعادة النظر في ولايات بعثات الأمم المتحدة لتصبح فعالة في مواجهة الإرهاب والمجموعات المسلحة الضارة الأخرى.

عائلة نازحة تمشي في مخيم أولام في النيجر.
UN Photo/Eskinder Debebe

 

الاتحاد الأوروبي يؤكد على أهمية تعددية الأطراف في مكافحة الإرهاب

من جانبها أكدت بينيديكتا فون سير-ثوس، مديرة إدارة الاستجابة للأزمات وسياسة الدفاع والأمن المشترك في مصلحة العلاقات الخارجية الأوروبية، على أهمية تعددية الأطراف في النهوض بالسلم والأمن، مشيدة بالشراكة الاستراتيجية التي تربط الاتحاد الأوروبي مع الأمم المتحدة بشأن عمليات السلام وإدارة الأزمات.

وقالت إن جهود الاتحاد الأوروبي المعنية بالتصدي للإرهاب تبني على الحضور البارز للاتحاد في أفريقيا من خلال البعثات التي تعمل حاليا على تقديم الدعم الميداني والعسكري لبلدان أفريقية بما في ذلك بعثة التدريب الأوروبية في موزمبيق التي نشرت العام الماضي لتدريب القوات المسلحة الموزمبيقية ودعمها.

وإضافة لذلك فهناك خمس بعثات مدنية للاتحاد الأوروبي معنية بالتصدي للإرهاب موجودة حاليا في النيجر ومالي والصومال، إضافة إلى بعثة تقديم المساعدات الحدودية في ليبيا، وكذلك بعثة المساعدة في إصلاح القطاع الأمني في أفريقيا الوسطى.

وقالت المسؤولة الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي اعتمد مبلغا قدره 600 مليون يورو لمساعدة الاتحاد الأفريقي من خلال مرفق السلام الأوروبي بهدف الحيلولة دون اندلاع النزاعات.

وأكدت التزام الاتحاد الأوروبي القوي للعمل مع الأمم الأفريقية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في سبيل التصدي للتهديدات المتنامية التي يشكلها الإرهاب.

تشهد منطقة ميناكا الواقعة في شمال شرق مالي انعدام أمن متزايد نتيجة الهجمات التي تشنها الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة الأخرى.
MINUSMA/Gema Cortes

 

بعثات مكافحة الإرهاب ليست كافية للتصدي لخطر الإرهاب في أفريقيا

من جانبها، قالت كومفورت إيرو، الرئيسة التنفيذية لمجموعة الأزمات الدولية إن المنظمة تعكف حاليا على تحليل البعثات ذات القيادة الأفريقية لمكافحة الإرهاب وإحلال الاستقرار بما في ذلك القوى الإقليمية المشتركة التابعة لمجموعة دول الساحل الخمس وكذلك فرقة العمل المشتركة متعددة الجنسيات.

وقالت إن تركيز المجموعة على هذه البعثات جاء لأسباب ثلاث:

أولا، تؤمن المنظمة بأن النزاعات التي تتورط فيها الجماعات المسلحة من غير الدول- بما في ذلك الجماعات الجهادية- تزعزع الاستقرار في أفريقيا وستفعل ذلك لمدة زمنية قادمة.

ثانيا، ترى المنظمة أن البعثات ذات القيادة الأفريقية المتينة والرصينة تحظى بموقع يسمح لها ويؤهلها لكي تتصدى للتهديدات.

ثالثا، تؤمن المجموعة بأن بعثات إحلال الاستقرار لا يمكنها بمفردها اجتثاث الجماعات الإرهابية المسلحة... وينبغي أن يكون ذلك مصحوبا بالمشاريع لتقديم الخدمات الأساسية والحكم الرشيد للسكان في المناطق المختلفة. 

يشار إلى أن مجموعة الأزمات الدولية هي منظمة دولية معنية بمنع النزاعات.

جنود من بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية على طول الحدود مع مالي والنيجر.
© Michele Cattani

الرئيس الغاني: الدعم الدولي ضروري لتعزيز سلطة الدولة في أفريقيا

مترأسا الجلسة، شدد الرئيس الغانيّ نانا أكوفو-أدو في كلمته على ضرورة أن يكون هيكل ونهج التمويل الدولي المخصص لمكافحة الإرهاب- وخاصة في منطقة الساحل-استباقيا وليس كرد فعل.

ودعا المجلس إلى العمل على معالجة الحوافز الكامنة لانعدام الاستقرار من خلال بناء القدرة على الصمود في المناطق التي تعاني من النزاع.

وقال السيد أكوفو-أدو إن الدعم الدولي ينبغي أن يكون مستداما ويمكن التنبؤ به، وينبغي أن يوفر التدخلات المعنية بتعزيز الحوكمة الجامعة وتوطيد فعالية سلطة الدولة في أراضيها بهدف تلبية توقعات الشباب الذين يقعون في بعض الحالات ضحايا لرسائل التطرف.