منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تشدد على أهمية استمرار مبادرة الحبوب وتؤكد استعدادها للتحقيق في أي مزاعم بشأن إساءة استخدامها

شاحنة تفرغ حبوب الذرة في مصنع لمعالجة الحبوب في سكفيرا، أوكرانيا.
© FAO/Genya Savilov
شاحنة تفرغ حبوب الذرة في مصنع لمعالجة الحبوب في سكفيرا، أوكرانيا.

الأمم المتحدة تشدد على أهمية استمرار مبادرة الحبوب وتؤكد استعدادها للتحقيق في أي مزاعم بشأن إساءة استخدامها

السلم والأمن

بطلب من روسيا، عقد مجلس الدولي جلسة اليوم الاثنين جلسة لبحث المزاعم الروسية إزاء شن هجوم على سفنها في البحر الأسود في 29 تشرين الأول/أكتوبر، مما دفعها إلى تعليق مشاركتها في "مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب".

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس إنه إذا تم استخدام المبادرة بأي شكل من الأشكال لتحقيق ميزة عملياتية عسكرية، فإن ذلك سيشكل انتهاكا خطيرا لها، مؤكدا استعداد الأمم المتحدة للتحقيق- جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء الأطراف في المبادرة- في أي دليل وفي جميع الأدلة المقدمة- إذا طُلب منها ذلك.

وقال مارتن غريفيثس إنه شعر بالتشجيع إزاء تأكيدات روسيا بأنها لن تنسحب من المبادرة، وبأنها فقط تعلق مؤقتا الأنشطة المتعلقة بالتنفيذ.

وأكد على ضرورة أن يظل خط الإمداد من أوكرانيا مفتوحا، مشددا على أن مبادرة حبوب البحر الأسود مهمة للغاية ولا يمكن أن تفشل.

ثلاث نقاط مهمة

وأكد المسؤول الأممي على ثلاث نقاط تتعلق بالصلة المزعومة بين مبادرة الحبوب وهجمات سيفاستوبول والأضرار التي لحقت بالسفن العسكرية والبنية التحتية الروسية:

أولا، لم تشارك أي سفن أو طائرات أو أصول عسكرية في دعم المبادرة من قبل أي طرف. إنها غير مطلوبة، وغير مرحب بها ويحظر عليها الاقتراب من مسافة تقل عن عشرة أميال بحرية من سفن البضائع وفق الإجراءات المتفق عليها بين جميع الأطراف.

ثانيا، الممر عبارة عن خطوط فقط على خريطة: عندما لا تكون سفن المبادرة في المنطقة، لا يتمتع الممر بوضع خاص. ولا يوفر غطاء ولا حماية ضد هجوم أو دفاع ضد عمل عسكري. لا يمكن استخدامه كدرع أو مخبأ. كما أنه ليس منطقة محظورة.

ثالثا، فيما يتعلق بإساءة الاستخدام المزعومة لسفن الشحن التابعة للمبادرة لأغراض عسكرية، لم يكن أي منها في الممر ليلة 29 تشرين الأول/أكتوبر عندما وقعت الهجمات المبلغ عنها. لم تبلغ أي سفينة عن وقوع حادث خلال عطلة نهاية الأسبوع.

استعداد لمعالجة شواغل جميع الأطراف

وقال وكيل الأمين العام إن الاتحاد الروسي قام بنشر فريق محترف للغاية في المبادرة "ونتطلع إلى الترحيب بأعضائه مرة أخرى كمشاركين بصورة كاملة وفاعلين في تنفيذ المبادرة".

وأعرب عن استعداد الأمم المتحدة لمعالجة الشواغل والاستماع إلى الاقتراحات من جميع الأطراف، مع اقتراب موعد تمديد المبادرة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

برنامج الأغذية العالمي يقوم بتحميل أول سفينة بشحنة الحبوب.
© WFP/Anastasiia Honcharuk
برنامج الأغذية العالمي يقوم بتحميل أول سفينة بشحنة الحبوب.

 

كتاب مفتوح

وأضاف السيد غريفيثس قائلا: "عمليات مركز التنسيق المشترك عبارة عن كتاب مفتوح... أو قاعدة بيانات مفتوحة: يمكن تتبع رحلات سفن الشحن في المبادرة في الوقت الفعلي على مواقع الويب العامة. تشترك جميع الأطراف في نفس المعلومات عن السفن والبضائع والتفتيش والوجهات. تم الوصول إلى بيانات تسعة ملايين ونصف مليون طن من الشحنات على موقع الأمم المتحدة على الإنترنت أكثر من 70 ألف مرة".

وقال إن عمليات التفتيش المشتركة الصارمة، التي تضم المفتشين الروس، قامت بتمشيط مخازن التخزين وغرف المحركات وخزانات السفن أكثر من 800 مرة.

وأضاف أن عمليات البحث هذه توصلت إلى أوجه عدم اتساق ضئيلة تمثلت في فقدان الأوراق، وبعض أكياس الأرز اختفت من شحنة سابقة، وتم تسجيل جواز سفر أحد أفراد الطاقم بشكل خاطئ.

تدابير طارئة

وأشار وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى أنه تم اتخاذ تدابير طارئة، اليوم الاثنين، بغرض الإفراج عن بعض البضائع من الموانئ الأوكرانية وتفتيش المئات من السفن التي اصطفت في طابور وجاهزة للانطلاق.

"نحن بحاجة إلى الاستمرار في الوفاء بالتزاماتنا والعمل بشكل متضافر كما كان من قبل. ما نفهمه هو أن المبادرة والالتزامات التي تم التعهد بها لا تزال سارية المفعول. اليوم، أبحرت اثنتا عشرة سفينة من الموانئ الأوكرانية وتوجهت اثنتان لتحميل الطعام. جميع هذه السفن تم تفتيشها سابقا من قبل العضوية الكاملة في مركز التنسيق المشترك".

وقال إن إحدى هذه السفن تحمل 30 ألف طن من القمح التابع لبرنامج الأغذية العالمي مقدمة لإثيوبيا. فيما اجتازت سفينة أخرى التفتيش وهي في طريقها إلى اليمن وأفغانستان.

كسر الحلقة المفرغة

إدراكا لخطورة الموقف بشأن ارتفاع أسعار السلع الغذائية وتأثيره على السكان في جميع أنحاء العالم، أنشأ الأمين العام مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات العالمية في آذار/مارس من هذا العام.

هذا ما أوضحته وكيلة الأمين العام والأمينة العامة للأونكتاد، ريبيكا غرينسبان، أمام جلسة مجلس الأمن اليوم مشيرة إلى أن "تحليلاتنا الأولية كانت مثيرة للقلق وثبتت صحتها."

مع اندلاع الحرب، ارتفعت أسعار السلع الأساسية، التي كانت أصلا مرتفعة، ارتفاعا هائلا. وكانت هذه بداية أزمة تكاليف المعيشة ذات الأبعاد العالمية.

على الفور، "ركز الأمين العام على كسر الحلقة المفرغة لارتفاع الأسعار، من خلال التصدي لانعدام الأمن الغذائي، وهو البعد الأكثر إلحاحا لهذه الأزمة"، بحسب السيدة غرينسبان.

وتضمنت خطة الأمين العام التنفيذ الموازي لمبادرتين: مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، ومذكرة التفاهم بشأن تشجيع الصادرات دون عوائق من الأغذية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية.

إلى جانب تركيا، التي تعد لاعبا رئيسيا في هذا الجهد، تم توقيع الاتفاقين في إسطنبول في 22 تموز/يوليو الماضي.

والأثر الإيجابي لهذين الاتفاقين أصبح جليا في فترة قصيرة من الزمن، في ظل تحسن الرفاهية العالمية بشكل كبير.

من الأرشيف: معالجة القمح في مخزن الحبوب في تشيرنيهيف، أوكرانيا
© FAO/Anatolii Stepanov
من الأرشيف: معالجة القمح في مخزن الحبوب في تشيرنيهيف، أوكرانيا

 

عدم اليقين يتسبب في ارتفاع أسعار السلع مرة أخرى

غير أن عدم اليقين بشأن استمرار مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب يتسبب الآن في ارتفاع الأسعار مرة أخرى، استدركت الأمينة العامة للأونكتاد، مشيرة إلى أن اليوم فقط، ارتفعت العقود الآجلة للقمح بأكثر من 6٪.

ونتيجة لذلك، قد "تتحول أزمة اليوم التي تتمثل بالقدرة على تحمل التكاليف إلى أزمة توافر في الغد -وأزمة ذات أبعاد ضخمة"، على حد قول المسؤولة الأممية.

وفي هذا السياق، أوضحت غرينسبان أن الأمم المتحدة ركزت هذه الأيام على وصول أسمدة الاتحاد الروسي إلى الأسواق الرئيسية: "كرسنا الكثير من الجهود لإيجاد حلول للقيود التي لا تزال قائمة."

وأوضحت قائلة: "ما نطلق عليه "الأثر المخيف" للعقوبات على القطاع الخاص، والإفراط في الامتثال، ومخاطر السمعة، وتجنب السوق لا يزال يمثل عقبة حقيقية."

وقالت ريبيكا غرينسبان إن تكاليف المعاملات على أقساط التأمين، والمدفوعات المالية، وتكاليف شحن، ونقل صادرات الأغذية والأسمدة الروسية، مرتفعة للغاية؛ مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة العالمية.

بعض الجهود تؤتي ثمارها

غير أنها أشارت إلى "بعض الإجراءات المحددة التي تجني ثمار جهودنا، خاصة فيما يتعلق بالأسمدة المخزنة حاليا في الموانئ والمستودعات في الموانئ الأوروبية."

وأوضحت أنه يتم التبرع بهذه الأسمدة تلبية للاحتياجات الإنسانية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، بمشاركة مباشرة من برنامج الأغذية العالمي.

وتتوقع الأمم المتحدة أن تغادر الشحنة الأولى من الأسمدة إلى أفريقيا في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

فيما يتعلق بجهود الأمم المتحدة لتسهيل الوصول دون عوائق إلى المواد الغذائية والأسمدة من الاتحاد الروسي، "كانت هناك مشاركات مكثفة للغاية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول أخرى والجهات الفاعلة في القطاع الخاص التي أصدرت إيضاحات وبيانات سياسية رفيعة المستوى كانت حاسمة لجهودنا"، كما أوضحت وكيلة الأمين العام، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة "ترحب بهذه الجهود".

التحديات كبيرة لكن يمكن التغلب عليها

ولكن، حتى مع الإعفاءات الواضحة من العقوبات، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، حذرت غرينسبان موضحة أن هناك على وجه التحديد، حاجة إلى زيادة توضيح الإعفاءات للأغذية والأسمدة في إطار أنظمة العقوبات المختلفة، وحاجة إلى معالجة القيود غير المباشرة المفروضة على تجارة الأغذية والأسمدة، فضلا عن تحسين استعداد القطاع الخاص للمشاركة.

وفي هذا السياق حثت جميع الأطراف "على بذل كل جهد لاستئناف مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وتوسيعها وتنفيذ كلا الاتفاقين على أكمل وجه."

وأكدت أن الأمم المتحدة ملتزمة التزاما كاملا ولن تدخر جهدا لمواصلة العمل مع جميع الأطراف لضمان بلوغ هذا الهدف.

وختمت مستشهدة بما ورد على في بيان الأمين العام يوم السبت، قائلة:

"نحن لا نقلل من شأن التحديات، لكننا نعلم أنه يمكن التغلب عليها".

الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشاهد الحبوب وهي تُحمَّل على متن سفينة كوبروسلي في أوديسا، أوكرانيا.
UN Photo/Mark Garten
الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشاهد الحبوب وهي تُحمَّل على متن سفينة كوبروسلي في أوديسا، أوكرانيا.

 

السفير الروسي: هجوم سيفاستوبول قصد به إفشال صفقة الحبوب

السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عزا طلب بلاده بعقد الاجتماع إلى ما وصفه بتصرفات الطرف الأوكراني "التي تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين"، على حد تعبيره.

وقال إنه في يوم السبت الموافق 29 تشرين الأول/أكتوبر، وعند الرابعة صباحا، شنت القوات المسلحة الأوكرانية وتحت غطاء ممر الحبوب هجوما بحريا وجويا هائلا على الأسطول الروسي في منطقة سيفاستوبول.

وقال إن معبر الحبوب "بات يستخدم لأغراض عسكرية".

وأضاف: "بعد هذه التصرفات من كييف لم يعد بإمكاننا أن نكفل أمن المركبات الأمنية التي تبحر في البحر الأسود، لأننا لم نعد نعلم أي عملية إرهابية أخرى تعدها كييف بمساعدة رعاتها الغربيين".

ورغم ذلك، قال المندوب الروسي إن أنشطة المركز المشترك في إسطنبول تواصلت من دون مشاركة الخبراء الروس.

وقال إن الغاية من هجوم سيفاستوبول هي إفشال الاتفاق، متهما أوكرانيا باستخدام الاتفاق لتحقيق مآرب خاصة.

تركيا تؤكد استمرار دعمها لمبادرة الحبوب

المندوب التركي قال إن صفقة حبوب البحر الأسود ظلت تعمل بنجاح ويجب أن تستمر، مشددا على ضرورة إيجاد السبل للتغلب على أي صعوبات تمنع التنفيذ الكامل لهذه الصفقة.

وأكد استمرار دعم بلاده لمبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، ولكل الجهود الدبلوماسية الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال إن المبادرة نقلت أكثر من 9.5 مليون طن متري من الحبوب والمواد الغذائية. مما أدى إلى خفض أسعار الغذاء العالمية.

"نتيجة لهذه المبادرة، تمكن برنامج الأغذية العالمي من التدخل قبل انتشار المجاعة. الأطفال في جميع أنحاء العالم، من أفغانستان إلى إثيوبيا، ومن الصومال إلى اليمن، ما زالوا على قيد الحياة اليوم بسبب مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب. لا تزال هناك حاجة ماسة إلى هذه المنتجات اليوم مع اقتراب فصل الشتاء".

اعتبارا من صباح اليوم بالتوقيت المحلي، كانت هناك 97 سفينة محملة و15 سفينة داخلة تم تسجيلها للتفتيش حول إسطنبول.