منظور عالمي قصص إنسانية

الصحة النفسية من أكثر جوانب الرعاية الصحية تعرّضا للإهمال رغم تأثر مليار شخص في العالم بمشاكل متعلقة بها

ثبت أن قضاء 20-30 دقيقة فقط في الخارج يقلل من مستويات التوتر.
© WHO/Peng Yuan
ثبت أن قضاء 20-30 دقيقة فقط في الخارج يقلل من مستويات التوتر.

الصحة النفسية من أكثر جوانب الرعاية الصحية تعرّضا للإهمال رغم تأثر مليار شخص في العالم بمشاكل متعلقة بها

الصحة

تحت شعار "جعل الصحة النفسية أولوية للجميع" يُحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية في 10 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام. وفي عالمنا اليوم، يعاني نحو مليار شخص من مشكلة على صعيد الصحة النفسية، إلا أنها تظل أحد جوانب الرعاية الصحية الأكثر تعرّضا للإهمال، وفي بعض البلدان، هناك فقط عاملان في مجال الصحة النفسية لكل 100,000 شخص.

وفي بيان بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية (World Health Mental Day)، قالت منظمة الصحة العالمية إن جائحة كـوفيد-19 قد أثرت، ولا تزال تؤثر، على صحتنا النفسية.

حيث تسببت الجائحة في أزمة عالمية للصحة النفسية، مما أدّى إلى حدوث ضغوط قصيرة وطويلة الأجل وتقويض الصحة النفسية لدى الملايين. إذ تشير التقديرات إلى ارتفاع حالات القلق والاكتئاب على حدّ سواء بأكثر من 25 في المائة خلال العام الأول من تفشي الجائحة. في الوقت نفسه، تعطّلت خدمات الصحة النفسية بشدة واتسّعت فجوة علاج حالات الصحة النفسية.

تداعيات اجتماعية واقتصادية عميقة

وفي رسالة بهذه المناسبة، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على ذلك عميقة.

"فالقلق والاكتئاب وحدهما يكلّفان الاقتصاد العالمي ما يُقدر بنحو تريليون دولار سنويا."

القلق والاكتئاب وحدهما يكلّفان الاقتصاد العالمي ما يُقدر بنحو تريليون دولار سنويا -- الأمين العام للأمم المتحدة

ودعا السيد غوتيريش إلى تعزيز قدرة دوائر الخدمات الصحية على توفير رعاية جيدة لمن يحتاجها، ولا سيما الشباب؛ ويشمل ذلك توفير الخدمات المجتمعية وإدماج دعم الصحة النفسية ضمن الرعاية الصحية والاجتماعية الأوسع نطاقا؛ والاستثمار في الرفاه النفسي يعني الاستثمار في مجتمعات صحية ومزدهرة.

وتابع يقول: "يجب علينا أيضا أن نتصدى للوصم والتمييز، وأن نكسر الحواجز التي تمنع الناس من التماس الرعاية والدعم. ويجب علينا تلافي الأسباب الجذرية لنشوء مشاكل على صعيد الصحة النفسية، بما في ذلك العنف وسوء المعاملة."

وأكد على التزام للأمم المتحدة بالعمل مع الشركاء لتعزيز الرفاه النفسي.

وقال في ختام رسالته: "بينما نحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية، فلنجعله أولوية عالمية ولنعمل على وجه السرعة حتى يتمكن الجميع، في كل مكان، من الحصول على رعاية صحية نفسية جيدة."

نقص في الخدمات

Tweet URL

من جهة أخرى، أكدت منظمة الصحة العالمية أن اليوم العالمي للصحة النفسية يُعدّ فرصة لإعادة تكثيف الجهود لحماية وتحسين الصحة النفسية.

وأشارت إلى أنه قبل تفشي الجائحة في عام 2019، كان يُقدّر أن واحدا من كل ثمانية أشخاص على مستوى العالم مصاب باضطراب نفسي.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الخدمات والمهارات والتمويل المتاح للصحة النفسية في حالة نقص، وهي أقل بكثير مما هو مطلوب، لا سيّما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وقالت المنظمة في بيانها إن التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة والنزاعات التي طال أمدها والعنف وحالات الطوارئ الصحية العامة كل ذلك يؤثر على مجموعات سكانية بأكملها، مما يهدد التقدم نحو تحسين الرفاهية؛ وقد تم تهجير 84 مليون شخص قسرا في جميع أنحاء العالم خلال عام 2021.

الوصم والتمييز عوائق أمام الإدماج الاجتماعي

وأضافت الوكالة الأممية في البيان أنه علاوة على ذلك، لا يزال الوصم والتمييز يشكلان عائقا أمام الإدماج الاجتماعي والحصول على الرعاية المناسبة؛ "والأهم من ذلك، يمكننا جميعا أن نلعب دورنا في زيادة الوعي حول التدخلات الوقائية في مجال الصحة النفسية، ويُعتبر اليوم العالمي للصحة النفسية فرصة للقيام بذلك بشكل جماعي."

وأكدت منظمة الصحة العالمية أنها ستعمل مع الشركاء لإطلاق حملة حول موضوع جعل الصحة النفسية والرفاهية للجميع أولوية عالمية.

"ستكون هذه فرصة للأشخاص الذين يعانون من حالات الصحة النفسية، والمناصرين والحكومات وأصحاب العمل والموظفين وغيرهم من أصحاب المصلحة للالتقاء معا والتعرف على التقدم في هذا المجال والتحدث بصوت عالٍ حول ما يتعين علينا القيام به لضمان أن تصبح الصحة العقلية والرفاهية أولوية عالمية للجميع."

مبادرة "مقاعد الصداقة" لتعزيز الصحة النفسية

تم إطلاق مبادرة الصداقة الفريدة لتعزيز الصحة النفسية، والتي تضم الدول المتنافسة في بطولة "كأس العالم فيفا قطر 2022" التي تستضيفها دولة قطر من 21 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 21 كانون الأول/ديسمبر 2022.

وتم الإعلان اليوم عن هذا المشروع الفريد من نوعه والذي يتضمن مقاعد عامة مصممة خصيصا لتعزيز الأهمية الحاسمة للصحة النفسية، والدور الذي يمكن أن تلعبه كرة القدم والرياضة على نطاق أوسع لتعزيز الصحة النفسية.

ويجري بناء 32 "مقعد صداقة" – واحد لكل دولة متنافسة في كأس العالم فيفا قطر 2022 – لتركيبها في مواقع بارزة في الدوحة، بما في ذلك مناطق ملاعب البطولة.

وقال د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية: "المقعد هو وسيلة بسيطة، لكنها قوية لتعزيز الصحة النفسية، من مقاعد المتنزهات حيث يتجمع الناس، إلى ملاعب كرة القدم حيث يشاهد اللاعبون والموظفون فرقهم وهي تلعب من أجل المتعة والرياضة الواعدة والفوز."

من جانبها، قالت الدكتورة حنان الكواري، وزيرة الصحة العامة في قطر، إن مشروع المقاعد كان رمزا ملموسا ودائما لأهمية شراكة الرياضة من أجل الصحة والأهداف التي تسعى جاهدة لتحقيقها لبطولة كأس العالم القادمة في قطر – وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط والعالم العربي – والإرث الذي تسعى منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العامة في قطر لتركه.

وهذه المبادرة هي جزء من مشروع بطولة كأس العالم الصحية لعام 2022، حيث تضافرت جهود منظمة الصحة العالمية وقطر مع جهود الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لإنجازه.

ويهدف المشروع إلى ضمان تنظيم بطولة صحية ومأمونة لكأس العالم فيفا قطر 2022 من خلال جعل هذا الحدث نموذجا مؤثرا ومستداما وراسخا يعزز التكامل بين الصحة والأمن والرفاه في الأحداث الرياضية الكبرى التي ستنظم مستقبلا.

تقوم الركائز الرئيسية لمشروع بطولة كأس العالم الصحية لعام 2022 على دعم الأفراد في ممارسة أساليب حياة صحية، بسبل منها النشاط البدني، واتباع نظام غذائي صحي والكف عن تعاطي التبغ ومكافحته، وتعزيز الأمن الصحي، مع التركيز على ضمان السلامة في التجمعات والأحداث الحاشدة وأنشطة الدعوة وإذكاء الوعي بالصحة.