منظور عالمي قصص إنسانية

اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمُهدَر من الأغذية: وكالتان أمميتان تشددان على الحاجة إلى معالجة هذه القضية باعتبارها "فرصة ثلاثية المكاسب"

تمثل مخلفات الطعام، المصورة هنا في سوق ليرة في أوغندا، تحدياً كبيراً للمزارعين والبائعين على حد سواء.
© FAO/Sumy Sadurni
تمثل مخلفات الطعام، المصورة هنا في سوق ليرة في أوغندا، تحدياً كبيراً للمزارعين والبائعين على حد سواء.

اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمُهدَر من الأغذية: وكالتان أمميتان تشددان على الحاجة إلى معالجة هذه القضية باعتبارها "فرصة ثلاثية المكاسب"

أهداف التنمية المستدامة

بمناسبة اليوم الدولي الثالث للتوعية بالفاقد والمُهدَر من الأغذية نظمت اليوم الخميس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حدثا افتراضيا عالميا في روما دعتا فيه للعمل الجاد في هذا المجال.

شددت الوكالتان الأمميتان على أن التصدي لآفة فقدان الأغذية وهدرها يمثل فرصة ثلاثية المكاسب - ينتفع منها المناخ، والأمن الغذائي، وكذلك استدامة نظم الأغذية الزراعية - ولا يمكن تأجيلها مع ارتفاع الجوع العالمي وأسعار المواد الغذائية.

عقد الحدث في وقت حرج حيث واجه العالم شبكة من الأزمات التي ساهمت جميعها في تدهور الأمن الغذائي العالمي والتغذية، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 المطولة، والآثار المتزايدة لأزمة المناخ، والحرب في أوكرانيا.

وفقاً لأحدث تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع إلى ما يصل إلى 828 مليوناً في عام 2021، بزيادة قدرها حوالي 46 مليوناً منذ عام 2020 و150 مليوناً منذ عام 2019، كما أن عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على نظام غذائي صحي يقدر بحوالي 3.1 مليار شخص.

وبحسب تقرير الفاو عن حالة الأغذية والزراعة لعام 2019، يستمر فقدان حوالي 14 في المائة من الأغذية في العالم، والتي تقدر قيمتها بنحو 400 مليار دولار أمريكي سنوياً، بعد حصادها وقبل وصولها إلى المتاجر. من جانبه، يوضح تقرير مؤشر نفايات الأغذية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن 17 في المائة أخرى يتم هدرها أثناء البيع بالتجزئة ومن قبل المستهلكين، لا سيما في المنازل. وتقول الفاو إن الأغذية التي تُفقد وتُهدر يمكن أن تطعم 1.26 مليار جائع حول العالم كل عام.

وتنتج الأغذية المفقودة والمهدرة ما بين 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، مما يساهم في مناخ غير مستقر وظواهر مناخية شديدة مثل الجفاف والفيضانات. وتؤثر هذه التغييرات سلباً على حصاد المحاصيل، ومن المحتمل أن تقلل من الجودة الغذائية وتتسبب في حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد.

ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن إعطاء الأولوية للحد من فقدان الأغذية وهدرها أمر بالغ الأهمية للانتقال إلى أنظمة الأغذية الزراعية المستدامة تعمل على تحسين الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، وتقلل من تأثيرها على الكوكب، وتضمن الأمن الغذائي والتغذية.

أهمية العمل الجماعي

وخلال الحدث الافتراضي، شدد المدير العام لمنظمة الفاو، شو دونيو، على الحاجة إلى العمل الجماعي لتكثيف الجهود للحد من هذه مشكلة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وأضاف: "دعونا نواصل العمل معاً بطريقة هادفة وفعالة ومتماسكة لزيادة الوعي والحد من فقدان الطعام وهدره من أجل أشخاص أصحاء وكوكب صحي."

وشهد الحدث في روما أيضاً رسائل من البابا فرانسيس ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، بالإضافة إلى كلمة رئيسية من وزير الزراعة الدنماركي راسموس بريهن.

من ثم شارك خبراء من جميع أنحاء العالم في حلقة نقاش بعنوان توليد فوائد مناخية للناس والكوكب من خلال تقليل فقدان الأغذية وهدرها.

قدم الحدث دعوة واضحة للعمل من قبل الجهات العامة والخاصة في مجال نظام الأغذية الزراعية للعمل الفوري لقياس وتقليل فاقد الغذاء وتحويل سلوك المستهلك للحد بشكل عاجل من هدر الطعام.

وقال المدير العام للفاو إن هذا يتطلب تطوير وتنفيذ استراتيجيات وسياسات وشراكات وطنية مصممة لتسريع العمل للحد من فقدان الأغذية وهدرها. وأضاف أن أصحاب المصلحة على جميع المستويات يلعبون دوراً أساسيا، بما في ذلك المجتمع الزراعي والجهات الفاعلة في سلاسل التوريد الغذائي والأبحاث والأوساط الأكاديمية، وكذلك "كل واحد منا كمستهلك."

وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "يهدر كل منا ما متوسطه 74 كيلوغراماً من الطعام كل عام، في البلدان المتوسطة الدخل وكذلك في البلدان ذات الدخل المرتفع. يعد خفض هدر الطعام إلى النصف وتقليل فقدان الأغذية جزءاً مهماً من الجهود المبذولة لمواجهة أزمتي المناخ والغذاء الملحتين."

ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الطعام لا يمكن أن يعتبر نفايات على الإطلاق. فمن خلال تطبيق الممارسات الدائرية، على سبيل المثال، يمكن تحويل الطعام المفقود والمهدر إلى أسمدة، أو استخدامه لإنتاج الغاز الحيوي، وبالتالي تجنب انبعاثات الميثان الضارة.

تعهد عالمي جديد

تدعو خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من خلال الهدف 12.3، إلى خفض هدر الأغذية للفرد إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك والحد من الخسائر على طول سلاسل الإنتاج والتوريد، بما في ذلك خسائر ما بعد الحصاد. وسيكون لتحقيق هذا الهدف آثار كبيرة على مكافحة تغير المناخ.

وقبيل عقد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) لعام 2022، قام أعضاء تحالف الغذاء لا يهدر أبداً، الذي تم تشكيله لدفع جدول أعمال قمة أنظمة الغذاء 2021، بوضع تعهد عالمي بشأن الفاقد والمُهدَر من الأغذية يدعو الحكومات والشركات والمؤسسات إلى التعهد بالتزامات طوعية للحد من هذه الآفة من أجل تسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 12.3.

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: "مع بقاء ثماني سنوات فقط لبلوغ الهدف 12.3 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في خفض هدر الطعام إلى النصف بحلول عام 2030 وتقليل الخسائر الغذائية بنسبة 25 في المائة على الأقل، يجب زيادة وتيرة العمل."