منظور عالمي قصص إنسانية
جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية يلقي كلمة أمام المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة.

الملك عبد الله بن الحسين: لا يمكننا أن نتجاهل ناقوس الخطر الذي يدق من حولنا، بل علينا أن نتصدى له

UN Photo/Cia Pak
جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية يلقي كلمة أمام المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة.

الملك عبد الله بن الحسين: لا يمكننا أن نتجاهل ناقوس الخطر الذي يدق من حولنا، بل علينا أن نتصدى له

السلم والأمن

شدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين على ضرورة أن يتحد العالم في مواجهة أخطر الأزمات التي تواجهنا، داعيا إلى السعي لتحقيق مستقبل أفضل يخدم مصلحتنا المشتركة، "مستقبل من الكرامة والأمل يوفر فرصا جديدة لجميع شعوبنا".

جاء ذلك خلال إلقاء كلمته أمام مداولات الدورة 77 للجمعية العامة، اليوم الثلاثاء، مستهلا كلمته بالقول:

"نجتمع اليوم في الجمعية العامة، بينما يدق ناقوس الخطر من حولنا جميعا، إذ تتعدد وتتداخل الأزمات التي تواجه عالمنا، من أزمات إقليمية ذات تداعيات عالمية، وتغير مناخي وآثاره، إلى انعكاسات جائحة كورونا على مختلف القطاعات، وعنف وتطرف، وتضخم متنام، وكساد اقتصادي وشيك، وواقع يواجه الكثيرين حول العالم بانعدام الأمن الغذائي، والدول النامية هي الأكثر تضررا جراء ذلك".

وتساءل العاهل الأردني قائلا: "هل هذا هو المستقبل الذي سنتركه للأجيال القادمة؟"، مؤكدا على أنه "لا يمكننا أن نتجاهل ناقوس الخطر الذي يدق من حولنا، بل علينا أن نتصدى له".

وقال إنه يتعين علينا أن نوفر للأجيال القادمة عالما مختلفا أوسع أفقا وأكثر عدالة يسوده النمو الاقتصادي المستدام والفرص الواعدة الجديدة وفرص عمل أكثر وأفضل، وسلاما يقود الازدهار ينعم به الجميع.

أزمة المناخ تهدد موارد الأردن

متطرقا إلى أزمة المناخ، قال الملك عبد الله إنه لا يمكن لأي بلد أن يعالج، بمفرده، أثرها على البيئة، "بل نحن بحاجة إلى شراكات قادرة على إحداث تغيير حقيقي، والأردن جزء من هذه الجهود، إذ يعمل على بناء شراكات قوية لإدارة واستدامة الموارد المائية، ونرى المزيد من الفرص للعمل مع شركائنا للحفاظ على مواقع التراث العالمي والبيئات الطبيعية المميزة بالمملكة، كالبحر الميت ونهر الأردن والشعاب المرجانية في خليج العقبة، المهددة جميعها بفعل التغير المناخي".

على صعيد الأمن الغذائي، يقول العاهل الأردني إنه يمثل أولوية عالمية أخرى، مشيرا إلى أن "مئات الملايين في العالم ينامون جياعا، وهذه الأعداد في تزايد مستمر".

وأشار إلى أنه ومنذ بداية الجائحة، والآن مع الأزمة في أوكرانيا، تعثرت سلاسل توريد الغذاء العالمية، وواجهت العديد من الدول الغنية نقصا حادا في الأطعمة الأساسية لأول مرة في التاريخ المعاصر.

وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات مشتركة، على صعيد عالمي، لضمان سهولة الوصول إلى الغذاء بكلفة مناسبة، وتسريع وصول السلع الغذائية الأساسية للدول المحتاجة.

شراكات إقليمية

كلمة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين في افتتاح المناقشة العامة للدورةالسابعة والسبعين

في هذا السياق، قال الملك عبد الله إن النمو الاقتصادي الشامل والمستدام كان أول ضحايا الأزمات العالمية، مشددا على ضرورة أن يدفعنا ذلك لتعزيز المنعة الاقتصادية لتمكيننا من الصمود في وجه العواصف.

وقال إن بلاده تتطلع إلى بناء شراكات تكاملية تستثمر في إمكانيات وموارد كل بلد لتحقيق المصلحة المشتركة لجميع بلدان الإقليم، مشيرا إلى أن الأردن أسس شراكات متعددة الأطراف مع مصر والعراق والإمارات والسعودية والبحرين ودول أخرى في المنطقة، للاستثمار في هذه الإمكانيات.

تلبية احتياجات اللاجئين مسؤولية دولية

فيما يتعلق باللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم، استذكر ما قاله أمام الجمعية العامة في عام 2012 خلال مداولات الدورة السابعة والستين، عندما تحدث للمرة الأولى عن تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن "وعن الضغط الناجم عن ذلك على مواردنا المحدودة":

"وفي ذلك الوقت، كان نحو 200 ألف سوري قد لجاوا إلى بلدنا الصغير. أما اليوم، وبعد مرور عشر سنوات، فنحن نستضيف ما يزيد عن 1,3 مليون لاجئ سوري".

وقال إن الدول المستضيفة تتطلع لالتزام المجتمع الدولي بتعهداته في هذا المجال، "لأن تلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين وغيرهم مسؤولية دولية".

الوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية

فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، قال الملك عبد الله بن الحسين إن المنطقة، وعلى مدار عدة عقود، ارتبطت بالصراعات والأزمات، معربا عن أمله في أن "تجعل روح التعاون الجديدة بيننا، من المنطقة مثالا في الصمود والتكامل".

وقال إن السلام "لا يزال بعيد المنال" فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولم تقدم الحرب ولا الجهود الدبلوماسية إلى الآن حلا لإنهاء هذه المأساة التاريخية، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن أحد أبرز المبادئ التي تأسست عليها الأمم المتحدة هو حق جميع الشعوب في تحديد مصيرها. وأضاف:

"لا يمكن إنكار هذا الحق للفلسطينيين وهويتهم الوطنية المنيعة، فالطريق إلى الأمام هو حل الدولتين، وفقا لقرارات الأمم المتحدة، الذي يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات سيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن وازدهار".

وقال إن مستقبل مدينة القدس يشكل اليوم مصدر قلق ملح، "فهي مدينة مقدسة للمليارات من أتباع الديانات السماوية حول العالم، وإن تقويض الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها يسبب توترات على المستوى الدولي ويعمق الانقسامات الدينية. لا مكان للكراهية والانقسام في المدينة المقدسة".