منظور عالمي قصص إنسانية

برنامج الأغذية العالمي يدق ناقوس الخطر: الأطفال يشكلون نصف عدد الجياع بسبب أزمة الغذاء

أولاد يتناولون طعام الغداء في مدرسة في غواتيمالا.
© Pep Bonet/NOOR for FAO
أولاد يتناولون طعام الغداء في مدرسة في غواتيمالا.

برنامج الأغذية العالمي يدق ناقوس الخطر: الأطفال يشكلون نصف عدد الجياع بسبب أزمة الغذاء

المساعدات الإنسانية

يقدّر برنامج الأغذية العالمي أن أزمة الغذاء العالمية دفعت 23 مليون شخص إضافي دون سن 18 إلى حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد منذ بداية العام، وبذلك يبلغ إجمالي عدد الأطفال المتأثرين الآن 153 مليون طفل - ويمثل هذا ما يقرب من نصف الأشخاص - البالغ عددهم 345 مليون شخص - الذين يواجهون الجوع الحاد، وفقا لبيانات برنامج الأغذية العالمي من 82 دولة.
 

وقد حذر برنامج الأغذية العالمي ووكالة تنمية الاتحاد الأفريقي "نيباد"، وهيئة التعليم برئاسة غوردون براون رئيس وزراء بريطانيا السابق، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعليم العالمي، من أن الأطفال في سن المدرسة يتحمّلون العبء الأكبر من أزمة الغذاء العالمية اليوم مع عواقب وخيمة على تعليمهم وقدرتهم على تعويض ما فوّتوه من التعليم أثناء إغلاق المدارس بسبب فيروس كورونا.

تهديد لمستقبل الملايين

تهدد أزمة الغذاء العالمية مستقبل ملايين الأطفال في سن الدراسة الذين عادوا لتوهم إلى الفصول الدراسية بعد جائحة كـوفيد-19

لدينا ترياق جاهز وفعّال من حيث التكلفة – برامج الوجبات المدرسية. دعونا نستخدمه -- غوردون براون

وقال غوردون براون: "كما يفهم كل والد ومعلم، فإن الجوع هو أحد أكبر العوائق أمام التعلّم الفعّال."

وتشير الدلائل الناشئة إلى خسائر غير مسبوقة في التعلّم أثناء الجائحة، مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء الحالية. ويقدّر البنك الدولي أن نسبة الأطفال في سن العاشرة في البلدان النامية الأفقر غير القادرين على القراءة والكتابة قد ارتفعت من 53 في المائة إلى 75 في المائة.

وأضاف براون أنه بالنسبة للأطفال الذين يعانون من الجوع في فصولهم الدراسية، "لدينا ترياق جاهز وفعّال من حيث التكلفة – برامج الوجبات المدرسية. دعونا نستخدمه."

وأوضح أن قمة تحويل التعليم تُعدّ فرصة حاسمة لمعالجة أزمة الجوع. 

دعوة لاستعادة برامج الوجبات المدرسية

تُعدّ برامج الوجبات المدرسية من بين أكبر شبكات الأمان الاجتماعي وأكثرها فعالية للأطفال في سن المدرسة. ولا يقتصر الأمر على إبقاء الأطفال، وخاصة الفتيات، في المدرسة، بل تساعد في تحسين نتائج التعلم من خلال توفير أنظمة غذائية أفضل وأكثر تغذية.

كما أنها تدعم الاقتصادات المحلية، وتخلق فرص العمل وسبل العيش في المجتمعات، وتساعد في نهاية المطاف على كسر الحلقة الرابطة بين الجوع والنظام الغذائي غير المستدام وأزمة التعلّم.

قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة القادمة وقمة تحويل التعليم في نيويورك، دعا برنامج الأغذية العالمية وشركاؤه إلى وضع خطة عمل طموحة لاستعادة برامج الوجبات المدرسية التي عطلتها الجائحة، وتوسيع نطاق وصولها إلى 73 مليون طفل إضافي. وتشير تقديرات التكلفة التفصيلية للخطة إلى أن المطلوب هو حوالي 5.8 مليار دولار سنويا.

عائلة تتناول وجبة يومية من البازلاء المجففة في المنزل في منطقة بالاكا في ملاوي
UNICEF/Sebastian Rich
عائلة تتناول وجبة يومية من البازلاء المجففة في المنزل في منطقة بالاكا في ملاوي

 

وستكمّل الخطة التدابير الأوسع لمكافحة جوع الأطفال، بما في ذلك توسيع برامج صحة الطفل والأم ودعم الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، وزيادة الاستثمار في شبكات الأمان، إذ يحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مستويات الجوع بين 250 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس الآن أعلى بشكل شبه مؤكد من تلك الموجودة في المدرسة.

تقول كارمن بوربانو، مديرة قسم البرامج المدرسية في برنامج الأغذية العالمي إن الملايين من الأطفال يعيشون مع عواقب أزمات الغذاء والتعلم التي تعزز بعضها البعض. 

وأضافت تقول: "مع ذلك، يجب أن تكون الحلقة الواصلة بين الجوع وفرص التعلّم الضائعة أكثر بروزا على جدول الأعمال الدولي – ويمكن أن تساعد برامج الوجبات المدرسية في كسر هذه الحلقة."

وحذرت من أن عدم الاستثمار في برامج الوجبات المدرسية قد يكون أحد أسوأ القرارات الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن تتخذها الحكومات والجهات المانحة، خاصة الآن.

تحالف الوجبات المدرسية

Tweet URL

اجتمع تحالف متنامٍ من الحكومات معا لإنشاء "تحالف الوجبات المدرسية"، ويهدف إلى ضمان حصول كل طفل على وجبة صحية ومغذية، تكمّلها تدخلات صحية أخرى - بحلول عام 2030. 
بقيادة فرنسا وفنلندا، عملت 70 دولة – بدعم من أكثر من 70 منظمة – بلا كلل على توسيع نطاق برامج الوجبات المدرسية، مما زاد من الاستثمار المحلي كاستجابة للأزمة.

وقالت واويرا نجيرو، التي تقود مؤسسة الغذاء من أجل التعليم، وهي منظمة غير حكومية تقدّم برامج الوجبات المدرسية في كينيا، إن على قمة تحويل التعليم أن تحقق نتائج.

وتابعت تقول: "الآثار طويلة المدى للجوع وسوء التغذية مدمرة لكينيا، وللأطفال على وجه الخصوص. لا يوجد للأطفال صوت، ولا يُسألون عن أولوياتهم القصوى. يقع على عاتقنا واجب أخلاقي لضمان حماية أفضل للجميع من ارتفاع أسعار الغذاء والصدمات الاقتصادية. إن عدم القيام بذلك يعيق – حرفيا - مستقبل بلدنا."

على سبيل المثال، في روندا تحت قيادة الرئيس بول كاغامي، زاد البرنامج الوطني للوجبات المدرسية تغطيته من 660,000 إلى 3.8 مليون طفل في غضون عامين، وفي بنن التزم الرئيس باتريس تالون بزيادة ميزانية البرنامج الوطني للوجبات المدرسية من 79 مليون دولار إلى 240 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.

والتزمت الولايات المتحدة بتقديم 943 مليون دولار للعام المقبل لدعم شراء الأطعمة التي يتم زراعتها محليا دعما لجهودها الوطنية في توفير الوجبات المدرسية واستجابة للآثار المستمرة لارتفاع تكاليف الغذاء.

وقالت فاتي نزي حسن، رئيسة قسم رأس المال البشري والتطوير المؤسسي في وكالة تنمية الاتحاد الأفريقي، وهي عضوة في فريق عمل تحالف الوجبات المدرسية: "أدركت البلدان الأفريقية منذ فترة طويلة فوائد التغذية المدرسية لحماية صحة الأطفال وتغذيتهم وتعليمهم، مع تعزيز النظم الغذائية المحلية."

وأشارت إلى أن الجهود المبذولة لحماية هذه البرامج وتوسيع نطاقها أصبحت الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، لحماية الشباب في أفريقيا من أزمتي الغذاء والتعليم المتصادمتين.

إعطاء الأولوية للصحة المدرسية

على الرغم من إحراز بعض التقدم، فإن التوقعات الاقتصادية العالمية القاتمة وضائقة الديون في البلدان منخفضة الدخل تظل العائق الرئيسي أمام توسيع برامج الوجبات المدرسية.

لذلك يدعو برنامج الأغذية العالمي وهيئة التعليم وشركاء التعليم إلى: إعطاء الأولوية للصحة المدرسية وبرامج التغذية في قمة تحويل التعليم؛ توسيع نطاق شبكات الأمان مثل الوجبات المدرسية كجزء من الاستجابة لأزمة الغذاء؛ استجابة قوية من المانحين لمطابقة الالتزامات المحلية التي قدمتها بالفعل البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى.

وقال ياسين ديبو دجيبو، المؤسس والمدير التنفيذي لـ "سبيك أب أفريكا" وهي مجموعة عمل للدعوة مكرّسة لتحفيز القيادة في أفريقيا، وعضو نشط في تحالف الوجبات المدرسية: "إن إعطاء الأولوية للصحة المدرسية هو استثمار اقتصادي واجتماعي سليم. التمويل المستدام والكافي للصحة المدرسية، بما في ذلك التغذية المدرسية والمياه والصرف الصحي والتخلص من الديدان والتحصين، كل هذا سيطلق العنان للإمكانات الكاملة لرأس المال البشري في بلدننا، والقدرة على الصمود، مع تعزيز المساواة والشمولية عبر برنامج التنمية المستدامة."