منظور عالمي قصص إنسانية

السودان: بعد عام على الانقلاب العسكري، الممثل الخاص يؤكد الحاجة إلى حل سياسي يؤسس لحكومة مدنية

طفل متظاهر يحمل علم السودان في أحد الشوارع في الخرطوم.
UN News/Abdelmonem Makki
طفل متظاهر يحمل علم السودان في أحد الشوارع في الخرطوم.

السودان: بعد عام على الانقلاب العسكري، الممثل الخاص يؤكد الحاجة إلى حل سياسي يؤسس لحكومة مدنية

السلم والأمن

يصادف 25 تشرين الأول/أكتوبر المقبل مرور عام على الانقلاب العسكري في السودان، ولا تزال البلاد تفتقر إلى حكومة شرعية تعمل بكامل طاقتها.

وقد حذر ممثل الأمين العام الخاص إلى السودان من استمرار تدهور الوضع العام في البلاد ما لم يتم العثور على حل سياسي لاستعادة حكومة مدنية، ذات مصداقية، يمكنها إعادة تأسيس سلطة الدولة في جميع أنحاء البلاد، وتهيئة الظروف لاستئناف الدعم المالي الدولي، بما في ذلك تخفيف عبء الديون.

وقدم السيد فولكر بيرتس، ممثل الأمين العام الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) إحاطة لمجلس الأمن اليوم الثلاثاء.

وحذر السيد بيرتس من أن "مثل هذا الحل غير مضمون بأي حال من الأحوال. لكن لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق سياسي جديد من شأنه أن يفتتح فترة انتقالية جديدة ويضع البلاد على مسار انتقالي أكثر استدامة نحو حكم ديمقراطي بقيادة مدنية".

مجلس الأمن يجتمع حول الحالة في السودان وجنوب السودان. ممثل الأمين العام، فولكر بيرتس، يقدم إحاطة.
UN Photo/Eskinder Debebe
مجلس الأمن يجتمع حول الحالة في السودان وجنوب السودان. ممثل الأمين العام، فولكر بيرتس، يقدم إحاطة.

 

أهمية الوقت

وقال السيد فولكر بيرتس إن قرار الجيش بالانسحاب من الحياة السياسية والمبادرات الأخيرة التي طرحتها القوى المدنية يوفران فرصة للقوى العسكرية والسياسية للتوصل إلى اتفاق حول كيفية المضي قدما.

وشدد على أهمية الوقت، محذرا من أنه كلما طالت فترة الشلل السياسي، زادت صعوبة العودة إلى الانتقال السياسي.

وحث جميع الجهات الفاعلة على اغتنام هذه الفرصة والتوصل إلى اتفاق ذي مصداقية بشأن حل يتمتع بالشرعية في نظر النساء والرجال السودانيين، مؤكدا موقف الأمم المتحدة والآلية الثلاثية- المكونة من الاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد ويونيتامس- الثابت في دعم جهود الانتقال السياسي.

ودعا المجلس والمجتمع الدولي الأوسع إلى تقديم دعم متماسك ومنسق للسودان في هذا الوقت الحرج.

الأمم المتحدة منخرطة في جهود الحل السياسي

وأشار ممثل الأمين العام إلى تواصل الجهود الرامية لتحقيق أهداف ثورة كانون الأول/ديسمبر، خاصة بين الشباب والنساء والنقابات والجمعيات المهنية.

وأكد أن الآلية الثلاثية ظلت منخرطة في كل هذه المبادرات المختلفة، وقال إنه يشعر بالتشجيع إزاء القواسم المشتركة بين هذه المبادرات التي "يتحد معظمها حول الحاجة إلى رئيس دولة مدني ومجلس وزراء لا يتألف من قادة حزبيين، ولكن من خبراء أو تكنوقراط، بالإضافة إلى مجموعة محدودة من المهام لحكومة انتقالية جديدة.

وقال السيد بيرتس إن الفرصة سانحة لإنهاء هذه الأزمة السياسية، داعيا القوى العسكرية والمدنية إلى اغتنامها بشكل عاجل.

"في حين أن أي اتفاق سياسي يجب أن يكون مملوكا بالكامل للسودانيين، فإن الآلية الثلاثية على استعداد لجمع الأطراف حول نص واحد من أجل جسر هوة الخلافات المتبقية".

متظاهرون يحملون العلم السوداني في شارع المؤسسة في الخرطوم بحري، السودان.
UN News/Abdelmonem Makki
متظاهرون يحملون العلم السوداني في شارع المؤسسة في الخرطوم بحري، السودان.

 

حالة حقوق الإنسان مستمرة بالتدهور

مع استمرار الجمود السياسي، لم تتحسن حالة حقوق الإنسان أيضا.

وقال الممثل الخاص إن فترة الأشهر العشرة الماضية، منذ الانقلاب العسكري، تميزت باحتجاجات منتظمة ضد الانقلاب. "وقتل 117 شخصا وجرح الآلاف في سياق هذه الاحتجاجات التي كثيرا ما قوبلت بالقوة المفرطة".

ومنذ آخر إحاطة قدمها لمجلس الأمن أشار الممثل الاممي إلى مقتل 20 متظاهرا وجُرح ما لا يقل عن 1,700 آخرين على أيدي قوات الأمن، وشهدت الاحتجاجات في 30 حزيران/يونيو وحدها مقتل تسعة متظاهرين.

وقال إنه أكد مرارا ضرورة التنديد علنا بالاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن وكذلك استهدافها للمرافق الصحية والعاملين الطبيين الذين يعالجون الجرحى.

مستوى قياسي للاحتياجات الإنسانية

وأفاد السيد فولكر باستمرار تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا إلى ازياد الحوادث الأمنية التي تؤثر على المدنيين في جميع أنحاء البلاد، فيما تتزايد الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بشكل كبير.

وقال إن الاحتياجات الإنسانية بلغت الآن مستويات قياسية بسبب التأثير المشترك لعدم الاستقرار السياسي المستمر، والأزمة الاقتصادية، وتصاعد العنف بين المجتمعات المحلية، وضعف المحاصيل والفيضانات التي تضرب أنحاء من البلاد حاليا.

"يواجه 11.7 مليون شخص الجوع الحاد وهذا العدد آخذ في الازدياد. وقد تسبب ذلك- إلى جانب الزيادات الهائلة في أسعار السلع الأساسية وارتفاع التضخم- في تحويل الحياة اليومية للعديد للسودانيين إلى صراع من أجل البقاء. وبينما تمكنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة من الوصول إلى 7.1 مليون شخص محتاج منذ كانون الثاني/يناير من هذا العام، فإن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 لم تتلق سوى 32 في المائة من التمويل المطلوب".

كما تستمر الأزمة السياسية في الخرطوم في خلق فراغ في سلطة الدولة وتساهم في عدم الاستقرار في باقي أنحاء البلاد، وفقا للمثل الأممي.

موظفو برنامج الأغذية العالمي يقومون بتحميل أكياس من البازلاء الصفراء على شاحنة في مستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر، شمال دارفور، السودان.
© UN Photo/Albert Gonzalez Farran
موظفو برنامج الأغذية العالمي يقومون بتحميل أكياس من البازلاء الصفراء على شاحنة في مستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر، شمال دارفور، السودان.

 

تعدد الجيوش يهدد استقرار البلاد

وتحدث الدكتور مضوي إبراهيم ممثلا لمنظمات المجتمع المدني، محذرا من اندلاع حرب أهلية في البلاد في ظل تعدد الجيوش والحركات المسلحة، قائلا إن هذه الجيوش والفصائل المسلحة موجودة داخل المدن والبلدات وتتسبب في مشاكل جمة بالنسبة للسكان. وأضاف:

"المدنيون في المناطق الريفية- لا سيما دارفور- مهددون باستمرار، ويتعذر عليهم ممارسة الزراعة... بات العنف منتشرا، فنحن لا نعلم من الذي يقوم بهذا الهجوم. وللأسف سلطة الدولة غائبة. ويتصرف الجميع كما يحلو له. وما لم يتوحد الجيش فإن الحكومة المدنية ستظل بلا سلطة".

وشدد الدكتور مضوي على الحاجة إلى حكومة مدنية، داعيا العناصر المسلحة إلى العودة إلى ثكناتها.

السفير السوداني يوجه انتقادا لدور بعثة يونيتامس

بدوره، وجه المندوب الدائم لجمهورية السودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس انتقادا لبعثة يونيتامس، قائلا إن البعثة "حصرت كل جهودها في تنفيذ الانتقال السياسي وأهملت تماما الأهداف الإستراتيجية الثلاثة الأخرى ضمن تفويضها"، على حد تعبيره.

 وتساءل قائلا: "أين دور يونيتامس في إعداد الخطط على الأقل لدعم تنفيذ اتفاق سلام جوبا والبروتوكولات الملحقة به خاصة بروتوكولات الترتيبات الأمنية... قضايا النازحين واللاجئين، الأراضي والحواكير، تطوير قطاع الرحل والرعاة. فضلا عن ذلك، لم تقم البعثة بأي شيء في توفير دعم لوجستي ومادي لتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين، كذلك لا نرى أًي تقدم في تعبئة الموارد الاقتصادية والتنموية وتنسيق المساعدات الإنسانية".

وأكد السفير الحارث على أن شركاء الفترة الانتقالية سيواصلون جهودهم الرامية إلى إنجاح الفترة الانتقالية، "مع تأكيد التزامنا بالحوار بوصفه سبيلا لا غنى عنه لمعالجة تحديات الانتقال السياسي في السودان".

 كما جدد الالتزام بالعمل مع الأسرة الدولية لمواجهة التحديات التي قد تعترض سير العملية الانتقالية في السودان، بلوغا للأهداف التي ننشدها.

لجنة الجزاءات المعنية بالسودان

في الجلسة الأولى التي سبقت إحاطة السيد فولكر، استمع المجلس إلى إحاطة من رئيس لجنة الجزاءات المعنية بالسودان- التي أنشأها المجلس عملا  بالقرار 1591- وهو السفير هارولد أدلاي أجيمان، الممثل الدائم لغانا لدى الأمم المتحدة.

وقدم السفير تقرير اللجنة- ربع السنوي- حول عمل لجنة الجزاءات غطى الفترة من 22 حزيران/ يونيو وإلى الآن.

وقال إن اللجنة حصلت- خلال الفترة المشمولة بالتقرير- على معلومات محدثة من فريق الخبراء حول تنفيذ اتفاق جوبا للسلام والوضع الإقليمي والعنف في دارفور.

وأضاف: "أود أن أشير إلى أن هذه الجزاءات فرضت لسبب واحد فقط وهو إحلال السلام في دارفور وهي ليست لمعاقبة السودان، ولكن لدعم تحقيق السلام المستدام. تؤكد لجنتنا التزامها العمل مع السودان والجهات المعنية الأخرى لتحويل هذا الهدف إلى واقع".

في رده على تقرير لجنة العقوبات، قال المندوب السوداني لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس إن العقوبات المفروضة على بلاده بموجب  القرار 1591 لم تعد تتماشى مع حقيقة الوضع في دارفور على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الوضع يختلف حاليا مقارنة بعام 2005 عندما تم فرضها.

وأكد عزم حكومة بلاده على معالجة "ما تبقى من تحديات أمنية واجتماعية".