منظور عالمي قصص إنسانية
ينام الأطفال تحت أغطية بلاستيكية بعد أن ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة مقاطعة بكتيكا في أفغانستان.

اليوم العالمي للعمل الإنساني: يخاطر عمال الإغاثة بأنفسهم في سبيل إنقاذ الأرواح

© UNICEF/Ali Nazari
ينام الأطفال تحت أغطية بلاستيكية بعد أن ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة مقاطعة بكتيكا في أفغانستان.

اليوم العالمي للعمل الإنساني: يخاطر عمال الإغاثة بأنفسهم في سبيل إنقاذ الأرواح

المساعدات الإنسانية

في اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يصادف 19 آب/أغسطس من كل عام، تحدث موظفا الإغاثة أحمد الراغب، المقيم في سوريا، وفيرونيكا هاوسر، الموجودة في أفغانستان، عن الجهود الإنسانية الحاسمة في هذين البلدين، والتحديات التي يواجهانها مع زملائهما.

سوريا: نازحون يقدمون المساعدة للنازحين

يعمل أحمد الراغب مديرا لبرنامج الأمن الغذائي في منظمة Mercy-USA غير الحكومية في سوريا، التي تعتبر واحدة من أكثر البلدان خطورة. يقول الراغب:

"يضع العاملون في المجال الإنساني أنفسهم في مواقف غير آمنة للغاية لإنقاذ الناس، ولكن لا يوجد خيار آخر".

يقول السيد الراغب، الذي نزح في عام 2019 من مسقط رأسه في إدلب، بعد سيطرة الحكومة على المنطقة: "تمثل المساعدات الإنسانية هدفا لنظام الدولة لأنها تدعم الأشخاص الذين يحاولون الصمود".

قُتل العديد من العاملين في المجال الإنساني في سوريا، ومع ذلك فهم يواصلون تقديم المساعدة للناس، ويمنعون الكثيرين من الموت جوعا.

فر ما يقرب من مليوني شخص من منازلهم بحثا عن الأمن في مناطق أخرى، بعد اندلاع الحرب الأهلية.

تقوم بعثةMercy-USA، بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بعبور الحدود السورية بانتظام من مكاتبها في تركيا لتقديم المساعدة الغذائية إلى 200 ألف نازح داخليا وخدمات الإيواء لـ 1,396 من المدنيين في 15 مخيما في البلاد. وقد صار هذا الأمر ممكنا بفضل قرار مجلس الأمن الذي يسمح للعاملين في المجال الإنساني بعبور الحدود السورية بأمان من نقاط مختلفة.

واحدة من القضايا الرئيسية التي يواجهها النازحون هي أن الخيام التي يعيشون فيها مصممة لتصمد لمدة عام واحد فقط. ومع ذلك، فمن الصعب اقتصاديا استبدالها، ويعيش بعض النازحين داخليا في نفس الخيمة منذ خمس سنوات.

حوالي 80 في المائة من النازحين هم من الأطفال والنساء، وهي فئة ضعيفة بشكل خاص.

خصوصية النساء هي أمر مهم، ولكن معظم الخيام لا توفر لهن مساحة آمنة للتعبير عن مخاوفهن، أو الحصول على الحماية من الاعتداءات، وهي ليست أماكن صحية للعيش، فبعض النساء لا يستطعن حتى خلع غطاء الرأس لأشهر لأن الخيام مكشوفة باستمرار.

يوضح السيد الراغب أن الناس فقدوا جميع ممتلكاتهم، وليس لديهم مكان لاستعادة حياتهم الطبيعية، ويكاد يكون من المستحيل عليهم العثور على عمل في سوريا، التي تواجه، كما يقول: "دورة لا نهائية من المشاكل".

النازحون داخليًا في سوريا يصطفون للحصول على المساعدات.
Mercy-USA / Ammar Abo Alnoor
النازحون داخليًا في سوريا يصطفون للحصول على المساعدات.

 

النضال من أجل تعليم المرأة في أفغانستان

يمكن أن يكون الدافع لمساعدة الآخرين قويا بما يكفي لحمل الناس على ترك الراحة والأمان في منازلهم، والتوجه إلى مكان يواجه أزمة حادة بغرض النضال من أجل حقوق الإنسان بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون هناك.

هذه هي حالة فيرونيكا هاوسر، التي انتقلت من الولايات المتحدة إلى العمل مع بعثة منظمة اليونيسف في أفغانستان، بعد شهرين فقط من سيطرة طالبان على العاصمة كابول في آب/أغسطس الماضي.

تقول السيدة هاوسر: "شعرت بالتناقض بين الامتياز الذي كنت أحصل عليه في المكان الذي ولدت فيه، مقارنة بالانتهاك الذي تتعرض له حقوق النساء الأخريات".

بعد أن عملت سابقا في رواندا وجنوب السودان، كانت تأمل في إحداث فرق في أفغانستان من خلال نشر القصص وإعلاء أصوات أولئك الذين لا تسمع أصواتهم في كثير من الأحيان.

تتمحور إحدى الاهتمامات الرئيسية لبعثة اليونيسف في الحظر المفروض على التحاق الفتيات بالمدرسة الثانوية. أفغانستان هي الدولة الوحيدة في العالم التي يحدث فيها ذلك. ولكن معظم الفتيات يرفضن الاستسلام، ويأملن في إعادة فتح المدارس قريبا.

وفي الوقت نفسه، تقوم اليونيسف بتوزيع ملايين الكتب واللوازم المدرسية في جميع أنحاء البلاد، وتقوم ببناء مساحات تعليمية جديدة حيثما كان ذلك مسموحا به.

أنشأت الوكالة الأممية مساحات صديقة للنساء والفتيات حيث يمكن للأطفال اللعب، ويمكن للنساء التعبير عن أنفسهن، والحصول على الدعم النفسي والاجتماعي.

تقول هاوسر: "إن الأزمة التعليمية هي أيضا أزمة حماية وأزمة صحة نفسية. هؤلاء الفتيات غير قادرات على رؤية أصدقائهن، ولا يعرفن كيف سيبدو مستقبلهن، ويشعرن بالقلق، ويتزوج بعضهن مبكرا".

انتقلت فيرونيكا هاوسر، من الولايات المتحدة إلى العمل مع بعثة منظمة اليونيسف في أفغانستان، بعد شهرين فقط من سيطرة طالبان على العاصمة كابول في آب/أغسطس الماضي.
Sayed Habib Bidel
انتقلت فيرونيكا هاوسر، من الولايات المتحدة إلى العمل مع بعثة منظمة اليونيسف في أفغانستان، بعد شهرين فقط من سيطرة طالبان على العاصمة كابول في آب/أغسطس الماضي.

 

يد واحدة لا تصفق

يذكرنا اليوم العالمي للعمل الإنساني بمدى خطورة العمل الإنساني وأهميته.

قبل تسعة عشر عاما، أي في 19 آب/أغسطس 2003، أسفر هجوم على فندق القناة في بغداد بالعراق عن مقتل 22 عاملا في مجال الإغاثة الإنسانية، بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييرا دي ميلو.

وبعد مرور خمس سنوات، اعتمدت الجمعية العامة قرارًا بإعلان يوم 19 آب/أغسطس يوما عالميا للعمل الإنساني.

يسلّط اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام الضوء على مئات الآلاف من المتطوعين والمهنيين والأشخاص المتضررين من الأزمات الذين يقدمون الرعاية الصحية العاجلة والمأوى والغذاء والحماية والمياه وغير ذلك الكثير.

شهد العام الماضي مقتل 141 عامل إغاثة في جميع أنحاء العالم، وهو أعلى رقم منذ عام 2013.

وعلى الرغم من كل المخاطر، يواصل العاملون في المجال الإنساني مهامهم حيث وصل عدد الأشخاص المتضررين من الأزمات إلى مستوى قياسي.

وقدرت نسبة عمال الإغاثة الذين قتلوا من الموظفين الوطنيين بنحو 98 في المائة ومن الموظفين الدوليين (مغتربين) بنحو 2 في المائة، بينما يعد أكثر من النصف 53 في المائة من موظفي المنظمات غير الحكومية الوطنية.

موضوع اليوم العالمي للعمل الإنساني لهذا العام هو #يد_واحدة_لا_تصفق أو #ItTakesaVillage ، مرددا المثل الأفريقي القائل: "يتطلب الأمر قرية كاملة لتنشئة طفل"، في إشارة إلى كيف يمكن للمجتمع بأسره أن يعمل كقرية عالمية لمساعدة الأطفال والبشرية على العيش في بيئة آمنة وراعية.