منظور عالمي قصص إنسانية

فورونكوف: داعش لديه أهداف وتطلعات طويلة المدى، ويتوسع في وسط وجنوب وغرب أفريقيا

أبنية متضررة في المدينة القديمة في غرب الموصل ، العراق.
© UNICEF
أبنية متضررة في المدينة القديمة في غرب الموصل ، العراق.

فورونكوف: داعش لديه أهداف وتطلعات طويلة المدى، ويتوسع في وسط وجنوب وغرب أفريقيا

السلم والأمن

ناقش مجلس الأمن الدولي الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين من جرّاء الأعمال الإرهابية، وقال فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إنه على الرغم من هزيمته الإقليمية، والخسائر التي منيت بها قيادته، استمر تنظيم داعش في تشكيل تهديد للسلم والأمن الدوليين، وهو تهديد ظل يتصاعد منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

وقدّم السيد فورنوكوف في إحاطته تفاصيل وردت في التقرير الخامس عشر للأمين العام عن التهديد الذي يشكله داعش للسلام والأمن الدوليين وعن نطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعما للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد.

وقال: "يواصل تنظيم داعش والجماعات التابعة له استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة للتحريض على الهجمات الإرهابية والتخطيط لها وتنظيمها."

يواصل تنظيم داعش والجماعات التابعة له استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة -- فلاديمير فورونكوف

ويستمر التنظيم في استغلال القيود المتعلقة بالجائحة وإساءة استخدام المساحات الرقمية لتكثيف الجهود وتجنيد المتعاطفين وجذب الموارد.

كما زادت المجموعة بشكل كبير من استخدام الأنظمة الجوية بدون طيار في العام الماضي، بما في ذلك ما ورد في شمال العراق.

وتمكن التنظيم من القيام بذلك جزئيا من خلال اللجوء إلى هيكل داخلي لامركزي إلى حد كبير تم الكشف عنه في التقرير، بفضل المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء إلى فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات.

هذا الهيكل الذي يتمحور حول ما يسمى بـ "المديرية العامة للمحافظات" و "المكاتب" المرتبطة بها، يعني إدارة العمليات والتمويل الإرهابي في جميع أنحاء العالم.

وتعمل هذه "المكاتب" ليس فقط في العراق وسوريا، ولكن أيضا خارج منطقة الصراع الأساسية، حيث تم الإبلاغ عن أنشطتها في أفغانستان والصومال وحوض بحيرة تشاد.

وقال فورونكوف: "من خلال هذا الهيكل، تحرّض قيادة داعش أتباعها على تنفيذ الهجمات، وتحتفظ بالقدرة على توجيه ومراقبة تدفق الأموال إلى التابعين (للتنظيم) في جميع أنحاء العالم."

وفي حين أن وجود مثل هذه الهياكل قد لا يكون مفاجئا، إلا أنه يقدّم تذكيرا مقلقا بأن داعش لديه أهداف وتطلعات طويلة المدى، بحسب المسؤول الأممي.

وقال: "فهم أفضل ومراقبة مستمرة لهذا الهيكل لا غنى عنهما عند مواجهة ومنع التهديد الذي يشكله داعش." مشيرا إلى أهمية التعاون الدولي والإقليمي المعزز، بما في ذلك من خلال آليات تبادل المعلومات.

جندي من بوركينا فاسو يقف في حراسة الحدود مع مالي والنيجر خلال عملية عسكرية ضد الإرهابيين المشتبه بهم.
© Michele Cattani
جندي من بوركينا فاسو يقف في حراسة الحدود مع مالي والنيجر خلال عملية عسكرية ضد الإرهابيين المشتبه بهم.

تهديد أعلى في المجتمعات المتأثرة بالنزاع

لا يزال التهديد الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات التابعة له أعلى في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات.

يقول فورونكوف: "لا تزال الحدود بين العراق وسوريا معرّضة للخطر بشكل كبير، حيث يُقدّر أن ما يصل إلى 10,000 مقاتل ينشطون في المنطقة."

وفي أفغانستان، انخفض عدد الهجمات المزعومة أو المنسوبة إلى الجماعة المحلية لداعش، لكن زاد العدد بشكل كبير، "منذ سيطرة طالبان العام الماضي،" واتسع وجود الجماعة في شمال شرق وشرق البلاد.

وفي أفريقيا، تدهور الوضع أكثر منذ التقرير الأخير للأمين العام، مع توسع داعش في وسط وجنوب وغرب أفريقيا.

"من أوغندا، وسّعت جماعة تابعة لداعش منطقة عملياتها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما كثفت جماعة أخرى تابعة للتنظيم - بعد أن تم القضاء عليها من خلال عمل عسكري العام الماضي - هجمات نطاقها ضيق في مقاطعة كابو ديلغادو في موزامبيق."

ويرى المسؤول الأممي أن هذا التوسع يؤثر على البلدان التي كانت حتى وقت قريب بمنأى عن الهجمات إلى حدّ كبير، مثل البلدان الساحلية في خليج غينيا.

وحذر من أن داعش والجماعات التابعة له يسعى أيضا إلى إلهام أو توجيه الهجمات في المناطق الخالية من النزاعات، للتحريض على الخوف واستعراض القوة.

وقال: "في أوروبا، دعا داعش المتعاطفين معه إلى شن هجمات من خلال استغلال تخفيف القيود المتعلقة بالجائحة والصراع في أوكرانيا."

خسائر فادحة لحقت بالتنظيم

واصل داعش والجماعات التابعة له تكبّد خسائر كبيرة في قيادته، بما في ذلك خسارة زعيم التنظيم في شباط/فبراير.

وتدير قيادة داعش أصولا تتراوح قيمتها بين 25 و50 مليون دولار. "هذا المبلغ أقل بكثير من التقديرات التي كانت موضوعة قبل ثلاث سنوات فقط."

ورحب فورونكوف بإعادة حكومة العراق أكثر من ألفي ونصف مواطن عراقي تقطعت بهم السبل في مخيمات ومرافق أخرى في شمال شرق سوريا، وإعادة طاجيكستان وفرنسا الشهر الماضي، 146 و51 من النساء والأطفال على التوالي.

وأوضح أن عشرات الآلاف من الأفراد، بمن فيهم أكثر من 27,000 طفل من العراق وحوالي 60 دولة أخرى، عرضة لتحديات أمنية هائلة ومصاعب إنسانية.

وأشار إلى أن هؤلاء الأفراد، وكثير منهم أطفال، لم يختاروا أن يكونوا هناك، ويُحرمون من الحقوق الأساسية، وهم في خطر حقيقي للغاية من التطرف والتجنيد.

وقال: "من الضروري أن تنظر الدول الأعضاء بشكل عاجل في الآثار طويلة الأمد المترتبة على عدم اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذا الوضع الخطير."

وأضاف في ختام إحاطته أنه من أجل التخلص من هذه الآفة، "يجب أيضا معالجة نقاط الضعف والمظالم المجتمعية وعدم المساواة التي استغلها التنظيم في المقام الأول، وكذلك تعزيز وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون.

الإرهاب لا يأتي من فراغ

من جهته قال السيد ويشويونغ تشن، المدير التنفيذي بالإنابة للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، إن الحالة في أفريقيا، ولاسيّما غرب ووسط أفريقيا وموزامبيق، باتت أكثر إثارة للقلق.

وقال: "الإرهاب لا يأتي من فراغ. نحن نواجه مجموعة من التحديات المتداخلة التي تخاطر بتعقيد استجاباتنا لمكافحة الإرهاب، وتفاقم التهديد الذي يشكله داعش والجماعات الإرهابية الأخرى."

وأشار إلى أن تعددية الأطراف المعززة والتعاون الدولي والتضامن العالمي هي الطريقة الوحيدة لمواجهة تهديد إرهابي عالمي مثل داعش، مشددا على أن النهج الشامل والمنسق "لجميع الأمم المتحدة" يُعدّ أمرا حاسما لتطوير وتنفيذ تدابير فعّالة لمكافحة الإرهاب.

وقال: "يجب أن تكون هذه الاستراتيجيات والتدابير مصممة ومراعية للعمر والنوع الاجتماعي ومتوافقة مع حقوق الإنسان."

هذا وسيُعقد الاجتماع الخاص القادم للجنة مكافحة الإرهاب بشأن استخدام التقنيات الناشئة للإرهاب وأغراض مكافحة الإرهاب بين 28-30 تشرين الأول/أكتوبر 2022، في نيودلهي بالهند.

عائلة نازحة تمشي في مخيم أولام في النيجر.
UN Photo/Eskinder Debebe
عائلة نازحة تمشي في مخيم أولام في النيجر.

توسع التنظيم في أفريقيا

تحدث الباحث في معهد دراسات الأمن، مارتن إيوي، عن وجود داعش في أفريقيا، فقد وسّع التنظيم نفوذه في القارّة ولم تسلم أي من المناطق الجيوسياسية الخمس كما حددها الاتحاد الأفريقي من نشاط التنظيم، على حدّ قوله.

وقال: "شهدت 20 دولة على الأقل في أفريقيا نشاطا مباشرا لداعش. ويتم استخدام أكثر من 20 آخرين للخدمات اللوجستية، وحشد الأموال والموارد الأخرى."

وأشار إلى وجود محاور إقليمية أصبحت ممرات لعدم الاستقرار في أفريقيا: "لا يزال حوض بحيرة تشاد أكبر منطقة عمليات للتنظيم.. الصومال هو النقطة الساخنة للقرن الأفريقي."

وقال إن من أبرز الأسباب التي تجذب التنظيم إلى أفريقيا هي مواردها الطبيعية، إلى جانب عوامل أخرى.

وحول ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به، دعا مارتن إيوي مجلس الأمن إلى أن يكون أكثر مشاركة وانخراطا، مشيرا إلى أن المجلس بعيد جدا وقراراته لا تُنفذ في أفريقيا.

وقال: "إن غياب المجلس يعني أنه حتى الجزاءات لم تُنفذ. معظم الإرهابيين المدرجين في القائمة السوداء لا يعرفون أنهم مدرجون في القائمة السوداء لأنه باستثناء المجلس لا أحد يخبرهم بذلك."