منظور عالمي قصص إنسانية

اليوم العالمي للبيئة: الأرض غير قادرة على مسايرة مطالبنا

امرأة تحصد الأرز والذرة في مزرعة مجتمعية في فيتنام.
UNEP/Lisa Murray
امرأة تحصد الأرز والذرة في مزرعة مجتمعية في فيتنام.

اليوم العالمي للبيئة: الأرض غير قادرة على مسايرة مطالبنا

المناخ والبيئة

في رسالته بمناسبة يوم البيئة العالمي، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن "هذا الكوكب هو موطننا الوحيد"، محذرا من أن "النظم الطبيعية للأرض غير قادرة على مسايرة مطالبنا".

وقال إنه "من الأهمية بمكان أن نحمي صحة الغلاف الجوي للكوكب، وأن نحمي ثراء وتنوع الحياة على الأرض، ونظمها الإيكولوجية، ومواردها المحدودة. غير أننا متقاعسون في القيام بهذه الأمور".

وحذر من أننا "نطلب الكثير من كوكبنا لنحتفظ بأساليب حياة غير مستدامة. وهذا لا يؤذي الأرض فحسب، بل يؤذينا نحن أيضا".

إدارة الطبيعة بحكمة

ويعقد الاحتفال سنويا باليوم العالمي للبيئة منذ عام 1973، بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وقد نما الاحتفال بهذا اليوم ليكون أكبر منصة عالمية للتواصل البيئي. ويحتفل به الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، مما يساعد على إحداث تغيير في عادات الاستهلاك، وكذلك في السياسة البيئية الوطنية والدولية.

وقال الأمين العام إن البيئة الصحية ضرورية للناس جميعا ولتحقيق أهـداف التنمية المستدامة الـ 17 كلها. إذ منها الغذاء، ومنها المياه النظيفة والأدوية، وهي التي تنظم المناخ وتوفر الحماية من الظواهر الجوية القصوى.

وأكد السيد غوتيريش أنه من الضروري أن ندير الطبيعة بحكمة، وأن نضمن العدل في الاستفادة من خدماتها، ولا سيما لأكثر الناس والمجتمعات ضعفا.

النظم البيئية تحت النار

يتأثر أكثر من 3 بلايين نسمة حاليا من نظم إيكولوجية متدهورة. فالتلوث مسؤول عن حوالي 9 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام. ويواجه أكثر من مليون من الأنواع النباتية والحيوانية خطر الانقراض، وكثير منها سينقرض في غضون عقود، وفقا للأمين العام.

"وما يقرُب من نصف البشرية يوجد بالفعل في منطقة الخطر المناخي - أي 15 مرة أكثر عرضة للوفاة من آثار مناخية، مثل الحرارة الشديدة والفيضانات والجفاف. ويُحتمل بنسبة 50:50 أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية الحد المنصوص عليه في اتـفاق باريس، وهو 1,5 درجة مئوية في السنوات الخمس المقبلة. وقد يُضطر أكثر من 200 مليون شخص سنويا إلى النزوح بسبب الاختلال المناخي بحلول عام 2050".

"أجراس الإنذار تدق"

قبل 50 عاما، اجتمع قادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية والتزموا بحماية كوكب الأرض. ولكننا اليوم، وفقا للسيد غوتيريش، "بعيدون كل البعد عن بلوغ المرام. ولم يعد بالإمكان تجاهل أجراس الإنذار وصوتها يعلو يوما بعد يوم".

وقد أكد الاجتماع البيئي ستوكهولم+50 الذي عُقد في الآونة الأخيرة أن جميع أهداف التنمية المستدامة الـ 17 تحتاج إلى أن يكون كوكبنا معافىً. ويجب علينا جميعا أن نتحمل مسؤولياتنا لتجنب الكارثة التي تحملها إلينا الأزمات الثلاث: تغير المناخ، والتلوث، وفقدان التنوع البيولوجي.

ويتعين على الحكومات أن تعطي الأولوية على وجه الاستعجال للعمل المناخي وحماية البيئة باتخاذ قرارات في مجال السياسة العامة تشجع التقدم المستدام.

تسريع العمل في مجال الطاقة المتجددة

ولتحقيق هذه الغاية، اقترح الأمين العام خمس توصيات عملية للرفع إلى حد بعيد من وتيرة الأخذ بالطاقة المتجددة في كل مكان، بما في ذلك إتاحة ما يتعلق بالطاقة المتجددة من تكنولوجيات ومواد خام للجميع، والحد من التعقيدات البيروقراطية، وإعادة توجيه الإعانات المالية، ومضاعفة الاستثمار ثلاث مرات.

"ويتعين على مؤسسات الأعمال التجارية أن تضع الاستدامة في الصميم من ممارساتها في اتخاذ القرارات، في سبيل الإنسانية، ولمصلحتها هي في نهاية المطاف. فعافية الكوكب هي العمود الفقري لكل قطاع تقريبا على وجه الأرض".

ودعا إلى تمكين النساء وإشراكهن في عملية صنع القرار على جميع المستويات، حيث يمكن للنساء والفتيات، على وجه الخصوص، أن يكون لهن دور قوي في إحداث التغيير.

وفي نفس السياق، دعا أيضا إلى احترام معارف الشعوب الأصلية والمعارف التقليدية وتسخيرها للمساعدة في حماية نظمنا الإيكولوجية الهشة.

بحيرة كاملوبس في كولومبيا البريطانية بكندا.
Unsplash/Louis Paulin
بحيرة كاملوبس في كولومبيا البريطانية بكندا.

تتبع النجاح

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن التاريخ أظهر ما يمكن أن نحققه عندما نعمل معا ونعطي الأولوية للكوكب. ففي الثمانينيات من القرن العشرين، عندما حذر العلماء من ثقب قاتل بحجم قارة في طبقة الأوزون، التزمت كل الدول ببروتوكول مونتريال للتخلص تدريجيا من المواد الكيميائية المستنفدة لطبقة الأوزون.

"وستُتـاح في هذا العام والعام المقبل المزيد من الفرص للمجتمع العالمي ليثبت نجاعة تعددية الأطراف في معالجة أزماتنا البيئية المتشابكة، بدءا من المفاوضات بشأن إطار عالمي جديد للتنوع البيولوجي لعكس مسار فقدان الطبيعة بحلول عام 2030، ووصولا إلى وضع معاهدة لمعالجة مسألة التلوث بالمواد البلاستيكية".

وأكد السيد غوتيريش التزام الأمم المتحدة بقيادة الجهود التعاونية العالمية، "لأن السبيل الوحيد للمضي قدما هو العمل في تناغم مع الطبيعة، لا في تنافر معها".

السير عكس عقارب الساعة

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن إن اليوم العالمي رأى النور في مؤتمر الأمم المتحدة لعام 1972 في العاصمة السويدية، انطلاقا من فهم أننا "نحتاج إلى العمل معا لحماية الهواء والأرض والماء الذي نعتمد عليه جميعا".

"اليوم، ونحن نتطلع إلى حاضر ومستقبل مليء بموجات الحر والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات والأوبئة والهواء الملوث والمحيطات المليئة بالبلاستيك، أضحت أفعالنا أكثر أهمية من أي وقت مضى، ونحن نسير عكس عقارب الساعة".

عواقب الحرب

في غضون ذلك، حذر ديفيد بويد، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة من أن النزاعات تؤدي إلى تفاقم الدمار البيئي وانتهاكات الحقوق.

وقال "السلام شرط أساسي مسبق للتنمية المستدامة والتمتع الكامل بحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة".

وقال إن النزاعات تستهلك "كميات هائلة" من الطاقة؛ وتنتج "انبعاثات ضخمة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تؤدي إلى اضطراب المناخ"، وتزيد من تلوث الهواء والماء والتربة وتدمر الطبيعة.

وسلط الخبير المستقل المعين من قبل الأمم المتحدة الضوء على التداعيات البيئية للغزو الروسي لأوكرانيا، وانعكاساته على الحقوق، بما في ذلك الحق في العيش في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، قائلا إن الأمر سيستغرق سنوات لإصلاح الضرر.

وقال السيد بويد إن العديد من الدول أعلنت عن خطط لتوسيع استخراج النفط والغاز والفحم كنتيجة للحرب" في أوكرانيا، مشيرا إلى أن مقترحات إعادة البناء والترميم التي تبلغ تكلفتها عدة مليارات من الدولارات بعد انتهاء الصراع ستضيف أيضا إلى الضغوط البيئية التي يوجهها العالم.

سيؤدي تدمير الآلاف من المباني والبنية التحتية الأساسية إلى ترك الملايين بدون مياه شرب آمنة - وهو حق أساسي آخر.

بينما يتصارع العالم مع اضطراب المناخ، وانهيار التنوع البيولوجي وانتشار التلوث، شدد خبير الأمم المتحدة على ضرورة إنهاء الحروب وضمان السلام والبدء في عمليات التعافي في أقرب وقت ممكن.

الأضرار الناجمة عن الأسلحة المتفجرة في بوتشا، أوكرانيا.
© UNDP/Yevhenii Zavhorodnii
الأضرار الناجمة عن الأسلحة المتفجرة في بوتشا، أوكرانيا.