منظور عالمي قصص إنسانية

فولكر بيرتس يحذر من أن عواقب غياب الحل السياسي في السودان ستتجاوز حدود البلاد وستستمر على مدى جيل كامل

مجلس الأمن يجتمع حول الحالة في السودان وجنوب السودان. ممثل الأمين العام، فولكر بيرتس، يقدم إحاطة.
UN Photo/Eskinder Debebe
مجلس الأمن يجتمع حول الحالة في السودان وجنوب السودان. ممثل الأمين العام، فولكر بيرتس، يقدم إحاطة.

فولكر بيرتس يحذر من أن عواقب غياب الحل السياسي في السودان ستتجاوز حدود البلاد وستستمر على مدى جيل كامل

السلم والأمن

حذر ممثل الأمين العام الخاص، فولكر بيرتس من العواقب الناجمة عن غياب التوصل إلى حل للمأزق الحالي في السودان، مشيرا إلى أن تلك العواقب ستتجاوز حدود البلاد وستستمر على مدى جيل كامل.

وقدم رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، إحاطة إلى مجلس الأمن، صباح اليوم الثلاثاء، بتوقيت نيويورك، شدد فيها على أن الأمر متروك للسودانيين للاتفاق على مخرج من هذه الأزمة.

وقال ممثل الأمين العام إن الأزمة التي تواجه السودان هي أزمة محلية ولا يمكن حلها إلا من قبل السودانيين.

"في حين أن المسؤولية الأساسية عن تغيير هذه الديناميكيات تقع على عاتق أصحاب المصلحة السودانيين أنفسهم، فإنني قلق بشأن العواقب طويلة المدى، حيث نراقب المزيد من التآكل في قدرة الدولة، الهشة أصلا، ورأس المال البشري في السودان".

الآلية الثلاثية

Tweet URL

وقال فولكر بيرتس إن الآلية الثلاثية المشتركة المؤلفة من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وبعثة يونيتامس لن تنجح إلا في بيئة مواتية، مشيرا إلى أن خلق هذه البيئة يعود إلى السودانيين، ولا سيما السلطات.

ومع استمرار السودان في مواجهة المزيد من حالة عدم اليقين، قال الممثل الأممي إن الشعور المشترك بالإلحاح يدفع العديد من الأطراف إلى البحث عن أرضية مشتركة وزيادة الانفتاح على الحوار.

وأشار إلى أن الآلية الثلاثية عقدت محادثات أولية مع المكونات الرئيسية للمجتمع السوداني والطيف السياسي طوال شهر نيسان/أبريل. "وشمل ذلك الأحزاب والائتلافات السياسية وممثلي لجان المقاومة والشباب والجيش والحركات المسلحة، وقادة الطرق الصوفية والجماعات النسائية والأكاديميين".

وقال إن الهدف من تلك المحادثات تمحور حول استطلاع آراء أصحاب المصلحة حول مضمون وشكل عملية المحادثات التي يقودها ويملكها السودانيون، مشيرا إلى أن جميع المكونات تقريبا أبدت استعدادها للمشاركة بشكل إيجابي في جهود التيسير التي تقوم بها البعثة، مؤكدا دعم الآلية الثلاثية بقوة إدراج المرأة في العملية السياسية من خلال تشجيع الأحزاب على تضمين 40 بالمائة على الأقل من النساء في وفودها، وهو ما يتماشى مع الوثيقة الدستورية.

الإفراج عن المعتقلين السياسيين

وأشاد الممثل الأممي بالإفراج عن بعض المعتقلين مؤخرا كخطوة مهمة نحو خلق ظروف مواتية وإعادة بناء الثقة.

"ولكن مع ذلك، أفيد بأن ما لا يقل عن 111 شخصا ما زالوا رهن الاحتجاز في الخرطوم وبورتسودان وأماكن أخرى".

وأشار السيد فولكر بيرتس إلى مقتل متظاهر آخر على يد قوات الأمن، يوم السبت الماضي، ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى إلى 96 شخصا، وفقا لتقارير.

وقال إنه الضروري محاسبة المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين، إذا كانت السلطات تريد بناء الثقة، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لإنهاء كافة أعمال العنف، وإطلاق سراح باقي المعتقلين، ووقف الاعتقالات التعسفية، ورفع حالة الطوارئ.

 لقاءات ممثلي الآلية الثلاثيةيوم 17 أيار/مايو 2022، في إطار المباحثات السودانية-السودانية غير المباشرة التي انطلقت في 12 أيار/مايو 2022.
UNITAMS
لقاءات ممثلي الآلية الثلاثيةيوم 17 أيار/مايو 2022، في إطار المباحثات السودانية-السودانية غير المباشرة التي انطلقت في 12 أيار/مايو 2022.

الوضع في دارفور

وقال ممثل الأمين العام إن غياب اتفاق سياسي حتى الآن وعدم وجود حكومة تعمل بشكل كامل يؤثران على الوضع الأمني.

"كشفت الأحداث الأخيرة في دارفور، بما في ذلك التدمير والتشريد في محلية كرينك والعنف المستمر في الجنينة بين 22 و26 نيسان/أبريل، مرة أخرى عن قصور قدرة الدولة على توفير الأمن والحماية للمدنيين".

ورغم عودة الهدوء النسبي إلى المنطقة، حذر المسؤول الأممي من أن خطر تجدد أعمال العنف لا يزال مرتفعا.

وشدد على أن حماية المدنيين تتطلب معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، بما في ذلك قضايا التهميش المستمرة لعقود طويلة، وقضايا الأراضي، وعودة النازحين، واللاجئين. في غضون ذلك، شدد على ضرورة توفير الحماية للمدنيين، وأن يكون ذلك أولوية للحكومة السودانية وحكومات الولايات في دارفور.

ولفت الانتباه إلى أن بعثة يونيتامس تواصل تدريب قوات الشرطة السودانية في أنشطة الشرطة المجتمعية والحماية من العنف الجنسي والجنساني وغير ذلك.

تضاعف أعداد الجوعى

وقال السيد فولكر بيرتس إن الجمود السياسي لا يزال يتسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية فادحة.

"فالاحتياجات الإنسانية آخذة في الازدياد مما يؤثر تأثيرا كبيرا على أشد الفئات ضعفا. هذا، إلى جانب العوامل الجيوسياسية العالمية، يستمر في رفع أسعار السلع الأساسية في السودان. في نيسان/أبريل، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في المتوسط بنسبة 15 في المئة مقارنة بشهر آذار/مارس وظلت أعلى بنسبة 250 في المئة من العام الماضي".

وحذر من أن الآثار المشتركة لعدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية وضعف المحاصيل وصدمات العرض العالمية لها تأثير كارثي على التضخم والقدرة على تحمل تكاليف الغذاء.

"من المتوقع أن يتضاعف عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد إلى حوالي 18 مليونا، بحلول أيلول/سبتمبر من هذا العام. وخصص مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 20 مليون دولار استجابة من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، ويواصل المانحون تقديم المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، تمّ تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2022 بنسبة 13 في المئة فقط".

وقال ممثل الأمين العام إن غياب اتفاق سياسي لاستعادة الشرعية الدستورية أدى إلى استمرار توقف الكثير من المساعدات الإنمائية الدولية ومشاركات المؤسسات المالية الدولية، مشيرا إلى أن بعض المانحين فرض قيودا على المساعدة التي تمر عبر أنظمة الدولة، للوصول إلى العاملين في القطاع العام مثل المعلمين ومقدمي الرعاية الصحية.

موظفو برنامج الأغذية العالمي يقومون بتحميل أكياس من البازلاء الصفراء على شاحنة في مستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر، شمال دارفور، السودان.
© UN Photo/Albert Gonzalez Farran
موظفو برنامج الأغذية العالمي يقومون بتحميل أكياس من البازلاء الصفراء على شاحنة في مستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر، شمال دارفور، السودان.

ممثل السودان: الحكومة عازمة على تحقيق الاستقرار في دارفور

بدوره، قال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس الحارث، إن الحكومة السودانية عازمة على تحسين الأوضاع الأمنية في دارفور، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل بتنسيق "بتنسيق تام" مع شركاء العملية السلمية من أجل تنفيذ بنود اتفاق جوبا للسلام.

وأضاف أن الحكومة تقوم، وضمن تنفيذ بنود اتفاق جوبا، بتسهيل عمل لجنة وقف إطلاق النار الدائم التي تترأسها بعثة يونيتامس، "حيث تواصل اللجنة مهمتها في دارفور".

وقال إن الحكومة مصممة على الالتزام بوقف إطلاق النار وإسكات البنادق، مشددا على أن الحكومة الانتقالية تتمتع بإرادة سياسية وافرة لتنفيذ الاتفاق.

من ناحية أخرى، قال السفير السوداني إن حكومة بلاده تواصل تنفيذ إجراءات إصلاحية اقتصادية، "وهي إصلاحات شديدة الوطأة على شرائح كبيرة من المواطنين لكنها ضرورية"، على حد تعبيره.

ودعا الشركاء "الحريصين على نجاح الانتقال في السودان" إلى استئناف أوجه التعاون والمساعدات التنموية، وذلك بغرض "التخفيف من آثار الإصلاحات وتخفيف عبء الدين الخارجي".