منظور عالمي قصص إنسانية

مجلس الأمن يناقش تطورات الوضع الإنساني في أوكرانيا وأثر الحرب على الأطفال

فتاة أوكرانية تواسي شقيقها البالغ من العمر ست سنوات بينما يستعدان لمغادرة أحد المراكز التي تدعمها اليونيسف في رومانيا إلى وجهتهم التالية.
© UNICEF/Alex Nicodim
فتاة أوكرانية تواسي شقيقها البالغ من العمر ست سنوات بينما يستعدان لمغادرة أحد المراكز التي تدعمها اليونيسف في رومانيا إلى وجهتهم التالية.

مجلس الأمن يناقش تطورات الوضع الإنساني في أوكرانيا وأثر الحرب على الأطفال

السلم والأمن

بطلب من فرنسا والمكسيك، عقد مجلس الأمن الدولي، صباح اليوم الخميس، جلسة بحث خلالها الوضع الإنساني في أوكرانيا، وأثر الحرب على الأطفال.

وقدمت السيدة جويس مسويا مساعِدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إحاطة حول آخر المستجدات حول الجهود المشتركة للأمم المتحدة للتفاوض بشأن المزيد من الهدنات للأغراض الإنسانية للسماح بمرور آمن للمدنيين المحاصرين بسبب القتال.

وقالت إن الجهود الأممية الأخيرة لإجلاء المدنيين في الشرق أظهرت أن "هناك نوايا حسنة وأرضية مشتركة يمكننا البناء عليها بين الطرفين."

بناء على طلب الأمين العام، قالت جويس مسويا إن السيد مارتن غريفيثس يستكشف سبلا للجمع بين الأطراف، بهدف مناقشة القضايا الإنسانية، بما في ذلك الممر الآمن للمدنيين وحركة القوافل الإنسانية.

وقد التقى في أنقرة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين. وركزت المناقشات على الدعم التركي لجهود الأمم المتحدة لإحراز تقدم بشأن الشواغل الإنسانية الملحة في أوكرانيا.

بصيص أمل

وقالت مساعِدة الأمين العام إن الأمم المتحدة تمكنت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يوم الاثنين، من إجلاء 174 مدنيا آخرين من مصنع الصلب في آزوفستال وأجزاء أخرى من ماريوبول.

وكانت هذه هي العملية الثالثة، خلال الأسبوع الماضي من ماريوبول – ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمدنيين الذين تم إجلاؤهم من مصنع الصلب، ماريوبول والبلدات المجاورة إلى أكثر من 600 شخص.

وقد وصفت المسؤولة الأممية عمليات الإجلاء هذه بأنها تمثل إنجازا هائلا وبصيص أمل في خضم القصف والدمار المستمر في شرق أوكرانيا.

ولكن رغم ذلك، قالت السيدة مسويا إن الحرب تستمر في مسارها المدمر، مشيرة إلى أن القتال العنيف يتسبب في معاناة إنسانية هائلة للمدنيين - وخاصة النساء والأطفال الذين يدفعون الثمن الباهظ.

مدنيون يفرون من مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول في عملية إخلاء بقيادة الأمم المتحدة.
© UNOCHA/Kateryna Klochko
مدنيون يفرون من مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول في عملية إخلاء بقيادة الأمم المتحدة.

ضرورة تجنيب المدنيين

وقد وصفت التقارير الأخيرة التي أفادت بقصف مدرسة في بيلوهوريفكا في إقليم لوهانسك، التي كان يختبئ فيها نساء وأطفال- بأنها بغيضة "ويجب إدانة الخسائر البشرية."

"بموجب القانون الإنساني الدولي، يجب على الأطراف احترام جميع المدنيين، وكذلك منازل المدنيين والمدارس والمستشفيات وغيرها من البنى التحتية الأساسية. يتعين عليها استمرار تجنيب المدنيين، ويشمل ذلك السماح لهم بمغادرة مناطق القتال طوعا وبأمان."

استمرار جهود الإغاثة

وفقا للمسؤولة الأممية، أُجبر نحو 14 مليون أوكراني على الفرار من ديارهم، منهم 8 ملايين مشرد داخليا، مشيرة إلى أن 227 من الشركاء العاملين في المجال الإنساني- أغلبهم منظمات غير حكومية وطنية – قدموا مساعدات إنسانية لأكثر من 5.4 مليون شخص، كثير منهم في الشرق.

بالإضافة إلى عمليات الإجلاء امن مصنع آزوفستال وماريوبول، قدمت خمس قوافل مشتركة بين الوكالات الإمدادات الطبية الأساسية والمياه والمواد غير الغذائية وأنظمة إصلاح المياه والمولدات للمدنيين المحاصرين في القتال.

وحثت السيدة جويس مسويا طرفي القتال، بموجب القانون الدولي، على مواصلة جهود التيسير حتى نتمكن من الوصول إلى المزيد من المدنيين.

مستقبل أطفال أوكرانيا على المحك

بدوره، قال عمر عبدي، نائب المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، إن المنظمة وشركاءها سيفعلون كل ما في وسعهم لمواصلة تلبية احتياجات الأطفال المتضررين من هذه الحرب، "لكن هذا لن يكون كافيا أبدا. في نهاية المطاف، يحتاج الأطفال إلى إنهاء هذه الحرب - مستقبلهم على المحك.

وقال إن الأمم المتحدة تحققت من مقتل ما يقرب من 100 طفل، خلال الشهر الماضي، معربا عن اعتقاده بأن الأرقام الفعلية أعلى بكثير.

"أصيب المزيد من الأطفال وتعرضوا لانتهاكات جسيمة لحقوقهم، وتشرد ملايين آخرون. استمرت مهاجمة المدارس واستخدامها للأغراض العسكرية وتأثرت البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. الحرب في أوكرانيا، مثل كل الحروب، تشكل أزمة لحماية الطفل وحقوقه."

وأضاف أن الحرب تمثل أيضا تذكيرا صارخا بأن التعليم في أوكرانيا يتعرض اليوم للهجوم، مشيرا إلى توقف السنة الدراسية مع اندلاع الحرب.

"اعتبارا من الأسبوع الماضي، تعرضت 15 مدرسة على الأقل من جملة 89 مدرسة تدعمها اليونيسف في شرق أوكرانيا للخراب أو الدمار منذ بداية الحرب. أفادت التقارير بأن مئات المدارس في جميع أنحاء البلاد تعرضت للقصف بالمدفعية الثقيلة والغارات الجوية والأسلحة المتفجرة الأخرى في المناطق المأهولة بالسكان، في حين يتم استخدام المدارس الأخرى كمراكز للمعلومات، أو الملاجئ، أو مراكز الإمداد، أو لأغراض عسكرية."

وصول الإمدادات الطبية إلى مستشفى الأطفال الإقليمي في زابوريزهزيا بأوكرانيا.
© UNICEF/Kate Klochko
وصول الإمدادات الطبية إلى مستشفى الأطفال الإقليمي في زابوريزهزيا بأوكرانيا.

حماية الحق في التعليم

وشدد المسؤول الأممي على ضرورة أن تتوقف هذه الهجمات، داعيا جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، واحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وضمان احترام حقوق الأطفال.

في عام 2021، اعتمد مجلس الأمن القرار 2601، والذي يدين بشدة الهجمات ضد المدارس والأطفال والمعلمين ويحث أطراف النزاع على حماية الحق في التعليم على الفور.

ويحدد إعلان المدارس الآمنة ما هو مطلوب بشأن تعزيز حماية التعليم في حالات النزاع.

"ما نحتاجه الآن هو الشجاعة والانضباط والإرادة السياسية لترجمة هذه الكلمات إلى أفعال."

تأثير على الأطفال في جميع انحاء العالم

وقال السيد عمر عبدي إن للحرب في أوكرانيا تأثيرا مدمرا على الأطفال الأكثر ضعفا على مستوى العالم، حيث ارتفعت أسعار الغذاء والوقود العالمية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

"يدفع الأطفال المتأثرون بالفعل بالنزاع وأزمات المناخ في جميع أنحاء العالم - من أفغانستان إلى اليمن والقرن الأفريقي – حياتهم ثمنا لحرب أخرى بعيدة عن أعتاب منازلهم. ستستمر تداعيات الحرب في أوكرانيا في الانتشار في جميع أنحاء العالم."

في ملجأ يقع في مصحة في فوروختا، غرب أوكرانيا، يعتني المعلمون والمتخصصون المحليون بالأطفال النازحين من دور الأيتام في منطقة خاركيف.
© UNICEF/Slava Ratynski
في ملجأ يقع في مصحة في فوروختا، غرب أوكرانيا، يعتني المعلمون والمتخصصون المحليون بالأطفال النازحين من دور الأيتام في منطقة خاركيف.

 

اتهام روسي لأوكرانيا بتجنيد الأطفال

خلال حديثه في الجلسة، اتهم مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فاسيلي نيبينزيا، القوات الأوكرانية باستخدام حضانات الأطفال، مشيرا إلى أن ذلك يهدد حياة الأطفال ويحرمهم من حقهم في التعليم ويدمر البنى التحتية في أوكرانيا.

وقال المندوب الروسي إن صحفيين مستقلين وبعض السكان، ممن تحدثوا خلال اجتماع مجلس الأمن، بصيغة آريا، الذي نظمته بلاده الأسبوع الماضي، تحدثوا عن كيفية قتل كتيبة آزوف الأوكرانية المدنيين، بما في ذلك أطفال كانوا يحاولون الفرار من منطقة العمليات. وأضاف:

"طردوا الشباب والمرضى من المستشفيات. كما أنهم احتلوا الحضانات والمدارس وحولوها إلى مخازن للذخائر والأسلحة. لدينا براهين عديدة في هذا الصدد."

ووصف المندوب الروسي إعلان المدارس الآمنة بأنها وثيقة غير ملزمة قانونا، "ولكن الزملاء الغربيين يشيرون إليها مرارا وتكرارا. ما من احترام لهذا الإعلان فيمل تزيد أوكرانيا من المخاطر أمام الأطفال وتستخدمهم القوات الأوكرانية كدروع بشرية."

وقال إن "القوميين الأوكرانيين، وخاصة مقاتلي كتيبة آزوف ظلوا يجندون الأطفال منذ سنوات في القوات المسلحة الأوكرانية ويعلمونهم الكراهية ضد الروس."

من الأرشيف: سفير الاتحاد الروسي فاسيلي نيبينزيا.
UN Photo/Eskinder Debebe
من الأرشيف: سفير الاتحاد الروسي فاسيلي نيبينزيا.

"جرائم ومآس جديدة يقترفها الروس في أوكرانيا"

من جانبه قال المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسيا إن النساء والأطفال في بلاده هم الأكثر هشاشة خلال أيام الحرب هذه "ويخضعون للترهيب بالصواريخ من قبل روسيا."

"على الأقل، لقي 226 طفلا مصرعهم وجُرح 417 آخرون على يد القوات الروسية في أوكرانيا. ولا شك أن الأرقام أكبر بكثير وذلك لأن المناطق المحتلة يصعب الوصول إليها بواسطة أي آلية دولية مستقلة."

وقال السفير الأوكراني إن كل يوم يشهد "جرائم ومآس جديدة يقترفها الروس في أوكرانيا."

"وأحدث تلك الحالات ما جرى في بلدة بيلوهوريفكا في لوهانسك، في السابع من أيار/ مايو. فقد أصابت غارة جوية مدرسة محلية، وقد تم إنقاذ 30 مدنيا فقط من أصل 90 شخصا. وتحولت المدرسة- التي كانت يوما ما ملاذا آمنا للأطفال إلى مقبرة جماعية."

واتهم سفير أوكرانيا روسيا بشن غارة جوية على مدرسة أخرى، الليلة الماضية، مما أسفر عن تدميرها بالكامل، على حد تعبيره.

وأشار إلى "تدمير 130 مؤسسة تعليمية كليا، فيما تضررت أكثر من 1500 مؤسسة أخرى،" داعيا إلى عدم استهداف المدارس أو استخدامها كأهداف عسكرية."

"كما أن استهداف المدنيين والمباني المدنية، بما فيها المدارس، هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي."

واتهم روسيا "باستمرار اختطاف الأطفال الأوكرانيين، في انتهاك لاتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الطفل، وتبنيهم من قبل من مواطنين روس بعد نقلهم قسرا إلى روسيا."

وقال السفير الأوكراني إن مصادر رسمية روسية أفادت بنقل "أكثر من مليون أوكراني إلى روسيا، بمن فيهم 220 ألف طفل."

من الأرشيف: سفير أوكرانيا سيرغي كيسليتسيا يخاطب الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن بشأن أوكرانيا.
UN Photo/Evan Schneider
من الأرشيف: سفير أوكرانيا سيرغي كيسليتسيا يخاطب الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن بشأن أوكرانيا.

السفير الأمريكي يدعو إلى عدم نسيان أطفال أوكرانيا

السفير ريتشارد ميلز، نائب المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، قال إن الدبلوماسية والحوار ضروريان لحل هذه الأزمة، داعيا روسيا إلى إظهار التزامها بالسعي إلى حل سلمي من خلال إسكات المدافع وسحب قواتها من أوكرانيا.

"ندعو روسيا مرة أخرى إلى إنهاء حربها على أوكرانيا والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك تلك المتعلقة باتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل إلحاق الأذى بالمدنيين، بمن فيهم الأطفال."

بالإضافة إلى ذلك، دعا السفير الأمريكي جميع أطراف النزاع إلى تسهيل الوصول الآمن ودون عوائق للعاملين في المجال الطبي والإنساني والإمدادات من أجل ضمان توفير المساعدة الإنسانية اللازمة والسماح بالمرور الآمن لمن يسعون إلى الفرار، بمن فيهم الأطفال. وأضاف:

"يقع على عاتق المجتمع الدولي واجب حماية الأطفال... الأطفال هم الأكثر ضعفا بيننا. يجب أن تعمل الدول الأعضاء بشكل جماعي لضمان أن الأطفال الأبرياء - بغض النظر عن الحدود التي يقيمون فيها - يمكنهم العيش دون خوف وشيك من الموت والقصف والصدمات التي تستمر مدى الحياة. دعونا نقوم بدورنا. دعونا لا ننسى أبناء أوكرانيا."