منظور عالمي قصص إنسانية

ليبيا: مجلس الأمن يجدد ولاية أونسميل لثلاثة أشهر فقط

ميناء طرابلس، ليبيا.
© UN Photo/Abel Kavanagh
ميناء طرابلس، ليبيا.

ليبيا: مجلس الأمن يجدد ولاية أونسميل لثلاثة أشهر فقط

السلم والأمن

اعتمد مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة بالإجماع، مشروع قرار يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) لمدة ثلاثة أشهر حتى 31 تموز/يوليو.

 

يحافظ نص القرار المعتمد اليوم، والذي يعد تمديدا إجرائيا، على المهام الأساسية المنوطة ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على النحو المنصوص عليه في القرار 2542 المؤرخ 15 أيلول / سبتمبر 2020 والفقرة 16 من القرار 2570 المؤرخ 16 نيسان / أبريل 2021.

يحتوي مشروع القرار على بند جديد يأذن بإعادة هيكلة البعثة وفقا للتوصيات الواردة في تقرير الاستعراض الاستراتيجي المستقل الصادر في 6 آب/ أغسطس 2021 لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ويقرر أن يتولى قيادة البعثة ممثل خاص للأمين العام مقيم في طرابلس، يدعمه نائبان. كما يدعو الأمين العام إلى تعيين ممثل خاص على وجه السرعة.

 يذكر أن الأمين العام لم يحدد بعد خلفا للمبعوث الخاص السابق يان كوبيش، الذي استقال في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أو لمنصب الممثل الخاص الذي من المتوقع أن يحل محل المبعوث الخاص في إطار إعادة الهيكلة المقترحة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وتواصل المستشارة الخاصة ستيفاني ويليامز لقيادة جهود الوساطة على الأرض.

 

صعوبات في التوصل إلى اتفاق

ويبدو أن ديناميكيات المجلس بشأن ليبيا صعبة، وقد أدت إلى مفاوضات صعبة بشأن قرارات تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في الأشهر الأخيرة.

فمنذ أيلول/سبتمبر 2021، جدد المجلس ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ثلاث مرات من خلال تمديدات إجرائية قصيرة المدى بسبب الخلافات بين أعضاء المجلس بشأن طول الولاية، وإعادة هيكلة البعثة، واللغة المتعلقة بتعيين قيادة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

يبدو أن مفاوضات هذا الشهر بشأن تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت صعبة مرة أخرى. إذ عقدت المملكة المتحدة، حاملة القلم بشأن ليبيا، جولة واحدة من المفاوضات في 19 نيسان/أبريل ووزعت أول نسخة منقحة للتعليق حتى 22 نيسان/أبريل. ووضعت نسخة منقحة ثانية في وقت لاحق تحت إجراء الصمت يوم الاثنين (25 نيسان/أبريل) حتى ظهر اليوم التالي.

على ما يبدو، طلبت روسيا تمديد فترة الصمت مرتين ثم كسرت الصمت بعد ظهر يوم الثلاثاء (26 نيسان/أبريل). ثم وزعت المملكة المتحدة نسخة منقحة ثالثة يوم الأربعاء (27 نيسان/أبريل).

فكسرت روسيا الصمت مرة أخرى، مما دفع المملكة المتحدة إلى تأجيل التصويت على مشروع القرار، الذي كان من المقرر إجراؤه يوم أمس (28 نيسان/أبريل)، إلى اليوم (29 نيسان/أبريل). قبل وقت قصير من ظهر يوم 28 نيسان/أبريل، وضعت المملكة المتحدة مسودة رابعة منقحة باللون الأزرق. وقد اعتمدت صباح اليوم.

 

الإمارات تعرب عن الأمل في أن يتم اعتماد قرار موضوعي مستقبلا يتناسب مع مجريات الأحداث في ليبيا

من الأرشيف: مندوبة دولة الإمارات، السفيرة لانا زكي نسيبة.
© UN Photo/Eskinder Debebe
من الأرشيف: مندوبة دولة الإمارات، السفيرة لانا زكي نسيبة.

رحبت دولة الإمارات، على لسان مندوبتها الدائمة لانا زكي نسيبة بقرار تمديد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، شاكرة الملكة المتحدة بصفتها حاملة القلم على جهودها في تيسير المفاوضات التي أفضت لاعتماد القرار.

وقالت إن ذلك "يؤكد مجددا دعم مجلس الأمن لمسار التسوية السياسية الشاملة في ليبيا التي يقودها الأشقاء الليبيون ويتولون زمام أمورها."

وأعربت السفيرة الإماراتية عن تطلع بلادها إلى تنفيذ البعثة لولايتها بشكل فعال في ظل اعتماد المجلس لتوصيات الاستعراض الاستراتيجي وخاصة لأن تعود البعثة إلى العمل بتشكيلتها السابقة. كما شجعت دولة الإمارات أونسميل على أن تكثف من جهودها في الدفع قدما بالعملية السياسية والمسارين الأمين والاقتصادي.

كما أعربت السيدة لانا زكي نسيبة أيضا عن أملها في أن "يتم اعتماد قرار موضوعي ومتكامل يتناسب مع مجريات الأحداث في ليبيا مستقبلا"، مؤكدة أهمية استمرار هذا المجلس في التحدث بصوت واحد لدعم ليبيا وتحقيق تطلعات الشعب الليبي.

 

الولايات المتحدة: اعتماد قرار قصير المدة يخاطر بالسماح للمفسدين بالتشبث بالوضع

أعربت الولايات المتحدة عن خيبة أمل لأن المفاوضات فشلت مرة أخرى في تحقيق اعتماد تفويض موضوعي مدته عام يسمح لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمواصلة عملها في ليبيا بالأساس الذي تحتاجه للنجاح.

السفير جيفري ديلورنتيس، مستشار أقدم للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة.
UN Photo
السفير جيفري ديلورنتيس، مستشار أقدم للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة.

وقال السفير جيفري ديلورنتيس، مستشار أقدم للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية الدائمة عقب تصويته الإيجابي على القرار إن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعد شريكا أساسيا في ليبيا، لا سيما في هذه اللحظة الحرجة عندما بدأ الحوار الذي تيسره الأمم المتحدة في إعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح.

وأضاف أن "القرار المجرد الذي لا يقدم إرشادات بشأن العديد من القضايا الأساسية يرسل رسالة خاطئة إلى الشعب الليبي ويخاطر بالسماح للمفسدين بالتشبث بالوضع الراهن أو ما هو أسوأ."

وأعرب السفير ديلورنتيس عن خيبة أمل خاصة "لأن الوفد الروسي طالب بإزالة عدة عناصر من هذا القرار كان من شأنها أن توفر لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التوجيه والموارد التي تحتاجها بشأن القضايا الحاسمة مثل المصالحة وإصلاح قطاع الأمن."

وقال إن إصرار روسيا على تفويض يستمر لمدة ثلاثة أشهر فقط- الذي يُزعم أنه لتسهيل تعيين الممثل الخاص للأمين العام- سيكون له تأثير عكسي. "تؤدي فترة التفويض القصيرة إلى تعقيد شديد في قدرة الأمم المتحدة على تعيين رئيس للبعثة."

 كما أنه يخلق حالة من عدم اليقين للشعب الليبي وقادته بشأن التزام مجلس الأمن تجاه ليبيا.

المجلس رهينة عضو واحد

وأكد في هذا السياق على أن "المجلس ككل لم يخذل الشعب الليبي اليوم."

إذ كان أربعة عشر عضوا من أعضاء المجلس يدعمون ولاية موضوعية مدتها عام واحد، تعزز قدرة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على تحريك ليبيا نحو الاستقرار والسلام الشامل، بحسب السفير الأمريكي.

وأعرب عن شكر بلاده للمملكة المتحدة على دورها كحاملة القلم وجميع أعضاء المجلس الذين تفاوضوا بحسن نية، وخاصة ممثلو الدول الأفريقية الثلاث الذين ضغطوا من أجل لغة نقدية بشأن المصالحة وإصلاح قطاع الأمن دون جدوى.

"ومن واجب هذا المجلس أن يكفل دمج آراء جميع أعضاء المجلس في المضي قدما وعدم السماح لعضو واحد بجعل الولاية رهينة."

 

لماذا أصرت روسيا على تمديد ولاية أونسميل لـ3 أشهر فقط؟

من الأرشيف: سفير الاتحاد الروسي فاسيلي نيبينزيا.
UN Photo/Eskinder Debebe
من الأرشيف: سفير الاتحاد الروسي فاسيلي نيبينزيا.

رغم أن روسيا قد أيدت مشروع القرار الذي اقترحته المملكة المتحدة بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، كانت لديها العديد من الأسئلة حول عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي أثارتها بنشاط عند التفاوض على المسودة.

وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، عقب التصويت إيجابا على مشروع القرار، "نحن مقتنعون بأن الحفاظ على النمط الحالي لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة في ليبيا أمر غير مقبول في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ الليبي."

لذلك، أصررت روسيا على "وجوب أن يرسل القرار إشارة واضحة لا لبس فيها حول الحاجة لاتخاذ قرار عاجل والبحث عن رئيس جديد لفريق الأمم المتحدة في ذلك البلد."

وقال إننا نعتمد على الأمين العام للاضطلاع بهذه المهمة الحاسمة وتعيين ممثل خاص جديد.

وأوضح أنه "للتعجيل بالعملية، دعونا إلى تمديد الولاية لمدة ثلاثة أشهر فقط، لأنه في غياب ممثل خاص، لم تتمكن البعثة من تقديم دعم كبير للعملية السياسية في ليبيا لأكثر من 6 أشهر."

 

مظاهر الاستعمار الجديد

وحذر من أنه "إذا رأينا أن عملية التعيين تتباطأ مرة أخرى بسبب المصالح اللحظية لشخص ما، فسيتعين علينا التوصل إلى استنتاجات خطيرة إلى حد ما فيما يتعلق بمستقبل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا."

وأعرب السيد نيبينزيا عن أسف بلاده "لأن بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي ليسوا مستعدين لقبول سيناريو يتم فيه توجيه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من قبل ممثل أفريقي. هذا ليس نهجا غير بناء وحسب، بل إنه في الواقع مظهر من مظاهر الاستعمار الجديد."

وقال "يجب ألا ننسى أنه في عام 2011، كان الاتحاد الأفريقي هو الذي دافع عن حل سلمي للأزمة الليبية. لكن الدول الغربية أبعدت الأفارقة عن مسارها وشرعت في تدمير الدولة الليبية،" على حد تعبيره.

 

المملكة المتحدة: روسيا تعزل نفسها

رحبت مندوبة المملكة المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، باعتماد القرار 2629 الذي يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

ورحبت بشكل خاص بقرار تنفيذ الاستعراض الاستراتيجي المستقل، معربة عن تطلعها إلى تعيين ممثل خاص للأمين العام.

وفيما شكرت الغالبية العظمى من أعضاء المجلس على مشاركتهم البناءة ومرونتهم طوال فترة المفاوضات، أشارت إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها بعثتها لتحقيق توافق في الآراء بشأن قرار كان من شأنه أن يوفر للبعثة مزيدا من الاستقرار لتنفيذ ولايتها على مدى فترة أطول.

"للأسف لم يكن هذا ممكنا"، استدركت السفيرة البريطانية قائلة:

"لقد قامت روسيا مرة أخرى بعزل نفسها. من خلال عدم الانضمام إلى توافق الآراء مع الأعضاء الأربعة عشر الآخرين في المجلس، فقد منعت تفويضا أطول لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كما كان قد طلب كل من الليبيين والأمم المتحدة."

 

في هذا السياق دعت السفيرة وودوارد روسيا إلى الوفاء بمسؤولياتها كعضو في هذا المجلس، والانضمام إلى توافق الآراء مع بقية أعضاء المجلس بشأن تفويض موضوعي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في المستقبل.

 

الدول الأفريقية في المجلس  تنادي بتعيين ممثل خاص أفريقي

 

وللمرة الرابعة على التوالي، لم يتمكن مجلس الأمن من الاتفاق على تجديد موضوعي كافٍ للتفويض الذي ينتهي مرة أخرى بتمديد تقني آخر. هذا ما قاله المندوب الغابوني، ميشيل كزافييه بيانغ، أمام الصحفيين في المقر الدائم عقب الجلسة.

سفير غابون الذي تحدث بالنيابة عن البلدان الأفريقية الثلاث في مجلس الأمن (الغابون، غانا وكينيا) أعرب عن الأسف الدول الثلاث "لأن الانقسامات المتزايدة في مجلس الأمن تتكشف في منعطف حاسم في ليبيا يتطلب إجراءات موحدة من مجلس الأمن لإحراز تقدم ملموس في توطيد السلام المستدام الذي يتوق إليه الشعب الليبي."

وحثت الدول الأفريقية الثلاث على لسان سفير غابون الشعب الليبي على "الضغط لعدم السماح بأن تصبح تطلعاته رهينة مثل هذا الانقسام المستوحى من المصالح الذاتية."

ودعت الأطراف في ليبيا إلى الانخراط في حوار شامل وتسوية خلافاتهم سياسيا لأن الخيار العسكري لن يوفر طريقة مستدامة لأسباب هذه الأزمة.

وردا على أسئلة الصحفيين، قال السيد بيانغ إن "الوضع في ليبيا يؤثر بشكل خاص على أفريقيا. الدول الأفريقية المجاورة تعاني من هذا الوضع أكثر من أي مكان في العالم، ويجب أن يكون الأفارقة منخرطون في البحث عن حل للمسائل الأفريقية".

 

وردا على سؤال حول التأخر في تعيين ممثل خاص في ليبيا، قال السفير الغابوني "كل ما أستطيع قوله هو إننا نحث الأمين العام على تعيين مبعوث في القريب العاجل آملين في أن يكون أفريقيّاً".