منظور عالمي قصص إنسانية

دعوة لإجراء تحقيق حيادي وسط "الارتفاع المقلق" في العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل

في بلدة القدس القديمة، المسلمون يغادرون قبة الصخرة بعد صلاة الجمعة.
Edward Parsons/IRIN
في بلدة القدس القديمة، المسلمون يغادرون قبة الصخرة بعد صلاة الجمعة.

دعوة لإجراء تحقيق حيادي وسط "الارتفاع المقلق" في العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل

حقوق الإنسان

أعربت مفوضية حقوق الإنسان عن قلق عميق إزاء تصاعد العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل خلال الشهر الماضي، حيث شهدت عطلة نهاية الأسبوع الماضي إصابة 180 فلسطينيا على يد القوات الإسرائيلية، بما في ذلك 27 طفلا، خلال التوترات في محيط المسجد الأقصى.

 

وفي القدس، بين 15 و 17 نيسان/أبريل، أفادت التقارير بأن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 470 شخصا، من بينهم 60 طفلا، بحسب ما ذكرته رافينا شامداساني المتحدثة باسم المفوضية في مؤتمر صحفي بجنيف. وقد أثارت منظمات الأسرى مخاوف من إصابة بعضهم وقت الاعتقال، وقد مُنع الكثير من المعتقلين من الحصول على مساعدة قانونية.

Tweet URL

وفي تصريحات صحفية من جنيف، قالت رافينا شامداساني إنه حتى الليلة الماضية، وفي وقت مبكر من صباح اليوم، تم الإبلاغ عن مزيد من العنف في محيط المسجد، ومن بين المصابين على يد القوات الإسرائيلية صحفي ورجل مسن وأحد المسعفين.

وفيما يتعلق بالاعتقالات التي جرت بين 15 و17 نيسان/أبريل، أشارت مفوضية حقوق الإنسان إلى أنه تم الإفراج عن جميع هؤلاء الـ 470 الذين تم اعتقالهم، لكن "مُنع معظم المُفرج عنهم من دخول الحرم القدسي أو البلدة القديمة في الأسابيع المقبلة كشرط للإفراج."

وفي حوالي الساعة 6:30 من صباح يوم أمس 21 نيسان/أبريل بالتوقيت المحلي، أفادت التقارير بأن الشرطة الإسرائيلية داهمت ساحات المسجد الأقصى واستخدمت القوة لإخراج الفلسطينيين من المنطقة.

وقالت شامداساني للصحفيين: "يثير سلوك القوات الإسرائيلية الذي شوهد على وجه التحديد في 15 نيسان/أبريل، وتم تسجيله في العديد من مقاطع الفيديو، مخاوف جدية من الاستخدام واسع الانتشار وغير الضروري والعشوائي للقوة."

وأفادت التقارير بأن القوات الإسرائيلية احتجزت عشرات الفلسطينيين داخل المسجد القبلي، وأصيب ستة أشخاص بالرصاص الإسفنجي.

ضرب بالهراوات وإطلاق الرصاص الإسفنجي

بحسب المفوضية، تعرّض عدد من الفلسطينيين للضرب بالهراوات، من بينهم مسنّون ونساء وأطفال وصحفي واحد على الأقل، "الذين لا يبدو أنهم يشكلون أي تهديد للقوات الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال،" كما استُهدفوا بالرصاص الإسفنجي من مسافة قريبة.

وأصيب الكثيرون بكسور في العظام. وأصيب البعض من جرّاء قنابل الصوت بعضها أصاب رؤوسهم مباشرة.

وشددت الناطقة باسم المفوضية على أن استخدام القوة في عمليات إنفاذ القانون محدود للغاية وتحكمه القواعد والمعايير الدولية.

إجراء التحقيق على وجه السرعة

وقالت: "إن استخدام القوة من قبل الشرطة الإسرائيلية الذي يؤدي إلى إصابات كثيرة في صفوف المصلين والطواقم العاملة داخل وفي محيط باحات المسجد الأقصى يجب أن يخضع للتحقيق على وجه السرعة وبحيادية واستقلالية وشفافية."

ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات، ومراجعة السياسات والإجراءات المتعلقة باستخدام القوة بهدف تجنب أي انتهاكات أخرى.

وتابعت تقول: "أثّر التوتر في القدس على مناطق أخرى. بين 18 و21 أبريل/نيسان، أطلقت الجماعات المسلحة الفلسطينية ستة صواريخ وقذيفة هاون باتجاه إسرائيل. وتسبب أحد الصواريخ في إلحاق أضرار بمبنى سكني. وردت إسرائيل بقصف عدة مواقع عسكرية للجماعات المسلحة في أنحاء قطاع غزة. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات في إسرائيل أو غزة."

أسابيع من التوترات

الشرطة الإسرائيلية على مدخل حي الشيخ جراح في القدس.
© UNRWA/Kazem Abu Khalaf
الشرطة الإسرائيلية على مدخل حي الشيخ جراح في القدس.

تأتي هذه الأحداث الأخيرة بعد أسابيع من العنف في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وفي إسرائيل. وفي أخطر الهجمات التي شهدتها إسرائيل منذ سنوات عديدة، قُتل 14 شخصا على أيدي مهاجمين في حوادث وقعت في بئر السبع، وبني براك والخضيرة وتل أبيب. ومن بين القتلى 12 إسرائيليا واثنان من الأجانب.

وفي نيسان/أبريل وحتى الآن، قتلت القوات الإسرائيلية 19 فلسطينيا، من بينهم ثلاثة فتيان وثلاث سيدات وأصابت العشرات بجراح.

وحذرت مفوضية حقوق الإنسان من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في الضفة الغربية، ولاسيّما في جنين، واستخدام الأسلحة النارية من قبل المسلحين الفلسطينيين تعرّض السكان الفلسطينيين لخطر كبير.

وتابعت المتحدثة الأممية تقول: "تثير بعض عمليات القتل، بما في ذلك على وجه الخصوص إطلاق قوات الأمن الإسرائيلية النار على امرأة فلسطينية في حوسان في 10 نيسان/أبريل، مخاوف جدية من الاستخدام المفرط للقوة والحرمان التعسفي من الحياة."

كما كثّفت القوات الإسرائيلية المداهمات وعمليات الاعتقال في أنحاء الضفة الغربية، "مما يثير المخاوف إزاء الاستخدام المفرط للقوة والمعاملة السيئة والاعتقالات التعسفية لأفراد عائلات مطلوبين."

Tweet URL

واحتمالية العقاب الجماعي تثير القلق بحسب المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان، وأوضحت ذلك بالحديث عن رد السلطات الإسرائيلية على الهجمات في إسرائيل، لا سيّما الإجراءات التي فرضتها على محافظة جنين كالقيود واسعة النطاق على الحركة والتدابير العقابية المتخذة ضد أفراد عائلات المهاجمين المشتبه بهم.

وأكدت أن القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يحظران بشكل صارم أي عقوبات من أي نوع ضد الأشخاص أو مجموعات كاملة من الأشخاص على أفعال لم يرتكبوها شخصيا.

وقالت: "نردد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى التهدئة ونحث على إجراء تحقيقات بشأن سقوط قتلى أو جرحى."

وكان السيد أنطونيو غوتيريش قد دعا مرارا، كان آخرها في في 20 نيسان/أبريل، إلى أن تتوقف الاستفزازات على الفور. وقال في بيان "يجب أن تكون الأيام المقدسة الجارية للمسلمين واليهود والمسيحيين فترة سلام وتأمل، وليس فترة تحريض وعنف."

وكرر الأمين العام في بيانه التأكيد على وجوب التمسك بالوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس واحترامه.

كما أكد الأمين العام من جديد على الحاجة إلى "تجنب الاستخدام المفرط للقوة ووقف جميع الإجراءات أحادية الجانب، مثل المستوطنات وعمليات الإخلاء، التي يمكن أن تقوض حل الدولتين."

مايكل لينك: العنف مرتبط "بالاحتلال المترسخ"

في بيان منفصل، قال المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، مايكل لينك إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت ارتفاعا في مستوى العنف المرتبط باحتلال إسرائيل لفلسطين منذ 55 عاما. "التقاعس الدولي في وجه هذه المستويات الجديدة من العنف لن يؤدي إلا إلى تشجيع المزيد مما يحدث الآن."

التقاعس الدولي في وجه هذه المستويات الجديدة من العنف لن يؤدي إلا إلى تشجيع المزيد مما يحدث الآن

وتحدث لينك عن "الاحتلال الإسرائيلي المترسخ" الذي أصبح من المتعذر تمييزه عن ممارسات الفصل العنصري، والذي يقوم على أساس التمييز المؤسسي لمجموعة عرقية قومية إثنية على أخرى.

وقال: "إن العنف والانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان متأصلة في مثل هذه العلاقة غير المتكافئة. يعلّمنا التاريخ درسا مريرا مفاده بأن الحكم الأجنبي المطوّل وغير المرغوب فيه يتم فرضه دائما بالعنف ويقاومه العنف."

وأشار إلى أن العام الماضي شهد أعلى مستويات الوفاة بين الفلسطينيين خلال مواجهات مع الإسرائيليين مرتبطة بالاحتلال - منذ عام 2014 - وكان عدد الأطفال الفلسطينيين القتلى بسبب العنف الإسرائيلي الأعلى في عام 2021 منذ عام 2014. وعدد المنازل الفلسطينية المدمرة بأوامر إسرائيلية في عام 2021 كان الأعلى منذ عام 2016.

وقال لينك: "اختارت إسرائيل تعميق احتلالها من خلال إنشاء 300 مستوطنة في الأرض الفلسطينية المحتلة في انتهاك للقانون الدولي، حيث يعيش 700,000 مستوطن يهودي يتمتعون بحقوق المواطنة القانونية والسياسية الكاملة وسط خمسة ملايين فلسطيني محرومين من الجنسية والحقوق."

دعوة إلى اتخاذ إجراءات قصيرة وطويلة المدى

دعا مايكل لينك المجتمع الدولي إلى الشروع على وجه السرعة في اتخاذ خطوات قصيرة الأجل وطويلة المدى للتصدي للعنف المتصاعد في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.

من بين الإجراءات الفورية وقصيرة المدى التي تحدث عنها:

  • توجيه إسرائيل بإن تنهي حصارها المفروض على غزة المستمر منذ 15 عاما، وتسمح بفتح النقاط الحدودية بحسب ما ينص عليه قرار مجلس الأمن 1860 (2009).
  • توجيه إسرائيل بأن توقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بحسب ما ينص عليه قرار مجلس الأمن 2334 (2016).
  • التوجيه إسرائيل بضرورة اتخاذ خطوات فورية للسماح بحرية حركة الفلسطينيين داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك إزالة نقاط التفتيش والحواجز والقيود على الحصول على التصاريح وشوارع سريعة منفصلة.
  • توجيه إسرائيل بأن تنهي جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الاستخدام غير المتناسب للقوة وهدم المنازل وعمليات الإجلاء، واتخاذ تدابير تضمن المساءلة على عنف المستوطنين والانتهاكات العسكرية للأعراف الدولية بشأن استخدام القوة، ووقف قمع منظمات المجتمع المدني.
  • تمكين السلطة الفلسطينية من إجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

وبالإضافة إلى ذلك، دعا المقرر الخاص المجتمعَ الدولي إلى الشروع في عملية سلام قائمة على الحقوق بين إسرائيل وفلسطين، والتي من شأنها أن تتمحور حول القانون الدولي والقرارات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة.

والهدف النهائي هو الإنهاء السريع والكامل للاحتلال وتحقيق تقرير المصير للفلسطينيين.

وقال لينك في ختام البيان:"لا يمكن عكس هذا الارتفاع المقلق في العنف إلا بتوفير أفق من الأمل، ومن خلال مطالبة المجتمع الدولي الهادفة بوجوب إنهاء الاحتلال بالكامل وبكل سرعة متعمدة."