منظور عالمي قصص إنسانية

اللبنانية زينة صالح تتحدى الأعراف النمطية السائدة وتسهم في تطهير أرض بلادها من الألغام والذخائر غير المنفجرة

زينة صالح تخاطر بحياتها لتحقيق حلمها بجعل بلدها لبنان خالٍ من الألغام.
UNMAS
زينة صالح تخاطر بحياتها لتحقيق حلمها بجعل بلدها لبنان خالٍ من الألغام.

اللبنانية زينة صالح تتحدى الأعراف النمطية السائدة وتسهم في تطهير أرض بلادها من الألغام والذخائر غير المنفجرة

السلم والأمن

يذكّر اليوم الدولي للتوعية بالألغام، الذي يصادف يوم 4 من نيسان/أبريل، الدول بأهمية تخليص العالم من الألغام الأرضية والأجهزة غير المنفجرة التي تهدد المدنيين الأبرياء حتى بعد فترة طويلة من صمت المدافع.

ويعمل موظفو دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام وغيرها من الهيئات الدولية المتخصصة في جميع أنحاء العالم بلا كلل لتطهير وتدمير مئات آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة كل عام.

قد يكون من النادر أن تعمل النساء في مجال إزالة الألغام. وتعد زينة صالح، من دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (UNMAS) في جنوب لبنان، من بين قلة قليلة من النساء اللواتي يعملن في ظروف شديدة الخطورة.

حلم زينة

وبحسب ما أفادت به في حوار مع الزميلة مارغريت يايتس من قسم الفيديو بدائرة التواصل العالمي بالأمم المتحدة، فإن حلمها هو "رؤية لبنان خالٍ من الألغام"، وتطهير أرض الجنوب من أجل تحقيق التنمية المستدامة والسلام الدائم.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حصدت زينة، مع ست شابات أخريات يعملن في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في جميع أنحاء العالم، جائزة الأمين العام للأمم المتحدة لمعالجة اختلال التوازن بين الجنسين في مجال التخلص من الذخائر المتفجرة.

بالنسبة لزينة، فكونها موظفة معنية بالتخلص من الذخائر المتفجرة يعد تجربة مهنية استثنائية.

وقد انضمت زينة إلى دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (UNMAS) في عام 2013 كموظفة معنيّة بإدخال البيانات، وبعد خضوعها للتدريب وحصولها على الشهادات المطلوبة، أصبحت موظفة مسؤولة عن ضمان جودة العمليات.

المهام التي تضلع بها زينة وزملاؤها

ومن بين مهامها تفحص ومراقبة العمل، خلال زيارات ميدانية إلى حقل ألغامٍ في جنوب لبنان يُستخدم كميدان لتدريب خبراء إزالة الألغام في بعثة اليونيفيل.

وتقوم زينة بدعم فرق نزع الألغام في اليونيفيل فيما يتعلق بتدريبها. وتتحقق من العمل الذي يقوم به المتدربون في الميدان، أي أنها تتأكد من أن مهارات المتدربين تتماشى مع المعايير العالمية لإزالة الألغام.

زينة صالح تخاطر بحياتها لتحقيق حلمها بجعل بلدها لبنان خالٍ من الألغام.
UNMAS
زينة صالح تخاطر بحياتها لتحقيق حلمها بجعل بلدها لبنان خالٍ من الألغام.

بعد ذلك، تبدأ زينة في إجراء زيارات أسبوعية لضمان الجودة. وتتحقق من جميع الجوانب وتتأكد إذا كانت العناصر والعمليات بالموقع قد أجريت وفقا لإجراءات التشغيل القياسية (SOPs).

"أنا أحب وظيفتي"، أكدت زينة للزميلة مارغريت، وأوضحت قائلة: "لديّ شغف للأعمال المتعلقة بالألغام. تخونني الكلمات للتعبير عن مدى تعلقي بهذا العمل."

بالإضافة إلى ذلك، تساعد زينة أيضا في رفع مستوى الوعي حول آثار ومخاطر الألغام الأرضية، وإجراء دورات تدريبية حول المتفجرات من مخلفات الحرب (ERWs) والأجهزة المتفجرة المرتجلة (IEDs) لموظفي الأمم المتحدة في لبنان.

تحدي الأعراف الجنسانية النمطية

تعتقد زينة بشدة أن مجال إزالة الألغام يحتاج إلى مزيد من النساء، بغض النظر عن الأعراف الجنسانية السائدة، مشيرة إلى أن النساء يمكنهن القيام بهذه الوظيفة بقدر ما يستطيع أي رجل القيام بها، لكونهن مدرَّبات بشكل صحيح.

وفي حوار سابق مع الزملاء في قسم الإعلام باليونيفيل، أعرب مدير برنامج دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في لبنان والمشرف على زينة، آلان ماكدونالد، عن سعادته بتسلم زينة الجائزة.

وقال في زينة: "نحن محظوظون جدا لأننا وجدنا مثل هذه الشابة الشجاعة بطاقتها وقيادتها - والثقة التي تتمتع بها لتشغل الوظيفة التي كانت قبل 10 سنوات مقتصرة بشكل أساسي على الرجال".

أحد الأسباب التي تدفعها إلى متابعة عملها، تقول زينة للزميلة مارغريت، "هو إعادة الثقة إلى المجتمع – إلى أصحاب الأراضي وأصحاب المصلحة – بأنه قد تم بالفعل تطهير هذه المنطقة وهي خالية من الألغام الأرضية ومخلفات الحرب."

وتركز فرق إزالة الألغام في اليونيفيل على التطهير العملياتي، وتطهير الممرات الآمنة في حقول الألغام من أجل الوصول إلى الخط الأزرق. بعد حرب عام 2006، شاركت بشكل رئيسي في تطهير بساتين وحقول مزارعي جنوب لبنان من المخلفات الإسرائيلية.

اتفاقية حظر استعمال الألغام

وقبل ثلاثين عاماً بالضبط، اجتمع نشطاء المجتمع المدني لإطلاق الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية. وفي غضون خمس سنوات، كان باب التوقيع على اتفاقية حظر استعمال الألغام قد فُتح. واليوم أصبح عدد الدول الموقّعة على الاتفاقية يفوق الـ 160 دولة، وبات استعمال الألغام الأرضية أمراً لا يقبله العالم كله تقريباً.

وبسحب رسالة الأمين العام لهذه السنة بمناسبة إحياء هذا اليوم، فقد جرى تدمير أكثر من 55 مليون لغم، وأعلن أكثر من 30 بلداً من جميع أنحاء العالم خلُوه من الألغام، وانخفضت الخسائر البشرية بشكل هائل.

ولكن العالم لا يزال يعج بملايين الألغام الأرضية المخزونة، ولا تزال أراضي أكثر من 50 بلداً ملوثة بهذا النوع البغيض من الأسلحة.  ولا تزال الألغام والمتفجرات من مخلفاتِ الحرب والأجهزةُ المتفجرة اليدوية الصنع تقتل آلاف الأشخاص كل عام أو تصيبهم بجراح - وكثير منهم من الأطفال.

من سوريا والصومال إلى أفغانستان وكمبوديا .. والآن أوكرانيا

"لا بد لنا أن نفعل المزيد لحماية الناس الذين يعيشون في ظل خطر الذخائر المتفجرة، من سوريا والصومال وأفغانستان إلى ميانمار وكمبوديا وغيرهما"، أكد السيد غوتيريش، مشيرا إلى أنه في أوكرانيا، "سيستغرق التخلص من مخلفات شهر واحد من الحرب – في شكل ذخائر غير منفجرة، وألغام أرضية، وذخائر عنقودية – عقودا من الزمن، ما سيهدد الأرواح بعد أن تصمت المدافع بوقت طويل."

 وتقيد تلك المخلفات اليوم بالفعل إيصال المعونة الإنسانية الطارئة وتمنع الناس من الفرار بحثا عن الأمان.

ودعا الأمين العام في رسالته جميع الدول إلى الانضمام إلى الاتفاقية دون تأخير، قائلا إن على عاتق الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن تحديدا تقع مسؤولية خاصة.

وخلص قائلا:

"فلنبن معاً، في هذا اليوم الدولي، على ما أُحرز من تقدّم في الماضي ولنخلّص العالم من آفة الألغام الأرضية بلا رجعة."

زينة صالح تتحدى الأعراف النمطية السائدة وتساهم في تطهير أرض بلادها من الألغام والذخائر غير المنفجرة