منظور عالمي قصص إنسانية

أوكرانيا: مجلس الأمن يبحث سبل تحسين الوضع الإنساني "البائس" ووقف المزيد من الدمار

رتل من اللاجئين عند المعبر الحدودي بين أوكرانيا ومولدوفا في بالانكا.
© UNICEF/Vincent Tremeau
رتل من اللاجئين عند المعبر الحدودي بين أوكرانيا ومولدوفا في بالانكا.

أوكرانيا: مجلس الأمن يبحث سبل تحسين الوضع الإنساني "البائس" ووقف المزيد من الدمار

السلم والأمن

في جلسة عقدها مساء يوم الثلاثاء في نيويورك، بحث مجلس الأمن الأوضاع في أوكرانيا، حيث استمع إلى آخر المستجدات فيما يتعلق بالوضع الإنساني في البلاد التي تمزقها الحرب منذ 24 شباط/فبراير، وسبل إنهاء معاناة الشعب الأوكراني.

وممثلةً عن الأمم المتحدة، قدّمت السيدة جويس مسويا مساعِدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إحاطة لخصت فيها ما يحدث في البلاد.

وقالت في مستهل كلمتها: "كانت مدن - مثل ماريوبول وخاركيف وتشيرنيهيف وغيرها – مفعمة بالحياة قبل شهر واحد فقط، [الآن هي] مطوّقة وتتعرض للقصف والحصار."

بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اعتبارا من 27 آذار/مارس، لقي 1,119 شخصا حتفهم بمن فيهم 99 طفلا بريئا. وتشير المفوضية إلى أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

ويعاني سكان تلك المدن من نقص في الطعام والماء والدواء والكهرباء والتدفئة. وقالت مسويا: "إنهم عالقون، يائسون وخائفون."

وفي بعض الأحياء، ليس من الآمن دفن الموتى.

وأضافت أن أكثر من 10 ملايين شخص – بمن فيهم أكثر من نصف أطفال أوكرانيا – فرّوا من منازلهم. وهذا يشمل ما يُقدّر بـ 6.5 مليون شخص نزحوا داخل البلاد، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وأشارت مفوضية اللاجئين إلى أن أكثر من 3.9 مليون شخص عبروا الحدود إلى المناطق المجاورة خلال الشهر الماضي.

مارتن غريفيثس يتوجه إلى المنطقة

تأتي جلسة مجلس الأمن بعد يوم من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه طلب من وكيله للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس، التواصل العاجل مع جميع الأطراف حول ترتيبات ممكنة لوقف إطلاق نار لأغراض إنسانية في أوكرانيا.

وقالت مسويا: "السيد غريفيثس تواصل مع الطرفين اللذين رحبا بالمبادرة، وسيسافر إلى المنطقة في غضون أيام."

إنقاذ الحياة

أكدت مسويا أن العمل يتركز على إنقاذ الحياة. وقالت: "زاد النظام الإنساني نطاق العمل لتسليم المساعدات رغم انتشار الصراع. ومنذ 24 شباط/فبراير، وصلت المنظمات الإنسانية إلى حوالي 890,000 شخص عبر أوكرانيا، معظمهم في الشرق، بمساعدات متعددة القطاعات."

وقد حصل الأشخاص على الطعام والمأوى والأغطية والدواء وزجاجات الماء وأدوات النظافة.

وأكدت مسويا أن العمل متواصل على مدار الساعة للوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص المحتاجين للمساعدة.

رتل من اللاجئين عند المعبر الحدودي بين أوكرانيا ومولدوفا في بالانكا.
© UNICEF/Vincent Tremeau
رتل من اللاجئين عند المعبر الحدودي بين أوكرانيا ومولدوفا في بالانكا.

وقالت: "تعمل الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيون بنزاهة وبلا هوادة لدعم المبادئ الإنسانية، والتفاوض على ممر آمن من المناطق المطوّقة وإليها من أجل قضية واحدة: تقديم المساعدة المنقذة للحياة."

وأشارت إلى أن المخاطر الأمنية وتحديات الوصول تعيق الجهود. وقالت: "ثمة اضطرابات في العديد من الطرق ويصعب على القوافل الإنسانية والعاملين في كثير من الأحيان المرور بسبب القصف والقتال والألغام."

استمرار العمل رغم التحديات

ثمّة الآن أكثر من 1,230 من طواقم الأمم المتحدة في البلاد، وتعمل تلك الطواقم عبر المراكز الإنسانية. وثمّة أكثر من 100 منظمة إنسانية تعمل على تنفيذ – أو تخطط لتنفيذ – الأنشطة في كل أقاليم أوكرانيا وفي كل القطاعات.

وقالت السيدة مسويا: "حيث يسمح الوضع الأمني، تفرّغ القوافل الإنسانية حمولتها من المستلزمات التي تمس الحاجة إليها وتوصل المعدات لإصلاح البنية التحتية المتضررة."

في 18 آذار/مارس، وصلت أول قافلة إنسانية بتنظيم من الأمم المتحدة إلى سومي في شمال شرق البلاد. وسلّمت القافلة 130 طنا من المعدات الطبية التي تمس الحاجة إليها، والماء والوجبات الجاهزة، ومعلبات الطعام لـ 350,000 شخص بالإضافة إلى المعدات الضرورية لإصلاح شبكات المياه، الأمر الذي من شأنه أن يحسن الوصول إلى المياه إلى حوالي 50,000 شخص.

ووصلت يوم أمس (28 آذار/مارس) – بعد تأخير بسبب القتال المتواصل – ثاني قافلة أممية إلى خاركيف، وتم تفريغ شحنات من الطعام وغيرها من المواد الإغاثية الضرورية وحزمات الصحة الطارئة والدواء من أجل توزيعها من قبل جمعية الصليب الأحمر الأوكراني.

سيدتان تجلسان على أسرّة مؤقتة في قبو بأوكرانيا.
© UNICEF/Viktor Moskaliuk
سيدتان تجلسان على أسرّة مؤقتة في قبو بأوكرانيا.

وفي عموم البلاد، تم تسليم أكثر من 180 طنا متريا من المستلزمات الطبية وأكثر من 470 طنا متريا في طريقها إلى المحتاجين.

وتستعد الأمم المتحدة لتنظيم المزيد من القوافل الإنسانية في الأيام والأسابيع المقبلة للوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص المحتاجين للمساعدة.

الوصول إلى السيناريو الأسوأ

وقالت المسؤولة الأممية: "نحتاج إلى اتفاقات مفصلة وواقعية بشأن وقف إطلاق النار والوقف (الإنساني) للسماح للمساعدات بالدخول، وللسكان بالخروج."

وأشارت إلى أن الشركاء الإنسانيين متفقون على أنه تم الوصول إلى "السيناريو الأسوأ" وتجاوزه في بعض المناطق.

وقالت: "يجب أن نجد تدابير – من وقفات محلية إلى وقف لإطلاق النار أوسع نطاقا – لإنقاذ الأرواح، وحماية منازل المدنيين من التعرض للهجمات، ومدارسهم ومستشفياتهم."

واختتمت قائلة إن الطعام والطاقة والأمل كل ذلك ينفد من المدنيين. "هدفنا بسيط: إسكات البنادق وإنقاذ الأرواح."

كارثة فوق الأخرى

في إحاطته الافتراضية، تحدث المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، عن "كارثة فوق كارثة" مشيرا إلى انعكاسات الحرب في أوكرانيا على الوضع في أماكن أخرى في العالم، وخاصة الدول التي تعتمد على أوكرانيا وروسيا في الحصول على إمداداتها من الحبوب.

وقال بيزلي، "بدأنا نخفض الحصص لملايين الأطفال والأسر حول العالم في دول مثل اليمن، النيجر ومالي وتشاد وغيرها.. الآن نتحدث عن كارثة فوق كارثة."

وقال إن أوكرانيا وروسيا تنتجان 30 في المائة على الأقل من الإمدادات العالمية من القمح، و20 في المائة من الإمدادات العالمية من الذرة، و75-80 في المائة من زيت بذور عباد الشمس.

وتابع يقول: "50 في المائة من الحبوب التي نشتريها تأتي من أوكرانيا، كنا نغذي 125 مليون شخص قبل أن تحدث الحرب في أوكرانيا، لذلك يمكن تقدير الدمار الذي سيلحق بعملياتنا وحدها." 

ويتوقع برنامج الأغذية العالمية زيادة بمقدار 71 مليون دولار في التكاليف الشهرية بسبب أسعار الوقود وأسعار الغذاء وأسعار الشحن موضحا أن هذا يعني أن عدد الأشخاص الذين سيقدر البرنامج على الوصول إليهم سيقل بمقدار أربعة ملايين شخص، فقط بسبب التكاليف وحدها.

وتابع يقول: "في دول مثل اليمن، هناك اعتماد على القمح الروسي والأوكراني، ومصر تعتمد على الحبوب الأوكرانية بنسبة 85 في المائة، ولبنان بنسبة 81 في المائة.. ستحل علينا أشهر صعبة جدا."

وفيما يتعلق بعمليات البرنامج داخل أوكرانيا، وصل برنامج الأغذية العالمي إلى حوالي مليون شخص، وعلى مدار الأسابيع الأربعة المقبلة سيتم الوصول إلى 2.5 مليون شخص، ومع نهاية أيار/مايو سيكون البرنامج قد وصل إلى أربعة ملايين شخص.

روسيا: سبب مشكلة الغذاء - العقوبات

في كلمته أمام مجلس الأمن، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، إن روسيا تحترم واجباتها الدولية ولا تهدد الأوكرانيين الذين يسلمون سلاحهم. أما الأوكرانيون فلا يترددون في استخدام التعذيب بحق المدنيين حتى الموت من قبل الكتيبة النازية على حد تعبيره.

وقال: "نشعر بقلق بالغ إزاء الإجراءات التي تتخذها كييف لتقضي على أي معارضة من القادة المحليين،" مضيفا أن قائمة المشاكل التي تسببها كييف تطول يوما بعد يوم واليوم.

وفيما يتعلق بأزمة الحبوب، قال الدبلوماسي الروسي إن السبب الحقيقي خلف مشكلة سوق الغذاء العالمية لا تتعلق بروسيا، بل بالعقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا من دون أن يأخذ بعين الاعتبار تأثير ذلك على بلدان الجنوب أو على مواطني روسيا، "وهي محاولة لعزل روسيا اقتصاديا وماليا ولوجستيا، وقطع سنوات من التعاون. وهذا يتحول إلى أزمة إنسانية بأبعاد تاريخية."

وأضاف أن الغرب هو القادر على وضع حد للأزمة، بالرغم من إلقاء اللوم على روسيا.

أوكرانيا: روسيا تتعمد استهداف المناطق السكنية 


من جانبه، قال السفير الأوكراني، سيرغي كيسليتسيا، إن القوات الروسية تتعمد تدمير المناطق السكنية والبنى التحتية الحيوية، والقصف الصاروخي في جميع أنحاء البلاد وحصار المدن وانتهاك ترتيبات الممرات الإنسانية، وترهيب المدنيين، على حد تعبيره. 


وتابع يقول: "أطلقت روسيا 467 صاروخا على مناطق سكنية فقط، والعدد الإجمالي بلغ 1,200، وهذا يشمل صواريخ بالستية، وصواريخ كروز وصواريخ تفوق سرعة الصوت."


وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، أشار السفير الأوكراني إلى أن العالم قلق إزاء إمدادات الغذاء من أوكرانيا، بصفتها واحدة من أهم مصدّري الأغذية في العالم. قبل الحرب، كان يتم تصدير أكثر من 50 في المائة من زيت عباد الشمس من أوكرانيا. وأكثر من 55 في المائة من القمح الأوكراني كان يتم تصديره إلى آسيا و40 في المائة من القمح الأوكراني كان يتم تصديره إلى الدول الأفريقية.
وقال: "حوالي 400 مليون شخص حول العالم، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا يعتمدون على إمدادات الحبوب من أوكرانيا."


لكنه شدد على أن 40 مليون شخص في أوكرانيا قد يواجهون نقصا في الطعام هذا العام. وأكد على أهمية التضامن الدولي مع أوكرانيا، وقال إن الإقرار بأن السبب الرئيسي لأزمة الغذاء الحالية هي الحرب الروسية ضد أوكرانيا أمر مهم في تجنب أسوأ سيناريو على المستوى العالمي.


وأضاف يقول: "العمل الإنساني مطلوب بإلحاح، ولكن في نفس الوقت يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الكارثة الإنسانية في أوكرانيا هي عنصر من استراتيجية الحرب الروسية."