منظور عالمي قصص إنسانية

الأمين العام: التعاون مع الجامعة العربية شرط لا غنى عنه لتعزيز تعددية الأطراف

السيد أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي بشأن التعاون بين المجلس وجامعة الدول العربية.
UN Photo
السيد أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي بشأن التعاون بين المجلس وجامعة الدول العربية.

الأمين العام: التعاون مع الجامعة العربية شرط لا غنى عنه لتعزيز تعددية الأطراف

السلم والأمن

قال الأمين العام للأمم المتحدة إن تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة مع المنظمات الإقليمية شرط لا غنى لتعزيز تعددية الأطراف على الصعيد العالمي، مشيرا إلى أن جامعة الدول العربية تضطلع بدور حاسم في "جميع مجالات عملنا."

جاء حديث السيد أنطونيو غوتيريش خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، صباح اليوم الأربعاء، بتوقيت نيويورك، بشأن التعاون بين المجلس والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية (جامعة الدول العربية.)

وقال إن المنظمتين تركزان بشكل خاص على بناء شراكات أقوى في مجالات المرأة والسلام والأمن ونزع السلاح والوساطة وبناء السلام. وأضاف:

"سنعقد اجتماعنا العام الخامس عشر للتعاون في تموز/يوليو من أجل النهوض بإطار عملنا الذي مدته سنتان، وسنعمل معا على عقد اجتماع قطاعي بشأن تغير المناخ.

وقال الأمين العام إننا نحتاج إلى التآزر والوقوف معا دعما للحلول السلمية متعددة الأطراف، "ولهذا فإن علاقتنا مع جامعة الدول العربية والدعم القوي الذي نتلقاه من أعضائها يكتسيان أهمية- ويحظيان بالتقدير- أكثر من أي وقت مضى."

تأثير الحرب في أوكرانيا على المنطقة العربية

قال الأمين العام إن التعاون بين الأمم المتحدة والجامعة العربية يكتسي صبغة أكثر إلحاحا في خضم التداعيات العالمية العميقة للحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن العديد من البلدان تستورد ما لا يقل عن نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا، بما في ذلك السودان، الصومال، لبنان، اليمن، ليبيا ومصر.

"وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نرى أدلة على أن هذه الحرب تستنزف الموارد وتحول الاهتمام عن بؤر التوتر الأخرى التي هي في أمس الحاجة إلى ذلك."

مشاركة بناءة في مختلف القضايا العربية

ورحب الأمين العام بالمشاركة البناءة للجماعة العربية في ليبيا للمساعدة في الحفاظ على الوحدة والاستقرار، "الذي تحقق بشق الأنفس"، منذ توقيع وقف إطلاق النار الليبي في تشرين الأول/أكتوبر 2020.

وقال إنه يعول على الجامعة العربية وأعضائها لمواصلة إعطاء الأولوية للتوصل إلى اتفاق بشأن عملية سياسية شاملة والمضي قدما في التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2570.

في السودان، قال الأمين العام إن الجامعة العربية والأمم المتحدة ظلتا تعملان معا بشكل وثيق- سواء على المستوى الثنائي أو في سياق مجموعة أصدقاء السودان- لتشجيع الحوار الهادف نحو انتقال شامل وسلمي.

أمهات مشردات داخليا مع أطفالهن يقفلون أمام عيادة متنقلة في مدينة حسكة في شمال شرق سوريا.
© UNICEF

أما في سوريا، فقال السيد غوتيريش إن المنظمتين تعربان عن موقف موحد في سبيل دعم الشعب السوري، "الذي يشعر بأن العالم قد تخلى عنه وهو يدخل العام الحادي عشر من الحرب التي جعلته عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ومنهجي وتركت البلد في حالة خراب."

وشدد على أن السبيل الوحيد لكسر الجمود وتخفيف معاناة الشعب السوري هو اتباع عملية سياسية ذات مصداقية تحقق التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254.

"ويجب أن نواصل العمل على رسم مسار سياسي لإحلال سلام مستدام يتم فيه الاستماع إلى جميع السوريين، ومعالجة المظالم، وإطلاق سراح المحتجزين، وتلبية الاحتياجات. ولا يجب أن يكون هناك أي إفلات من العقاب."

وفي لبنان، أعرب السيد أنطونيو غوتيريش عن امتنانه لجامعة الدول العربية وأعضائها لحثها الحكومة على معالجة أزمة البلد، من خلال إدخال إصلاحات ذات مغزى، وإجراء انتخابات في الوقت المناسب، والتواصل بطريقة بناءة مع صندوق النقد الدولي، والتنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن 1559 و1701.

أما في العراق، فقد رحب الأمين العام بتعزيز التعاون الاستراتيجي بين الحكومة وأعضاء الجامعة، الذي شمل إيفاد بعثة للمراقبة من أجل رصد الانتخابات البرلمانية العراقية في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

أسرة نازحة داخليًا في موقع للنازحين في محافظة الضالع، اليمن.
© UNOCHA/Mahmoud Fadel-YPN

وفي اليمن، قال الأمين العام إنه شعر بخيبة أمل عميقة، خلال الأسبوع الماضي، لأن "نداءنا من أجل اليمن تلقى أقل من ثلث الأموال التي تمس الحاجة إليها."

"ومهما قلت فلن أكون مبالغا في وصف شدة معاناة الشعب اليمني. إن 20 مليون يمني هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية منقذة للأرواح والحماية، على أن النساء والأطفال هم في أمس الحاجة الدعم."

وناشد الأمين العام أعضاء جامعة الدول العربية أن يجودوا بأموالهم في هذه الفترة الحرجة.

كما جدد مناشدته لجميع البلدان العربية إيجاد طرق مبتكرة لتمويل الاحتياجات الإنسانية والإنمائية المتزايدة لأغراض التعافي في جميع أنحاء المنطقة العالم، وتقديم تبرعات سخية، والإفراج فورا عنم الأموال التي تم التعهد بها.

وقال إنه يعول على الجامعة العربية لدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ونزع فتيل التوترات، والنهوض بعملية سياسية شاملة، وتقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية للشعب اليمني.

وفي مواجهة أزمة تمويل كارثية، حث الأمين العام على بذل كل ما في وسعهم كي لا يؤدي الجوع والمجاعة إلى إزهاق أرواح الملايين.

بشأن إسرائيل وفلسطين، أكد الأمين العام التزام الجامعة العربية والأمم المتحدة بإيجاد طريق للمضي قدما في عملية السلام وإنهاء الاحتلال.

بعضا من المباني التي دمرت خلال النزاع المسلح في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، فلسطين.
© UNRWA/Mohammed Hinnawi
بعضا من المباني التي دمرت خلال النزاع المسلح في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، فلسطين.

"ويبقى هدفنا المشترك يتمثل في وجود دولتين- إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية ومتصلة جغرافيا ولديها مقومات البقاء وذات سيادة- تعيشان جنبا إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، على أساس خطوط ما قبل عام 1967، على أن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلتا الدولتين."

وجدد الأمين العام دعوته للدول الأعضاء إلى زيادة دعمها المالي للشعب الفلسطيني ومساهمتها في الأونروا، التي تشكل ركيزة حيوية للاستقرار الإقليمي، على حد تعبيره.

أحمد أبو الغيط يدعو إلى عدم نسيان أو تجاهل القضايا العربية

بدوره، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد أحمد أبو الغيط، عن تقديره للأمين العام للأمم المتحدة "لاهتمامه المتواصل بتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية."

وأعرب عن حرص الجامعة العربية على تعزيز آليات الشراكة مع الأمم المتحدة، والمزيد من التعاون المتبادل مع مجلس الأمن.

أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط يتحدث إلى مجلس الأمن
UN Photo
أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط يتحدث إلى مجلس الأمن

 

وقال إن الجامعة العربية ترى أن الزخم الإيجابي الذي خلقه تقرير الأمين للأمم المتحدة "خطتنا المشتركة" هو "السبيل الأوفق" للانتقال بالمجتمع الدولي إلى آفاق أرحب من العمل المشترك، على حد تعبيره.

ورحب بتشكيل الأمين العام مجلسا استشاريا رفيع المستوى معنيا بالتعددية الفعالة، "ونتطلع إلى توصياته لتعزيز وتطوير العمل الجماعي متعدد الأطراف."

وقال إنه يتطلع إلى انعقاد "قمة المستقبل" التي اقترح الأمين العام عقدها العام القادم، مؤكدا الاستعداد للقيام بدور فاعل في الإعداد لها "ضمانا لمستقبل الأجيال القادمة."

وأعرب السيد أحمد أبو الغيط عن أمله في ألا تؤثر القضايا الأخرى التي يشهدها العالم على تناول مجلس الأمن للقضايا والأزمات على مستوى العالم عموما وعلى مستوى المنطقة العربية على وجه الخصوص:

"إن لدينا خشية كبيرة من أن يتم نسيان أو تجاهل أزمات المنطقة العربية في وسط هذا الوضع الدولي المتوتر... إن المنطقة العربية لا تزال تعاني من الهزة الكبرى التي تعرضت لها في عام 2011.. وثمة صراعات ما زالت مشتعلة داخل دول مثل سوريا وليبيا واليمن."

وقال السيد أبو الغيط إن التطورات على الساحة الدولية "جعلت الكثيرين في المنطقة العربية ينظرون إلى معاناة الشعب الفلسطيني بعين جديدة، إذ امتدت هذه المعاناة لما يزيد على السبعين عاما... ما بين القمع واللجوء وانتهاك الحقوق والحريات من دون أفق حقيقي للحل."

كما تطرق السيد أبو الغيط إلى الوضع في سوريا وليبيا واليمن.

منظمة متخصصة للشباب 

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الجامعة العربية تولي أهمية بالغة لتدريب الشباب في المنطقة العربية.

وأيد اقتراح الأمين العام الوارد في تقرير "خطتنا المشتركة" للارتقاء بوضعية المبعوث الخاص للأمين العام للشباب، وتعزيز سلطته واختصاصاته، "وربما البدء في النظر، حسبما اقترحت بعض الدول، في إقامة وكالة أو منظمة متخصصة للشباب على غرار هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تعزيزا لدور الشباب الرئيسي في النهوض بمجتمعاتنا العربية."

رسالة من الشباب العربي

تحدثت في جلسة مجلس الأمن أيضا الشابة السعودية رزان فرحان العقيل ممثلة عن المجتمع المدني، قائلة: "أنا واحدة من أكثر من 100 مليون شابة وشاب عربي."

الشابة رزان فرحان العقيل تتحدث إلى مجلس الأمن.
UN Photo
الشابة رزان فرحان العقيل تتحدث إلى مجلس الأمن.

وأكدت على أهمية مشاركة الشباب في تنفيذ أولويات الأمم المتحدة في المجالات الثلاثة الرئيسية: "حفظ السلم والأمن الدوليين؛ التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ والحريات الأساسية والحكم الرشيد."

وأشارت إلى أن كل هذه العناصر تترابط مع بعضها لتحقق عماد العمل الدولي متعدد الأطراف والامن الدولي المفقود. ومضت بالقول:

"نحن جيل الشباب العربي نرسل رسالة إلى جيل القيادات هنا في القاعة (مجلس الأمن) والعالم،" مؤكدة على عدد من التوصيات:

رسالة من الشباب العربي تحملها الناشطة الشابة السعودية رزان فرحان العقيل

أولا، مشاركة الشباب في كافة مراحل العمل الأممي من الدبلوماسية الوقائية إلى الإنذار المبكر، منع نشوب النزاعات، إدارة النزاعات، حفظ السلام، حل النزاعات في مفاوضات السلام، بناء السلام بعد النزاع، وفي تحقيق استدامة السلام وضمان عدم العودة إلى النزاعات.

ثانيا، ضرورة العمل على تسوية التحديات العربية الرئيسية المطروحة أمام مجلس الأمن، والتي تستنفد طاقات العالم العربي، حتى نتمكن من توجيه الموارد المالية والبشرية نحو التنمية.

ثالثا، مشاركة الشباب في تنفيذ أولويات الأمم المتحدة في المجالات الثلاثة الرئيسية (المذكورة آنفا).

رابعا، تعزيز مشاركة الشباب في رسم السياسات والخطط الوطنية والإقليمية من خلال آليات واضحة للعمل العربي والدولي وأهمية مشاركة الشباب في تنفيذها.

خامسا، لا تكتمل مشاركة الشباب إلا بمشاركة المرأة في كافة الجهود.

وخاطبت رزان فرحان العقيل أعضاء مجلس الأمن بالقول: "نحن أبناؤكم وقرارات شملنا تؤكد إيمانكم بقدراتنا."

الإمارات العربية تدعو إلى زيادة التنسيق بين الجامعة العربية والأمم المتحدة

بدوره، قال وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، خليفة شاهين، الذي ترأس جلسة المجلس، إن هذه الجلسة تكتسب أهمية خاصة، "حيث إن عددا كبيرا من القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن هي قضايا عربية."

خليفة شاهين، وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، يترأس مجلس الأمن الدولي.
UN Photo
خليفة شاهين، وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، يترأس مجلس الأمن الدولي.

 

وأشار إلى أن استمرار الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والأزمات الأخرى في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان والسودان والصومال كل ذلك يفرض تكلفة باهظة على المنطقة، سياسيا، واقتصاديا، وإنسانيا، ويزيد من مخاطر احتقان الوضع في المنطقة والعالم بصورة خطيرة.

وتحدث عن أهمية دور الجامعة العربية قائلا:

"جامعة الدول العربية هي منظمة عريقة، أكملت يوم أمس عامها السابع والسبعين، منذ تأسيسها في عام 1945، لتمتلك بذلك تاريخا طويلا ومعرفة عميقة بتحديات المنطقة وشواغل دولها، مما يؤهلها لتكون طرفا أساسيا في دعم تنفيذ ولاية مجلس الأمن في صون السلم والأمن الدوليين."

وشدد السيد خليفة شاهين على ضرورة زيادة التنسيق والتشاور بين المجلس والجامعة. ولتحقيق هذه الغاية، أكد الوزير الإماراتي على ضرورة تعزيز مكتب الاتصال التابع للأمم المتحدة لدى الجامعة وتزويده بالموارد والإمكانيات اللازمة ليتمكن من تحقيق أهدافه.

المجموعة العربية في نيويورك

السفير عبد الله السعدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة تحدث في جلسة مجلس الأمن، نيابة عن المجموعة العربية في نيويورك، قائلا إن المجموعة العربية تؤمن بأن الجهود المنسقة والصادقة بين الجهات الفاعلة الرئيسية على المستويين الدولي والإقليمي هي السبيل الأمثل لتعزيز جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة العربية.

وأكد على استمرار دعم المجموعة للجهود المشتركة لمجلس الامن والجامعة العربية في هذا الإطار، "حتى تنعم دولنا بالسلام والأمن والازدهار."

كما أكد على ضرورة تكثيف المشاورات والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية بين مجلس الأمن وأعضاء الجامعة العربية بهدف التشاور وتبادل الرؤى والمعالجات للقضايا العربية المطروحة على المجلس.