منظور عالمي قصص إنسانية

روزماري ديكارلو تحذر من أن يؤدي استمرار المواجهة على شرعية السلطة في ليبيا إلى تقويض احتمالات تنظيم الانتخابات

من الأرشيف: طفل يعدو بين الركام في مجمع باب الزاوية في طرابلس، ليبيا.
© UNICEF/Giovanni Diffidenti
من الأرشيف: طفل يعدو بين الركام في مجمع باب الزاوية في طرابلس، ليبيا.

روزماري ديكارلو تحذر من أن يؤدي استمرار المواجهة على شرعية السلطة في ليبيا إلى تقويض احتمالات تنظيم الانتخابات

السلم والأمن

حذرت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، السيدة روزماري ديكارلو من مغبة أن يؤدي استمرار المواجهة على شرعية السلطة التنفيذية في ليبيا إلى نشوء إدارتين متوازيتين من جديد، "مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وإلى اضطرابات محتملة ويعصف باحتمالات تنظيم الانتخابات."

وتحدثت السيدة ديكارلو، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، بشأن الوضع في ليبيا، حيث سلطت الضوء على التطورات الجوهرية التي طرأت في البلاد، منذ آخر إحاطة قدمتها لمجلس الأمن، في 24 كانون الثاني/يناير، بشأن الوضع في البلاد.

وقالت إن الأمم المتحدة تبذل جهودا كبيرة لتسوية هذه الأزمة، من خلال جمع أصحاب المصلحة الليبيين للتوافق على أساس دستوري لإجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة.

وشددت على أن أولوية الأمم المتحدة تتركز على الوفاء بطموحات أكثر من 2.8 مليون ليبي ممن سجلوا للمشاركة في التصويت. "يجب أن يستطيعوا اختيار قادتهم من خلال انتخابات ذات مصداقية وشفافة وشاملة، وفقا لإطار قانوني ودستوري متفق عليه."

وقالت إن المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، السيدة ستيفاني وليامز، واصلت مشاوراتها مع نطاق واسع من الجهات الفاعلة السياسية والأمنية الليبية والمجتمع المدني.

وتركز الأمم المتحدة في جهودها على بناء توافق في الآراء بين المؤسسات الليبية لعقد انتخابات في أقرب فرصة ممكنة، مشيرة إلى أن المستشارة الخاصة قدمت مساعيها الحميدة للأطراف الليبية لتخطي الجمود السياسي.

تطورات مقلقة

أشارت وكيلة الأمين العام إلى حدوث تطورات مقلقة منذ التصويت على منح الثقة الذي جرى في مجلس النواب في الأول من آذار/مارس.

"لا تزال الرحلات الجوية المحلية بين طرابلس والمدن في شرق ليبيا معلقة، بينما تحركت القوات في غرب ليبيا التي تدعم كلا من من الجانبين يومي 9 و10 آذار/مارس باتجاه العاصمة. وقد انخرطت المستشارة الخاصة مع الجانبين وتمكنت من تخفيف حدة التوترات."

وجددت دعوة الأمم المتحدة إلى الطرفين للدخول في حوار بناء لحل الجمود السياسي والامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانقسامات، على حد تعبيرها.

على المسار الأمني، قالت ديكارلو إن اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 تواصل اتخاذ خطوات لتنفيذ خطة عملها بشأن انسحاب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا. "ويواصل مكون مراقبة وقف إطلاق النار التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا العمل بشكل وثيق مع اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لإنشاء مركز عملياتي في سرت."

روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، تقدم إحاطة أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن السلام والأمن في أفريقيا.  (من الأرشيف)
UN Photo/Manuel Elias
روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، تقدم إحاطة أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن السلام والأمن في أفريقيا. (من الأرشيف)

 

حالة حقوق الإنسان في ليبيا

في هذا الصدد، قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام إن حالة حقوق الإنسان في ليبيا لا تزال مقلقة للغاية. "فقد لاحظت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا زيادة في خطاب الكراهية والتشهير والتهديدات، فضلا عن التحريض على العنف وأعمال العنف ضد النشطاء والصحفيين والفاعلين السياسيين، بما في ذلك النساء."

وأشارت إلى أن الجهات الحكومية وغير الحكومية واصلت اعتقال نشطاء حقوق الإنسان واحتجازهم بشكل تعسفي، مع الافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة في المحاكم العسكرية.

وأفادت بأن السلطات الليبية تواصل اعتراض المهاجرين واللاجئين في البحر ونقلهم إلى مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية، "حيث يُقال إنهم يعانون من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. كما تم الإبلاغ عن حالات وفاة في الحجز، والتعذيب، والجوع، والابتزاز."

وجددت الأمم المتحدة استعدادها للعمل مع السلطات الليبية لتقوية الحوكمة في مجال الهجرة ومراقبة الحدود بما يتماشى مع القانون الدولي وبالتعاون مع الشركاء الدوليين.

لجنة الجزاءات بشأن ليبيا

Tweet URL

وخاطب جلسة مجلس الأمن أيضا، المندوب الدائم للهند لدى الأمم المتحدة، السفير تي إس تيرومورتي، بصفته رئيس لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1970 لعام 2011 بشأن ليبيا.

وقدم إحاطة بشأن آخر تطورات عمل اللجنة، بدءا بتدابير حظر توريد الأسلحة، مشيرا إلى أن اللجنة تلقت رسالة من الإمارات العربية المتحدة، "حيث قررت إبلاغ اللجنة بنقل مواد غير فتاكة... للمساعدة الأمنية والمساعدة في عملية نزع السلاح."

وأضاف أن اللجنة تنظر إلى طلب إعفاء قدمته ألمانيا، "يشتمل على إمداد الأسلحة الخفيفة والصغيرة وما يتصل بها من مواد سيتم تصديرها، بشكل مؤقت إلى ليبيا بغية استخدامها... من قبل مجموعة الأمم المتحدة وقد استجابت اللجنة للطلب."

أما فيما يتعلق بتجميع الأصول، فأشار السفير الهندي إلى أنه ما من قرارات سلبية اتخذت من قبل اللجنة.

من ناحية أخرى، قال إن اللجنة تنظر في رسائل تلقتها من ليبيا وبلجيكا حول قضايا تتصل بالأصول المجمدة للمؤسسة الليبية للاستثمار.

أما فيما يتصل بالتدابير التي تستهدف منع التصدير المشروع للنفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، فقد تلقت اللجنة رسائل من ليبيا، "بشأن محاولة يزعم أنها سعت إلى تصدير النفط الخام بشكل غير مشروع خارج نطاق المؤسسة الوطنية للنفط."

أما فيما يتعلق بقائمة الجزاءات، تلقت اللجنة طلبا برفع أسماء خمسة أفراد من قائمة الجزاءات.

تراجع حقوق المرأة الليبية

استمع مجلس الأمن كذلك إلى إحاطة من السيدة جازية جبريل شعيتير، والتي بدأت حديثها بتعريف نفسها قائلة: "أنا الأكاديمية والناشطة الحقوقية والمرشحة للانتخابات البرلمانية القادمة."

وقالت الناشطة الليبية إن الانسداد القائم بشأن العملية السياسية يأتي في صدارة شواغل الشعب الليبي، معربة عن الأمل في أن يوصي مجلس الأمن بأهمية الحفاظ على الاستقرار والسلام وإعادة بناء التوافق بين الأطراف السياسية الليبية.

وأعربت عن "تقدير الشعب الليبي" للجهود المبذولة من قبل المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا، للخروج من الانسداد السياسي، من خلال مبادرتها بشأن دعم المسار التوافقي لكل من مجلس النواب والدولة.

وأشارت إلى أن إقرار دستور دائم في البلاد يمثل أيضا من الشواغل التي تقض مضاجع الشعب الليبي، "فقد عجز جميع الساسة المعينين والمنتخبين عن الوصول إلى دستور توافقي وقد كان الانسداد الدستوري سببا في إطالة عمر المرحلة الانتقالية، مما ترتب عليه ما نراه حاليا من انسداد سياسي."

وقالت إن الشعب الليبي "حرم من حقه" في الاستفتاء على دستور دائم للبلاد، "نتيجة لتعنت جميع الأطراف المعنية وهو ما جعل كل الحقوق والحريات عرضة لأهواء السلطات التشريعية والتنفيذية."

من ناحية أخرى أشارت الناشطة الليبية إلى "تراجع" حقوق المرأة الليبية بنسبة كبيرة خلال هذه الفترة.

وقالت إن الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور "أغفلت" تضمين مسألة إنشاء مجلس أعلى للمرأة، مضيفة أن السلطة التشريعية الحالية "تماطل" في إصدار مشروع قانون حماية المرأة من العنف المقدم لهم من قبل مجموعة نسوية مدنية أشرفت على صياغته من خلال دعم مقدم من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.

السفير الليبي يشدد على ضرورة أن تكون الحلول المقترحة وافية وشاملة

بدوره، أشار مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، طاهر السنّي، إلى أن بلاده تمر "بمرحلة حرجة جدا ومفترق طرق خطير، وشبح الانقسام السياسي والمؤسساتي يخيم علينا من جديد، يأتي هذا بعد عام من اتفاق جنيف وما نتج عنه من مخرجات، وبعد جهود محلية ودولية عديدة دامت أشهر."

وقال السني إن هذا الانسداد السياسي يأتي في "وقت رأينا فيه بداية توافق مجتمعي ونهاية للحرب ومظاهر الصراع المسلح."

وأوضح أن الخلاف وغياب التوافق الحقيقي لا يزالان يشكلان السمة الأساسية في المشهد السياسي الحالى، مشيرا إلى أن ذلك "ناتج عن التجاذبات السياسية وتعايش البعض على الأزمات، ويغذيها كثير من التدخلات الدولية السلبية، تدخلات من دول نقلت صراعاتها الينا، وأصبح استقرارنا رهينة توافقاتها ومصالحها."

ودعا المندوب الليبي كل الجهات الدولية والمحلية الفاعلة وبالأخص الأمم المتحدة، إلى دعم جهود المفوضية العليا للانتخابات وإرسال فرقها الخاصة بتقييم الاحتياجات، من أجل الترتيب للاستحقاقات القادمة بوقت كاف، على حد تعبيره.

وأوضح أن ذلك سيرسل "رسالة واضحة للجميع عن جدية المجتمع الدولي في إنجاز الانتخابات العامة عندما تسمح الظروف."

وذكّر المندوب الليبي "بأن المشكلة في ليبيا ليست فقط قانونية، بل هي مشكلة سياسية ومجتمعية متراكمة منذ سنوات،" مشددا على أن أي حلول مقترحة يجب أن تكون وافية وشاملة.                                                   

"لذا نؤكد ترحيبنا بكل الجهود المحلية والدولية لإيجاد حلول سلمية للأزمة الراهنة، بالأخص الجهود المبذولة للعمل على جلوس الفرقاء على طاولة الحوار."

ودعا طاهر السني جميع أبناء الشعب الليبي إلى إعلاء صوت العقل والحكمة، والابتعاد عن فخ الحرب والفتنة على حد تعبيره.