منظور عالمي قصص إنسانية

36 جهة مانحة تتعهد بتقديم نحو 1.3 مليار دولار لليمن من أصل 4.3 مليار دولار مطلوبة للاستجابة الإنسانية

فتيات صغيرات في مخيم للنازحين بالقرب من مدينة مأرب في اليمن.
© WFP/Annabel Symington
فتيات صغيرات في مخيم للنازحين بالقرب من مدينة مأرب في اليمن.

36 جهة مانحة تتعهد بتقديم نحو 1.3 مليار دولار لليمن من أصل 4.3 مليار دولار مطلوبة للاستجابة الإنسانية

المساعدات الإنسانية

تعهدت 36 جهة مانحة بتقديم ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي للاستجابة الإنسانية في اليمن. من بين أعلى التعهدات: الولايات المتحدة أعلنت تقديم 584.60 مليون دولار والمفوضية الأوروبية 173.03 مليون دولار وألمانيا 123.60 مليون دولار. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد ناشد جميع المانحين خلال مؤتمر التعهدات من أجل اليمن "أن يساهموا بسخاء" لانتشال الملايين من الفقر والعوز والجوع والمرض. وستتضمن خطة الاستجابة الإنسانية برامج منسقة بشكل جيد للوصول إلى 17.3 مليون شخص بمساعدة قدرها 4.27 مليار دولار.

وسيوفر هذا التمويل التغذية لما يقرب من سبعة ملايين شخص؛ والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحماية لأكثر من 11 مليون شخص؛ والرعاية الصحية لما يقرب من 13 مليون شخص؛ والتعليم لأكثر من خمسة مليون طفل.

وقال السيد غوتيريش "إن تبرعاتكم هي شريان حياة أساسي للشعب اليمني."

جاء ذلك خلال المؤتمر الذي استضافته الأمم المتحدة يوم الأربعاء (16 آذار/مارس) مع كل من السويد وسويسرا. وأضاف قائلا: "أشكر حكومتي السويد وسويسرا على استضافتهما معا هذا المؤتمر مرة أخرى، كما أشكر ممثلي الحكومات والمنظمات الحاضرين معنا اليوم على تضامنكم مع الشعب اليمني."

وحث جميع المانحين على تمويل النداء بالكامل والالتزام بصرف الأموال بسرعة. "يجب علينا، من منطلق المسؤولية الأخلاقية وكرم الإنسان ورحمته بأخيه الإنسان وبوازع التضامن الدولي ولكون الأمر مسألة حياة أو موت، أن ندعم الشعب اليمني الآن."

معاناة إنسانية "لم تهدا وطأتها"

أشار السيد غوتيريش إلى أنه ربما يكون اليمن قد انحسرت عنه عناوين الأخبار، لكن المعاناة الإنسانية فيه لم تهدأ وطأتها.

"منذ سبع سنوات يواجه الشعب اليمني الموت والدمار والتشريد والتجويع والإرهاب والانقسام والعوز على نطاق هائل."

وأضاف أن عشرات الآلاف من المدنيين - منهم ما لا يقل عن 10,000 طفل – لقوا حتفهم، وغدت الحياة بالنسبة لملايين النازحين داخليا صراعا يوميا من أجل البقاء، وتردى الاقتصاد إلى أعماق جديدة من اليأس.

وعلاوة على ذلك، لن تؤدي الحرب في أوكرانيا "إلا إلى تفاقم كل ذلك مع الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية والوقود وغيرها من الضروريات."

20 مليون شخص في فقر مدقع

يواجه الملايين في اليمن الجوع الشديد، واضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض حصص الإعاشة إلى النصف بسبب نقص الأموال، ويلوح في الأفق احتمال خفضها مجددا.

ويعيش اثنان من كل ثلاثة يمنيين – 20 مليون رجل وامرأة وطفل – في فقر مدقع. وتابع السيد غوتيريش يقول: "وراء هذه الحقائق والأرقام الرهيبة يوجد بلد في حالة خراب، نسيجه الاجتماعي ممزق وآماله في المستقبل محطمة."

ويهدد تصاعد الأعمال العدائية بزيادة الاحتياجات الإنسانية وتقليص آفاق السلام.

امرأة تجلس مع ابنها في منزل العائلة المؤقت في لحج ، اليمن.
© WFP/Hebatallah Munassar
امرأة تجلس مع ابنها في منزل العائلة المؤقت في لحج ، اليمن.

حاجة للمساعدات

ساهم المانحون في العام الماضي بأكثر من 2.3 مليار دولار في خطة الاستجابة في اليمن.

وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة يقول: "بسبب سخائكم، تلقى ما يقرب من 12 مليون شخص مساعدة منقذة للحياة كل شهر في عام 2021."

ومن خلال العمل مع أكثر من 200 منظمة إنسانية – معظمها من المنظمات غير الحكومية اليمنية – تم الوصول إلى المجتمعات المحلية الضعيفة في كل مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية.

وتابع السيد غوتيريش يقول: "وسعنا نطاق عملياتنا في مأرب بدعم إضافي من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ – الذي خصص بالفعل أكثر من 230 مليون دولار لليمن منذ عام 2015."

أزمة تمويل شديدة

ساعد دعم المانحين في منع اليمن من زيادة الانزلاق إلى الهاوية. ولكن أزمة التمويل الآن تهدد بحدوث كارثة، بحسب السيد غوتيريش.

"ففي الأشهر الأخيرة اضطررنا إلى تقليص أو إغلاق حوالي ثلثي البرامج المنقذة للحياة. وخُفضت للتو الحصص الغذائية لثمانية ملايين شخص، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة."

وفي الأسابيع المقبلة، قد يفقد ما يقرب من أربعة ملايين شخص في المدن الكبرى إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة.

وحذر الأمين العام من فقدان مليون امرأة وفتاة إمكانية الوصول إلى الخدمات في مجالي الصحة الإنجابية والعنف الجنساني – "وهو حكم بالإعدام في بلد تموت فيه امرأة واحدة كل ساعتين بسبب المضاعفات التي تحدث أثناء الحمل والولادة لأسباب يمكن الوقاية منها."

إذا كان السماح للحرب بالاستمرار هو أحد الخيارات، فإن إنهاءها هو أيضا خيار من الخيارات -- الأمين العام للأمم المتحدة

ودعا الأمين العام إلى معالجة الدوافع الكامنة وراء الحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وكسر دوامة العنف وتغيير مسار اليمن.

وقال: "هذا يعني تحقيق الاستقرار في الاقتصاد واستعادة الخدمات الأساسية. ويعني دعم الجهود التي يبذلها مبعوثي الخاص لمساعدة الأطراف على إيجاد حل سلمي للصراع. ويعني وضع حد فوري للأعمال العسكرية. ولا وجود لحل عسكري."

لكنه أشار إلى التعدد في خطوط المواجهة، وأعداد متزايدة من الضحايا المدنيين وعدم استقرار يتفشى على نطاق المنطقة بأسرها.

وناشد الأطراف أن يختاروا السلام، مذكّرا جميع أطراف الصراع في كل مكان بأن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

وأضاف يقول: "إذا كان السماح للحرب بالاستمرار هو أحد الخيارات، فإن إنهاءها هو أيضا خيار من الخيارات."

وأكد على التزام الأمم المتحدة والشركاء في جميع أنحاء اليمن، بضمان أن تكون الاستجابة الإنسانية فعّالة ومحكومة بمبادئ وخاضعة للمساءلة.

"ونحن مستعدون لمواصلة دعم الشعب اليمني – لكن لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا. إننا بحاجة إلى مساعدتكم."

نازحات يطبخن خارج منزلهن في المخا، اليمن.
© WFP/Mohammed Awadh
نازحات يطبخن خارج منزلهن في المخا، اليمن.

حان الوقت لمضاعفة الجهود

بعد أكثر سبعة أعوام من الحرب، يواجه 23 مليون يمني الجوع والمرض وغيرها من المخاطر التي تهدد الحياة – وهي زيادة بنسبة 13 في المائة مقارنة بعام 2021 – مع انهيار الخدمات الأساسية في البلاد والاقتصاد.

وسيواجه حوالي 161,000 شخص قريبا مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وهو نذير بمصير 7.1 مليون شخص لا يزالون على بُعد خطوة واحدة فقط من هذه المرحلة النهائية من الأزمة الإنسانية.

 

قال وكيل الشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، هذا العام سيحتاج ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان اليمن – وسيعتمدون - على المساعدات الإنسانية والحماية من أجل البقاء على قيد الحياة.

وأضاف أن ذلك يمثل زيادة بنسبة 13 في المائة في سنة واحدة عما كان بالفعل رقما مفزعا.

إنني أدعوكم هنا إلى حشد تلك الروح، ذلك الترحيب، هذا الكرم، لشعب اليمن -- مارتن غريفيثس

وقال إن العالم يحتاج إلى تعزيز العمليات الإغاثية لجعلها فعّالة وخاضعة للمساءلة قدر الإمكان: "إنني أدعوكم هنا إلى حشد تلك الروح، ذلك الترحيب، هذا الكرم، لشعب اليمن."

وأشار إلى أن نداء هذا العام يستند إلى ثلاثة تقييمات جديدة للاحتياجات على مستوى الدولة، "مما يمنحنا قاعدة أدلة أكثر صرامة لدينا في مكان.. كما نعلم جميعا، حيث يصعب جدا جمع البيانات."

وأعلن السيد إجنازيو كاسيس، رئيس سويسرا ووزير الخارجية أن بلاده ستساهم بـ 15.8 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في اليمن: "لقد حان الوقت لأن نضاعف جهودنا. نحن بحاجة إلى ضمان التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية. ويجب أن نضمن وصول مساهماتنا إلى المحتاجين في أسرع وقت ممكن."

وأضاف أننا نتحدث هنا عن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. وأشار إلى أن فريقا إنسانيا سويسريا توجه إلى اليمن قبل عدة أسابيع، وأبلغ عن مخاطر بسبب انهيار البنية التحتية الحيوية المحدودة.

وقال: "مساهماتنا المالية ليست كافية لرفع المعاناة عن الشعب اليمني. أولا وقبل كل شيء، ثمّة حاجة عاجلة لإنهاء هذا النزاع، يجب تحقيق وقف إطلاق النار بدون تأخير."

من جانبها، قالت وزيرة خارجية السويد، السيدة آن ليندي أن اليوم يمثل فرصة للمجتمع الدولي ليظهر أن الالتزام الإنساني لا يزال ثابتا: "لا يجب نسيان شعب اليمن في الوقت الذي يتجه فيه الكثير من اهتمام العالم حاليا نحو صراعات وأزمات أخرى. في وقت تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية في اليمن، هناك حاجة إلى الدعم الدولي أكثر من أي وقت مضى ويجب أن يستمر. هذه مسؤولية مشتركة لنا جميعا."

وأعلنت أن بلادها سترفع مقدار التعهدات من السنة الماضية، وسيصل التخصيص الأولي لعام 2022 إلى أكثر من 35 مليون دولار أميركي، وقد يتم تخصيص المزيد خلال العام.

وأكد المشاركون على أن الأهم من كذلك هو حاجة الشعب اليمني للسلام – بدونه، سيظل محكوم على الملايين العيش في مستويات شديدة من الفقر والجوع والمعاناة.

صبي يقف في الداخل المتضرر من مبنى قريب من خط المواجهة النشط في تعز، اليمن. (الأرشيف)
© UNOCHA/Giles Clarke
صبي يقف في الداخل المتضرر من مبنى قريب من خط المواجهة النشط في تعز، اليمن. (الأرشيف)

 

رئيس الوزراء اليمني: المؤتمر رسالة طمأنة للشعب

في كلمة افتراضية، قال السيد معين عبد الملك سعيد، رئيس وزراء اليمن، إن اليمنيين يواجهون بعد سبع سنوات من الحرب ظروفا معقدة تفوق قدراتهم على تجاوزها.

وأضاف يقول: "لقد مثّل الدعم الإنساني الذي قدمتموه خلال الأعوام الماضية نافذة أمل لليمنيين عامة، ووفرت الأموال التي رصدتموها مساعدات منقذة للحياة في مختلف المناطق في اليمن."

وأشار إلى التطلع إلى استمرار وزيادة الدعم، محذرا من أن أي تقليص لبرامج الدعم الحيوية سيضاعف من الضغوط والتحديات على المواطن اليمني.

وأوضح أن هذا المؤتمر هو بمثابة اختبار للإنسانية وليكون برهانا على التضامن الدولي ولإيصال رسالة طمأنة للشعب اليمني أن "الأشقاء والأصدقاء من الدول والمنظمات المانحة والشركاء لن يخذلوه."

ودعا إلى وضع دعم الاستقرار الاقتصادي على رأس الأولويات. وتابع يقول: "ندرك جميعا بأن الحل للأزمة الإنسانية يكمن في إيقاف الحرب والانتقال إلى مسار سياسي شامل للسلام. فآثار الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي كارثية، على كل المستويات."

أنجيلينا جولي تتحدث عما شاهدته في اليمن

قالت مبعوثة مفوضية شؤون اللاجئين، آنجلينيا جولي، إنها زارت اليمن قبل عشرة أيام، والتقت بقسم صغير من الملايين الأربعة النازحين بسبب النزاع.

ووصفت ما رأته خلال زيارتها قائلة: "زرت موقع إيواء غير رسمي تعيش فيه 130 أسرة. فقط 20 منها تحصل على المساعدات الغذائية – وفقط عندما يتوفر التمويل."

وتابعت تقول: "زرت مدرسة بديلة، كانت مكوّنة من خمس غرف صغيرة مظلمة. يجلس الأطفال على الأرض ولم يتناولوا الطعام. ولم تتناول المعلّمة الطعام. إنها متطوعة وأخبرتني أنها تسير لمدة ساعة على الأقل يوميا للوصول إلى ذلك المكان النائي، في محاولة منها لإعطاء الأطفال بعض الأمل في المستقبل. لأن ليس لديهم أي شيء. لا طعام، لا أقلام، لا مناضد، لا كتب مدرسية. لا رواتب للمعلمة. يجلس من هم في سن 13 مع أطفال بعمر الثالثة، يسعون إلى التعلم والقراءة والكتابة، أملا في مستقبل ربما لا يرونه أبدا."

كما قالت إنها زارت مواقع ليس فيها مراحيض ولا أماكن للاستحمام. وبسبب عدم وجود مدارس، معظم الأطفال أميّون. وتزوجت كثير من الفتيات الصغيرات. كما رأت أمّا فقدت ثلاثة من أطفالها بسبب أمراض كان يمكن الوقاية منها. ولديها ولد يخضع للعلاج في المستشفى. وحتى لو توفر العلاج في المستشفى، قد لا تقدر الأسرة على تحمّل تكاليف العلاج.

وقالت جولي: "هذه هي حقيقة نداءات المساعدات التي تعاني من نقص كبير في التمويل، وسط صراع استمر لسنوات عديدة دون حلول سياسية."

وعلاوة على المعاناة، يستضيف اليمن 100,000 لاجئ من الصومال وسوريا وإثيوبيا، من بين دول أخرى، بدون أي دعم.

وقالت: "إنه (أمر) يفطر القلب، ويثير الغضب. وفوق كل ذلك، هي أزمة من صنع الإنسان، ويجب وضع حد لها."

تعيش العائلات النازحة في مواقع نائية في مأرب، اليمن.
© UNOCHA/Giles Clarke
تعيش العائلات النازحة في مواقع نائية في مأرب، اليمن.