منظور عالمي قصص إنسانية

روزماري ديكارلو: الحرب في أوكرانيا تمثل "أصعب اختبار" لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا

رجل يصور مبنى سكنيًا تعرض لأضرار جسيمة أثناء الصراع المتصاعد ، في كييف ، أوكرانيا.
© UNICEF/Anton Skyba for The Globe and Mail
رجل يصور مبنى سكنيًا تعرض لأضرار جسيمة أثناء الصراع المتصاعد ، في كييف ، أوكرانيا.

روزماري ديكارلو: الحرب في أوكرانيا تمثل "أصعب اختبار" لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا

السلم والأمن

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة، صباح اليوم الاثنين بتوقيت نيويورك، جلسة خصصها لبحث التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في سياق تطورات الوضع في أوكرانيا. واستمع المجلس إلى إحاطتين من وزير خارجية بولندا (والذي يترأس حاليا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا)، السيد زبيغنيو راو، والسيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام.

وقال السيد زبيغنيو راو إن باب الدبلوماسية لا يزال مفتوحا، داعيا روسيا إلى الدخول في حوار حقيقي وجوهري سعيا إلى حل سلمي للأزمة الحالية.

وأشار إلى أن أي حل سياسي مستدام ينبغي أن يحترم احتراما كاملا سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها واستقلالها ضمن حدودها المعترف بها دوليا.

وحذر المسؤول الأوروبي من أن "العدوان الروسي" يهدد وجود منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وأضاف:

"عدم التزام روسيا بمبادئ والتزامات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يدفعنا إلى التشكيك في مستقبل المنظمة ويمثل تهديدا أيضا لاستقرار النظام المستند إلى القواعد."

وتساءل قائلا: "كيف يمكن لمنظمتنا أن تكون فعالة عندما يقوم طرف في المنظمة بتبرير استخدام القوة لتحقيق مكاسب سياسية ومكاسب على الأرض. يتعارض هذا المنطق تماما مع المبادئ التي اتفقنا عليها وقررنا احترامها."

التعاون بين المنظمتين مطلوب أكثر من أي وقت مضى

السيد زبيغنيو راو أكد استعداد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمواصلة التعاون مع الأمم المتحدة، وقال إن المنظمتين تتشاركان الهدف المتمثل في تعزيز الأمن والسلم الدوليين وضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والنظام العالمي المستند إلى القواعد.

وأوضح أن هذا التعاون مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، "في وقت تتعرض فيه مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي للانتهاك الفادح في قلب أوروبا."

ودعا زبيغنيو راو أعضاء المجلس إلى بذل كل الجهود، وبشكل عاجل، إلى وقف العدوان الروسي العسكري على أوكرانيا، مشيرا إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تمثل منصة لنزع فتيل التوتر وتيسير الحوار والحد من خطر التصعيد العسكري ومنع النزاع.

وقال إن المنظمة عرضت على روسيا الحوار لمناقشة شواغلها المرتبطة بالأمن الأوروبي، "كان أمام روسيا الكثير من الخيارات للانخراط بشكل سياسي ودبلوماسي في الجهود الرامية لمعالجة شواغلها، ولكن روسيا كانت تماطل وواصلت إرسال التعزيزات العسكرية إلى حدود أوكرانيا وهو ما دفعنا للتشكيك بنوايا موسكو. وفي صباح 24 شباط/فبراير وقع أسوأ سيناريو تخيلناه."

ووصف الهجوم الروسي بأنه غير مبرر وأنه تم بدون أي استفزاز "مع سابق التصميم والإصرار" على حد تعبيره. وقال إن القوات الروسية بدأت في الهجوم على المدنيين والبنى التحتية المدنية من أجل إضعاف معنويات الشعب الأوكراني، "وذلك أمر مؤسف ومشين ويرقى إلى مستوى إرهاب دولة."

"تعرضت المدارس والمستشفيات ودور الحضانة إلى الاستهداف المتعمد وبأسلحة محظورة دوليا ووردت معلومات عن مقتل نساء وأطفال وإصابتهم وهي معلومات مؤسفة كما لو أن ليس هناك وجود لاتفاقية جنيف وللقانون الدولي الإنساني."

امرأة أوكرانية ترتدي بطانية الطوارئ عند وصولها إلى بولندا بعد فرارها من الصراع المتصاعد في أوكرانيا.
© IFRC/Arie Kievit
امرأة أوكرانية ترتدي بطانية الطوارئ عند وصولها إلى بولندا بعد فرارها من الصراع المتصاعد في أوكرانيا.

 

"ينتهي الحياد حيث يبدأ الانتهاك الفادح للقانون الإنساني الدولي"

قال رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن المجتمع الدولي يمتلك الوسائل اللازمة لمحاسبة من يرتكب جرائم الحرب.

وردا على اتهام مسؤولين روس له "بعدم التمتع بالحياد في دوره كرئيس حالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا "، قال وزير الخارجية البولندي "ينتهي الحياد حيث يبدأ الانتهاك الفادح للقانون الإنساني الدولي."

وقال إن روسيا وبدعم من بيلاروس قررت أن تنتهك القانون الدولي، مشيرا إلى أن ما قامت به القيادات الروسية أدى إلى عزل روسيا وشعبها عن العالم، ودعا بيلاروس إلى عدم المشاركة في "هذه العملية الوحشية."

وبيّن أن هذه "الحرب تتعارض مع مصالح الشعبين الروسي والبيلاروسي ولا تؤدي إلا إلى العزلة."

العدوان الروسي هز أساس الهيكل الأمني الأوروبي

بدورها قالت السيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام إن الحرب في أوكرانيا تمثل "أصعب اختبار" لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والأطر الإقليمية ذات الصلة. وأشارت إلى أن العدوان الروسي هز أساس الهيكل الأمني الأوروبي.

وأشارت إلى أن المنظمة أنشئت في أعقاب الحرب الباردة، مبينة أن عضويتها تتمحور حول هدف أساسي وهو تسوية النزاعات بشكل سلمي.

"وفقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة تعمل المنظمة بالتكامل مع الأمم المتحدة لتسوية النزاعات في المنطقة من بين أهداف أخرى."

وقالت ديكارلو إن الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أقامتا إطارا للتعاون في عام 1993، ومنذ ذلك الحين توسع نطاق ومضمون هذه الشراكة لمعالجة الأزمات وللتوصل إلى حلول للتحديات الأمنية المشتركة.

وحذرت من ازدياد إراقة الدماء، مشيرة إلى أن القوات الروسية شنت "هجمات فتاكة" في غرب أوكرانيا. وأشارت إلى أن المدن الأوكرانية تتعرض للقصف المستمر الذي يودي بحياة المدنيين.

في 5 آذار/مارس 2022 في غرب أوكرانيا، يشق الأطفال والعائلات طريقهم إلى الحدود للعبور إلى بولندا.
© UNICEF/Viktor Moskaliuk
في 5 آذار/مارس 2022 في غرب أوكرانيا، يشق الأطفال والعائلات طريقهم إلى الحدود للعبور إلى بولندا.

 

"استخدام الذخائر العنقودية"

وكررت المسؤولة الأممية ما قالته في جلسة سابقة لمجلس الأمن بشأن حصول مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان على "معلومات ذات مصداقية تفيد بأن القوات الروسية تستخدم الذخائر العنقودية بما في ذلك في المناطق المأهولة."

وحذرت من أن استخدام الهجمات العشوائية بما في ذلك تلك التي تستخدم الذخائر العنقودية التي تستخدم ضد الأهداف العسكرية والمدنيين والأعيان المدنية دون تمييز "محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي."

وأعربت عن القلق إزاء معلومات بشأن اختطاف مسؤولي بلديات في المناطق التي تسيطر عليها روسيا. "وردتنا كذلك معلومات تفيد باستهداف المدنيين - بما في ذلك صحفيون - على يد القوات الروسية."

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، قالت ديكارلو إن الأمم المتحدة تستمر في تعزيز دعمها الإنساني لشعب أوكرانيا وكذلك تعاونها مع الشركاء الأساسيين مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا دعما لوقف إطلاق النار الفوري للتوصل إلى حل دبلوماسي دائم.

ودعت الأطراف إلى أهمية أن تجدد، اليوم أكثر من أي وقت مضى، التزامها بمبادئ وثيقة هلسنكي الختامية، وميثاق باريس والاتفاقات التاريخية الأخرى التي تمثل أساسا للهيكل الأمني الأوروبي.

روسيا تتهم الرئاسة البولندية لمنظمة الأمن والتعاون بالفشل في مهمتها

من جانبه، نفى المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا، الاتهامات الموجهة إلى بلاده باستخدام القنابل العنقودية وقصف المرافق المدنية بصورة عشوائية.

ووجه اتهاما مماثلا للقوات الأوكرانية باستخدام القنابل العنقودية وضرب دونيتسك "مما أدى إلى مقتل وإصابة الكثيرين."

وقال فاسيلي نبينزيا إن ممثلي الدول الغربية لم يشيروا إلى هذه المسألة، متهما هؤلاء المسؤولين بـ "غض الطرف، ولمدة ثمانية أعوام، عما يحدث في إقليم دونباس والظروف التي يعيش فيها الناس هناك تحت القصف المستمر."

وأضاف أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مشاركة في هذه الممارسات، "فقد تجاهلت تماما تصرفات المجموعات القومية والقوات الأوكرانية في دونباس"، على حد تعبيره. 

واتهم فاسيلي نبينزيا الرئاسة البولندية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بالفشل في مهمتها، على حد تعبيره. وأضاف:

"الرئاسة ليس من شأنها إطلاقا أن تتخذ خطوات منحازة تزيد من المواجهة، وليس من شأنها طبعا أن تقود حملة مناهضة لروسيا في المنظمة."

ونفى المندوب الروسي رفض بلاده عرضا للحوار بغرض مناقشة شواغلها المرتبطة بالأمن الأوروبي، قائلا:

"هذا ليس صحيحا. نحن نؤكد أن الحوار الذي طرحته الرئاسة البولندية - إذا ما أردنا له النجاح - يجب أن نحصل على إجابات من الولايات المتحدة وأعضاء المنظمة حول تصورهم عن تنفيذ مبدأ الأمن غير قابل للتجزئة."

أوكرانيا تتهم روسيا بمواصلة "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"

مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير سيرغي كيسليتسا، قال إن الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وصلتا إلى "لحظة حاسمة مع انتهاك جميع المبادئ الأساسية لهاتين المنظمتين. هذا الانتهاك معلن ومتعمد وفاضح. زعمت روسيا أنها تساهم في صون السلم والأمن الدوليين، ولكن الواقع هو أنها سبب انعدام الأمن."

وأعلن تأييد بلاده الكامل للنهج البولندي لرئاسة المنظمة الأوروبية، "مع التركيز بشكل خاص على حماية المدنيين المتأثرين بالصراعات."

واتهم روسيا بمواصلة "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، مما يلغي أي اختلاف بينها والنازيين منذ ثمانين سنة"، على حد تعبيره.

ووجه السفير سيرغي كيسليتسا دعوة إلى رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتسهيل إطلاق سراح إيفان فيديروف، رئيس بلدية مدينة ميليتوبول، "الذي احتجزه الجنود الروس في 11 آذار/مارس، ويزعم أنه يتعرض حاليا للتعذيب نتيجة لرفضه التعاون مع المعتدي."

وقال إن "المحتل الروسي زاد من ممارساته القمعية،" متهما القوات الروسية باختطاف عمدة مدينة أخرى في نفس المنطقة.

واتهم المندوب الأوكراني أيضا القوات الروسية بقصف المركز الدولي لحفظ السلام والأمن في يافوريف، يوم الأحد الماضي، مما أسفر عن "مقتل 35 شخصا وإصابة 130 بجراح." وأضاف:

"أراد وزير الدفاع الروسي تغطية هذه الجريمة بادعاء أنهم مرتزقة أجانب وهذا ليس صحيحا."

وقال إن مواجهة العدوان الروسي ينبغي أن تكون عماد جهود منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بغرض إعادة الأمن إلى القارة الأوروبية.