منظور عالمي قصص إنسانية

نساء وفتيات الفلبين بحاجة إلى مزيد من الدعم في أعقاب الدمار الكبير الذي خلفه الإعصار راي

موظف في صندوق الأمم المتحدة للسكان يسير إلى مركز صحي مدمر في جنرال سانتوس في جزيرة مينداناو في الفلبين.
© UNFPA Philippines
موظف في صندوق الأمم المتحدة للسكان يسير إلى مركز صحي مدمر في جنرال سانتوس في جزيرة مينداناو في الفلبين.

نساء وفتيات الفلبين بحاجة إلى مزيد من الدعم في أعقاب الدمار الكبير الذي خلفه الإعصار راي

المرأة

مع استمرار عمليات إزالة الأنقاض، بدأ حجم الدمار الكبير الذي خلفه الإعصار الضخم راي يتكشف. عندما وصل الإعصار راي - المعروف محليا باسم أوديت- إلى اليابسة في الفلبين في 16 كانون الأول/ديسمبر، جلب معه رياحا بلغت سرعتها 195 كيلومترا في الساعة، وأمطارا غزيرة تسببت في تدمير مئات الآلاف من المنازل والشركات والبنية التحتية الحيوية، مما عرّض حياة الملايين للخطر.

عانت بورغوس الواقعة في جزيرة سيارغاو من أسوأ تداعيات الإعصار. تعيش جولينا البالغة من العمر 23 سنة وهي حامل في شهرها الثامن في بورغوس.

يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو الوكالة الأممية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، الخدمة على الأرض بالنسبة للمحتاجين.

وقالت جولينا للصندوق إن أقرب مركز صحي لها تم تدميره تماما، ومن المرجح أن تضطر إلى السفر لمسافة 50 كيلومترا لوضع مولودها.

الوضع لم يكن أفضل بالنسبة لأديلينا، البالغة من العمر 43 عاما، وهي تعيش في ديناجات، وهي حامل بطفلها السادس ولم تخضع بعد للتصوير بالموجات فوق الصوتية.

تعرضت أقرب وحدة طبية لأضرار بالغة ولم تكن تقدم سوى خدمات الطوارئ السابقة للولادة، لذا فهي تواجه احتمال السفر المضني لمدة ساعتين بالقارب للولادة في مدينة سوريجاو.

أوضح أحد موظفي صندوق الأمم المتحدة للسكان أن النساء اللواتي يعانين ظروفا حرجة يسافرن لساعات على طرق محطمة أو في قوارب متضررة بغرض الوصول إلى أقرب مركز صحي يعمل - وقد غرق بعض هذه القوارب.

"حياة المرضى والعاملين الصحيين في خطر كبير بينما يحاولون فقط تقديم المساعدة أو طلبها".

أم على وشك الولادة تتحدث إلى أحد موظفي صندوق الأمم المتحدة للسكان وسط حطام منزلها بعد أن اجتاح إعصار راي الفلبين في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2021.
© UNFPA Philippines
أم على وشك الولادة تتحدث إلى أحد موظفي صندوق الأمم المتحدة للسكان وسط حطام منزلها بعد أن اجتاح إعصار راي الفلبين في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2021.

 

حالة من اليأس

خلف إعصار راي، وهو ثالث أقوى عاصفة سجلت على الإطلاق في نصف الكرة الشمالي، وراءه حالة من اليأس، لا سيما في أكثر المقاطعات تضررا في كاراجا ومينداناو وسوريجاو وفيساياس.

لم يُعرف بعد العدد الكامل للوفيات والجرحى، ولكن يُقدر حاليا أن عدد المتضررين بلغ أكثر من تسعة ملايين شخص، من بينهم أكثر من 2.3 مليون امرأة في سن الإنجاب، وأكثر من 91 ألف امرأة حامل. 

حتى قبل الكارثة، كان لدى معظم المناطق المتضررة خدمات محدودة في مجال صحة الأم أو الصحة الجنسية أو الإنجابية - والآن تتزايد المخاوف بشأن إمكانية ارتفاع حالات الحمل غير المرغوب فيه، بما في ذلك بين المراهقين، بسبب التعليق الكامل لخدمات تنظيم الأسرة.

حضر موظفو صندوق الأمم المتحدة للسكان والشركاء إلى الأرض في غضون أيام من وقوع الكارثة، وقاموا حتى الآن بتوزيع 2500 مجموعة من مستلزمات النظافة، و2000 مجموعة من اللوازم الصحية النسائية، و1200 من مجموعات مستلزمات الصحة الإنجابية و800 حزمة خاصة بالأمومة، إلى جانب مواد تنظيم الأسرة بما في ذلك وسائل منع الحمل الفموية.

كما تم إنشاء خيمتين لتوفير خدمات الأمومة في حالات الطوارئ ومساحات آمنة للنساء لمساعدة الأشخاص الأكثر تعرضا للخطر.

النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر

بعد مرور أكثر من شهر، لا يزال هناك نقص واسع النطاق في الغذاء والمياه وقد تستغرق الكهرباء ما يصل إلى ستة أشهر حتى يتم إصلاحها في بعض المناطق.

يمكن أن تتسبب الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا في فرض إغلاق الأمر الذي سيؤدي إلى اضطراب في الخدمات الاجتماعية الأساسية وهو ما سيجبر الناجيات من العنف المنزلي على البقاء في المنزل مع من يعتدون عليهن وتتضاءل سبل هروبهن.

لا يزال أكثر من 217 ألف شخص نازحين، من بينهم حوالي 1700 امرأة حامل. تعيش العائلات التي فقدت منازلها في مواقع نزوح مزدحمة مؤقتة لا تحظى بالخصوصية وتعاني من ندرة في المرافق الصحية أو الصرف الصحي.

النساء والأطفال معرضون بشكل خاص للعنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال الجنسي في أعقاب الكوارث المفاجئة، لا سيما في مراكز الإجلاء المزدحمة والمخيمات التي تفتقر إلى الكهرباء وتعاني شحا في مصادر المياه، حيث يتعين عليهم المجازفة والسير لمسافات طويلة في الظلام بغرض الحصول على المياه.

تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية لأضرار جسيمة، بما في ذلك معظم الوحدات الصحية التقليدية في بارانغاي، والتي تعتبر من الموردة الأساسية لمستلزمات تنظيم الأسرة بالنسبة للعديد من النساء.

توقف أكثر من 30 مركزا لحماية النساء والأطفال عن العمل، مما وجه ضربة قاسية للجهود المبذولة لحماية الأشخاص الأكثر تعرضا لخطر الاتجار بالبشر والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

أبلغت نساء في حالة مخاض عن منعهن من دخول المستشفيات، ليس فقط بسبب الأضرار التي أحدثها إعصار راي، ولكن أيضا بسبب اكتظاظ هذه المستشفيات بمرضى كوفيد-19. 

ويترك هذا الكثير من النساء- وخاصة اللواتي يعانين من حالات حمل عالية الخطورة والناجيات من العنف المنزلي- دون مساحات آمنة مهمة فيما يتعلق بطلب المساعدة الطبية والمأوى. 

مع احتمال حدوث عمليات إغلاق، سيتم حرمان المزيد من النساء المعوزات من الدعم الأساسي للصحة والحماية، مما يعرضهن وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد لخطر كبير.

تعيش جولينا البالغة من العمر 23 سنة وهي حامل في شهرها الثامن في بورغوس.
© UNFPA Philippines
تعيش جولينا البالغة من العمر 23 سنة وهي حامل في شهرها الثامن في بورغوس.

 

صندوق الأمم المتحدة للسكان على أرض الواقع

على الرغم من عدم إمكانية الوصول والتدابير الصارمة لمكافحة الجائحة، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على أرض الواقع مع المجتمعات المتضررة والشركاء المحليين والحكوميين للاستجابة للاحتياجات العاجلة للنساء والفتيات.

بدعم سخي من الحكومة الأسترالية، تم توزيع إمدادات من الخيام التي توفر خدمات الأمومة في حالات الطوارئ، ومجموعات لوازم النظافة الشخصية النسائية وأجهزة الراديو العاملة بالطاقة الشمسية، ومجموعات الصحة الإنجابية بعد أيام فقط من وصول الإعصار إلى اليابسة.

تم نشر الموظفين على الفور لتقييم مدى الضرر والاحتياجات فيما يتعلق بالحماية من العنف الجنساني والوقاية منه وخدمات صحة الأم والصحة الجنسية والإنجابية.

من الأهمية بمكان السماح باستمرار هذا الدعم المنقذ للحياة أو إعادته بسرعة عند انقطاعه.

ارتفاع معدلات الوفاة أثناء الولادة

شهد عام 2020 زيادة تقدر بنحو 30 في المائة في حالات وفيات الأمهات في الفلبين أثناء الولادة، ويرجع ذلك أساسا إلى تعطل الخدمات في مرافق رعاية الأمومة وما قبل الولادة، وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية، والخوف من الإصابة بفيروس كورونا.

يحتاج صندوق الأمم المتحدة للسكان بشكل عاجل إلى 12 مليون دولار على مدى الأشهر الستة المقبلة لضمان عدم ترك الملايين من النساء والفتيات الأكثر ضعفا يتخلفن وراء الركب.

وقالت الممثلة القطرية للصندوق الأممي في الفلبين، الدكتورة ليلى جودان:

"نحتاج إلى العمل، بسرعة وبشكل جماعي، لضمان تمتع النساء والفتيات بحمل وولادة آمنين، واستمرار حصولهن على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وحمايتهن من العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال موجة كوفيد-19 هذه وطوال جهود الإغاثة في إعصار راي".