منظور عالمي قصص إنسانية

الاضطراب في التعلم قد يصبح أحد أكبر التهديدات للتعافي من كوفيد-19 

(من الأرشيف): إعادة فتح المدارس مع اتخاذ اجراءات الأمان ضد الجائحة.
© UNICEF/Alessandro Potter
(من الأرشيف): إعادة فتح المدارس مع اتخاذ اجراءات الأمان ضد الجائحة.

الاضطراب في التعلم قد يصبح أحد أكبر التهديدات للتعافي من كوفيد-19 

الثقافة والتعليم

في ذروة الجائحة، حُرم أكثر من 1.6 مليار تلميذ على الصعيد العالمي من ارتياد المدرسة. وقد دعا تقرير جديد إلى تعويض فقدان التعلم بسبب جائحة كوفيد-19 وذلك لتجنب الضرر طويل المدى الذي سيلحق برفاهية الأطفال وإنتاجيتهم. وقدّم التقرير إرشادات من بينها وضع إعادة فتح المدارس بالكامل كأولوية.

ويقدم تقرير "تحديد أولويات التعلم أثناء جائحة كوفيد-19" أحدث البيانات حول تأثير إغلاق المدارس على الأطفال. 

وقد أطلق الفريق الاستشاري العالمي للأدلة التعليمية (GEEAP) التقرير، بمشاركة مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، ومكتب اليونيسف للبحوث-Innocenti والبنك الدولي. ويشير إلى أن إغلاق المدارس تسبب في إلحاق أضرار جسيمة ومستمرة بتعلم الأطفال ورفاههم، ستظل تكلفتها محسوسة لعقود قادمة.

وتشير التقديرات إلى أنه بدون اتخاذ إجراء عاجل، يمكن لطفل في الصف الثالث الذي فقد عاما واحدا من الدراسة أثناء كـوفيد-19 أن يفقد ما يصل إلى ثلاث سنوات من التعلّم على المدى البعيد.

وقال أبهيجيت بانيرجي، الرئيس المشارك للفريق الاستشاري: "تُعدّ خسائر التعلم بسبب إغلاق المدارس من أكبر التهديدات العالمية للتعافي على المدى المتوسط والطويل من كوفيد-19. وتخبرنا الأدلة أن المدارس بحاجة إلى إعادة فتح أبوابها وإبقائها مفتوحة قدر الإمكان، ويجب اتخاذ خطوات لإعادة دمج الأطفال في النظام المدرسي." 

والدكتور بانيرجي، الذي شارك في جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 2019 جزئيا لقاء عمله في مجال التعليم، هو واحد من 15 خبيرا في التعليم من جميع أنحاء العالم قاموا بإصدار التقرير السنوي الثاني. 

تكلفة الاقتصادية كبيرة

بحسب التقرير، ستكون التكلفة الاقتصادية للتعلم الضائع بسبب الأزمة باهظة. 

ويشير معدّو التقرير إلى أنه بينما انتعشت قطاعات عديدة عندما خفت عمليات الإغلاق، فمن المرجّح أن يؤدي الضرر الذي يلحق بتعليم الأطفال إلى الحد من رفاههم بما في ذلك الصحة العقلية والإنتاجية لعقود، مما يجعل الاضطراب في التعلم أحد أكبر التهديدات للتعافي على المدى المتوسط والبعيد من كوفيد-19 ما لم تتحرك الحكومات بسرعة. 

البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل هي الأكثر تأثرا

يشير التقرير إلى أن البلدان منخفضة ومتوسط الدخل والأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية أقل، هم الأكثر ضررا.

فقد تم إغلاق المدارس في المتوسط لفترة أطول مما هي عليه في البلدان ذات الدخل المرتفع، وكان الطلاب يتمتعون بإمكانية أقل أو حتى معدومة للوصول إلى التكنولوجيا أثناء إغلاق المدارس، وكان هناك تكيّف أقل مع تحديات الأزمة. 

وتتزايد الأدلة على الفعالية المنخفضة لجهود التعلم عن بُعد. 

ففي البرازيل على سبيل المثال، كان تعلّم طلاب الفصل الخامس في التعلم عن بُعد أقل بما يقرب من 75 في المائة، وكان احتمال تسرّبهم أكثر بـ 2.5 مرة.

وتظهر البيانات من جنوب أفريقيا أن طلاب الصف الرابع فقدوا ما لا يقل عن 62 في المائة من التعلم العام بسبب إغلاق المدارس.  

طلاب في حديقة مدرسة مبار توباب في شمال السنغال
UNIC Dakar
طلاب في حديقة مدرسة مبار توباب في شمال السنغال

والزيادة في عدم المساواة في التعليم التي أحدثتها الجائحة عبر البلدان وداخلها، ليست فقط مشكلة في حدّ ذاتها؛ فمستويات التعلّم المتباينة في الفصل الدراسي تجعل من الصعب على المعلمين مساعدة معظم الطلاب على اللحاق بالركب وخاصة الأكثر تهميشا.

حُرم أكثر من 1.6 مليار تلميذ على مستوى العالم من المدرسة في ذروة الجائحة -- فيكي فورد

وقال روبرت جينكينز، المدير العالمي للتعليم في اليونيسف: "بينما يجب أن تكون المدارس أول ما يتم فتحه عند رفع القيود، فإن استعادة الخسارة التي عانى منها الأطفال تتطلب أكثر بكثير من مجرّد إعادة فتح الفصول الدراسية. يحتاج تلاميذ المدارس إلى دعم مكثف للعودة إلى المسار الصحيح، ويحتاج المعلمون إلى الوصول إلى التدريب والموارد الجيدة وأنظمة التعليم بحاجة إلى التغيير."

وقبيل إطلاق التقرير، قالت فيكي فورد، وزيرة المملكة المتحدة لشؤون أفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي: "حُرم أكثر من 1.6 مليار تلميذ على مستوى العالم من المدرسة في ذروة الجائحة، مما أدى إلى تفاقم أزمة التعلم التي كانت البلدان الفقيرة تواجهها بالفعل."

وأشارت إلى أن أولويتها في العام المقبل تتمثل في ضمان عودة أكبر عدد ممكن من الطلاب إلى المدرسة والتعلم عالي الجودة.

بعض التوصيات 

يقدّم التقرير "أربع توصيات ملّحة" لمنع المزيد من الخسارة واستعادة تعليم الأطفال:

  • إعطاء الأولوية لإبقاء المدارس مفتوحة. التكاليف التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والعقلية الكبيرة لإغلاق المدارس وعدم كفاية استراتيجيات التعلم عن بُعد كبدائل للتعلم الشخصي توضح أن إغلاق المدارس يجب أن يكون الملاذ الأخير.
  • إعطاء الأولوية للمعلمين للتطعيم ضد فيروس كورونا، وتوفير واستخدام الأقنعة عند ما تقتضي الضرورة، وتحسين التهوية. 
  • تعديل التعليمات لدعم احتياجات التعلم للأطفال والتركيز على المهارات الأساسية الهامة. من الأهمية بمكان تقييم مستويات تعلم الطلاب عند إعادة فتح المدارس. 
  • يجب أن تضمن الحكومات حصول المعلمين على الدعم الكافي لمساعدة الأطفال على التعلّم. 

وقال خايمي سافيدرا، عضو اللجنة والمدير العالمي للتعليم في البنك الدولي: "يجب أن نستمر في دق ناقوس الخطر بشأن أزمة التعليم والتأكد من أن صانعي السياسات لديهم أدلة واضحة على كيفية تعويض خسائر التعلم الكارثية ومنع ضياع جيل."

كما يدعو التقرير الحكومات إلى الاستفادة من الدروس المستقاة أثناء إغلاق المدارس من خلال دعم مشاركة الوالدين والاستفادة من التكنولوجيا الحالية.