منظور عالمي قصص إنسانية

كريم خان: قضية دارفور لا يمكن أن تظل "قصة بلا نهاية" بالنسبة للضحايا

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، خلال تقديمه تقرير المحكمة الجنائية الرابع والثلاثين بشأن الوضع في دارفور، 17 كانون الثاني/يناير، 2022.
UN Photo/Eskinder Debebe
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، خلال تقديمه تقرير المحكمة الجنائية الرابع والثلاثين بشأن الوضع في دارفور، 17 كانون الثاني/يناير، 2022.

كريم خان: قضية دارفور لا يمكن أن تظل "قصة بلا نهاية" بالنسبة للضحايا

السلم والأمن

قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إنه بات من المهم، أكثر من أي وقت مضى، أن يعمل مكتبه والسلطات السودانية في شراكة بغية إحراز تقدم في قضية دارفور، مشيرا إلى أنه "ما من خيار آخر" بشأن هذا الأمر.
 

وقال إن عدم تحقيق العدالة لضحايا دارفور سيستمر في التأثير على جهود السودان نحو تحقيق الاستقرار وسيادة القانون، "إلى أن تكون هناك مساءلة ذات مغزى".

وقدم السيد كريم خان، أمام مجلس الأمن، اليوم الاثنين، تقرير المحكمة الجنائية الرابع والثلاثين بشأن الوضع في دارفور. 

وهذه المرة الأولى التي يقدم فيها السيد خان تقريرا بشأن قضية دارفور، بصفته مدعيا عاما للجنائية الدولية.

وكان مجلس الأمن قد أحال قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية، بموجب القرار 1593 الصادر في عام 2005، "وهي المرة الأولى التي يحيل فيها مجلس الأمن حالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".

وقال السيد خان إن هذه الإحالة قد جلبت الأمل في المساءلة، "لكن هذا الأمل ظل، للأسف، مجرد أمل بعد 17 عاما منذ صدور القرار 1593.

وشدد على أن "هذه الإحالة لا يمكن أن تكون قصة بلا نهاية بالنسبة للضحايا أو لهذا المجلس".

تقدم ملحوظ

في تطور إيجابي، أشار مدعي عام المحكمة الجنائية إلى إحراز بعض التقدم المهم بشأن قضية دارفور. ففي 9 تموز/يوليو 2021، أكدت المحكمة جميع التهم الـ 31 الموجهة للسيد علي كوشيب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

يُزعم أن علي كوشيب كان من كبار قادة ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة في محليتي وادي صالح ومكجر بدارفور خلال عامي 2003 و 2004.

وتشمل الجرائم المؤكدة ضده القتل والاغتصاب والتعذيب والهجمات على السكان المدنيين وغيرها من الجرائم الخطيرة بموجب قانون روما الأساسي.

وستبدأ محاكمة علي كوشيب في نيسان/ أبريل المقبل، "وستمثل هذه أول محاكمة للمحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق تنبع من إحالة مجلس الأمن، وهي نتيجة ملموسة للقرار 1593".

وقال السيد خان إن المساءلة عن الجرائم في دارفور لا تتوقف عند هذا الحد، "فهناك أربعة أشخاص آخرين صدرت بحقهم أوامر توقيف من المحكمة الجنائية الدولية. ثلاثة من هؤلاء المشتبه بهم محتجزون حاليا في السودان، وهم الرئيس السابق عمر البشير، ووزير الداخلية السابق عبد الرحيم محمد حسين، ومحافظ جنوب كردفان السابق أحمد هارون. أما الشخص الرابع فهو عبد الله بندة، القائد السابق في حركة العدل والمساواة الذي لا يزال طليقا".

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق علي كوشيب في العام 2007.
UN News/Daniel Dickinson
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق علي كوشيب في العام 2007.

 

تحديات وانتكاسة 

من ناحية أخرى، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن الأحداث التي شهدها السودان في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وما ترتب عليها من انعدام الأمن وعدم الاستقرار في البلاد، "تشكل انتكاسة تطرح تحديات إضافية لعملنا في السودان".

وقال إن مكتبه اضطر إلى تعليق نشر فريقه في السودان وإيقاف جميع أنشطة التحقيق على الفور. "وبالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من المحاورين والمنسقين الرئيسيين للمكتب لم يعودوا يشغلون مناصبهم في حكومة السودان".

وجدد المدعي العام دعوته إلى حكومة السودان لضمان وصول مكتبه بأمان إلى السودان، بما في ذلك الوصول إلى الوثائق ومسرح الجريمة والشهود، مشددا على ضرورة الرد على الطلبات العديدة بشأن المساعدة التي أرسلها مكتبه "دون مزيد من التأخير".

ورحب السيد كريم خان بالتزام جميع المسؤولين الحكوميين الذين التقى بهم خلال زيارته الأولى إلى السودان، في آب/أغسطس من العام الماضي، بالتعاون مع المحكمة، مشيرا إلى أن هذا الالتزام تجلى من خلال التوقيع على مذكرة التفاهم "التي وسعت، ولأول مرة، تعاون حكومة السودان مع مكتبي ليشمل جميع المشتبه بهم الأربعة الذين أصدرت المحكمة بحقهم أوامر بالقبض عليهم".

التزام الضحايا والناجين يمثل مصدر إلهام 

وقال السيد خان إنه التقى في الخرطوم مع الضحايا ومجموعات الناجين الذين ظلوا يناضلون من أجل المساءلة في دارفور منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. 

وعلى الرغم من أنهم لم يروا الكثير من العمل مقابل جهودهم التي يبذلونها، إلا أنهم ظلوا ملتزمين بالمساءلة عن الجرائم التي حددت جيلا بأكمله، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن التزام الضحايا الذي لا يتزعزع يشكل "مصدر إلهام يجب أن يتردد صداه على مسامعنا".

وقال إنه يتشارك مع الضحايا إحباطهم "لأن جهود المساءلة قد استغرقت وقتا طويلا"، مشيرا إلى أن الرسالة التي حملها خلال زيارته إلى السودان كانت واضحة حيث أكد من خلالها التزامه بالعمل بلا كلل من أجل العدالة نيابة عن أهل دارفور.

ومضى قائلا:

"أعطي هذا المجلس اليوم نفس الالتزام الذي أقدمه لضحايا دارفور والناجين الذين تعاملت معهم ... سيعمل مكتبي، بلا كلل، وفقا للقرار 1593، حتى تتحقق مساءلة ذات مغزى ... وقد ضاعفت جهود مكتبي لتحقيق هذه الغاية".

طفلة تقدم الماء لجدها بعد صلاته في مخيم للنازحين في دارفور
© UNICEF/Shehzad Noorani
طفلة تقدم الماء لجدها بعد صلاته في مخيم للنازحين في دارفور

 

تحقيق العدالة أولوية بالنسبة للحكومة الانتقالية

من جانبه، قال السيد محمد إبراهيم محمد الباهي، القائم بالأعمال بالإنابة ببعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، إن تحقيق العدالة عن الجرائم المرتكبة في دارفور يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الانتقالية، مشيرا إلى أن الحكومة "فتحت بابا للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين السودان والمحكمة في آب/أغسطس الماضي لتأطير ذلك التعاون وتسهيل مهام وفود المحكمة ومحققيها الذين يزورون البلاد".

وأضاف أن السلطات السودانية سهّلت زيارة للمدعي العام الجديد للمحكمة إلى الخرطوم قبل نحو 15 شهرا "حيث التقى خلالها بالمسؤولين وجرى النقاش حول كيفية تعزيز علاقات التعاون مع المحكمة، كما استقبل السودان وفوداً من المحكمة، كان آخرها في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي".

وأكد المسؤول السوداني أن بلاده ستواصل "في هذا المسار التعاوني" وأضاف: "سيواصل السودان مساعيه في اتخاذ السبل الكفيلة بتحقيق العدالة في دافور قناعةً منه بأن السلام والعدالة متلازمان لا ينفصلان".