منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تكرم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية بالتأكيد على ضرورة العمل لمنع تكرار هذه الآفة البغيضة

نصب تذكاري في إطار أنشطة التفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، مقر الأمم المتحدة في جنيف.
UN Photo/Violaine Martin
نصب تذكاري في إطار أنشطة التفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، مقر الأمم المتحدة في جنيف.

الأمم المتحدة تكرم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية بالتأكيد على ضرورة العمل لمنع تكرار هذه الآفة البغيضة

القانون ومنع الجريمة

أحيت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. وتزامن احتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الثالثة والسبعين لاعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تُعد أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة. 
 

وتشير اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها إلى التزام المجتمع الدولي بـ "عدم تكرار الإبادة الجماعية أبدا.

وأقيمت فعالية افتراضية بعنوان "أصوات الشباب من أجل عالم ينعم بالسلم والشمول"، استمع خلالها الحضور إلى كلمات من الأمين العام ورئيس الجمعية العامة والمستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية.

وتلا ذلك حوار تفاعلي أدارته السيدة جاياثما ويكراماناياكي المبعوثة الخاصة للأمين العام المعنية بالشباب. كما أدلت الدول الأعضاء، التي تمثل المجموعات الإقليمية، بملاحظات.


القضاء على التمييز على أساس الهوية 

في رسالته المصورة التي بثت خلال الفعالية، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها أعطتنا فهما أفضل لعلامات الإنذار المبكر وعوامل الخطر. 

ولكن ومع ذلك، "لا تزال الإبادة الجماعية اليوم تشكل تهديدا حقيقيا للغاية. لقد فشل المجتمع الدولي مرارا وتكرارا في الرد بشكل تعاوني وسريع وحاسم لمنع الإبادة الجماعية والجرائم الفظيعة ذات الصلة".

وأوضح الأمين العام أننا نواجه اليوم أكبر عدد من الصراعات العنيفة منذ عام 1945، مشيرا إلى أن هذه الصراعات تستمر لفترة أطول وتتزايد تعقيدا.

"الإفلات من العقاب منتشر ويتم تجاهل حقوق الإنسان وسيادة القانون بشكل منتظم. يستمر خطاب الكراهية القائم على الهوية والتحريض والتمييز في الانتشار ويتزايد استخدامه للتلاعب السياسي وتحقيق مكاسب. هذه كلها علامات تحذير مقلقة يجب أن تحث على اتخاذ إجراء".

وشدد أمين عام الأمم المتحدة على ضرورة القضاء على التمييز على أساس الهوية والاعتراف بالتنوع كقوة، ومضى قائلا:

"يجب أن نحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون. يجب علينا ضمان المساءلة والتعويضات عن جرائم الماضي الفظيعة. وعلينا أن نصلح ونجبر ضرر المجتمعات المحطمة".

وقال السيد غوتيريش إن الدول تتحمل المسؤولية الأساسية عن منع الإبادة الجماعية، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك بدون مشاركة المجتمع ككل، مشيرا إلى أن الشباب والقادة الدينيين والمجتمعيين والقطاع الخاص ووسائل الإعلام - وخاصة منصات وسائل الإعلام الاجتماعية – يتحملون مسؤولية أن يصبحوا أبطالا للوقاية من وقوع جرائم الإبادة الجماعية.

واختتم رسالته بالقول: "من خلال العمل معا، يمكننا تجنب أخطاء الماضي الفادحة".

اللاجئون الروانديون الذين فروا من البلاد أثناء الإبادة الجماعية تم تصويرهم وهم يعودون إلى ديارهم في عام 2005.
UN Photo/John Isaac
اللاجئون الروانديون الذين فروا من البلاد أثناء الإبادة الجماعية تم تصويرهم وهم يعودون إلى ديارهم في عام 2005.

 

دعوة إلى غرس قيم المساواة بين الجنسين في الشباب

رئيس الجمعية العامة، السيد عبد الله شاهد، شدد على ضرورة تبني نهج استباقي لمنع الإبادة الجماعية مشيرا إلى أن الإبادة الجماعية لا تحدث بين عشية وضحاها أو دون سابق إنذار. ويسبقها تصاعد لانتهاكات حقوق الإنسان والتعصب والكراهية والانقسام والتي تبلغ ذروتها في إراقة الدماء والمآسي.

ولهذا السبب، دعا السيد شاهد إلى ضرورة التصدي لقوى التعصب والكراهية بالتسامح والاندماج. "لهذا السبب يجب أن نحتفل بالتنوع ونحترم القيمة الإنسانية للجميع، بغض النظر عن العرق أو المكانة أو العقيدة".

وبينما يتطلع المجتمع العالمي إلى التعافي بشكل أفضل من آثار جائحة كوفيد-19 وبناء عالم أفضل، قال السيد شاهد إنه من المناسب أن يركز موضوع هذا العام على دور الشباب في تعزيز السلام ومنع الأعمال الوحشية.

"يجب أن نعلمهم بتاريخ الإبادة الجماعية والتكلفة البشرية لها - بما في ذلك كيفية وقوع المدنيين، وخاصة النساء والفتيات، ضحايا بشكل غير متناسب. يجب علينا استثمارهم في مهارات بناء السلام والمصالحة لمساعدة المجتمعات على التغلب على خلافاتها وماضيها العنيف".

وشدد السيد شاهد على ضرورة أن نغرس في الشباب قيم المساواة بين الجنسين ونؤكد لهم ضرورة إشراك المرأة في أعمال منع الإبادة الجماعية والمصالحة. 

وأكد السيد شاهد أنه بإمكاننا ضمان قمع الظروف التي في ظلها تتخمر الكراهية والانقسام، من خلال احترام حقوق الجميع، ومن خلال بناء مجتمعات مرنة وشاملة، ومن خلال تجنيد الشباب في عملنا.

"بهذه الطريقة سنكرم ضحايا الإبادة الجماعية ونضمن عدم تكرارها أبدا. هذه هي الطريقة التي نؤمن بها مستقبلا أكثر إشراقا. هذه هي الطريقة التي سنترك بها عالما أكثر سلاما ليرثه شبابنا".

تخليدا لذكرى الإبادة الجماعية عام 1994 ضد التوتسي في رواندا (2019).
UN Photo/Violaine Martin
تخليدا لذكرى الإبادة الجماعية عام 1994 ضد التوتسي في رواندا (2019).

 

أسوأ جريمة ارتكبت ضد الإنسانية 

في حديثها في الفعالية، قالت المستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية، السيدة أليس وايريمو نديريتو إن الإبادة الجمعية تعني النية لتدمير، بشكل كامل أو جزئي، مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، مؤكدة أن جريمة الإبادة الجماعية هي "أسوأ جريمة ارتكبت ضد الإنسانية وتظل تهديدا قائما بصورة يومية".

وبعد 73 عاما من تبني اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، نحن بعيدون كل البعد عن جعل هذه الجريمة جزءا من التاريخ، "فهناك انتهاكات واسعة النطاق وأيضا ضد مجموعات مختلفة، وتصاعدت الهجمات ضد المدنيين في السنوات الأخيرة"، وفقا للسيدة نديريتو.

وقالت إن هذا اليوم يشكل مناسبة لأخذ هذه التحديات بعين الاعتبار ولنجدد التزامنا بمنع جريمة الإبادة الجماعية، "ويجب ألا يكون هناك أي تمجيد لهذه الجرائم ولمرتكبيها". 

وشددت على ضرورة منع الإفلات من العقاب، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

"إن ضحايا الإبادة الجماعية الذين نكرمهم اليوم ما زالوا يعانون من الآثار طويلة الأمد والمأساوية لهذه الجريمة التي تؤثر على الأجيال والمجتمعات بأكملها".

ولمنع هذه الجرائم، دعت المستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية إلى الاستثمار في الشباب.