منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تعقد حلقة دراسية حول إمكانية تطبيق "صحافة الحلول" في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

المئات من الطلاب من مدرسة تابعة للأمم المتحدة قرب أريحا يشكلون صورة جوية لحمامة السلام لبيكاسو، بالاشتراك مع الفنان الشهير جون كويجلي. (تشرين الثاني/نوفمبر 2011)
UN Photo/Alaa Ghosheh
المئات من الطلاب من مدرسة تابعة للأمم المتحدة قرب أريحا يشكلون صورة جوية لحمامة السلام لبيكاسو، بالاشتراك مع الفنان الشهير جون كويجلي. (تشرين الثاني/نوفمبر 2011)

الأمم المتحدة تعقد حلقة دراسية حول إمكانية تطبيق "صحافة الحلول" في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

السلم والأمن

صحافة الحلول هي بحث في كيفية تجاوز مشكلة اجتماعية، ورصدٌ للنجاح أو الفشل في تجاوز المشكلة. وتطرح صحافة الحلول حلولا في التعامل مع المشكلة بدل الاكتفاء بوصفها. لكن كيف يمكن تطبيقها في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟
 

هذا ما بحثته حلقة دراسية إعلامية دولية بشأن السلام في الشرق الأوسط في يومها الثاني والذي عُقد افتراضيا بعنوان: "صحافة الحلول في تغطية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني."

وقالت مديرة الحملات في إدارة التواصل العالمي، نانيت براون، التي أدارت النقاش، إن صحافة الحلول تسعى جاهدة لإلهام الجماهير مما قد يقود إلى تغيير إيجابي في الرأي العام وفي السلوك وربما في السياسات. وقد تفتح الباب على مصراعيه أمام مناقشة بنّاءة وهو مطلوب بشكل كبير خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا طال أمدها مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

Tweet URL

وأضافت تقول: "نحاول استكشاف كيف يمكن ممارسة صحافة الحلول، وكيف يمكن أن تزدهر في سياق هذا الصراع."

كيف يمكن استكشاف صحافة الحلول في الصراع؟

شارك الصحفي المخضرم والمدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي، داوود كتّاب، في حلقة النقاش، حيث قال إنه يعتقد أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو طريقة رائعة لاستكشاف صيغة صحافة الحلول. لكنّ المشكلة هي أن الجميع يذهب تلقائيا لمتابعة الأخبار السيئة. 

وقال: "لا أتفق أن الجماهير لا تريد أخبارا سيئة، بل هي تحب الأخبار السيئة لأن هذا ما يرفع نسبة المتابعة ولهذا السبب يواصل الإعلام نشر الأخبار السيئة."

لكنّه شدد على أن صحافة الحلول تختلف عن الأفكار الأخرى التي ترشح الآن مثل "صحافة السلام" وغيرها من أنماط الصحافة، ذلك لأنها لا تذهب بعيدا عن أساسيات الصحافة، وهي السعي لنشر الحقائق. 

وقال: "بعد السعي إلى الكشف عن الحقائق، تأخذك صحافة الحلول خطوة إضافية إلى الأمام وهي إبلاغ الأخبار الجيدة والسيئة والصعبة وغيرها في البداية، لكن يجب أن تُختتم القصة بوضع حلول، وليس حلا واحدا فقط، بل عدة حلول وخيارات أخرى. وإذا كنتم تقومون بصحافة الحلول بشكل صحيح، فيجب طرح استبيان على الجمهور بشأن تكلفة كل حل من الحلول المقترحة من الناحية الاقتصادية والسياسية والمالية والثقافية."

تأثير صحافة الحلول على الصراع

جانب من السوق في البلدة القديمة بالقدس الشرقية.
Rafique Gangat
جانب من السوق في البلدة القديمة بالقدس الشرقية.

من جانبها، أشارت إيتا برينس-جيبسون، رئيسة التحرير السابقة لمجلة The Jerusalem Report، إلى أن فكرة صحافة الحلول هي "أننا نأخذ مشكلة تمت معالجتها في مكان آخر ونبحث فيما يمكن تعلّمه منها، وننظر إلى عناصر الفشل وسبب الفشل في معالجتها؟"

لكنها أضافت أن الناس يمرّون بصراعات في العالم، وكل من يمر بصراع - وخاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي - يميل إلى الاعتقاد أنه فريد من نوعه، وأن أحدا آخر لم يمر بنفس التجربة.

وقالت: "من المهم تعريف المشاكل بعبارات محددة، بكلمة أخرى بدلا من استخدام عبارة الصراع أو الإرهاب أو الاحتلال يجب أن نبسطها، لكن لا أعرف كيف يمكن أن نحلل (نفكك) كلمة ’احتلال‘ لأنها تشتمل على العديد من العناصر. من أجل القيام بصحافة الحلول يجب أن نبسط الأمور لمشاكل محددة ونتحدث عنها."

وأوضحت بالقول إنه بدلا من كلمة "الصراع" قد نتحدث عن الحرم الشريف، ونسأل: هل واجه أحد مساحة (مكانا) تدعي الأديان المتصارعة ملكيتها، وفي نفس الوقت تنكرها على الآخرين؟ 

وقالت ربما لا يوجد "حرم شريف" آخر، "ولكن أنا واثقة من أنه ثمّة في العالم أماكن شهدت جماعات متدينة تحاربت وادّعت أنها تتمتع بحق ملكية المكان. قد لا يكون لها حل، ولكن على الأقل يجب تحديد التفاصيل."

صحافة الحلول – صحافة صارمة

بدورها، قالت دينا أبو غزالة، مؤسِسة Egab التي تعنى بصحافة الحلول، إن هذا النوع من الصحافة يتطلب صحافة صارمة تعتمد على الإثباتات للاستجابة للمشاكل الاجتماعية.

وأشارت إلى وجود "أربعة أعمدة" لصحافة الحلول للتأكد من أنها ستكون موضوعية: أولا، واجب الصحفي نشر القصص، لا رأيه؛ ثانيا، يجب أن يكون هناك دلائل، فهذه ليست دعاية كاذبة؛ ثالثا، يجب وضع الأفكار وفهم لماذا نجحت الحلول المطروحة وكيف نجحت وهل يمكن تطبيقها في أماكن أخرى؛ رابعا، المحددات، فكل حل لديه محددات وليس هناك من حل كامل.

توجد قصص، لكنها ليست كافية وخاصة من الجانب الفلسطيني -- دينا أبو غزالة

وأضافت تقول: "عندما تتمتع قصتكم بهذه المكوّنات الأربعة، فإمكانكم التأكد أن مقالكم الصحافي جيد."

وفيما يتعلق بتأثير ذلك على الصراع، قالت دينا أبو غزالة إن شبكة صحافة الحلول ومقرّها الولايات المتحدة، تتعقب صحافة الحلول حيث تجمع الشبكة قصص صحافة الحلول التي تم نشرها، ووجدت ثلاث قصص من غزة، وقصة واحدة من الضفة الغربية، و43 قصة من إسرائيل.

وقالت: "ماذا يخبرنا ذلك؟ هذا جزء من المشكلة. تركز تغطيتنا أحيانا على الأمور السيئة والصراع، نحاول بلورة بعض المجتمعات والأشخاص بشكل ما، لكنّ صحافة الحلول تسمح لنا برؤية جانب آخر من هذه المجتمعات. هذا مهم لأننا نحتاج لأن نعرف أحدنا الآخر."

وأشارت إلى أنه يمكن لصحافة الحلول أن تكسر الصورة النمطية وأن تساعد الصحفيين على تقديم الفلسطينيين بطريقة مغايرة لما نراه عادة في الإعلام.

وقالت: "توجد قصص، لكنها ليست كافية وخاصة من الجانب الفلسطيني."

كيف يمكن تعزيز صحافة الحلول؟

ردّا على سؤال بشأن إمكانية تعزيز صحافة الحلول في سياق الصراع، قالت إيتا برينس-جيبسون إنه يمكن نشر صحافة الحلول وتعزيزها عبر التمرين الجيد على الجانبين. لأنه كلما كانت مجتمعاتنا أقوى من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ستكون الحلول أسهل. "وكل مجتمع يمكن أن يفعل الكثير فيما يتعلق بصحافة الحلول."

وأشارت إلى أنه يمكن فعل الكثير فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن يتطلب ذلك العمل معا إذا تم تحديد المشكلة التي ننظر إليها. 

من جانبه، قال داوود كتاب إن الاعتقاد بأن بإمكان الصحفيين حل المشاكل جميعها هو اعتقاد خاطئ، وأكد أنه من واجب الصحفي تغطية الأخبار وكتابة التقارير والمساعدة في تحديد المشاكل وعكس الآراء المختلفة، ولكن في نهاية المطاف لن تقوم الصحافة بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وأضاف يقول إنه يرغب في أن يرى أشخاصا أكثر يكتبون بصيغة صحافة الحلول "لأنها تدفعنا جميعا للتفكير بطريقة مغايرة."

هذا وقد ناقشت الحلقة الدراسية الإعلامية يوم أمس الذكرى الثلاثين لمؤتمر مدريد للسلام، وافتتحت الجلسة برسالة مسجلة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي دعا فيها إلى عدم فقدان الأمل.