منظور عالمي قصص إنسانية

مؤتمر الأطراف COP26: الوعود تبقى "جوفاء" إذا استمر الوقود الأحفوري بتلقي تريليونات الدولارات، بحسب الأمين العام الذي دعا المفاوضين إلى تسريع الوتيرة

احتراق الوقود الأحفوري يتسبب بإطلاق عدد من ملوثات الهواء الضارة بالبيئة والصحة العامة.
Unsplash/Malcolm Lightbody
احتراق الوقود الأحفوري يتسبب بإطلاق عدد من ملوثات الهواء الضارة بالبيئة والصحة العامة.

مؤتمر الأطراف COP26: الوعود تبقى "جوفاء" إذا استمر الوقود الأحفوري بتلقي تريليونات الدولارات، بحسب الأمين العام الذي دعا المفاوضين إلى تسريع الوتيرة

المناخ والبيئة

تحتاج الحكومات إلى إظهار الطموح الضروري بشأن التخفيف والتكيّف والتمويل بطريقة متوازنة، ولا يمكنها القبول بـ"القاسم المشترك الأدنى" – هذا ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة في غلاسكو حيث وصلت مفاوضات المناخ الحاسمة إلى المرحلة الأخيرة. وفي غضون ذلك، أطلقت 13 دولة تحالفا جديدا لإنهاء استخدام الغاز والنفط، وكانت المدن هي موضوع اليوم.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للوفود يوم الخميس إن حشد المجتمع المدني شكّل مصدر إلهام بالنسبة له، بما في ذلك الشباب ومجتمعات السكان الأصليين والمجموعات النسائية والمدن والقطاع الخاص، وسلط الضوء على أن النضال من أجل العمل المناخي يتطلب أن يمد الجميع يد المساعدة.

أرحب بالاعتراف بهذه الحقيقة في اتفاق التعاون بين الولايات المتحدة والصين أمس – وهي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح -- الأمين العام

وذكّر المشاركين في حدث رفيع المستوى في الجلسة العامة: "نحن نعرف ما الذي ينبغي القيام به. يعني الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية في متناول اليد، وتقليل الانبعاثات على مستوى العالم بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030. لكن المجموعة الحالية من المساهمات المحددة وطنيا – حتى لو تم تنفيذها بالكامل – ستظل تزيد الانبعاثات بحلول عام 2030."

ثم أشار إلى آخر تحليل مشترك أجرته وكالات الأمم المتحدة المعنية بالمناخ والبيئة، والذي يُظهر أنه حتى مع التعهدات والالتزامات الأخيرة التي قُطعت في COP26، "لا نزال على المسار نحو ارتفاع درجة الحرارة الكارثي فوق درجتين مئويتين."

وقال: "أرحب بالاعتراف بهذه الحقيقة في اتفاق التعاون بين الولايات المتحدة والصين أمس – وهي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. لكن الوعود تبدو جوفاء إذا استمرت صناعة الوقود الأحفوري بتلقي تريليونات الدولارات من الإعانات حسب قياس صندوق النقد الدولي. أو إذا استمرت البلدان في بناء مصانع الفحم، أو إذا لم تُفرض ضرائب على الكربون."

ودعا السيد غوتيريش كل دولة ومدينة وشركة ومؤسسة مالية إلى أن تحد من انبعاثاتها وإزالة الكربون عن محافظها المالية "بشكل جذري وموثوق ويمكن التحقق منه" بدءا من الآن.

تقييم التقدم وطريقة جديدة لقياسه

بينما أقرّ الأمين العام للأمم المتحدة بأن الجهود الحالية لمعالجة تغير المناخ ما زالت غير كافية، فقد سلط الضوء على التقدم الذي تم إحرازه خلال COP26 في غلاسكو، بما في ذلك الالتزام بوقف وعكس إزالة الغابات، والعديد من الالتزامات الصافية الصفرية التي قدمتها المدن وغيرها من التحالفات والتعهدات بالتخلص التدريجي من الفحم والاستثمار في الطاقات النظيفة حول العالم.

نحن بحاجة إلى تنفيذ التعهدات. نحن بحاجة إلى أن تصبح الالتزامات ملموسة. نحن بحاجة إلى إجراءات ليتم التحقق منها -- الأمين العام

وأضاف يقول: "نحن بحاجة إلى تنفيذ التعهدات. نحن بحاجة إلى أن تصبح الالتزامات ملموسة. نحن بحاجة إلى التحقق من الإجراءات. نحن بحاجة إلى سد فجوة المصداقية العميقة والحقيقية." وأضاف أنه كمهندس، هو يعلم أن الهياكل المستدامة تحتاج إلى أسس متينة.

وأعلن السيد غوتيريش أنه سيؤسس فريق خبراء رفيع المستوى لاقتراح معايير واضحة لقياس وتحليل الالتزامات بصافي صفر انبعاثات من الجهات الفاعلة غير الحكومية، قائلا إن الفريق سيقدم سلسلة من التوصيات في العام المقبل.

وقال: "يجب أن نكون قادرين على قياس التقدم، والقيام بالتعديلات عندما نخرج عن المسار الصحيح.. يجب علينا الآن التركيز على جودة الخطط وتنفيذها. في القياس والتحليل. في إعداد التقارير والشفافية والمساءلة." وطالب الجهات الفاعلة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومحاسبة بعضها البعض.

واختتم كلمته قائلا: "معا فقط يمكننا أن نحافظ على 1.5 درجة مئوية في المتناول، وعلى العالم المنصف والمرن الذي نحتاجه."

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء إلقاء كلمته في افتتاح مؤتمر COP26 لتغير المناخ في غلاسكو، اسكتلندا.
UN News/Laura Quinones
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أثناء إلقاء كلمته في افتتاح مؤتمر COP26 لتغير المناخ في غلاسكو، اسكتلندا.

المفاوضات لم تصل إلى المبتغى 

في غضون ذلك، قدم رئيس مؤتمر الأطراف COP26، ألوك شارما، تحديثا للمفاوضات الدائرة على مدار الساعات الأربع والعشرين الماضية. وقال إن المناقشات حول الهدف العالمي للتكيّف قد اختتمت، معربا عن أمله في أن يتم تبنيها.

وأقرّ السيد شارما بوجود تقدم، وروح تعاون وكياسة ظهرت خلال المفاوضات، لكنّه حذر من أن المفاوضات "لم تصل إلى ما نرجوه منها بعد" بشأن القضايا الأكثر أهمية.

وقال للصحفيين: "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، ومن المقرر أن ينتهي مؤتمر COP26 في نهاية يوم غد، والوقت ينفد." وأكد أن المفاوضين "يشمّرون عن سواعدهم" لإيجاد حلول كانت بعيدة المنال منذ ست سنوات في الوقت الحالي.

وأضاف: "يجب تسريع المفاوضات بشأن التمويل، ويجب تسريعها الآن."

وردد كلمات غوتيريش بأن العالم بحاجة إلى الارتقاء إلى مستوى التحدي وزيادة الطموح.

مظاهرة خارج مقر مؤتمر المناخ COP26 في غلاسكو، باسكتلندا، تمثل ضحايا أزمة المناخ.
UN News/Laura Quinones
مظاهرة خارج مقر مؤتمر المناخ COP26 في غلاسكو، باسكتلندا، تمثل ضحايا أزمة المناخ.

وقت النفط والغاز ينفد: تشكيل تحالف جديد

في تطورات إيجابية جديدة في وقت سابق من اليوم، وتماشيا مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، قدمت 11 دولة تحالف ما وراء النفط والغاز (BOGA) في COP26.

وأطلقت إيرلندا وفرنسا والدنمارك وكوستاريكا، من بين دول أخرى، بالإضافة إلى بعض الحكومات دون الوطنية، أول تحالف من نوعه لتحديد موعد نهائي للتنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما. حتى الآن، تم إصدار إعلانات مماثلة فقط فيما يتعلق بتعدين الفحم.

وقال أعضاء BOGA الأساسيون خلال مؤتمر صحفي إنهم ملتزمون بإنجاز جميع الامتيازات الجديدة والترخيص ومراحل التأجير.

وقالت أندريا ميزا، وزيرة البيئة والطاقة في كوستاريكا خلال مؤتمر صحفي: "هذا يتعلق بالشجاعة لاتخاذ إجراءات ملموسة حقا. نحن نسمع العالم خارج هذه الجدران، ونعلم أن العلم واضح وأننا بحاجة حقا إلى تسريع العمل، وعندما نتحدث عن كيفية القيام بذلك، نحن نعالج إجراءات الطلب، ونحن نعم نعلم أن ذلك مهم.. لكن لا يمكننا ترك جانب العرض، نحتاج إلى إطلاق هذه المحادثة."

وأضافت تقول: "كل دولار نستثمره في مشاريع الوقود الأحفوري يعني أن دولارا ينقص (من الاستثمار في) مصادر الطاقة المتجددة والحفاظ على الطبيعة.. يتعلق الأمر بكيفية الاستفادة حقا من الزخم لبدء هذه المحادثة."

ورحبت شبكة العمل المناخي، التي تتكون من أكثر من ألف منظمة مجتمع مدني، بالمبادرة ووصفتها بأنها أمر "طال انتظاره."

وقال رومين لوالالين، مدير حملة السياسة العامة في Oil Change International: "لماذا هذا مهم؟ إنه COP26، وللمرة الأولى لدينا مسودة لقرارات غطاء غلاسكو التي تتضمن الوقود الأحفوري.. إطلاق BOGA يعني أن الأمور تتغير، إن المحادثة تتطور بشأن تغير المناخ، وأن الحاجة إلى التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري لم تعد من المحرمات بالنسبة للعديد من البلدان."

ومن وجهة نظره، في الحديث مع ممثلي البلدان التي تتفاوض في COP26 وخاصة دول شمال الكرة الأرضية التي لا تزال تنتج النفط والغاز على نطاق واسع وليس لديها خطط للتوقف، كان هناك سؤال حقيقي واحد فقط: "أين خطتكم؟ أين خطتكم لاتباع العلم؟ لقد عرفنا أن الوقود الأحفوري هو سبب تغير المناخ منذ عقود."

التزام المدن حول العالم

كلوديا لوبيز، عمدة بوغوتا، كولومبيا، وعضو مجموعة المدن C40، وصلت إلى مقر مؤتمر COP26 وذلك من أجل عرض الإجراءات المناخية التي تتخذها بوغوتا فعليا وللمطالبة بالمزيد من الإجراءات المناخية.
Video screenshot
كلوديا لوبيز، عمدة بوغوتا، كولومبيا، وعضو مجموعة المدن C40، وصلت إلى مقر مؤتمر COP26 وذلك من أجل عرض الإجراءات المناخية التي تتخذها بوغوتا فعليا وللمطالبة بالمزيد من الإجراءات المناخية.

تعد المدن والبلديات في كاليفورنيا من بين مؤسسي تحالف BOGA الجديد. وفي الوقت نفسه، قدمت مدن من جميع أنحاء العالم – 1049 على وجه الدقة – في بداية COP26 التزاما بخفض انبعاثاتها إلى النصف بحلول عام 2030 والتحول إلى الصافي الصفري بحلول عام 2050.

Tweet URL

وقالت كلوديا لوبيز، رئيسة بلدية مدينة بوغوتا، في كولومبيا، لأخبار الأمم المتحدة: "من بين ما يقرب من 30 عاما من اجتماعات مؤتمر الأطراف كان مؤتمر الأطراف COP26 هو أول اجتماع تأتي فيه الحكومات المحلية وحكومات المدن بصوت مسموع وتكون مثالا يحتذى به. إنها المرة الأولى التي تمكنا فيها من إظهار تعهد 1049 مدينة لديها بالفعل إجراءات واستثمارات في مجال المناخ."

علاوة على ذلك، قالت السيدة لوبيز، وهي أيضا الرئيسة المشاركة لمجموعة مدن C40 التي صاغت التعهد، إن المدن والبلديات كانت تجتمع معا لإظهار هذا الالتزام، لمطالبة الحكومات الوطنية والشركات الخاصة بالقيام بدورها "لمواءمة حوافزها واستثماراتها مع خطط العمل المناخية - مع مطالب مواطنينا للتغيير الفعلي."

وركزت آخر الأيام المواضيعية في COP26 على مناطق المدن والبيئة المبنية، وسلطت الضوء على أن 86 في المائة من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول عام 2050، لذلك سيكون من الضروري بناء مستقبل حضري مستدام وقادر على الصمود.

وشرح سيلفستر تيرنر، رئيس بلدية هيوستن، رابع أكبر مدينة في الولايات المتحدة، كيف يمكن للعمل في المدن أن يقود العمل الوطني: "رؤساء البلدية هم بمثابة جنود في الميدان، وقوارب على الماء (أي يقودون العمل)، والأقرب إلى الناس، وعلينا الحصول على نتائج، لا يهم ما هو انتماؤك الحزبي عندما تقترب العواصف والظواهر الطقس المتطرفة، وهي تظهر بتواتر أكبر وشدة أكبر، وتكلفة أعلى."

بحلول عام 2050، سيتعرض 1.6 مليار شخص يعيشون في المدن بشكل منتظم لدرجات حرارة عالية للغاية وسيكون أكثر من 800 مليون شخص يعيشون في المدن في جميع أنحاء العالم عرضة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات الساحلية.

ويسلط مضيفو COP26 الضوء على تسريع الانتقال إلى صافي انبعاثات صفرية لمدن العالم وسيكون أمرا حيويا لتحقيق هدف الحفاظ على الاحترار العالمي قريبا من 1.5 درجة مئوية.

تساعد المدن المستدامة في المعركة ضد تغير المناخ.
Unsplash/chuttersnap
تساعد المدن المستدامة في المعركة ضد تغير المناخ.

بناء مستقبل أفضل

وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، تستهلك المدن 78 في المائة من طاقة العالم وتنتج أكثر من 60 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكنها تمثل أقل من 2 في المائة من سطح الأرض.

واليوم، شاركت المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، في لجنة ضمن COP26 للدعوة إلى كفاءة أكبر في استخدام الطاقة في البناء.

وقالت: "نشيّد المباني الجديدة ما يعادل حجم باريس كل أسبوع، وإذا كانت هذه هي الطريقة التي نتوقع أن نتوسع بها، فنحن بحاجة إلى التفكير في كيفية القيام بذلك بسبب المناخ، والتنوع البيولوجي، وقابلية العيش، ونوعية الحياة. نحتاج إلى البناء بشكل أفضل."

وفقا للسيدة أندرسن، فإن البناء والتشييد مسؤولان عن 37 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومواد البناء مثل الإسمنت، مسؤولة عن 10 في المائة من الانبعاثات العالمية.

كما أشارت إلى أن أكثر من نصف المباني التي ستُبنى في عام 2060 لم يتم تشييدها بعد.

"نحن لا نركز بشكل كاف على المرونة، فالمبنى النموذجي الذي تم بناؤه اليوم سيظل قيد الاستخدام بحلول عام 2070، وسيكون تأثير المناخ الذي سيتعين عليه تحمّله مختلفا تماما".

وأوضحت أن الترميم يمكن أن يوفر مستوى عال من الكفاءة والقدرة على العيش.

بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أضافت 19 دولة فقط قوانين تتعلق بكفاءة استخدام الطاقة في المباني ووضعتها في مكانها الصحيح وستحدث معظم أعمال البناء المستقبلية في البلدان التي لا توجد بها هذه الإجراءات.

وقالت: "مقابل كل دولار يُستثمر في المباني ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، نرى 37 يتجه إلى المباني التقليدية، التي تفتقر إلى الكفاءة في استخدام الطاقة. نحن بحاجة إلى التحول عن هذه التغييرات التدريجية لأنها بطيئة للغاية، نحن بحاجة إلى تحول حقيقي في القطاع. نحن بحاجة إلى البناء على نحو أفضل".

ودعت إلى مزيد من الطموح للحكومات إذا أرادت الوفاء بوعد صافي انبعاثات صفرية.