منظور عالمي قصص إنسانية

إثيوبيا: مفوضة حقوق الإنسان تحث الأطراف في النزاع على إنهاء الحرب قبل فوات الأوان

عبر عشرات الآلاف من اللاجئين الحدود من إثيوبيا إلى السودان هربا من الصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية.
© WFP/Leni Kinzli
عبر عشرات الآلاف من اللاجئين الحدود من إثيوبيا إلى السودان هربا من الصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية.

إثيوبيا: مفوضة حقوق الإنسان تحث الأطراف في النزاع على إنهاء الحرب قبل فوات الأوان

حقوق الإنسان

ناشدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، جميع الأطراف في النزاع المتصاعد في تيغراي بإثيوبيا التوقف عن القتال على الفور، وإلا فإنها تخاطر بدفع الوضع الإنساني الكارثي في المنطقة "إلى حافة الهاوية."

وتأتي مناشدة السيدة باشيليت عقب إعلان حالة طوارئ واسعة في إثيوبيا، وسط تقارير تفيد بأن القوات في تيغراي أحرزت مزيدا من التقدم في منطقة أمهرة المجاورة، وتقارير إخبارية أخرى تفيد بقصف القوات الحكومية الإثيوبية للعاصمة ميكيلي.

وقالت باشيليت: "أشعر بقلق عميق لأنه، في هذه المرحلة الحرجة بالفعل، تم إعلان حالة طوارئ واسعة في إثيوبيا. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالة حقوق الإنسان الخطيرة للغاية في البلاد. قد تدفع القيود الإضافية المفروضة على الوصول بالوضع الإنساني - بالغ الصعوبة بالفعل - إلى حافة الهاوية."

Tweet URL

وتتزامن المناشدة مع إصدار تقرير مشترك بين مفوضية حقوق الإنسان واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان عن سلسلة من الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة في تيغراي، قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن جميع الأطراف في النزاع ارتكبتها بدرجات متفاوتة.

وفي بيان عقب إصدار التقرير، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أنه يحيط علما بالتقرير، وأعرب عن شعوره بالقلق العميق بأن التصعيد الأخير واتساع نطاق النزاع المسلح وإعلان حالة الطوارئ كل ذلك سيؤدي إلى تفاقم حالة حقوق الإنسان لشعب إثيوبيا.

وفي المؤتمر الصحفي اليومي من نيويورك، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن الأمين العام دعا مرة أخرى إلى وقف القتال فورا، وشدد على أنه في نهاية المطاف، سيتم حل الأزمة الحالية في إثيوبيا فقط حول طاولة مفاوضات تشمل جميع سكان إثيوبيا وقادتها.

دعوة إلى العدالة والإنصاف

وتابعت باشيليت تقول: "مع تصاعد النزاع، حيث أمسى المدنيون عالقين وسط النيران، من الضروري للغاية أن تستجيب جميع الأطراف إلى الدعوات المتكررة لإنهاء الأعمال العدائية والسعي إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار."

وشددت على أن التقارير الأخيرة بشأن القتل والهجمات العشوائية "تسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء تحقيقات مناسبة ومساءلة حول ما حدث في إثيوبيا خلال العام الماضي، والذي – بشكل مأساوي – يظهر القليل من علامات التراجع."

تعرض المدنيون في تيغراي للعنف الوحشي والمعاناة، وقد كشف فريق التحقيق المشترك عن العديد من الانتهاكات والتجاوزات -- ميشيل باشيليت

وإذا لم تكن هناك عمليات مساءلة وطنية شفافة وذات مصداقية، تدعو المفوضة السامية إلى إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة.

وقالت للصحفيين في جنيف: "تعرض المدنيون في تيغراي للعنف الوحشي والمعاناة، وقد كشف فريق التحقيق المشترك عن العديد من الانتهاكات والتجاوزات، بما في ذلك القتل غير الشرعي والإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب والعنف الجنسي والعنف الجنساني والانتهاكات ضد اللاجئين والتهجير القسري للمدنيين."

ويغطي التقرير الفترة الممتدة بين 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 - يوم اندلاع النزاع المسلح - و28 حزيران/يونيو 2021 - يوم إعلان الحكومة وقف إطلاق النار من جانب واحد. وأجرى الفريق 269 مقابلة سرية مع ضحايا انتهاكات وتجاوزات مزعومة ومع شهود عليها وغيرهم من الجهات والمصادر الأخرى.

من جانبه، قال كبير المفوضين في اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان، دانيال بيكيلي: "مع اتساع نطاق النزاع وورود المزيد من التقارير عن وقوع انتهاكات وتجاوزات، يوفر هذا التقرير فرصة لجميع الأطراف كي تعترف بمسؤولياتها، وتلتزم بتدابير عملية تهدف إلى تحقيق المساءلة وإنصاف الضحايا والبحث عن حل مستدام لإنهاء معاناة الملايين."

أسباب معقولة للاعتقاد بأن جميع الأطراف ارتكبت انتهاكات

شددت السيدة باشيليت على وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن جميع أطراف النزاع ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية، والقانون الإنساني وقانون اللاجئين، وبعضها قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على أساس أن الضحايا لم يشاركوا في القتال."

وقالت: "أسرة مكونة من أربعة أفراد قُتلت في أيدر بميكيلي، أثناء قصف المنزل حسبما ورد، من قبل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، دون أي مبرر عسكري واضح. امرأة تبلغ من العمر 26 عاما تعرّضت للاغتصاب الجماعي من قبل جنود قوات الدفاع الإريترية أمام ابنتها البالغة من العمر ثلاثة أعوام. رجل في ماي كادرا تم الاعتداء عليه بالسواطير من قبل مجموعة شبابية من تيغراي تعرف باسم سامري، وأطلقوا النار على ظهره وألقوه في النار."

يقوم اختصاصيو التغذية في اليونيسف وفريق الاستجابة للطوارئ بفحص سوء التغذية في جنوبي تيغراي.
©UNICEF/Christine Nesbitt
يقوم اختصاصيو التغذية في اليونيسف وفريق الاستجابة للطوارئ بفحص سوء التغذية في جنوبي تيغراي.

وحشية كبيرة

أشارت باشيليت إلى الهجمات التي شنتها القوات الإثيوبية والإريترية وقوات من تيغراي على المدنيين والشهادات المروعة عن العنف الجنسي التي شاركتها 30 امرأة ناجية، نصفهن تقريبا تعرضن للاغتصاب الجماعي.

ومما يثير القلق بنفس القدر حقيقة أن حوالي 400 ألف شخص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وسط نقص مستمر في إيصال المساعدات إلى تيغراي. وقالت باشيليت: "إن خطورة الانتهاكات والتجاوزات التي وثقناها تؤكد على الحاجة إلى محاسبة الجناة من جميع الأطراف."

بحسب التقرير، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أصاب القصف الذي أطلق من منطقة جبلية خاضعة لسيطرة قوات الدفاع الوطني الإثيوبية أكثر من 15 منشأة في ميكيلي، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 29 مدنيا وإصابة ما لا يقل عن 34 آخرين بجراح.

وفي وقت سابق من نفس الشهر، اندلع قتال عنيف في الحميرة، حيث قيل إن قوات الدفاع الإريترية وقوات تيغراي أطلقت قذائف مدفعية، "وضربت العديد من المناطق المأهولة بالسكان" مما أسفر عن مقتل 15 شخصا. وتم دعم هذه التقارير من خلال زيارة الفريق الصحفي إلى الحميرة حيث رأوا علامات "قذائف على الجدران وحفر في الشوارع."

اضطهاد اللاجئين

وجد التقرير أنه بين تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وكانون الثاني/يناير 2021، انتهكت قوات تيغراي الخاصة وقوات الدفاع الإريترية الطابع المدني لمخيمات اللاجئين في تيغراي من خلال تواجدها في مخيم شيميلبا للاجئين الذي يأوي لاجئين إريتريين.

وعرّضت قوات تيغراي الخاصة وقوات الدفاع الإريترية أمن آلاف اللاجئين وحياتهم للخطر بسبب الاشتباكات التي دارت في محيط المخيم، مما أدى إلى نزوح آلاف اللاجئين، واختفاء مئات الآخرين، وتدمير المخيم.

كما انتهكت قوات الدفاع الإريترية المبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة القسرية من خلال إعادة اللاجئين الإريتريين المعرضين للخطر إلى إريتريا بالقوة. "كما نهب جنود تيغراي ممتلكات خاصة للاجئين والمنظمات الإنسانية."

يتم إنزال الطعام من شاحنة في أحد مراكز التوزيع التابعة لبرنامج الأغذية العالمي شمالي تيغراي.
© WFP/Claire Nevill
يتم إنزال الطعام من شاحنة في أحد مراكز التوزيع التابعة لبرنامج الأغذية العالمي شمالي تيغراي.

التهجير القسري

أشار التقرير إلى اضطرار آلاف المدنيين إلى الفرار نتيجة أعمال القتل والاغتصاب وتدمير الممتلكات ونهبها، والخوف من الأعمال الانتقامية، ونتيجة الاعتداءات العرقية وتلك القائمة على الهوية، وهو ما حدث بشكل خاص غرب تيغراي.

وذكر التقرير تشريد أفراد إثنية الأمهرة من منازلهم على يدّ مجموعة شباب تيغراي السامري في ماي كادرا، الذي تلته عمليات تشريد انتقامية واسعة النطاق ضد أفراد إثنية تيغراي مارستها قوات الأمهرة الخاصة وميليشيا الأمهرة وفانو، لم يُنَفَّذ لحماية الضحايا، ولا تبرره الضرورات العسكرية كما يقتضي القانون الدولي.

وقال التقرير: "لدى فريق التحقيق المشترك أسباب معقولة للاعتقاد بأن عمليات التشريد القسري قد ارتُكِبَت على نطاق واسع وبدون أي مبرر قانوني، مما ينتهك القانون الإنساني الدولي التقليدي والعرفي. وقد ترقى مثل هذه الأفعال إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب."

ودعت باشيليت، إلى المحاسبة على الانتهاكات: "اتسم النزاع في تيغراي بوحشية مروعة. وتؤكد خطورة وجسامة الانتهاكات والتجاوزات التي وثقناها ضرورة محاسبة الجناة، بصرف النظر عن الطرف الذي ينتمون إليه."

ولا تزال اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان منخرطة في مراقبة حالة حقوق الإنسان منذ نهاية حزيران/يونيو، وأشار بيكيلي إلى أنها ستعرض كافة النتائج التي توصلت إليها.

انتهاكات وقصص مروعة

زار فريق التحقيق المشترك عدة مواقع، بما في ذلك ميكيلي وشرق تيغراي وجنوب شرق تيغراي، وجنوب تيغراي، وغرب تيغراي، وبحر دار وغوندار في منطقة أمهرة، بالإضافة إلى أديس أبابا. وأشار فريق إعداد التقرير إلى مواجهة "تحديات أمنية وتشغيلية وإدارية" أمام وصوله إلى جميع أجزاء تيغراي.

ودعا التقرير جميع الأطراف في النزاع إلى وضع حد لكل الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المدنيين والبنية التحتية. وطالبها جميعها بالموافقة، بدون أي شروط مسبقة، على إنهاء الأعمال العدائية فورا وإنهاء أي تدابير قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة أصلا.

ووجه الفريق توصياته إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومنها تعزيز ودعم جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف الأعمال العدائية وإحلال سلام مستدام وشامل، بما في ذلك دعم تدابير المساءلة الفعالة، إذ سلط التقرير الضوء على النداءات العديدة التي وجهها الضحايا والناجون إلى فريق التحقيق المشترك، وعلى ضرورة تقديم الجناة إلى العدالة.