منظور عالمي قصص إنسانية

المتاجرون بالبشر يجدون ضحاياهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو

وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على حياة الأطفال، كما أن الاتصال المستمر بالإنترنت قد يأتي أيضا مع العديد من المخاطر، بما في ذلك الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت للمراهقين والأطفال.
© UNICEF/UN014974/Estey
وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على حياة الأطفال، كما أن الاتصال المستمر بالإنترنت قد يأتي أيضا مع العديد من المخاطر، بما في ذلك الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت للمراهقين والأطفال.

المتاجرون بالبشر يجدون ضحاياهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو

القانون ومنع الجريمة

يستخدم المتاجرون بالبشر حاليا التكنولوجيا والإنترنت لتحديد ضحاياهم وتجنيدهم والسيطرة عليهم واستغلالهم، وتحقيق مكاسب وأرباح كبيرة. لكن هل من سبيل لمعالجة هذه الظاهرة المخيفة؟

يظهر بحث أجراه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، كيف يتم استهداف الضحايا وتجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنصات التعارف عن طريق الإنترنت حيث تتوفر المعلومات الشخصية وتفاصيل تتعلق بأماكن وجود الأشخاص بسهولة.

فالمتاجرون بالبشر، الذين يخدعون الأشخاص بوعود وعروض عمل مزيفة، ومن ثمّ يستغلونهم من أجل الربح، يستفيدون من تقنيات الإنترنت في كل خطوة من خطوات أنشطتهم الإجرامية.

وقد التقى هذا الشهر (تشرين الأول/أكتوبر) خبراء من حوالي 100 دولة عبر الإنترنت وفي فيينا بالنمسا، لمناقشة استراتيجيات مكافحة هذه الظاهرة، والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا لمنع الاتجار بالبشر والتحقيق في قضايا هذه الجريمة.

كيف يتم الاتجار بالبشر عبر الإنترنت؟

يحدث الاعتداء الجنسي وأشكال الاستغلال الأخرى بشكل افتراضي ويتم بيع الصور ومقاطع الفيديو على منصات مختلفة للعملاء في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من أرباح المتاجرين بدون أي تكلفة إضافية.

فتاة صغيرة في بودغوريتشا، الجبل الأسود، تجلس أمام كمبيوتر محمول ممسكة برأسها بين يديها.
©UNICEF/Dusko Miljanic
فتاة صغيرة في بودغوريتشا، الجبل الأسود، تجلس أمام كمبيوتر محمول ممسكة برأسها بين يديها.

وأوضحت تيفاني كريتين، مسؤولة منع الجريمة والعدالة الجنائية في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن "المتاجرين يسارعون إلى تكييف نموذج أعمالهم ليناسب احتياجاتهم وزيادة أرباحهم، لذا فهم بالطبع يواكبون الاتجاهات عبر الإنترنت."

وأضافت تقول: "يستخدم المتاجرون بالبشر حاليا التكنولوجيا لتحديد هوية ضحاياهم وتجنيدهم والسيطرة عليهم واستغلالهم، بالإضافة إلى استخدام الإنترنت، وخاصة الشبكة المظلمة، لإخفاء المواد غير القانونية الناتجة عن الاتجار وإخفاء هوياتهم الحقيقية من المحققين."

والشبكة المظلمة هي جزء من الإنترنت غير مرئي لمحرّكات البحث، ويتطلب استخدام متصفح مجهول ليتم الوصول إليها.

ويمكن استخدام تطبيقات تتبع المواقع واستخدام أنظمة تحديد المواقع العالمية في الهواتف المحمولة لمعرفة مكان الضحية، فيما تُمكّن الكاميرات في الهواتف الذكية المستخدمة أثناء مكالمات الفيديو المتاجرين من رؤية الضحايا ومحيطهم.

كما يتمكن المتاجرون من السيطرة على ضحاياهم من خلال التهديد بنشر صور أو مقاطع فيديو حميمة لهم وإرسالها لعائلاتهم وأصدقائهم، إذا لم يمتثلوا لمطالبهم.

الإنترنت توفر طريقة سهلة لجذب الضحايا

اليوم، توفر الإنترنت وصولا سهلا لمجموعة أكبر بكثير من الضحايا المحتملين لأن القيود المادية والجغرافية التقليدية لم تعد موجودة. ويُنشئ المتاجرون مواقع مزيفة على الإنترنت أو ينشرون إعلانات على بوابات التوظيف المشروعة ومواقع الشبكات الاجتماعية.

وتمتاز بعض هذه المواقع بخيار الدردشة الحية. ويمنح هذا المتاجر اتصالا فوريا وفرصة للحصول على معلومات شخصية، مثل تفاصيل جواز السفر، وبالتالي تعزيز سلطتهم على الضحايا المستهدفين.

أشخاص يستخدمون أجهزة الكمبيوتر في مقهى للانترنت في نيروبي بكينيا.
ITU/G. Anderson
أشخاص يستخدمون أجهزة الكمبيوتر في مقهى للانترنت في نيروبي بكينيا.

ويمكن استغلال الضحايا بشكل متكرر من خلال البث المباشر على مواقع متعددة، ولا يوجد حد لعدد مرات مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بإساءة معاملتهم.

ويصعب على سلطات إنفاذ القانون التصدي لهذه الجريمة بسبب الطبيعة العالمية للاتجار بالبشر وإساءة استخدام التكنولوجيا. تقول السيدة كريتين: "عندما يتم التخطيط لجريمة ما في بلد ما، وضحايا في بلد آخر، وعميل في بلد ثالث، تواجه سلطات إنفاذ القانون تحديات عملية مثل العثور على الأدلة وتأمينها، لأن أي تحقيق يتطلب التعاون عبر الحدود ومستويات معينة من الخبرة الرقمية."

ويتم أيضا تبييض العائدات غير المشروعة من هذه الجريمة المربحة للغاية عبر الإنترنت من خلال العملات المشفرة، مما يسهل على المتاجرين استلام وإخفاء ونقل مبالغ كبيرة من المال، مع تقليل مخاطر اكتشافهم.

40% من ضحايا الاتجار بالجنس في الولايات المتحدة عبر الإنترنت

وسلطت ألكساندرا غلبر، نائبة رئيس السياسة والتشريع في قسم استغلال الأطفال بوزارة العدل الأميركية، الضوء على الروابط بين الاتجار والتكنولوجيا في بلدها.

وقالت: "تظهر البيانات أنه في الولايات المتحدة، يتم تجنيد ما يقرب من 40 في المائة من ضحايا الاتجار بالجنس عبر الإنترنت، مما يجعل الإنترنت المكان الأكثر شيوعا حيث يتم تجنيد الضحايا."

تطبيق Facebook على الهاتف المحمول.
Unsplash/Solen Feyissa
تطبيق Facebook على الهاتف المحمول.

وأضافت أنه لأكثر من عقد من الزمن، كان الإعلان عبر الإنترنت هو التكتيك الرئيسي الذي يستخدمه المتاجرون بالبشر لجذب المشترين لممارسة الجنس مدفوع الأجر. وفي عام 2020، اشتمل أكثر من 80 في المائة من محاكمات الاتجار بالجنس التابعة لوزارة العدل الأميركية على الإعلانات عبر الإنترنت.

وقالت إنه يتم استخدام التكنولوجيا أيضا لارتكاب "الاتجار الافتراضي بجنس الأطفال" والذي يحدث عندما يرسل الجاني في الولايات المتحدة دفعة رقمية إلى تاجر في بلد آخر.

وأضافت تقول: "سيقوم المتاجر بعد ذلك بالاعتداء الجنسي على طفل أمام كاميرا الويب، بينما يشاهد الجاني في الولايات المتحدة بثاء مباشرا للإساءة."

وقد أتاحت جائحة كـوفيد-19 مزيدا من الفرص للمتاجرين بسبب زيادة استخدام الإنترنت، ولاسيما الشبكات الاجتماعية ومواقع ألعاب الفيديو عبر الإنترنت.

وقالت السيدة كريتين: "إجراءات الاحتواء للسيطرة على انتشار الفيروس تعني أن الناس يقضون وقتا أطول على الإنترنت، وخاصة الأطفال، منذ إغلاق المدارس. لقد شهدنا زيادة في مواد الاستغلال الجنسي للأطفال التي تم إنشاؤها ومشاركتها عبر الإنترنت أثناء الجائحة."

الاستخدام الجيد للتكنولوجيا

على الرغم من الاستخدامات الإجرامية المتزايدة للتكنولوجيا من قبل المتاجرين بالبشر، يمكن أيضا استخدام التكنولوجيا لتحديد الضحايا ودعم التحقيقات والملاحقات القضائية التي تقوم بها الشرطة.

وقالت كريتين: "مع ذلك، عندما يدخل المحققون العالم الرقمي للمواطنين، يكون لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات الشخصية. من الأهمية بمكان وجود أطر صارمة حول هذا الوصول إلى البيانات واستخدامها للتأكد من احترام الحق في الخصوصية وحقوق الإنسان."

وشكل النقاش جزءا من الفريق العامل الحكومي الدولي السنوي المعني بالاتجار بالأشخاص وتركز حول ورقة معلومات أساسية متعمقة حول هذا الموضوع من إنتاج قسم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

وتعرض ورقة المعلومات الأساسية أمثلة عديدة على الشراكات والأدوات القائمة أو الواعدة التي تستخدمها البلدان أو تطورها.