منظور عالمي قصص إنسانية
رالف بنش، أول أمريكي من أصل أفريقي وأول شخص ملون في التاريخ يحصل على جائزة نوبل

رائد مناهض للعنصرية يروي قصة رائد آخر: أندرو يونغ يتذكر رالف بنش

UN Photo
رالف بنش، أول أمريكي من أصل أفريقي وأول شخص ملون في التاريخ يحصل على جائزة نوبل

رائد مناهض للعنصرية يروي قصة رائد آخر: أندرو يونغ يتذكر رالف بنش

حقوق الإنسان

حظيَ أندرو يونغ، أول سفير أمريكي من أصل أفريقي لدى الأمم المتحدة، على مكانته في التاريخ، لكنه ينسب الفضل في ذلك إلى رائد أمريكي آخر من أصل أفريقي، هو رالف بنش، معتبرا إياه مصدر إلهام كبير له. 

كان بنش، الذي توفي قبل 50 عاما، أول شخص من أصل أفريقي يفوز بجائزة نوبل للسلام. وقد لعب دورا رئيسيا في الأيام الأولى من نشأة الأمم المتحدة.


في حديثه إلى أخبار الأمم المتحدة في تموز/يوليو 2020، روى أندرو يونغ ذكرياته عن السيد بنش، وشرح سبب استمرار تأثيره في الأمم المتحدة وفي المعركة الأوسع ضد العنصرية.

السفير أندرو يونغ من الولايات المتحدة، رئيس مجلس الأمن (مارس 1977)، يدعو إلى عقد اجتماع بشأن جنوب أفريقيا.
UN Photo/Yutaka Nagata
السفير أندرو يونغ من الولايات المتحدة، رئيس مجلس الأمن (مارس 1977)، يدعو إلى عقد اجتماع بشأن جنوب أفريقيا.


"كان رالف بنش أحد أبطال طفولتي. اعتبرته والدي، لأنه فعل بالفعل كل ما كنت أحاول القيام به، قبل 40 عاما!"، يقول أندرو يونغ.


غادر رالف بنش جامعة هوارد، [وهي واحدة من أهم الجامعات السوداء تاريخيا] في عام 1939 للقيام بجولة في أفريقيا، لتطوير الاستخبارات العسكرية في القارة، من أجل جهود الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.


ذهب بالقارب إلى المغرب وتونس ومصر، ثم عبر قناة السويس إلى كينيا وجنوب أفريقيا، وكان الشخص الوحيد في الجيش الأمريكي الذي يعرف حقا أي شيء عن القارة، من حيث المخابرات العسكرية. "الكثير من مبادئ الأمم المتحدة حول إنهاء الاستعمار وحفظ السلام والهجرة واللاجئين واللجوء جاءت، في اعتقادي، من الدراسات التي أجراها خلال هذه الفترة"، بحسب أندرو يونغ.

د. مارتن لوثر كينغ - ومعه زوجته، كوريتا سكوت - يصافح رالف بنش، الحائز على جائزة نوبل للسلام في عام 1950 على الوساطة في الصراع الفلسطيني.
UN Photo/Yutaka Nagata
د. مارتن لوثر كينغ - ومعه زوجته، كوريتا سكوت - يصافح رالف بنش، الحائز على جائزة نوبل للسلام في عام 1950 على الوساطة في الصراع الفلسطيني.


"مواطن أمريكي يسير في سبيل الحرية"


خلال حقبة الحقوق المدنية، وعلى الرغم من أنه كان مسؤولاً رفيع المستوى في الأمم المتحدة، ولم ينخرط بنش بشكل مباشر مع د. مارتن لوثر كينغ، إلا أنه لم يتردد في تقديم النصح والتشجيع له.


حتى أنه شارك بمسيرة مع الدكتور كينغ في سلمى [مشهد من مسيرات الحقوق المدنية لعام 1965 التي قام بها نشطاء سلميون، تظاهروا ضد قمع حقهم الدستوري في التصويت]، مما يدل على أنه، بالإضافة إلى كونه باحثا ذا شهرة عالمية، فقد بقي على اتصال مباشر مع المجتمع الأسود وقيادة الحقوق المدنية: لم يأت كمسؤول أممي، فقد أراد أن يكون هناك ببساطة كمواطن أمريكي، يسير في سبيل الحرية في بلاده.


عندما التقيت السيد بنش في الأمم المتحدة [في عام 1967، برفقة د. مارتن لوثر كينغ]، قال إنه لا يريد انتقاد الدكتور كينغ لموقفه من فيتنام، والذي اتفق معه [إذ كان مارتن لوثر كينغ صريحا في معارضته لتورط أمريكا في حرب فيتنام]، لكنه قال إنه يكره أن يرى الدكتور كينغ منخرطا في كل من حركة الحقوق المدنية وحركة السلام في نفس الوقت، لأن ذلك يجرده من الحماية.
عن ذلك قال الدكتور كينغ حينها إنه لم يكن يريد المشاركة ولكن لم يكن لديه خيار آخر: "لا أريد أن أشارك في هذا الأمر، لكن لا يمكنني الهرب منه. لا أستطيع أن أقسم ضميري إلى قسمين. لا يمكنني أن أؤيد اللاعنف بين الأعراق والطبقات في العالم وأؤيد العنف في الصراع الدولي".


عقد هذا الاجتماع بعد عام واحد من اليوم السابق لاغتيال الدكتور كينغ. يبدو الأمر كما لو أن السيد بنش كان يتوقع أن تنوع الأدوار التي كان يلعبها الدكتور كينغ كانت أمرا غير حكيم، وكان ينصحه بالتريث قليلاً للاستمرار لفترة أطول قليلا.

رائد مناهض للعنصرية يروي قصة رائد آخر: أندرو يونغ يتذكر رالف بنش


سيد القنوات الخلفية


كان رالف بَنش دائما عقلانيا ومنطقيا للغاية، وقد قاوم جميع أنواع السياسات العاطفية والغضب التي يمكن أن توجد بين الأجناس، أو بين العوالم المتقدمة والأقل تطورا.


كان وسيطا رئيسيا، يتمتع بعقل منطقي وتحليلي، استفاد منه ليتجنب الانجرار وراء الموضوعات العاطفية المتقلبة. لم يكن يؤمن بالسرية، لكنه كان يعتقد أن الدبلوماسية تعتمد على مستوى معين من الثقة الشخصية: هناك لعبة قناة خلفية تجري باستمرار في الأمم المتحدة.


رالف بنش رجل سلام


من الصعب المبالغة في تقدير إنجازات رالف بنش. في وقت كان واضحا فيه عدم المساواة العرقية في الولايات المتحدة، أصبح السيد بنش أول أمريكي من أصل أفريقي يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أمريكية في الثلاثينيات. بعد أن خدم بلاده في الحرب العالمية الثانية، في الاستخبارات العسكرية، عمل على اثنتين من الوثائق التأسيسية للأمم المتحدة: ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


شغل السيد بنش منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ودعم جهود الشعوب المستعمرة لتحقيق الحرية والاستقلال في مجلس الوصاية، وتوسط في هدنة عام 1949 بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، والتي من أجلها حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950.


كان السيد بنش مهندسا ومديرا لعمليات حفظ السلام الأممية، وقاد شخصيا أكبر عمليات الأمم المتحدة وأكثرها تحديا، وهي عملية الأمم المتحدة في الكونغو عام 1960.

على الرغم من أن السيد بنش قد غادر الأمم المتحدة بحلول الوقت الذي أصبح فيه أندرو يونغ أول سفير أمريكي من أصل أفريقي للمنظمة في عام 1977، كان الرجلان قد التقيا سابقا خلال الستينيات. وقد رافق السيد يونغ الدكتور مارتن لوثر كينغ في زيارته لمقر الأمم المتحدة عام 1967، في ذروة حركة الحقوق المدنية الأمريكية.


هذه المقالة هي واحدة من سلسلة من مقالات الوسائط المتعددة التي نُشرت كجزء من الاحتفالات بالذكرى السنوية العشرين لإعلان ديربان للأمم المتحدة، والذي يُعتبر علامة فارقة في الكفاح العالمي ضد العنصرية.