منظور عالمي قصص إنسانية

مجلس الأمن يبحث الوضع في تيغراي بعد أن وصلت إثيوبيا إلى "منعطف حرج"

أم تحتضن طفلها (عام) الذي يعاني من سوء التغذية، في أحد المراكز الصحية في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا.
© UNICEF/Mulugeta Ayene
أم تحتضن طفلها (عام) الذي يعاني من سوء التغذية، في أحد المراكز الصحية في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا.

مجلس الأمن يبحث الوضع في تيغراي بعد أن وصلت إثيوبيا إلى "منعطف حرج"

السلم والأمن

قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام إن النزاع في تيغراي هو نتيجة لمظالم سياسية عميقة الجذور لا يمكن حلها إلا من خلال الحوار وعملية سياسية ذات مصداقية.

جاءت كلمة السيدة روزماري ديكارلو خلال اجتماع عُقد في مجلس الأمن بشكل شخصي مساء الجمعة بتوقيت نيويورك لبحث الأوضاع في إثيوبيا مع تركيز خاص على إقليم تيغراي الذي اندلع فيه النزاع في تشرين/الثاني نوفمبر الماضي.

وقالت ديكارلو محذرة: "إثيوبيا في منعطف حرج. وتظهر التطورات الأخيرة الحاجة إلى معالجة القضايا التي ابتليت بها البلاد بطريقة شاملة ومستدامة. قد تكون عواقب عدم القيام بذلك وخيمة."

وقف إطلاق النار

بعد حوالي ثمانية أشهر على النزاع، أعلنت حكومة إثيوبيا في 28 حزيران/يونيو، وقفا لإطلاق النار أحادي الجانب في تيغراي، وأشارت الحكومة إلى ضرورة معالجة الأزمة الإنسانية في المنطقة.

وبعد هذا الإعلان، انسحبت قوة الدفاع الوطنية الإثيوبية والإدارة المؤقتة في الإقليم، من ميكيلي عاصمة تيغراي.

وفي 27-28 حزيران/يونيو، دخلت "قوة دفاع تيغراي" البلدات والمدن الرئيسية الأخرى في الإقليم، بما في ذلك أدوا وأكسوم وشاير وحميرة، وهي الآن في ميكيلي.

إثيوبيا في منعطف حرج -- روزماري ديكارلو

وقالت ديكارلو "إنه بحسب ما ورد، الوضع في ميكيلي هادئ، ويبدو أن القوات تسيطر على المدينة." وتشير التقارير إلى أن قادة الإدارة الإقليمية السابقة لتيغراي، بمن فيهم رئيسها السابق قد عادوا إلى ميكيلي. وحتى اليوم لم توافق "قوة دفاع تيغراي" على وقف إطلاق النار.

وقالت ديكارلو: "إن التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار لن يسهل فقط تقديم المساعدات، بل سيكون أيضا نقطة انطلاق للجهود السياسية اللازمة لرسم طريق للخروج من الأزمة."

وأشارت إلى أن وقف إطلاق النار يمثل فرصة، وحثت قوة دفاع تيغراي على اعتمادها فورا وبالكامل.

يعبر عشرات الآلاف من اللاجئين الحدود من إثيوبيا إلى السودان هربا من الصراع في منطقة تيغراي.
OCHA/Gabriela Vivacqua
يعبر عشرات الآلاف من اللاجئين الحدود من إثيوبيا إلى السودان هربا من الصراع في منطقة تيغراي.

 

التحقيق في انتهاكات

رحبت ديكارلو بما قالته الحكومة الإثيوبية أنه بمجرد إعلان نتائج الانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة، ستتخذ خطوات لإجراء عملية حوار شامل، وأعربت عن أملها في أن تتم العملية الانتخابية في بيئة سلمية وآمنة وأن تتم معالجة أي نزاع وفقا لقوانين ودستور إثيوبيا.

وحثت المسؤولة الأممية جميع الأطراف على تقديم العون الضروري للتحقيق المشترك الذي تقوم به مفوضية حقوق الإنسان والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان. وقالت: "يجب أن تكون هناك مساءلة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت أثناء النزاع، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي ضد الأطفال والبالغين والقتل الجماعي."

وقد أكدت الحكومة الإثيوبية مجددا على التزامها بالتحقيق المشترك والمساءلة. وقالت ديكارلو "نتطلع إلى رؤية النتائج الملموسة لهذا التعهد."

وعرضت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية الخبرة والدعم الكاملين من الأمم المتحدة إلى إثيوبيا، بما في ذلك المساعدة في عمليات الوساطة، مشيرة إلى أن على المجتمع الدولي أن يواصل الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار تلتزم به جميع الأطراف.

الأوضاع الإنسانية في تيغراي

من جانبه، قدّم القائم بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، رامش راجاسينغهام، إحاطة ركز فيها على الوضع الإنساني في إقليم تيغراي.

وتأتي هذه الإحاطة بعد نحو أسبوعين من إحاطته أمام مجلس الأمن حول الوضع المتردي في الإقليم، وقال اليوم إنه يخشى أن الأمر لا يزال مقلقا:

"لا يزال حوالي مليوني شخص نازحين، ولا يزال هناك ما يقرب من 5.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية – الغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال."

وأشار إلى أن إحدى التوجهات المثيرة للقلق هو الارتفاع في انعدام الأمن الغذائي والجوع بسبب النزاع. "تشير التقديرات إلى أن أكثر من 400,000 شخص تخطوا عتبة المجاعة وأن 1.8 مليون شخص آخر على شفا المجاعة." ويرجّح البعض، بحسب المسؤول الأممي، أن تكون الأرقام أعلى.

ولا يزال هناك ما يقرب من 5.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية -- رامش راجاسينغهام

وفيما يتعلق بالأطفال، قال راجاسينغهام إن 33,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأزمة سوءا خلال موسم الأمطار الوشيك حيث تنفد الإمدادات الغذائية ويزداد خطر الفيضانات والأمراض المنقولة عن طريق المياه.

وقال رامش: "بالنظر إلى ما وصلنا إليه بالفعل الآن، هذا يعني أن المزيد من الناس سيموتون إذا لم نصل إليهم بالمساعدات الإنسانية."

أزمة الحماية والعنف الجنسي

وتطرق رامش إلى وجود العديد من الحالات الموثوقة والمثبتة على نطاق واسع بشأن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وقال: "تم الإبلاغ عن أكثر من 1,200 حالة مع استمرار ظهور المزيد." ودعا جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

كما تحدث عن استهداف الطواقم الإنسانية، حيث قُتل ثلاثة من العاملين في منظمة أطباء بلا حدود الأسبوع الماضي. وأشار إلى أنه حتى الآن قُتل 12 من العاملين في المجال الإنساني منذ بداية الصراع.

طفل يبلغ من العمر سبعة أشهر في غرب تيغراي يتناول بسكويت عالي الطاقة لتعزيز مستويات التغذية لديه.
© UNICEF/Esiey Leul Kinfu
طفل يبلغ من العمر سبعة أشهر في غرب تيغراي يتناول بسكويت عالي الطاقة لتعزيز مستويات التغذية لديه.

استمرار المساعدات الإنسانية

خلال الشهرين الماضيين، تلقى 3.7 ملايين شخص مساعدات طارئة. وتلقى 167,000 شخص من النازحين داخليا مساعدات غير غذائية، ووصلت شاحنات محملة بالمياه إلى 630,000 شخص.

وأضاف رامش يقول: "مع ذلك، لا يزال من المقدّر أن أكثر من 2.5 مليون شخص في ريف تيغراي لم يتمكنوا من الوصول إلى الخدمات الأساسية خلال الأشهر الستة الماضية. وهذا يشمل العديد من الأشخاص الذين يواجهون المجاعة."

وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي الجمعة استئناف عمليات المساعدات الغذائية في تيغراي أملا في الوصول إلى حوالي مليوني شخص في الإقليم.

ما هو المطلوب؟

قال رامش راجاسينغهام إن ثمة حاجة أولا وقبل كل شيء إلى توفير ضمانات من قبل جميع الجهات المسلحة والجهات الأمنية لطرق آمنة تُمكّن العاملين في المجال الإنساني من إيصال الإمدادات من تيغراي وإليها، ومن المناطق النائية في الإقليم وإليها.

كما دعا إلى السماح باستخدام الطرق الأسرع والأكثر فعالية لإيصال الإمدادات الأساسية للمحتاجين إليها، والسماح بالسفر جوا، إضافة إلى القدرة على إدخال واستخدام جميع المعدات ووسائل الاتصال المناسبة.

وختم إحاطته بالطلب من مجلس الأمن، وجميع من لديهم نفوذ، المساعدة في إنقاذ الأرواح ودرء المجاعة والمزيد من المعاناة عبر التأكد من تلبية هذه المطالب الأساسية.

إثيوبيا تتخذ "إجراءات وقرارات"

وفي إحاطته، أشار مندوب إثيوبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، تاي أسقي سيلاسي، إلى أن اجتماع مجلس الأمن يأتي في وقت اتخذت به حكومة إثيوبيا جميع الإجراءات والقرارات السياسية "لتلبية احتياجات ورفاه السكان الذين تأثروا بسبب عملية إنفاذ القانون في تيغراي."

وأضاف يقول: "قد نكون فقراء، ولكن لدينا أيضا أمل ونحن شعب لديه قيم.. آمل في أن يأخذ المجلس الموقف في بلدي من المنظور الصحيح وأن يفهم حجم التحديات التي نواجهها والاعتراف بالخطوات المهمة التي اتخذناها بهذا الشأن."

وأضاف أن إثيوبيا تحتاج الآن إلى الدعم والتفهم والتضامن من المجتمع الدولي. "أناشد الشركاء الدوليين وأصدقاء بلدنا مواصلة توسيع نطاق الدعم الإنساني لتلبية الاحتياجات الإنسانية."