منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة: الانتخابات الجارية في سوريا ليست جزءا من العملية السياسية- وحل الصراع يجب أن يكون سياسيا تفاوضيا

أسر نازحة تنتظر في طوابير للحصول على حصتها الشهرية من الغذاء في دمشق بسوريا.
© WFP/Hussam Al Saleh
أسر نازحة تنتظر في طوابير للحصول على حصتها الشهرية من الغذاء في دمشق بسوريا.

الأمم المتحدة: الانتخابات الجارية في سوريا ليست جزءا من العملية السياسية- وحل الصراع يجب أن يكون سياسيا تفاوضيا

السلم والأمن

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا أنه أحيط علما بالانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم في سوريا تحت مظلة الدستور الحالي. وشدد على أن هذه الانتخابات ليست جزءا من العملية السياسية التي دعا إليها قرار مجلس الأمن 2254، ولا تشارك الأمم المتحدة فيها، ولا تفويض لديها للقيام بذلك.

وفي إحاطته الافتراضية أمام جلسة مفتوحة لمجلس الأمن صباح الأربعاء بتوقيت نيويورك، قال المبعوث الخاص، غير بيدرسون، إن الأمم المتحدة تواصل التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في سوريا لتنفيذ القرار 2254.

وقال: "يظل هذا هو السبيل الوحيد المستدام لإنهاء الصراع ومعاناة الشعب السوري".

وينص قرار مجلس الأمن 2254 (2015) على أن تشمل العملية السياسية لحل النزاع انتخابات حرة ونزيهة، وفقا لدستور جديد، وتدار بإشراف الأمم المتحدة وفقا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وأن يكون جميع السوريين، بمن فيهم المقيمون في الخارج، مؤهلين للمشاركة.

الحلول لم تتغير

من وجهة نظر المبعوث الخاص إلى سوريا، فإن الحلول لم تتغير، والمطلوب هو حل سياسي بقيادة وملكية سورية، بتيسير من الأمم المتحدة ودعم الدبلوماسية الدولية البنّاءة.

وقال: "نحتاج إلى وقف إطلاق نار في عموم البلاد، والبناء على الهدوء الحالي الناجم عن الترتيبات والتفاهمات الدولية بين الفاعلين الدوليين الرئيسيين. ومن المهم مكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن، عبر نهج فعال وتعاوني وشامل لجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، مع التمسك بمبادئ القانون الدولي وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين".

ودعا إلى اتخاذ خطوات من شأنها أن تخلق بيئة آمنة وهادئة ومحايدة داخل سوريا، وبيئة مواتية للاجئين والنازحين داخليا للعودة إلى ديارهم بأمان وطوعية وكرامة، ومواصلة العمل من أجل المشاركة الهادفة للمرأة السورية في العملية السياسية.

وحذر بيدرسون قائلا: "إن الخطوط العريضة للحل السياسي للصراع مفهومة جيدا من قبل أصحاب المصلحة الرئيسيين، ومع ذلك لا أحد منهم على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى. إذا استمر الأمر على هذا المنوال، وكان اللاعبون الرئيسيون أكثر استثمارا في إدارة الصراع بدلا من حل الصراع، أخشى أن تصبح سوريا صراعا مطولا آخر يستمر لسنوات".

دعوة لاغتنام الفرصة

ودعا بيدرسون في كلمته إلى اغتنام فرصة "الهدوء النسبي" الذي يعم البلاد الآن. وقال: "على الرغم من الكوارث العديدة التي يواجهها السوريون، يسود هدوء نسبي على الأرض أكثر مما كان عليه الحال في السنوات السابقة".

وبحسب بيدرسون، يتسم الوضع العسكري بالهدوء النسبي في بعض المناطق، كما ساعدت الوساطة الروسية على خفض التصعيد في القامشلي. لكنّه أشار إلى علامات تشير إلى سخونة الأوضاع: قصف متبادل وثلاث غارات جوية في الشمال الغربي؛ غارات عبر الخطوط في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية؛ المزيد من القصف داخل وحول عفرين وعين عيسى؛ الجنوب الغربي متوتر ومضطرب أكثر من أي وقت مضى؛ المزيد من الغارات الجوية المنسوبة لإسرائيل في القنيطرة واللاذقية وحماة؛ أنباء عن إطلاق صواريخ من جنوب سوريا باتجاه الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل؛ والمزيد من الهجمات من قبل الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن، بما فيها عمليات تبناها داعش.

الجولة السادسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية

ويواصل غير بيدرسون العمل على تيسير الجهود المبذولة لعقد الجولة السادسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية. وقال: "يجب إعداد مثل هذه الجلسة بعناية، بناء على تأكيدات بأنها تلتزم وتنفذ الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية". وأكد على أن الجولة المقبلة تحتاج إلى استعادة وبناء الثقة وتحقيق نتائج وإحراز تقدم مستمر في تفويض اللجنة لإعداد وصياغة إصلاح دستوري يحظى بالموافقة الشعبية.

وقال بيدرسون: "بينما أواصل جهودي لإعادة اللجنة الدستورية على المسار، سأستمر أيضا في سلسلة من المشاورات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين للنظر في طرق لتضييق هوة الاختلافات بينهم".

الصراع في سوريا خلف دمارا كبيرا في حلب.
© WFP/Jessica Lawson
الصراع في سوريا خلف دمارا كبيرا في حلب.

معاناة مستمرة: نقص المياه وأزمة اقتصادية خانقة

قدم وكيل الأمين العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك إحاطة حول الوضع الإنساني في سوريا.

وركز على مشكلة نقص المياه والكهرباء التي يعاني منها حوالي 5.5 مليون سوري ممن يعتمدون على نهر الفرات وروافده في الحصول على مياه الشرب.

وقال لوكوك: "وصل انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات منذ كانون الثاني/يناير الماضي إلى نقطة حرجة هذا الشهر. وكان سد تشرين في شمال شرق محافظة حلب يتلقى حوالي 180 مترا مكعبا من المياه في الثانية. هذا أقل من نصف الحد الأدنى المطلوب لتشغيل السد".

وأدى انخفاض تدفق المياه إلى إغلاق جزئي مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في شمال شرق سوريا، فيما حذر المهندسون الذين يديرون السد الأسبوع الماضي من إغلاق كامل إذا لم يرتفع منسوب المياه.

حوالي نصف الأسر السورية التي شملها استطلاع في نيسان/أبريل قالت إن البالغين يأكلون بكميات أقل لتوفير الطعام للصغار -- مارك لوكوك

وحذر لوكوك من أن حوالي 3 ملايين شخص سيفقدون الحصول على الكهرباء إذا توقفت السدود عن العمل، وستتأثر المستشفيات والبنية التحتية الحيوية في شمال شرق البلاد.

وقال لوكوك: "كان الشمال الشرقي مسؤولا في السابق عن 70 في المائة من إنتاج سوريا من القمح والشعير. إذا فشلت محاصيل هذا العام، فإن انعدام الأمن الغذائي – الذي كما تعلمون، بلغ مستويات تاريخية – سوف يتدهور أكثر".

وأضاف أن أكثر من أسرتين من بين كل خمسة – أكثر من 40 في المائة – أفادت بعدم وجود طعام كاف أو مغذٍ بدرجة كافية.

وقال: "حوالي نصف الأسر السورية التي شملها استطلاع في نيسان/أبريل قالت إن البالغين يأكلون بكميات أقل لتوفير الطعام للصغار"، مضيفا أن نقص الوقود مستمر في جميع أنحاء سوريا.

حماية المدنيين

في أعقاب القصف المدفعي على مستشفى الأتارب الجراحي في 21 آذار/مارس، لا يزال المستشفى معطلا إلى حد كبير. وقال لوكوك إن مثل هذه الهجمات تثير الخوف في نفوس السكان المدنيين، مما يثنيهم عن التماس خدمات الرعاية الصحية، رغم الحاجة إليها.

وأضاف أن المشاكل الأمنية مستمرة في مخيم الهول، حيث تم الإبلاغ عن ست جرائم قتل في نيسان/أبريل - 46 جريمة منذ كانون الثاني/يناير.

وقال المسؤول الأممي إن بعض السوريين وغير السوريين يغادرون المخيم، حيث غادره أكثر من 10 آلاف شخص منذ حزيران/يونيو 2019. لكن لا يزال أكثر من 60 ألف شخص يعيشون في ظروف غير مقبولة.

وقال لوكوك: "هذا مخيم أطفال. معظم من يقيمون هناك أقل من 12 عاما، نحو 14 ألف شخص أقل من 5 أعوام – رضّع وأطفال صغار. هؤلاء يستحقون مستقبلا أفضل".

أطفال ينتظرون توزيع الطعام عليهم خلال أزمة كوفيد-19 في حلب بسوريا.
© WFP/Jessica Lawson

الوصول الإنساني

أكد لوكوك أنه منذ أيلول/سبتمبر 2019، لم تتمكن الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى مخيم الركبان، ولم تتمكن من إجراء تقييمات.

ولا يزال شمال شرق سوريا يفتقر إلى الإمدادات الصحية الأساسية، بما في ذلك الوقاية من عدوى فيروس كورونا وفحصها وعلاجها.

وحذر لوكوك من أن فيروس كورونا ينتشر مرة أخرى: بعد 57 في المائة زيادة في الحالات المؤكدة الشهر الماضي، ازدادت الوفيات المسجلة بسبب كـوفيد-19 بنحو 50 في المائة.

وقال: "الاختبارات المحدودة للغاية تعني أننا ربما نسجل فقط جزءا بسيطا من العدد الحقيقي للعدوى".

وقد وصلت الدفعة الأولى من اللقاحات عبر مرفق كوفاكس للتوزيع العادل للقاحات جوا من قبل منظمة الصحة العالمية من دمشق إلى القامشلي هذا الشهر. ومن المقرر أن تغطي 9 آلاف عامل صحي، وبدأت عمليات التطعيم هذا الأسبوع.

وأضاف لوكوك: "لكن بالطبع هذه نقطة في بحر. يجب زيادة التطعيمات في جميع أنحاء البلاد بشكل جذري حتى تتمكن سوريا من التغلب على الفيروس".

العمليات عبر الحدود وعبر الخطوط

تطرق منسق الإغاثة لشؤون الطوارئ إلى انتهاء مفعول تفويض مجلس الأمن الخاص بمساعدة الأمم المتحدة عبر الحدود إلى الشمال الغربي في غضون ستة أسابيع. وحذر من أن الفشل في تمديده سيؤدي إلى إنهاء عمليات التسليم المباشرة عبر الحدود من قبل الأمم المتحدة.

وقال: "هذا يعني أن تسليم الطعام إلى 1.4 مليون شخص شهريا، والملايين من العلاجات الطبية، والمساعدات التغذوية لعشرات الآلاف من الأطفال والأمهات، واللوازم المدرسية لعشرات الآلاف من الطلاب، كل هذه الأمور ستتوقف".

نتطلع إلى هذا المجلس لضمان عدم قطع شريان الحياة -- مارك لوكوك

وتعد العمليات العابرة للحدود شريان حياة لأكثر من ثلاثة ملايين شخص. وقال لوكوك: "نتطلع إلى هذا المجلس لضمان عدم قطع شريان الحياة هذا".

وفيما يتعلق بالمساعدات عبر الخطوط باتجاه الشمال الغربي، أكد لوكوك على مواصلة العمل لإيجاد ترتيب يمكن لجميع الأطراف الموافقة عليه، ومع استمرار المشاورات، أعرب لوكوك عن أمله في إمكانية التوصل إلى اتفاق.

وتعبر كل شهر 1,000 شاحنة محملة بالمساعدات إلى شمال غرب سوريا عبر معبر باب الهوى، مشيرا إلى "أنها مهمة ولكنها غير كافية".

مندوب سوريا: الانتخابات استحقاق دستوري

من جانبه، قال بسام الصباغ، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إن مراكز الاقتراع في كافة المحافظات السورية شهدت إقبالا جماهيريا من ملايين السوريين للمشاركة في الانتخابات.

وقال: "إن تلبية هذا الاستحقاق الدستوري تعني الحفاظ على سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي".

وأكد أن إجراء الانتخابات في موعدها "يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة وانتظام عملها، ويساهم في إعادة الأمن والاستقرار وتجاوز آثار الحرب الإرهابية التي عاشتها البلاد على مدى السنوات العشر الماضية".

وأضاف الصبّاغ أنه خلال مشاركته الواسعة في الانتخابات، "يؤكد الشعب السوري تمسكه باستقلال وطنه ووحدته ورفضه الخضوع لأي ضغط أو ابتزاز.. ويعبّر عن رفض كل حملات التشويش الخارجية"، داعيا بعض الدول الأعضاء إلى أن تسمع وترى ما عبّر عنه السوريون خلال الانتخابات وأن تحترم إرادة الشعب السوري.

وأشار إلى أن سفارات سوريا وبعثاتها الدبلوماسية شهدت في 20 أيار/مايو "إقبالا غير مسبوق" من السوريين المقيمين خارج سوريا للإدلاء بأصواتهم واختيار مرشحهم من بين المرشحين الثلاثة الذين استوفوا الشروط الدستورية لخوض السباق الانتخابي. واتهم بعض الدول بمنع السوريين من التوجه إلى سفارات بلدهم للإدلاء بأصواتهم.