منظور عالمي قصص إنسانية

المحكمة الجنائية الدولية تؤكد الشروع بتحقيق رسمي في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في فلسطين

أرشيف: فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية.
UN Photo/Eskinder Debebe
أرشيف: فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية.

المحكمة الجنائية الدولية تؤكد الشروع بتحقيق رسمي في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في فلسطين

القانون ومنع الجريمة

أكد مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية اليوم الأربعاء الشروع في إجراء تحقيق يتعلق بالوضع في فلسطين. وسيغطي التحقيق جرائم تدخل في اختصاص المحكمة والتي يُزعم أنها ارتكبت منذ تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014.

وفي بيان، قالت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، إن قرار فتح تحقيق جاء بعد فحص أولي شاق أجراه مكتبها استمر قرابة خمسة أعوام، مشددة على عدم وجود أي أجندة "سوى الوفاء بواجباتنا القانونية بموجب نظام روما الأساسي بنزاهة مهنية".

وتنقضي ولاية بنسودا في منتصف حزيران/يونيو المقبل، حيث سيتولى المحامي البريطاني وخبير حقوق الإنسان، كريم خان، منصبه خلفا لها في 16 حزيران/يونيو.

وقالت في البيان: "سيتم إجراء أي تحقيق يقوم به المكتب بشكل مستقل وحيادي وموضوعي دون خوف أو محاباة".

ومن أجل إثبات الحقائق، يُلزم نظام روما الأساسي مكتب المدعية العامة بتوسيع نطاق التحقيقات ليشمل جميع الحقائق والأدلة ذات الصلة بتقييم ما إذا كانت هناك مسؤولية جنائية فردية بموجب النظام الأساسي، والتحقيق في ظروف التجريم والتبرئة على قدم المساواة.

تحديات ماثلة

وأشارت بنسودا إلى وجود تحديات أمام عمل المحكمة، كالتحديات التشغيلية التي تفرضها جائحة كـوفيد-19، ومحدودية الموارد، وعبء العمل الثقيل الحالي على المحكمة.

لكنّها أضافت تقول في البيان: "مع ذلك، فإن مثل هذه التحديات، مهما كانت شاقة، لا يمكن أن تصرفنا عن الاضطلاع في نهاية المطاف بالمسؤوليات التي يضعها نظام روما الأساسي على عاتق هذا المكتب".

كخطوة أولى، يتعيّن على المكتب إخطار جميع الدول الأطراف والدول التي لا تمارس عادة الولاية القضائية على الجرائم المعنية بالتحقيق فيها. هذا الأمر يسمح لأي دولة من هذا القبيل أن تطلب من مكتب المدعية العامة الإذعان لتحقيقات الدولة ذات الصلة بشأن رعاياها أو غيرهم ضمن ولايتها القضائية فيما يتصل بنظام روما الأساسي المشار إليه في الإخطار.

قرار فتح التحقيق جاء بالأغلبية

فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم بعد هدم منازلهم في خانيونس بغزة. (صورة من الأرشيف)
© UNRWA Archives/Shareef Sarhan
فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم بعد هدم منازلهم في خانيونس بغزة. (صورة من الأرشيف), by © UNRWA Archives/Shareef Sarhan

في 20 كانون الأول/ديسمبر 2019، أعلنت بنسودا أن لديها "قناعة بأن هناك أساسا معقولا للمضي قدما في التحقيق بشأن الوضع في فلسطين"، وقدّمت طلبا إلى قضاة الدائرة التمهيدية الأولى لإصدار حكم لتوضيح النطاق الإقليمي لاختصاص المحكمة في حالة فلسطين.

وفي 5 شباط/فبراير 2021، قررت الدائرة، بأغلبية، أنه يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها الجنائي بشأن الوضع في فلسطين، وأن النطاق الإقليمي لهذه الولاية القضائية يمتد إلى غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

لكن شددت الدائرة على أنها لم تحدد ما إذا كانت فلسطين تفي بمتطلبات الدولة بموجب القانون الدولي العام، أو الفصل في نزاع حدودي، أو الحكم مسبقا على مسألة أي حدود مستقبلية؛ إنها تحدد فقط نطاق الاختصاص الإقليمي للمحكمة لأغراض نظام روما الأساسي على النحو المطلوب.

وقالت بنسودا في البيان: "مثل هذه القضايا يمكن أن تتحدد بمحادثات ثنائية بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية في سياق اتفاق متفاوض عليه".

ردود فعل متباينة

أشار مكتب المدعية العامة إلى ردود الفعل، الإيجابية والسلبية على حدّ سواء، عقب قرار المحكمة، ودعا البيان إلى إعادة التعقل والتوازن للمناقشة.

فبحسب البيان، "في حكمهم، لم يقدّم القضاة أي نتائج بشأن الجرائم المزعومة التي حددها المكتب، لكنهم أكدوا فقط أن لدينا الاختصاص للتحقيق فيها. حتى فيما يتعلق ببعض مسائل الاختصاص، اختارت الأغلبية في الدائرة تأجيل النظر في الإجراءات اللاحقة، أي في أي حجج أخرى قد تثار".

يمكننا أن نأمل في تحقيق قدر من المساءلة والعدالة لصالح الضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين -- فاتو بنسودا

وأكدت المدعية العامة أن التحقيقات تستغرق وقتا: "للضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين، وللمجتمعات المتضررة، نحثّ على الصبر. فالمحكمة الجنائية الدولية ليست حلا سحريا، لكنّها تسعى فقط إلى تحمّل المسؤولية التي عهد بها إليها المجتمع الدولي، وهي تعزيز المساءلة عن جرائم نظام روما الأساسي، بصرف النظر عن الجاني، في محاولة لردع مثل هذه الجرائم".

ولفتت إلى أن المكتب يعتمد على دعم وتعاون الأطراف وكذلك جميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، ويرحب بفرصة العمل مع كل من حكومة فلسطين وحكومة إسرائيل، لتحديد أفضل سبل تحقيق العدالة في إطار العمل المحلي والدولي التكميلي.

"وبهذه الطريقة، يمكننا أن نأمل في تحقيق قدر من المساءلة والعدالة لصالح الضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين لجرائم قانون روما الأساسي".