منظور عالمي قصص إنسانية

خبيرة أممية: إيران انتهكت العديد من التزامات حقوق الإنسان بإسقاط الطائرة الأوكرانية

برج ميلاد في طهران، إيران.
Unsplash/Behrouz Jafarnez
برج ميلاد في طهران، إيران.

خبيرة أممية: إيران انتهكت العديد من التزامات حقوق الإنسان بإسقاط الطائرة الأوكرانية

حقوق الإنسان

أوضحت أنياس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً أن "إيران ارتكبت انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان بإسقاطها طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية PS752 وفي أعقاب هذا الهجوم المميت".

وفي مؤتمر صحفي افتراضي في المقر الدائم للأمم المتحدة اليوم قالت كالامار: "يبدو أن التناقضات في التفسيرات الرسمية مصمَمة لخلق أقصى قدر من الارتباك وأدنى حد من الوضوح. يبدو أنها مفتعلة لتضلل وتحير".

الأمر الذي فصلته مليا أيضا في رسالة رسمية من 45 صفحة إلى إيران نُشرت اليوم، حيث قالت إن "الأخطاء التي تم الاعتراف بها، تشير إلى تجاهل متهور للإجراءات المعيارية ومبادئ الاحتياط، التي كان ينبغي تنفيذها على أكمل وجه نظرا لظروف وموقع وحدة الصواريخ التي تقع على مقربة من مطار مدني".

رسالة كالامار إلى إيران بقيت 60 يوما دون رد

في 8 كانون الثاني/يناير 2020، أطلقت وحدة TOR للدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري الإيراني صاروخين على الطائرة الأوكرانية التي كانت في طريقها من طهران إلى كييف، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها. ووقعت الضربة في سياق التوترات المتصاعدة في أعقاب استهداف الولايات المتحدة للجنرال الإيراني قاسم سليماني قبل أيام قليلة في العراق ورد إيران على القواعد الأمريكية في ذلك البلد.

وبعد تحقيق في مقتل 176 شخصا على متن الرحلة قامت به الخبيرة الأممية استمر ستة أشهر، أرسلت أنياس كالامار في كانون الأول/ديسمبر 2020 إلى الحكومة الإيرانية ملاحظات وأسئلة مفصلة حول ملابسات الضربة.

وقالت كالامار إنها لم تتلق ردا حتى الآن على تلك الملاحظات. وأوضحت أن الرسالة بقيت سرية لمدة 60 يوما بالتوافق مع سياسة مجلس حقوق الإنسان بشأن طريقة الاتصالات بالدول.

أهمية إغلاق المجال الجوي لتفادي مثل هذه الحوادث المميتة

من الأرشيف: أنياس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً.
UN Photo
من الأرشيف: أنياس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً.

وتسلط الرسالة الضوء على الانتهاكات المتعددة للقانون الدولي من قبل السلطات الإيرانية، وأهمها انتهاكات الحق في الحياة لـ 176 راكبا وطاقم الطائرة.

وقالت: "في حالات التوتر العسكري الشديد، فإن أكثر الوسائل فعالية لمنع الهجمات على الطيران المدني هي إغلاق المجال الجوي. لو أن إيران، وهي تعلم جيدا أن الأعمال العدائية مع الولايات المتحدة يمكن أن تتصاعد بسهولة، أغلقت مجالها الجوي أمام حركة المرور المدنية ذلك المساء، لما قتل 176 شخصا".

من المسؤول المباشر عن إسقاط الطائرة الأوكرانية المدنية؟

وردا على أسئلة أحد الصحفيين في المقر الدائم حول إذا ما كانت قد تمت مقاضاة أي شخص في إيران حتى الآن، قالت أنياس كالامار إنه قد تم القبض على أشخاص على الأقل في البداية، ووجهت إليهم تهم، لكن لم يتم إخبارها بالكثير من المعلومات غير تلك المتعلقة بطبيعة التهم ومكان وجودهم في تلك اللحظة بالذات. هذا من الأسئلة التي طلبت من السلطات الإيرانية الإجابة عليها، ولكنها لم تحصل على جواب واف بعد.

أما فيما يتعلق بالشخص أو الجهة التي تتحمل المسؤولية عن مقتل 176 شخصا كانوا على متن الطائرة الأوكرانية التي كانت في طريقها من طهران إلى كييف في 8 كانون الثاني/يناير 2020، فأوضحت المقررة الأممية أنه بالنسبة لها أولا "يجب أن تكون مسؤولية دولة إيران، ولم أر ذلك يحدث بالفعل. في الواقع، لقد رأيت السلطات تلقي القبض على شخصين ككبش فداء وهذا ليس ما أتوقعه. الدولة، أي السلطات داخل الدولة من العسكريين إلى المدنيين هي المسؤولة عن الضربة".

وضمن تلك الدولة، نحتاج بعد ذلك إلى تحديد المسؤوليات الفردية من احتمال قيام الأشخاص بإعطاء أمر في غير محله وفشلهم في بذل العناية الواجبة، بحسب كالامار التي تابعت قائلة:

"لقد تحدثت بالفعل عن فشل إغلاق المجال الجوي. من اتخذ القرار بعدم إغلاق المجال الجوي. كان هناك العديد من الأشخاص المعنيين، لماذا؟ كيف يمكن تبرير ذلك. يجب أن يكون كل هؤلاء الأفراد متورطين في أي نوع من البحث الجاد عن المساءلة لا يمكن أن يكون أعضاء الطاقم الثلاثة على الأرض هم الذين يجب أن يحاسبوا على ما حدث. في رأيي، فإن الخط الأول من المساءلة يقع على عاتق أولئك الذين رفضوا إغلاق المجال الجوي".

أما الخط الثاني من المساءلة، فيقع على عاتق أولئك الذين وضعوا ما كان يجب أن يكون نظاما قويا للاتصال بين الأطقم العسكرية والمدنيين المسؤولين عن المطار، وفقا للخبيرة الأممية التي أوضحت أن "خط الاتصال هذا إما لم يتم وضعه في مكانه أو كان غير كامل لدرجة أنه لم يسمح للطاقم بتحديد أن الطائرة كانت بالفعل رحلة مدنية وليست صاروخ كروز أمريكيا. المسؤول أيضا عن إنشاء هذا الخط هو المسؤول ويجب أن يخضع للمساءلة".

كما أن الشخص الذي أشرف على قرار "عدم الإعلان عن أن هذه كانت ضربة إيرانية لمدة ثلاثة أيام، مسؤول أيضا- يجب أن نعرف الأفراد المشاركين في اتخاذ القرار لإبقاء المعلومات سرية. فهذا انتهاك خطير للغاية للحق في الحياة."

وأضافت أن التحقيق قد تم بطريقة غير لائقة بما ينتهك حقوق العائلات، وهو انتهاك للمعايير الدولية. "يجب أن يكون هذا أيضا موضوع البحث عن المسؤولية الفردية. من أشرف على هذا التحقيق؟".

"الذي قرر جرف مسرح الجريمة. يعد هذا أيضا انتهاكا للمعايير الأساسية للتحقيق وما إلى ذلك وهلم جرا".

وتعتقد أنياس كالامار أن قائمة الأفراد المسؤولين عن إسقاط الطائر الأوكرانية كبيرة بالفعل "وبالتأكيد لا تقتصر على أعضاء الطاقم الثلاثة الذين ربما كانوا في الواقع في تلك المسؤوليات الفردية، الأقل مسؤولية، ويأتون في نهاية تضاعف حالات الفشل".

ما هي التناقضات التي فنّدتها كالامار في تفسيرات إيران للحادث؟

Tweet URL

وفقا للتحقيق الإيراني، تم استهداف الرحلة PS752 عن قصد ولكن عن طريق الخطأ من قبل أفراد عسكريين في الحرس الثوري الإيراني، الذين اعتقدوا خطأً أن الطائرة المدنية هي صاروخ أمريكي يمثل تهديدا وشيكا.

وفي هذا السياق أوضحت كالامار للصحفيين: "إن التفسيرات التي قدمتها السلطات الإيرانية حول كيفية ضرب الوحدة التابعة للحرس الثوري الإيراني للطائرة المدنية تنطوي على العديد من التناقضات. ببساطة، هم لا يضيفون شيئا".

كما فنّدت كالامار في رسالتها عددا كبيرا من التناقضات في تفسيرات إيران، بما في ذلك:

• تدعي إيران أن خطأً في محاذاة وحدة الصواريخ المتنقلة ساهم في الاستهداف الخاطئ، لكنها لم تقدم أي تفسير لسبب حدوث خطأ في تقدير الرادار، ولماذا لم يتم اكتشافه، وكيف أدى إلى الاستهداف.

• لم تشرح إيران سبب فشل الحرس الثوري الإيراني في اتباع الإجراءات المعيارية الأساسية، مثل مراقبة الارتفاع أو معدل الصعود أو الهبوط والسرعة الجوية لتقييم مسارات الرادار غير المعروفة أو تقييم حجم الهدف أو التحقق من الهدف بصريا.

• حتى بدون نظام تحديد صديق أو عدو في الوحدة نفسها، كان ينبغي اتخاذ تدابير مأمونة للتأكد من أن جهاز الإرسال والاستقبال أو بيانات التتبع الأخرى قد تم توفيرها بدقة وسرعة لطاقم نظام الصواريخ المتنقلة. فشلت إيران في توضيح كيفية إبلاغ وحدات الحرس الثوري الإيراني بالمعلومات المتعلقة بالرحلات الجوية المدنية، وهي خطوة حاسمة لضمان سلامة الطائرات المدنية وقد فشلت بشكل واضح.

• على عكس ادعاء قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني بأن الوحدة لديها 10 ثوان فقط لتقرر إطلاق النار، يبدو أن الوحدة لديها على الأقل نافذة قرار مدتها 45 ثانية وربما المزيد من الوقت لتقييم الهدف.

• لم يتم تقديم أي معلومات حول سبب عدم استهداف الرحلات الأخرى التي أقلعت في تلك الليلة، قبل الرحلة PS752.

وقد تفاقمت هذه الإخفاقات بسبب رفض الحكومة الإيرانية، على مدى ثلاثة أيام، الاعتراف بأن جيشها أسقط الطائرة، على الرغم من أن السلطات رفيعة المستوى كانت تعرف على الفور تقريبا ما حدث وفق الخبيرة المستقلة.

وقالت كالامار: "بدلاً من فتح تحقيق مناسب، سمحت السلطات بنهب موقع التحطم ثم جرفه، مما أعاق جمع الأدلة وحرم العائلات من تذكار لا يمكن تعويضه لمن فقدوه". كما أغفل التحقيق الذي أجرته السلطات الإيرانية مسؤولية كبار المسؤولين، بحسب كالامار.

الإجراءات السابقة

من الأرشيف: جافيد رحمن، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، يتحدث إلى الصحفيين في المقر الدائم.
UN Photo/Manuel Elias
من الأرشيف: جافيد رحمن، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، يتحدث إلى الصحفيين في المقر الدائم.

وكان خبراء مستقلون عينهم مجلس حقوق الإنسان قد كتبوا أيضا إلى السلطات الإيرانية في فبراير / شباط 2020 معربين عن مخاوفهم بشأن رد إيران على الاحتجاجات ضد الهجوم، والتي قوبلت بالاستخدام المفرط للقوة والاحتجاز التعسفي.

وأثار جافيد رحمن، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية*، هذه القضية في تقريره إلى الجمعية العامة في تشرين الأول/أكتوبر 2020. كما أثار مخاوفه بشأن المضايقات، بما في ذلك التهديدات بالقتل، للأسر التي تسعى إلى تحقيق العدالة لضحايا الرحلة PS752 في تقريره الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان.

كما أصدرت كالامار في وقت سابق بيانا يوضح بالتفصيل مجموعة من التوصيات إلى المجتمع الدولي لتعزيز سلامة الطائرات المدنية في مناطق النزاع.

 

=-=

*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.

ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.