منظور عالمي قصص إنسانية

مجلس الأمن يبحث الإتاحة العادلة للقاحات كوفيد-19 في سياق الصراعات وانعدام الأمن

تم تطوير لقاحات ضد كوفيد-19 وتوزيعها في العديد من البلدان.
University of Oxford/John Cairns
تم تطوير لقاحات ضد كوفيد-19 وتوزيعها في العديد من البلدان.

مجلس الأمن يبحث الإتاحة العادلة للقاحات كوفيد-19 في سياق الصراعات وانعدام الأمن

الصحة

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على الحاجة لإطلاق خطة تطعيم عالمية بشكل عاجل تجمع بين كل من لديهم الخبرة العلمية والقدرات الإنتاجية والمالية، لضمان الإمداد الكافي والتوزيع العادل للقاحات وتعزيز الثقة بها.

جاء ذلك في اجتماع افتراضي على مستوى وزاري لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء نظمته المملكة المتحدة التي ترأس المجلس خلال الشهر الحالي، حول ضمان الوصول العادل للقاحات في السياقات المتأثرة بالصراع وانعدام الأمن وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2532 حول وقف الأعمال العدائية في سياق كوفيد-19.

أنطونيو غوتيريش: يجب أن نضمن أن الجميع في كل مكان يمكن تطعيمهم في أسرع وقت ممكن

 وقال الأمين العام، أمام المجلس، إن جائحة كـوفيد-19 متواصلة بلا رحمة في جميع أنحاء العالم، لتقلب حياة الناس رأسا على عقب وتدمر الاقتصادات وتقوّض أهـداف التنمية المستدامة.

وأضاف: "تؤدي الجائحة إلى تفاقم جميع العوامل المؤدية إلى عدم الاستقرار – وإعاقة جهودنا في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2532 لوقف الأعمال العدائية ومنع نشوب الصراعات وحلّها".

لقاحات تبعث على الأمل

بحسب الأمم المتحدة، فإن عشرة بلدان فقط قامت بطرح 75% من جميع لقاحات كوفيد-19. وفي غضون ذلك، فإن أكثر من 130 دولة لم تتلق جرعة واحدة، مما يشير إلى التفاوت وغياب العدالة في ذلك.

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن طرح اللقاحات لمكافحة كوفيد-19 يبعث على الأمل، وأضاف: "أصبحت هزيمة كوفيد-19 الآن بعد أن بدأنا في امتلاك القدرة العلمية للقيام بذلك أكثر أهمية من أي وقت مضى".

وشدد السيّد غوتيريش على أن المساواة في اللقاحات تُعدّ الآن أكبر اختبار أخلاقي أمام المجتمع العالمي، "يجب أن نضمن أن الجميع في كل مكان يمكن تطعيمهم في أسرع وقت ممكن".

وقال الأمين العام: "المتضررون من النزاع وانعدام الأمن معرّضون بشكل خاص للتخلف عن الركب. عندما تضرب الجائحة، لا نكون آمنين إلا إذا كان الجميع آمنين".

وضع خطة تطعيم عالمية

عالمة في روسيا تحمل لقاحا تم تطويره لمكافحة كوفيد-19.
RDIF
عالمة في روسيا تحمل لقاحا تم تطويره لمكافحة كوفيد-19. by RDIF

ولفت الأمين العام الانتباه إلى حاجة العالم بشكل عاجل لخطة تطعيم عالمية، مشيرا إلى أن مجموعة العشرين في وضع جيد لإنشاء فريق عمل للطوارئ لإعداد خطة التطعيم العالمية وتنسيق تنفيذها وتمويلها. "يجب أن يشمل فريق العمل هذا جميع البلدان التي تتمتع بقدرة على تطوير اللقاحات أو إنتاجها في حالة توفر التراخيص، بمشاركة منظمة الصحة العالمية وغافي والمنظمات الفنية الأخرى ذات الصلة والمؤسسات المالية الدولية".

ووفقا لذلك، سيكون لفريق العمل القدرة على حشد شركات الأدوية والجهات الفاعلة الرئيسية في الصناعة واللوجستيات. وأضاف المسؤول الأممي يقول: "أنا على استعداد لحشد منظومة الأمم المتحدة بكامل طاقتها لدعم هذا الجهد. يمكن لاجتماع مجموعة الدول السبع لاحقا هذا الأسبوع أن يساعد في خلق الزخم لتعبئة الموارد المالية اللازمة".

تحذير من تحور الفيروس

وحذر السيّد غوتيريش من تحوّر فيروس كورونا مرارا وتكرارا إذا سُمح له "بالانتشار كالنار في الهشيم في جنوب الكرة الأرضية أو أجزاء منها"، إذ يمكن أن تصبح المتغيّرات الجديدة أكثر قابلية للانتقال، وأكثر فتكا وربما تهدد فعالية اللقاحات والتشخيصات الحالية.

وقال: "هذا يمكن أن يطيل أمد الجائحة بشكل كبير، مما يمكّن الفيروس من العودة ليبتلي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، كما أنه سيؤخر الانتعاش الاقتصادي العالمي".

وأكد الأمين العام في ختام كلمته أنه بالإمكان هزيمة المرض وتشغيل الاقتصادات: "أنا مقتنع أن هذا الأمر ممكن دعونا نحقق ذلك معا".


اليونيسف: الهدف توفير ملياري جرعة

وفي كلمتها الافتراضية أمام مجلس الأمن، دعت السيّدة هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مجلس الأمن لضمان إدراج الجميع في خطط التطعيم الوطنية، بصرف النظر عن وضعهم القانوني أو إذا كانوا يعيشون في مناطق تسيطر عليها كيانات غير حكومية.
وقالت: "الحصول المتكافئ على اللقاحات لجميع الناس، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في ظل النزاع أمر أساسي، ليس من باب العدالة فقط، ولكن باعتبار ذلك السبيل الوحيد لإنهاء هذه الجائحة للجميع".
وتهدف منظمة اليونيسف لشراء ملياري جرعة من لقاحات كوفيد-19 بحلول نهاية هذا العام. هذا بالإضافة إلى ملياري جرعة من اللقاحات المضادة للأمراض الأخرى التي تشتريها المنظمة عادة كل عام نيابة عن 100 دولة.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف إن جائحة كوفيد-19 غيّرت من استجابتها وزادتها تعقيدا لاسيّما في بعض البيئات الأكثر صعوبة وخطورة: "أدّت الطبيعة العنيفة والممتدة للنزاعات المسلحة الحالية إلى تدمير النظم الصحية للبلدان، وألحقت الأضرار بالبنية التحتية الحيوية، أو دمرت البنية التحتية الأساسية كالمياه والصرف الصحي وأدّت لفرار العاملين الصحيين الذين تمسّ الحاجة إليهم". 

تكييف العمل بحسب الاحتياجات

أشارت السيّدة هنرييتا فور إلى أن اليونيسف تعمل على تكييف وتعديل وتقييم الاحتياجات المحددة في كل موقع، "هذا يعني العمل على ضمان توافر الجرعات والمحاقن الكافية في كل بلد، وإجراء عمليات جرد لضمان وجود أنظمة فعّالة لسلسلة التبريد".
وأضافت أن ذلك يعني أيضا إيجاد طرق لضمان التوزيع والتسليم في سياقات صعبة لوجستيا مثل جنوب السودان أو جمهورية الكونغو الديمقراطية أو البيئات شديدة الخطورة مثل اليمن وأفغانستان.
وقالت: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار عالمي - كحد أدنى نحتاج إلى مساعدتكم من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية طوال مدة توصيل اللقاح"، كما دعت مجلس الأمن للمساعدة في إعادة إطلاق حملات التطعيم المتوقفة ضد أمراض أخرى مثل الحصبة والدفتيريا وشلل الأطفال. 
 

تونس تشدد على التعاون الدولي

وفي كلمته الافتراضية، أكد السيّد عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أن القتال ضد الجائحة يتطلب تعزيز أوجه التعاون والتضامن على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية وتنسيق العمل الدولي الشامل والعالمي من أجل وقف الأعمال العدائية في مختلف النزاعات حول العالم.

وقال: "نؤمن بالأهمية القصوى لتفعيل التعاون الدولي والتضامن من أجل ضمان الوصول العادل للقاحات. في هذا السياق، تشيد تونس بمبادرة كوفاكس للوصول العادل للقاحات كوفيد-19 وجهود غافي ومنظمة الصحة العالمية لتسريع تطوير وإنتاج الاختبارات والعلاجات والتوزيع العادل للقاحات. هذا مثال فريد من نوعه على التعددية والتعاون الدولي لمواجهة التحديات أمامنا".

وأشار إلى أن التداعيات العالمية للجائحة ستتواصل على جميع المستويات، بما فيها على الأمن والسلام الدوليين مع ملايين الوفيات والإصابات، وارتفاع نسبة البطالة وانتشار الفقر.

وقال: "سيستمر تأثير الجائحة بلا شك على مدار سنوات، خاصة على معظم الدول النامية والسياقات الهشة ومناطق النزاع ومخيمات اللاجئين ومجتمعات النازحين داخليا، حيث حياة الملايين في خطر بسبب المجاعة والجائحة"، مؤكدا على ضرورة ترجمة جميع الجهود العالمية لواقع على الأرض.

الولايات المتحدة: إصلاح منظمة الصحة العالمية

 

من جانبه، ألقى السيّد أنطوني بلينكين، وزير خارجية الولايات المتحدة، كلمة بلاده حيث أكد أنه من أجل هزيمة كوفيد-19 ومنع أوبئة مستقبلية، ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء حول العالم لتعزيز وإصلاح منظمة الصحة العالمية.

وأضاف أنه مع حلول نهاية الشهر تعتزم الولايات المتحدة دفع أكثر من 200 مليون دولار كالتزامات حالية لمنظمة الصحة العالمية، وقال إن هذه الخطوة "تعكس تجدد التزامنا للتأكيد لمنظمة الصحة العالمية أن لديها الدعم الذي تحتاجه لقيادة الاستجابة العالمية للجائحة حتى مع عملنا على إصلاحها في المستقبل".

وكشف بلينكن النقاب عن أن بلاده تعتزم تقديم دعم مادي كبير لمرفق كوفاكس عبر تحالف غافي للقاحات: "ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء حول العالم على توسيع القدرة الإنتاجية للتصنيع، وزيادة الوصول بما فيها للمجتمعات المهمّشة"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى المضي قدما في إنشاء آلية تمويل مستدام "طال انتظارها" للأمن الصحي كي يكون العالم أكثر استعدادا لأوبئة مستقبلية.

الجائحة يجب ألا تكون "ذريعة" للانتهاكات

كما أكد وزير خارجية الولايات المتحدة على ضرورة تحميل الدول المسؤولية عن الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. وقال: "لا يجب السماح لأي دولة باستخدام كوفيد-19 كذريعة لانتهاك حقوق الإنسان أو الحريات الأساسية. وندعو جميع الدول إلى محاربة المعلومات المغلوطة عن اللقاحات، إذا لم نقم بذلك، فنحن نعرّض مهمتنا للخطر".

وأكد بلينكن أن الولايات المتحدة تؤمن بأهمية تعددية الأطراف وبدور الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، "ليس فقط في الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19 ولكن أيضا لبناء قدرات صحية عالمية وأمن من أجل المستقبل".