منظور عالمي قصص إنسانية

رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا: جائزة نوبل تسلط الضوء على العلاقة بين الغذاء والسلام

رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا، سامر عبد الجابر، في أحد المراكز في ليبيا.
WFP/Sufyan Alashab
رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا، سامر عبد الجابر، في أحد المراكز في ليبيا.

رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا: جائزة نوبل تسلط الضوء على العلاقة بين الغذاء والسلام

المساعدات الإنسانية

عشية تلقي برنامج الأغذية العالمي جائزة نوبل للسلام لقاء جهوده في محاربة الجوع حول العالم، أشار رئيس بعثة البرنامج في ليبيا، سامر عبد الجابر، إلى علاقة الغذاء بالسلام، والتحديات الراهنة التي تقف أمام عمل الوكالة الإنسانية للحيلولة دون حدوث مجاعات حول العالم.

وفي مراسم افتراضية، يتلقى برنامج الأغذية العالمي يوم الخميس (10 كانون الأول/ديسمبر) جائزة نوبل للسلام التي أُعلن حصوله عليها في 9 تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام. ويتسلم المدير التنفيذي للبرنامج، ديفيد بيزلي، الجائزة نيابة عن البرنامج وطواقمه العاملة في الميدان وفي ظروف استثنائية فاقمتها جائحة كـوفيد-19، لاسيّما وأن شبح المجاعة يخيم مجددا على ملايين الأشخاص خاصة في المناطق التي تعاني من الصراعات.

في هذا الحوار يتحدث السيد عبد الجابر عن عمله مع زملائه في الميدان في ظل ظروف خطرة، في إطار جهود برنامج الأغذية العالمي للقضاء على الجوع وهو الهدف الثاني من أهـداف التنمية المستدامة الـ 17 والتي اعتمدتها البلدان في أيلول/سبتبمر 2015 للتصدي للتحديات العالمية.

Soundcloud

ضيف أخبار الأمم المتحدة هو السيد سامر عبد الجابر، رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا.

أخبار الأمم المتحدة: ما أهمية ودلالة الحصول على جائزة نوبل لوكالة أممية مثل برنامج الأغذية العالمي في هذا التوقيت بالذات؟

سامر عبد الجابر: شرف كبير لنا في برنامج الأغذية العالمي أن يتم تكريمنا بجائزة نوبل للسلام هذه السنة. نشارك هذا النجاح أو هذه الجائزة مع جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والشركاء المحليين الذين من غيرهم لا نستطيع الوصول للأشخاص الذين نحتاج لمساعدتهم.

أهمية الجائزة هي أنها تسلط الضوء على العلاقة بين الغذاء والسلام، كما نعرف، في جميع أنحاء العالم يوجد 690 مليون شخص بحاجة للمساعدة في مجال الغذاء. وهكذا نحن نضعهم في جوهر الاهتمام كي تسنح الفرصة لإيصال صوتهم والحصول على المساعدات التي يحتاجون إليها.

 

رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا، سامر عبد الجابر.
Khayal Productions
رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا، سامر عبد الجابر.

أخبار الأمم المتحدة: الآثار التي يخلفها الجوع على البشر جسيمة، من ناحية صحية وإنسانية، ماذا يعني أن يكون المرء جائعا؟

سامر عبد الجابر: دعيني أقدم مثالا بسيطا من ليبيا، عندما يكون لدينا مهاجر في ليبيا يعتمد في قوته اليومي على عمله، لكنّ الجائحة عطلت عليه إيجاد فرصة عمل، فلن يجد ما يكفيه ليوفر طعاما في هذا اليوم، ولو كانت لديه أسرة، تكون المشكلة أكبر.

عندما لا يتوفر لديه هذا الدخل، ومع الجائحة، لن يستطيع تناول طعام صحي لبناء المناعة المطلوبة ليستطيع مقاومة المرض أو أن أعراض المرض ستكون وخيمة عليه.

لذلك قمنا بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بتقديم الطعام الجاهز والمعلبات للاجئين الموجودين في المجتمعات المحلية حتى يستطيعوا التغلب على المشكلة وكي لا يغرقوا في التفكير بشأن كيفية الحصول على الطعام. الغذاء هو حق، ونسعى للمساعدة في هذه المرحلة ليتمكن الجميع من الدخول في سوق العمل بعد انتهاء الأزمة.

أخبار الأمم المتحدة: عملت في مناطق مختلفة في المنطقة العربية، ما القواسم المشتركة أو الاختلافات بينها؟

سامر عبد الجابر: ثمّة العديد من الأمور المشتركة، أولا المنطقة بأسرها تمر بمرحلة اقتصادية صعبة، عدد الأشخاص المحتاجين للدعم يزداد. على سبيل المثال، في ليبيا كنا ننظر لعام 2020 بوجود 336,000 شخص بحاجة لمساعدات غذائية، ولكن ونحن نجهز الآن لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 نرى أن العدد ارتفع إلى 700,000 شخص بحاجة للمساعدات. هذا ينسحب على دول أخرى أيضا، ولذلك أتصور أن عدد الأشخاص الذين يجب أن نصل لهم في منطقة الشرق الأوسط سيزداد بشكل كبير هذا العام.

أيضا عوامل الاستقرار والسلام مؤثرة جدا في منطقتنا.

حوار خاص: جائزة نوبل لبرنامج الأغذية سلطت الضوء على العلاقة بين الغذاء والسلام

أخبار الأمم المتحدة: هل لك أن تخبرنا أكثر عن وضع الجوع والمساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج في ليبيا؟

سامر عبد الجابر: لدينا خطة استجابة لمدة عامين، ونجهز لتمديدها لعام ثالث، وفيها عدة برامج نصل من خلالها إلى 100,000 شخص شهريا، أي كل شهر توجد حصة غذائية للعائلات المستضعفة، سواء كانت أسر نازحة أو لاجئة أو العائدين بعد النزوح، ولدينا برنامج توزيع الغذاء في الحالات الطارئة عندما يحدث نزوح مفاجئ في منطقة معينة، نساعد الأهالي إلى حين تأقلمهم على الوضع. هذا العام، في وقت كورونا وفي شهر رمضان، بدأنا بتوزيع القسائم الإلكترونية وتعاقدنا مع متاجر في المجتمعات المحلية في محاولة لتحفيز الاقتصاد المحلي ليس فقط لدعم المستفيدين ولكن أيضا لدعم المستهلكين بشكل عام.

وفي الوقت نفسه، لدينا برامج التدريب المهني، والتي نطلق عليها "الغذاء مقابل التدريب" وتقوم على فكرة أنه بدلا من إعطاء أسرة طعاما بمساعدات غير مشروطة، نحاول أن نربطها بتدريبات قد تفيد أحد أفراد العائلة لدخول سوق العمل. هذا مهم حتى يشعروا هم بإمكانية تنمية مجتمعهم وإعادة تأهيل البنى التحتية.

أخبار الأمم المتحدة: ما أبرز التحديات التي تواجه عمل طواقم برنامج الأغذية؟

سامر عبد الجابر: التحديات جمّة. هذا العام تحديدا، وليس فقط في ليبيا على ما أعتقد، عندما تنشأ احتياجات طارئة، يزداد الطلب على المساعدات. تواصل معنا رؤساء البلديات والسلطات المحلية بشأن إمكانية زيادة عدد الأشخاص الذين نصل إليهم، هذا أمر صعب، كما أن الاقتصادات العالمية لا تستطيع تقديم الدعم. إذا الحصول على التمويل يشكل تحديا كبيرا.

أتصور أنه في عام 2021، إذا لم نبدأ من الآن بالاستثمار في العلاقات الموجودة مع الدول المانحة للحصول على التمويل المطلوب للاستجابة، فسيكون الوضع صعبا، فنحن لا نريد تحويل الأزمة الصحية العالمية إلى أزمة غذاء عالمية.

رئيس بعثة برنامج الأغذية العالمي في ليبيا، سامر عبد الجابر خلال زيارة إلى أحد المستودعات في طرابلس.
WFP/Sara Salem

أخبار الأمم المتحدة: نحن على أبواب عقد جديد، كيف تنظر إلى إمكانية القضاء على الجوع في العالم خلال السنوات المقبلة؟

سامر عبد الجابر: نحن دائما نشعر بالتفاؤل، وهذا ما يجعلنا قادرين ومستمرين بمساعدة الأشخاص بقدر المستطاع. بلا شك من الممكن القضاء على الجوع ولكن الأمر يتطلب أن نعيد جميعا ترتيب أولوياتنا المركزية، على سبيل المثال أهمية الاستثمار في المجال الزراعي في المنطقة العربية وفي العالم. إضافة إلى أهمية إعادة تنظيم سلسلة التوريد.

إن الاحتياجات الغذائية في تزايد، ولكن في نفس الوقت هدر الطعام في تزايد. يجب أن تكون الاستجابة على نطاق عالمي ونقابل الاحتياجات بالموارد وبالخطط قصيرة المدى والمرتبطة بخطوات طويلة الأجل.

وكذلك بالشراكة، وحدنا كبرنامج أغذية لن نستطيع القضاء على الجوع، يجب التعاون مع السلطات المحلية والقطاع الخاص والدول المانحة والإعلام لزيادة التوعية، الأمر يتطلب جهودا من الجميع ودعما للقطاع الزراعي.