منظور عالمي قصص إنسانية

بناء السلام والمحافظة عليه يتطلبان إصلاح التفاوتات الهيكلية ونهجا أمميا شاملا ومتكاملا

الجفاف من بين العوامل التي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لسكان منطقة الساحل، ومن بينهم سكان مخيم مبرة للاجئين في موريتانيا.
Photo: WFP/Justin Smith
الجفاف من بين العوامل التي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لسكان منطقة الساحل، ومن بينهم سكان مخيم مبرة للاجئين في موريتانيا.

بناء السلام والمحافظة عليه يتطلبان إصلاح التفاوتات الهيكلية ونهجا أمميا شاملا ومتكاملا

السلم والأمن

قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، إن الصراع وتغير المناخ والتقدم المتعثر في التنمية تعزز بعضها البعض في كثير من الأحيان، غير أن جهودنا لمعالجتها تكون في كثير من الأحيان مجزأة.

غير أنها أكدت في مناقشة مجلس الأمن اليوم أن "التحديات التي نواجهها متعددة -وكذلك هي الفرص".

وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد صباح اليوم الثلاثاء مناقشة مفتوحة رفيعة المستوى عبر تقنية التواصل عن بعد، برئاسة السيد رالف غونسالفيس، رئيس وزراء دولة سانت فنسنت وجزر غرينادين التي تترأس المجلس للشهر الحالي.

وهدفت الجلسة التي عقدت تحت عنوان "بناء السلام والمحافظة عليه: الدوافع المعاصرة للنزاع وانعدام الأمن"، إلى تبادل الآراء بين أعضاء مجلس الأمن حول الآثار الأمنية المترتبة على الدوافع المعاصرة للنزاع وانعدام الأمن مثل الجوائح والتحديات البيئية، بما فيها تغير المناخ، ودور مجلس الأمن في تعزيز نهج متكامل ومتماسك يشمل "المنظومة بأسرها" للتصدي لهذه التحديات متعددة الأوجه.

عالم أفضل بعد كوفيد-19 في متناول اليد

لا تزال الجائحة تفاقم مخاطر ودوافع الصراع - من انعدام الأمن عبر الحدود والتهديدات المتعلقة بالمناخ إلى الاضطرابات الاجتماعية وأوجه القصور الديمقراطية. تتعمق المظالم وعدم المساواة، مما يؤدي إلى تآكل الثقة في السلطات والمؤسسات من جميع الأنواع، وزيادة نقاط الضعف.

وبحسب نائبة الأمين العام، تعكس الأزمة الصحية العالمية مكاسب التنمية وبناء السلام، وتؤدي إلى تفاقم النزاعات وتقويض الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أن "لها تأثيرا مدمرا على حقوق الإنسان وعدم المساواة بين الجنسين".

بينما نتعافى، لا يمكننا العودة إلى الأطر والأنظمة الفاشلة التي أوجدت الهشاشة وعدم المساواة التي تستغلها الجائحة. يتعين علينا أن نبني إلى الأمام على نحو أفضل-- أمينة محمد

وأشارت السيدة أمينة محمد إلى أن الجائحة أظهرت بالفعل أن التغيير السريع ممكن، حيث يتبنى ملايين الأشخاص طرقا جديدة للعمل والتعلم والتواصل الاجتماعي.

وقالت:

"بينما نتعافى، لا يمكننا العودة إلى الأطر والأنظمة الفاشلة التي أوجدت الهشاشة وعدم المساواة التي تستغلها الجائحة. يتعين علينا أن نبني إلى الأمام على نحو أفضل".

وفي هذا السياق أعربت نائبة الأمين العام عن دعمها لرؤية سانت فنسنت وجزر غرينادين التي تشكل جزءا أساسيا من مناقشة مجلس الأمن اليوم، ألا وهي: "عالم أفضل بعد كوفيد-19 ما زال في متناول أيدينا".

وقد سلطت الجائحة الضوء على ضرورة الاستثمار في الحوكمة والمؤسسات الشاملة والمنصفة، فضلاً عن معالجة الأسباب الجذرية، من أجل معالجة دوافع ليس فقط الصراع ولكن الأزمات والصدمات من جميع الأنواع. كما عززت الحاجة إلى خطة التنمية المستدامة لعام 2030 -التي تعد أداة الأمم المتحدة الوقائية الأساسية.

استجابات متواضعة ومخيبة للآمال

أمهات ينتظرن في الصف لتلقيح أطفالهن في عيادة صحية في باماكو، بمالي.
World Bank
أمهات ينتظرن في الصف لتلقيح أطفالهن في عيادة صحية في باماكو، بمالي.

وفي أيار/مايو، كان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد أطلق مع رئيسي وزراء كندا وجامايكا، مسار تمويل عملية التنمية. وقد حددت العملية 260 "خياراً" للعمل. لكن حتى الآن، وبحسب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السفير الباكستاني منير أكرم، كانت استجابة أولئك الذين في وضع يسمح لهم بإحداث أثر بشأن هذه الخيارات، "متواضعة للغاية ومخيبة للآمال".

ودعا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المجتمع الدولي إلى حشد الإرادة السياسية لتنفيذ بعض أهم هذه الخيارات، وهي:

• تعليق الديون للدول ذات الدخل المنخفض والدول الجزرية الصغيرة النامية تحت الضغط، حتى نهاية الجائحة.

• إلغاء ديون أقل البلدان نموا.

• إعادة هيكلة الديون للبلدان النامية الأخرى، بما في ذلك من خلال عمليات إعادة شراء الديون والمقايضات بكفاءة؛

• تدفقات صافية كبيرة من بنوك التنمية متعددة الأطراف.

• التمويل الميسر الموسع بشكل كبير من خلال المؤسسة الدولية للتنمية ومصادر أخرى.

• وفاء البلدان الأكثر ثراءً بالتزام 0.7 في المائة من المساعدة الإنمائية الرسمية.

• مشاركة القطاع الخاص في تعليق الديون وتخفيفها.

• والأهم من ذلك، مسألة حقوق السحب الخاصة الجديدة وإعادة تخصيص حصص حقوق السحب الخاصة غير المستخدمة للاستثمار في أهـداف التنمية المستدامة.

إصلاح التفاوتات الهيكلية

وفي كلمته أمام المجلس، قال رئيس وزراء سانت فنسنت وجزر غرينادين، رالف غونسالفيس، إنه لا يمكننا عبور هوة كبيرة بخطوات صغيرة، وإلا فسوف نسقط في الوادي الذي يتسع في الأسفل".

وكان السيد غوتيريش قد أعلن أن هذه الأزمة توفر فرصة "لإعادة البناء بشكل أفضل" وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأهداف اتفاق باريس للمناخ. وقد انضم آخرون للأمين العام في هذه القضية وأيدوها.

ومع ذلك، لن نكون قادرين على تحقيق هذه الأهداف الطموحة والحيوية، وفقا للسفير منير أكرم، ما لم نعالج ونصلح التفاوتات الهيكلية التي أدت بنا إلى الأزمات المالية والاقتصادية الحالية والسابقة.

نهج أممي متكامل وشامل

شددت على هذا الأمر أيضا نائبة الأمين العام أمينة محمد التي أوضحت أهمية أن تضع عملية التعافي أيضا حلولا لمنع وحماية المجتمعات من أسباب النزاع المتعلقة بالمناخ. ودعت في كلمتها أمام مجلس الأمن صباح اليوم "الدول الأعضاء وبنوك التنمية إلى الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وإجراءات الصمود، لا سيما في الدول المتضررة من النزاعات".

وأوضحت أن البلدان الأكثر عرضة للخطر يجب أن تكون قادرة على استخدام التقنيات الجديدة والاستشعار عن بعد لمساعدتها في التنبؤ والوقاية.

وقالت "لا يمكننا معالجة هذه التحديات متعددة الأوجه إلا من خلال نهج أممي متكامل ومتماسك وشامل".

وختمت كلمتها بالإشارة إلى نداء الأمين العام من أجل دفعة جديدة من جانب المجتمع الدولي - بقيادة مجلس الأمن - لجعل "وقف إطلاق النار العالمي حقيقة واقعة بحلول نهاية هذا العام".

وقالت "أعول على التزامكم بهذا النداء. يجب أن نبذل كل طاقاتنا لمحاربة عدونا المشترك: الفيروس".