منظور عالمي قصص إنسانية

ليبيا: بعثة تقصي الحقائق تؤكد بذل الجهود لوضع حد للإفلات من العقاب ومحاسبة الجناة

مهاجرون في مركز احتجاز في مدينة الزاوية، ليبيا. المصدر: إيرين/  ماتيو جالتير
Mathieu Galtier/IRIN
مهاجرون في مركز احتجاز في مدينة الزاوية، ليبيا. المصدر: إيرين/ ماتيو جالتير

ليبيا: بعثة تقصي الحقائق تؤكد بذل الجهود لوضع حد للإفلات من العقاب ومحاسبة الجناة

حقوق الإنسان

أعرب رئيس البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا عن أمله في أن يقود عمل البعثة إلى نتائج ملموسة وتحسينات في حالة حقوق الإنسان في البلاد، مع بروز تطورات إيجابية على المسار السياسي.

جاء ذلك في تحديث شفوي بشأن الوضع في ليبيا طلبه مجلس حقوق الإنسان في دورته الخامسة والأربعين اليوم الاثنين.  

محمد أوجار رئيس البعثة، التي شكلها المجلس، أشار إلى أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان عيّنت ثلاثة خبراء في بعثة تقصي الحقائق في 19 آب/أغسطس، بهدف إثبات الحقائق والظروف الخاصة بحالة حقوق الإنسان في جميع أنحاء ليبيا وجمع ومراجعة المعلومات ذات الصلة لتوثيق الانتهاكات والتجاوزات المزعومة.

وقال: "خلال المدة القصيرة التي باشرنا فيها عملنا، قمنا بتجميع قدر كبير من المعلومات ذات الصلة بولايتنا من مصادر مختلفة ستساعدنا على ضبط تركيزنا وتحديد أولويات عملنا لتحقيقه".

محاسبة المسؤولين عن الجرائم

ومن أهم الجوانب التي تركز عليها البعثة، بحسب رئيسها، الأبعاد الجنسانية للانتهاكات المزعومة والتجاوزات والحفاظ على الأدلة بهدف ضمان محاسبة مرتكبي أي انتهاكات أو تجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

نعول في تنفيذ ولايتنا على التعاون الكامل من حكومة ليبيا والجهات الفاعلة والمهتمين الآخرين -- محمد أوجار

كما شدد على تطلع البعثة لإقامة علاقات بنّاءة مع السلطات في مسعى لتحقيق العدالة والمساءلة من أجل الشعب الليبي. وأضاف يقول: "نعوّل في تنفيذ ولايتنا على التعاون الكامل من حكومة ليبيا والجهات الفاعلة والمهتمين الآخرين"، مشيرا إلى تلقي تطمينات بأن حكومة ليبيا على استعداد للتعاون بشكل كبير بما في ذلك استقبال البعثة في طرابلس والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها على الأرض.

وأضاف: "نعوّل على تعاون الأطراف الأخرى حتى نتمكن من الوصول إلى كامل أراضي ليبيا بأقصى حدّ ممكن".

تحديات تواجه البعثة

وتطرق السيّد أوجار للتحديات التي تواجه عمل البعثة وعلى رأسها التأخر في إنشاء الأمانة العامة لدعم بعثة تقصي الحقائق في تنفيذ الولاية بما يتفق مع الممارسات المتبعة في إنشاء هيئات التحقيق.

إلى جانب ذلك، فرضت جائحة كـوفيد-19 قيودا على السفر إلى ليبيا والبلدان المجاورة للاجتماع مباشرة مع المحاورين الرئيسيين بمن فيهم الضحايا والشهود.

ودعا أوجار إلى تمديد ولاية البعثة إلى ما بعد آذار/مارس 2021 وتوفير ميزانيات برامج كافية.

وقال: "بإنشاء بعثة تقصي الحقائق، تم إرسال إشارة مهمة إلى عدد لا يُحصى في ليبيا مفادها بأن محنتهم لم تُنسَ وأن المجتمع الدولي يقف وراءهم سعيا لتحقيق العدالة والمساءلة. لا يمكننا أن نخذلهم".

إشارات إيجابية للسلام

وشددت بعثة تقصي الحقائق على التمسك بأعلى معايير الحياد والاستقلالية والموضوعية والنزاهة الأخلاقية، مع ازدياد الإشارات الإيجابية بشأن آفاق السلام والاستقرار لشعب ليبيا.

Tweet URL

من جانبها، لفتت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، الانتباه إلى ما وصفتها بالتطورات الإيجابية من بينها عملية السلام وخفض تصعيد التوتر.

وتطرقت إلى الأوضاع الإنسانية في ليبيا، وقالت: "كان اكتشاف مقابر جماعية من أكثر الأشياء التي تذكرنا برعب الصراع الليبي. وقد دعت الأمم المتحدة لتحقيق شامل وشفاف وتقديم الجناة إلى العدالة".

وأضافت أن بعثة تقصي الحقائق هي خطوة حاسمة في هذا المجال، وأن المساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الطريق الوحيد لضمان العدالة على هذه الجرائم وكذلك السلام المستدام في ليبيا.

دبابة مدمّرة أصبحت أداة يلعب بها الأطفال في بنغازي بليبيا (آذار/مارس 2011)
UNMAS/Maximilian Dyck
دبابة مدمّرة أصبحت أداة يلعب بها الأطفال في بنغازي بليبيا (آذار/مارس 2011)

أكثر من 35 ألف حالة كوفيد

بلغ عدد الحالات الموثقة المصابة بمرض كورونا في ليبيا 35 ألف حالة، مع ارتفاع عدد الوفيات. وأضافت ستيفاني وليامز تقول: "تخرج الأمور عن السيطرة مع محدودية الاختبارات وهشاشة الرعاية الصحية وتفكك المؤسسات الطبية بعد تسع سنوات من الصراع والنقص الشديد في المستلزمات الطبية".

تخرج الأمور عن السيطرة مع محدودية الاختبارات وهشاشة الرعاية الصحية وتفكك المؤسسات الطبية -- ستيفاني وليامز

كما دعت وليامز إلى إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين التي تديرها وزارة الداخلية وغيرها من مرافق التوقيف غير القانونية الخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة مرتبطة بالاتجار بالمهاجرين والشبكات الإجرامية التي تبتز الأموال من الفئات الأضعف.

وقالت: "بين نيسان/أبريل ونهاية آب/أغسطس، أعلنت السلطات الليبية إطلاق سراح 3,200 محتجزا من العديد من السجون، للأسف لا يمكن توثيق هذه المعطيات بشكل مستقل، وبحسب المعلومات التي تلقيناها، لم تكن أي سيّدة أو طفل من بين المطلق سراحهم".

العنف الجنسي في أوقات النزاعات

وتطرق المشاركون في اجتماع مجلس حقوق الإنسان إلى قضية الانتهاكات وخاصة العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وأشارت السيّدة وليامز إلى توقع أونسميل إرسال خبير في العنف القائم على النوع الاجتماعي لمساعدة البعثة ودعم عملها. وشددت وليامز على جهود البعثة في مراقبة وضع المرأة وحماية النساء اللائي يتعرّضن لانتهاكات العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، واغتصاب الأطفال.

ودعا متحدثون السلطات الليبية إلى إنهاء الإفلات من العقاب المتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي. ودعا متحدثون آخرون إلى وقف الاعتداء على المرافق المدنية ومن بينها المدارس والمستشفيات وتأمين وصول إنساني آمن ودون عوائق تحت جميع الظروف.

الليبيون منهكون من الوضع

دعا متحدثون خلال الاجتماع الأطراف الليبية للاستثمار في نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا، الذي عقد في كانون الثاني/يناير، من أجل ضمان سيادة ووحدة أراضي ليبيا واستقلالها.

وألقى كلمة ليبيا تميم بعيو، رئيس البعثة الليبية في جنيف، وقال إن الوضع على الأرض ما زال صعبا على العديد من الجبهات.

جائحة كوفيد-19 تثير القلق ووضعت ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الصحية الهش أصلا. لقد تعب الليبيون من التصريحات -- تميم بعيو

وأضاف يقول: "إن جائحة كوفيد-19 تثير القلق ووضعت ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الصحية الهش أصلا. لقد تعب الليبيون من التصريحات، وحان الوقت لإيجاد وتنفيذ حلول حقيقية لرفع المعاناة التي طال أمدها".

وأضاف أن الليبيين لم يتمتعوا بحقوقهم الإنسانية على مدار نصف قرن، وقد رأوا أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد للمضي قدما.

وقال: "ندعو من تـَدَخل في ليبيا وتسبب بمعاناة شعبها لمنحنا فرصتنا المشروعة للحياة والسلام والازدهار"، وأشار إلى مسؤولية المجتمع الدولي في استعادة ثقة الليبيين وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

كما أوضح الحاجة إلى المساعدة في إدارة الحدود المشتركة للحد من الاتجار غير المشروع والأنشطة الإجرامية عبر الحدود وتعزيز الاستقرار.

أمل في مستقبل أفضل لليبيا

وخلال الاجتماع في مجلس حقوق الإنسان، أكد رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد أوجار، على أن البعثة لن تأل جهدا لوضع حد للإفلات من العقاب ولتنفيذ ما جاء في التوصية حول المساءلة بهدف الإسهام في جهود المجتمع الدولي لتمكين ليبيا من السلام والعيش في جو ديمقراطي.

وشددت العضوة في البعثة، تريسي روبنسون، على أهمية البعد الجنساني لتقصي الحقائق، ومعالجة الشواغل المتعلقة بنقص الإبلاغ عن العنف، والتأكيد على أن نُهج التحقيق تعالج هذا التحدي الكبير.

وقالت: "إن المساواة بين الجنسين مهمة للسلام في ليبيا، وإن معالجة الانتهاكات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين مهمة للعدالة والمساءلة".

وأوضح المتحدثون خلال النقاش أن للمسار الديمقراطي في ليبيا أهمية شديدة، مع الحاجة للتعاون لدعم مؤسسات حقوق الإنسان.