منظور عالمي قصص إنسانية

نقاش في مجلس الأمن: رغم التقدم المحرز خلال 10 أعوام في حماية المدارس، تستمر الهجمات بالنمو بمعدل ينذر بالخطر

طفلة تنظر إلى مبنى مدرستها الجديدة في إحدى القرى الواقعة في كوت ديفوار.
UNICEF / Frank Dejongh
طفلة تنظر إلى مبنى مدرستها الجديدة في إحدى القرى الواقعة في كوت ديفوار.

نقاش في مجلس الأمن: رغم التقدم المحرز خلال 10 أعوام في حماية المدارس، تستمر الهجمات بالنمو بمعدل ينذر بالخطر

الثقافة والتعليم

من تهديد وترهيب المعلمين إلى خطفهم وقتلهم، ومن تحويل المدارس لثكنات عسكرية ومواقع للإعدام إلى حرقها وتفجيرها، هذا جزء مما يتعرّض له التعليم في مناطق متعددة من أنحاء العالم، مما يحرم أعدادا من الفتيان والفتيات من الدراسة ومن مستقبل واعد.

هذا ما استمع إليه مجلس الأمن في نقاش مفتوح عُقد صباح الخميس بتوقيت نيويورك، شارك فيه متحدثون بشكل شخصي وافتراضيا وأشاروا فيه إلى ازدياد وتيرة الهجمات على المرافق التعليمية مع التركيز بشكل خاص على منطقة الساحل في أفريقيا.

Tweet URL

وجاءت الجلسة لبحث التقدم المحرز خلال الأعوام العشرة الماضية على صعيد تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحماية المدارس والأطفال من الهجمات المسلحة، وتبنى المجلس بيانا رئاسيا من إعداد النيجر وبلجيكا، الذي أعاد التأكيد على جميع القرارات والبيانات التي تساهم في إطار شامل في معالجة حماية الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح. وأكد المجلس مسؤوليته الرئيسية عن صون السلام والأمن الدوليين، والتصدي للتأثير واسع النطاق للنزاعات المسلحة على الأطفال.

وتأتي الجلسة بعد يوم من إحياء الأمم المتحدة، في 9 أيلول/سبتمبر 2020، ولأول مرة، اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات. والذي سلط الضوء على المحنة التي يمر بها أكثر من 75 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين سن 3 و18 عاما في 35 دولة من الدول المتضررة بالأزمة، وكذلك على حاجتهم الماسة للدعم في مجال التعليم.

ارتفاع وتيرة الهجمات

بحسب مذكرة المفاهيم التي أعدتها النيجر، فعلى الرغم من التقدم المحرز منذ عام 2011 في مجال حماية المدارس (تاريخ قرار 1998 المتعلق بحماية المدارس)، تنمو الهجمات والتهديدات بمعدل ينذر بالخطر.

يبدو أن هناك تكتيك حرب ناشئ، خاصة في منطقة الساحل، حيث تتعرض المدارس للاستهداف وخاصة إذا كانت مدارس تعليم الفتيات - فيرجينيا غامبا

وقالت فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعني بالعنف ضد الأطفال، إن الانتهاكات لم تتضاءل عبر السنوات: "بل على العكس، يبدو أن هناك تكتيك حرب ناشئ، خاصة في منطقة الساحل، حيث تتعرض المدارس للاستهداف وخاصة إذا كانت مدارس تعليم الفتيات".

وأضافت أنه في العامين الماضيين في مالي، على سبيل المثال، تعرّض المعلمون للتهديد والقتل، وتم إلغاء مرافق تعليمية وحرق مواد تعليمية، مما أدى إلى إغلاق إلى أكثر من 1،260 مدرسة. وإلى جانب ذلك، شهدت الأشهر 12 الماضية ارتفاعا في الهجمات ضد المدارس في بوركينا فاسو، بما فيها حرق المدارس واختطاف المدرّسين، مما أجبر 2،500 مدرسة على الإغلاق وحرمان مئات آلاف الأطفال من التعليم.

وتابعت غامبا تقول: "في مناطق أخرى في العالم، مثل آسيا وأميركا اللاتينية، شهدنا ارتفاعا مثيرا للقلق في الهجمات على المؤسسات التعليمية التابعة للمجتمعات الأصلية". ورغم تبني بعض الحكومات، مثل ميانمار والفلبين وجمهورية أفريقيا الوسطى، لحماية المدارس من الهجمات، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، لكنها لا تزال في المراحل الأولى من التنفيذ.

أسرة فرّت من قريتها الواقعة في مقاطعة أقصى الشمال في الكاميرون بعد اجتياح القرية على يد مسلحين (شباط/فبراير 2019).
UN Photo/Eskinder Debebe
أسرة فرّت من قريتها الواقعة في مقاطعة أقصى الشمال في الكاميرون بعد اجتياح القرية على يد مسلحين (شباط/فبراير 2019)., by UN Photo/Eskinder Debebe

جائحة كوفيد-19 تفاقم الأوضاع

وأوضحت المسؤولة الأممية أن جائحة كوفيد-19 جعلت الوضع أكثر سوءا، فقد تسبب إغلاق المدارس وانهيار الاقتصاد بعوامل مد وجزر جاءت لصالح التجنيد والإساءة والاستغلال الجنسي وزواج الأطفال على حدّ تعبيرها.

وأشارت إلى أن الإغلاقات قيّدت وقللت فرص حصول الأطفال على الخدمات الأساسية. وقد تتحول المدارس الفارغة إلى مرتع للمجموعات المسلحة للنهب أو استخدام المدارس لأهداف عسكرية.

ودعت غامبا إلى أن تظل المدارس ملاذا آمنا، ينعم فيه الأولاد والبنات بالتعليم دون تمييز ودون خوف: "حتى في وقت الحرب والجائحة، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لضمان حصول جميع الأطفال على تعليم جيد. التعليم ليس خيارا، ولكنّه حق".

تأثر أكثر من مليار طفل بسبب كورونا

من جانبها، أشارت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن كوفيد-19 عطّل مسيرة التعليم لأكثر من مليار طفل حول العالم. وقالت: "في نفس الوقت، علينا أن نتذكر أولئك الذين ليس لديهم تعليم ينتظرهم، بمن فيهم 75 مليون طفل يعيشون في دول تشهد صراعات".

وأوضحت مديرة اليونيسف أن النزاعات المسلحة اليوم أصبحت مطوّلة ومعقّدة بشكل متزايد من حيث النتائج والأسباب والطابع. وقد ازدادت عنفا، وتتسم "بازدراء مقلق" للقانون الإنساني الدولي من قبل أطراف النزاع، الحكومية وغير الحكومية على حدّ سواء.

494 اعتداء على المدارس

بحسب تقرير الأمين العام الذي صدر في حزيران/يونيو، في العام الماضي وحده، تم توثيق 494 اعتداء على المدارس – وأكثر من 13 ألف هجمة منذ بدء المراقبة وإعداد التقارير. وقالت فور: "يبدو أن هذه الهجمات مصممة لتخدم غرضا واحدا فقط وهو حرمان الأطفال والمجتمعات والدول من أي مظهر من مظاهر الأمان والتفاؤل أو الأمل بالمستقبل".

وتابعت فور تقول إن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، والأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع بشكل عام، يواجهون عالما من الخطر: "هم أكثر عرضة للتجنيد من قبل القوات أو الجماعات المسلحة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي وزواج الأطفال والحمل المبكر والإساءة والاتجار".

معالجة المشكلة من الجذور

وتعاني اليونيسف من فجوة تمويلية بنسبة 66% في سبع دول في منطقة الساحل. هذه واحدة من أكبر الفجوات التمويلية التعليمية على نطاق عالمي.

ووجهت فور كلمة لمجلس الأمن دعته فيها إلى معالجة المشكلة، وقالت: "أعطوا صوتكم ونفوذكم لإدانة جميع الهجمات على المدارس والطلاب على حدّ سواء – عبر قرارات أو بيانات رئاسية مثل تلك التي نتحد خلفها اليوم".

طقوس خاصة بالعودة للمدرسة في الأول من أيلول/سبتمبر 2020 في مدرسة النزهة، إحدى مدارس الأونروا بالأردن.
UNRWA photo by Yazan Fares
طقوس خاصة بالعودة للمدرسة في الأول من أيلول/سبتمبر 2020 في مدرسة النزهة، إحدى مدارس الأونروا بالأردن., by UNRWA photo by Yazan Fares

11 ألف هجمة على التعليم

وتحدثت من قاعة مجلس الأمن ماريكا تسولاكيس، ممثلة عن التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجوم، حيث قالت إن العنف ضد التعليم يحدث بوتيرة مثيرة للقلق في مناطق النزاع حول العالم: "حددت بحوث التحالف 11 ألف حادثة على الأقل تم الهجوم فيها على التعليم عالميا عبر السنوات الخمس الماضية. وفي 34 دولة حول العالم على الأقل، تم استخدام المدارس لأغراض عسكرية من قبل قوات حكومية ومجموعات مسلحة غير حكومية".

ووثق التحالف، في عام 2020، نحو 100 هجمات على المدارس في منطقة الساحل. وقالت تسولاكيس: "هي منطقة تثير القلق بشكل خاص، ففي بوركينا فاسو ومالي النيجر ازداد تهديد وخطف وقتل المعلمين وحرق أو تفجير المدارس. واستخدم كل من الجيش والمجموعات المسلحة المدارس كمواقع للإعدام أو قواعد عسكرية".

استهداف النساء والفتيات

وتحدثت ممثلة التحالف عن النساء والفتيات اللاتي غالبا ما يتعرّضن عن قصد للهجوم في الاعتداء على التعليم، ويعانين من عواقب دائمة. ولكن، محدودية البيانات المصنفة حسب الجنس تعيق الوقاية والاستجابة الفعّالة التي تراعي الفوارق بين الجنسين.

وحثت مجلس الأمن على المصادقة على "إعلان المدارس الآمنة" وتنفيذه بطريقة تراعي النوع الاجتماعي والامتناع عن استخدام المدارس والجامعات لأغراض عسكرية. ودعم فرق الأمم المتحدة القطرية للمشاركة بأمان مع أطراف النزاع بما فيها التوقيع على خطط عمل لإنهاء ومنع الهجمات على المدارس.

الهجمات ضد المدارس في القرارات الدولية

تشكل الهجمات ضد المدارس أحد الانتهاكات الجسيمة الستة المدرجة في آلية الرصد والإبلاغ التي تقودها الأمم المتحدة للانتهاكات ضد الأطفال والتي وضعت وفق قرار 1612 (2005).

وفي قرار 1998 (2011)، اعتبر المجلس هذه الهجمات انتهاكا جسيما يمكن أن يؤدي إلى إدراج الأطراف في مرفقات تقرير الأمين العام السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح.

هذه القرارات سلطت الضوء على الحاجة إلى حماية المدارس والأطفال والمعلمين وغيرهم من الأشخاص المحميين فيما يتعلق بالمدارس من الهجمات أو التهديدات بالاعتداءات وضمان إعمال حق الأطفال في التعليم.