منظور عالمي قصص إنسانية

العراق: كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط يفاقمان الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية

الشركاء الإنسانيون يقومون بتوزيع المساعدات الإنسانية في قرية إبراهيم الخليل في العراق.
OCHA/Themba Linden
الشركاء الإنسانيون يقومون بتوزيع المساعدات الإنسانية في قرية إبراهيم الخليل في العراق.

العراق: كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط يفاقمان الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية

السلم والأمن

أعربت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق عن قلق شديد بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية في العراق والتي تتفاقم مع انخفاض أسعار النفط، تزامنا مع استمرار انتشار جائحة كوفيد-19.

وفي إحاطة افتراضية أمام مجلس الأمن، صباح الأربعاء، بتوقيت نيويورك، أكدت المسؤولة الأممية، جنين هينيس-بلاسخارت، أن جائحة كـوفيد-19 تسببت بتفاقم التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العميقة أصلا في العراق.

وعرضت هينيس-بلاسخارت بعضا من الأرقام البارزة لتوضيح المخاوف الإنسانية، مشيرة إلى ارتفاع نسبة الفقر بأكثر من 10 في المائة خلال الأشهر الماضية، كما يعيش الآن ثلث العراقيين تحت خط الفقر، واثنان من بين كل خمسة يعانون من حرمان متعدد في الوصول إلى الحقوق والخدمات الاجتماعية الأساسية.

Tweet URL

وقد انخفضت عائدات النفط، بعد أن تضررت، بشدة، بسبب الانخفاض الشديد في أسعار النفط، إلى النصف تقريبا. وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق: "من المتوقع أن يشهد العراق انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.7 في المائة".

وبحسب المسؤولة الأممية، لا يحصل أكثر من ثلاثة ملايين عراقي على غذاء كاف، بسبب انخفاض القوة الشرائية، كما يعاني الآن أكثر من 11 مليون طالب مدرسة وجامعة في جميع أنحاء العراق من تعطيل الدراسة. وتضرر القطاع الخاص بشكل كبير بسبب خسارة الوظائف وانخفاض مستوى الدخل.

مصاعب سببها آفة الفساد

وقالت بلاسخارت إن آفة الفساد هي الدافع للعديد من القضايا التي تحدث في العراق، وتابعت تقول: "لا يزال الفساد مستشريا، وتكلفته الاقتصادية لا توصف، حيث يستمر في سرقة الموارد التي تمس الحاجة إليها من العراقيين يوميا، مما يؤدي إلى تآكل ثقة المستثمرين".

وفي العراق، تضاعف العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل مثير للقلق، وسط تضاؤل الخيارات المتاحة للضحايا لطلب المساعدة والعثور على مأوى.

وللاستجابة لتلك التحديات، أشارت هينيس-بلاسخارت إلى أهمية تأمين الوصول الإنساني على الأرض للمحتاجين: "نحتاج إلى نظام مبسّط يمكّن الجهات الفاعلة والإمدادات الإنسانية المعطلة حاليا من الوصول بسرعة إلى المحتاجين"، وقالت إن المناقشات "الإيجابية" جارية في الوقت الراهن على أمل الحصول على قرار في غضون أيام.

الحاجة إلى الإصلاحات

وتقرّ الحكومة العراقية بهذه التحديات، ووضعت الإصلاحات الاقتصادية والمالية كأولوية، ومن المتوقع أن يقدم وزير المالية خطة إصلاح اقتصادية مفصلة للبرلمان قريبا. وقالت المسؤولة الأممية لمجلس الأمن:

"من أجل أن تتجذر الإصلاحات المهمة والمؤلمة في سياق تاريخي للحقوق والاستحقاقات المتصوّرة، يجب أن تتحد الطبقة السياسية معا، وأن تعطي الأولوية لمصالح الدولة وحماية المستضعفين. لكن حتى الآن لم نشهد سوى القليل من هذه الروح".

وشددت هينيس-بلاسخارت على أهمية هذه الإصلاحات من أجل "مستقبل أكثر إشراقا" لجميع العراقيين، والانتقال من مرحلة "إخماد الحرائق" إلى بناء حلول مستدامة وقدرة محلية على مواجهة الأزمات.

عواصف من جميع الجهات

وترى رئيسة بعثة يونامي أن الحكومة العراقية تعمل في مواجهة عواصف متعددة في آن واحد، مع استمرار الاضطرابات الاجتماعية في الأشهر الأخيرة في جميع أنحاء العراق – وإن كانت هادئة إلى حد ما بسبب الجائحة. وقالت:

"من دواعي القلق الشديد ارتفاع عمليات قتل واستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. إن إسكات الأصوات السلمية – من خلال الضغط على النشطاء والإعلاميين، أو إرباك المشهد، أو الأسوأ من ذلك بإراقة الدماء – هو إهانة للحقوق الإنسانية والكرامة".

إلا أن المبعوثة الأممية ترى وجود إشارات تبعث على الأمل، وتحركات نحو مزيد من المساءلة ودعما أقوى لحرية التعبير والتجمّع والتزاما ملموسا بالعدالة. "هذه إشارات تبعث على الأمل، ولكن ثمة حاجة ماسة إلى مزيد من الإجراءات لتحقيق العدالة الحقيقية والمساءلة".

وفي إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تواصل "استعراض العضلات" على حد تعبير جنين هينيس-بلاسخارت، دعت المسؤولة الأممية إلى تجنيب العراقيين موجة أخرى من العنف المتصاعد.

انتخابات مبكرة في الأفق

أم تحمل طفلها الرضيع في طريقها إلى مركز للرعاية الصحية في مدينة البصرة العراقية.
© UNICEF/Noorani
أم تحمل طفلها الرضيع في طريقها إلى مركز للرعاية الصحية في مدينة البصرة العراقية.

تم تحديد 6 حزيران/يونيو 2021 موعدا لإجراء انتخابات مبكرة في العراق، لكن حتى لم يحل البرلمان المسائل الحاسمة المتعلقة بتوزيع المقاعد وترسيم الدوائر الانتخابية.

وقالت المسؤولة الأممية: "يجب أن تحكم الاعتبارات الفنية، لا المصالح الحزبية، وضع اللمسات الأخيرة عليها"، مشيرة إلى أهمية تعزيز المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتحريرها من الضغوط السياسية المستمرة، لاسيّما في مجال اختيار الموظفين وتطوير وتنفيذ الإجراءات الانتخابية.

كما دعت هينيس-بلاسخارت المفوضية العليا للانتخابات لضمان تسجيل الناخبين بشكل شامل وجامع، ووضع نظام انتخابي شفاف وموثوق، وتحديد إطار عمل حكيم للتعامل مع الشكاوى والطعون الانتخابية.

وأعربت عن استعداد بعثة يونامي للمساعدة، "فاستعادة ثقة العامة عمل شاق، وفي هذا السياق، ستثبت الانتخابات الحرة والنزيهة أهميتها". وأضافت أنه بالإمكان أن تفتح "إعادة ضبط الانتخابات" فصلا جديدا ومهما للعراق، ولكن كي يحدث ذلك، يجب أن تكون الانتخابات موثوقة.

أهمية سيادة العراق لاستقرار المنطقة

من جانبه قال محمد حسين بحر العلوم، مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، إن رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، أعلن موعد إجراء انتخابات مبكرة بعد مناقشات فعّالة.

وقال في كلمته أمام مجلس الأمن إن الحكومة تؤمن أنه بدون مبادرة شاملة سيكون من الصعب إيجاد حلول مستدامة لأزمة في العراق، مشيرا إلى أن الحكومة جاءت استجابة لأزمة سياسية، لكنها تتطلع إلى أن تكون حكومة تستوعب الحلول للمشكلات العاجلة.

وشدد المندوب العراقي على أهمية الحفاظ على سيادة الدولة واحترامها، وتعزيز حكم القانون ووضع السلاح بيد الدولة ومنع القوى الأجنبية من تحويل البلاد إلى قاعدة لأجنداتها السياسية والاستراتيجية، قائلا "إن سيادة واستقلال العراق أمران حاسمان لاستقرار وأمن المنطقة".

وأكد المسؤول العراقي أن مكافحة الفساد في قلب عملية الإصلاح، منبها إلى أن الحكومة أظهرت حرصا كبيرا على استعادة السيطرة على النقاط الحدودية لمنع وردع أية ممارسات غير قانونية، على حدّ تعبيره.