منظور عالمي قصص إنسانية

من غير الممكن محو الذكريات المفجعة للهجمات الإرهابية، لكن أصوات الناجين لا ينبغي أبدا أن تتوارى في طي النسيان

ثقب رصاصة في نافذة إحدى المباني في العاصمة الصومالية مقديشو.
UN Photo/Stuart Price
ثقب رصاصة في نافذة إحدى المباني في العاصمة الصومالية مقديشو.

من غير الممكن محو الذكريات المفجعة للهجمات الإرهابية، لكن أصوات الناجين لا ينبغي أبدا أن تتوارى في طي النسيان

السلم والأمن

قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن أثر الإرهاب على الضحايا يمكن أن يستمر مدى الحياة وأن يتردد صداه عبر الأجيال. وجاءت تصريحات السيد غوتيريش، خلال فعالية افتراضية، عقدت اليوم الجمعة، بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، والذي يتم الاحتفال به منذ عام 2017.

وأكد الأمين العام تضامن الأمم المتحدة مع جميع ضحايا الإرهاب وحث الناس في كل مكان على ضمان عدم نسيانهم أبدا. وأضاف:

"وإن كان من غير الممكن محو الذكريات المفجعة، إلا أنه يمكننا مساعدة الضحايا والناجين من خلال السعي إلى استجلاء الحقيقة وتمكينهم من العدالة وجبر ضررهم، وتوفير منابر لإسماع أصواتهم، والتمسك بحقوق الإنسان الواجبة لهم."

احتفال في خضم الأزمات

ويحل هذا اليوم الدولي الثالث لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم والعالم يشهد فترة اضطرابات عارمة. فقد غيرت أزمة كوفيد-19 طريقة عيشنا وتفاعلنا مع بعضنا البعض.

وأشار الأمين العام إلى تعطل الخدمات الحيوية المقدمة للضحايا، مثل إجراءات العدالة الجنائية والدعم النفسي الاجتماعي أو تأخر أو توقف تقديمها، بينما تركز الحكومات الاهتمام والموارد على مكافحة الجائحة.

كما أفاد السيد أنطونيو غوتيريش بإلغاء إقامة العديد من النصب والاحتفالات التذكارية أو نقلت إلى الفضاء الإلكتروني، مماحال دون اجتماع الضحايا معا التماسا للعزاء والسلوان. "وبسبب القيود الراهنة، تم تأجيل عقد مؤتمر الأمم المتحدة العالمي لضحايا الإرهاب الأول من نوعه إلى العام المقبل."

إعادة البناء والتعافي

وقال الأمين العام، الذي سلط الضوء على جهود الأمم المتحدة لمساعدة البرلمانيين والحكومات على صياغة واعتماد تشريعات واستراتيجيات وطنية لمساعدة الضحايا، "إن تذكر ضحايا الإرهاب وبذل المزيد من الجهود لدعمهم أمر لا غنى عنه لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم واندمال جراحهم."

وشدد الأمين العام على ضرورة أن نواصل دعم رابطات الضحايا فيما تضطلع به من أعمال قيمة. "ويجب أن نكفل على الدوام إسماع أصوات أولئك الذين يعانون وعدم تواريهم أبدا في طي النسيان. والأمم المتحدة تقف وقفة تضامن مع جميع ضحايا الإرهاب - اليوم وكل يوم."

فاتي يحي وابنتها فرا إلى الكاميرون من تهديد الجماعات المسلحة في نيجيريا.
صمور الأمم المتحدة/إسكندر ديبيبي
فاتي يحي وابنتها فرا إلى الكاميرون من تهديد الجماعات المسلحة في نيجيريا.

 

الإرهاب ليس له ما يبرره

وبدوره، حيا رئيس الجمعية العامة تيجاني محمد باندي صمود الناجين من الإرهاب ووصف اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم بأنه "فرصة لتكريم ذكريات المدنيين الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم نتيجة للأعمال الإرهابية في جميع أنحاء العالم".

وأوضح المسؤول الأممي أن "الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره لا يمكن تبريره على الإطلاق. يجب إدانة أعمال الإرهاب في كل مكان وبشدة".

تلتزم الأمم المتحدة بمكافحة الإرهاب، واتخذت الجمعية قرارات للحد من هذه الآفة مع العمل على إرساء وصون السلام والأمن على الصعيد العالمي.

تعزيز المساعدة

وشدد السيد باندي على ضرورة تعزيز الآليات الخاصة بالناجين من أجل ضمان "التعافي الكامل وإعادة التأهيل والاندماج في المجتمع من خلال دعم طويل المدى متعدد الأبعاد".

واختتم حديثه قائلا:

"معا يمكننا أن نضمن أنكم تعيشون حياة كاملة تحددها الكرامة والحرية. أنتم لستم وحدكم في هذه الرحلة. أنتم لستم منسيين."

Tweet URL

البعد الإنساني

في ختام الفعالية الافتراضية، أكد فلاديمير فورونكوف، مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أن الضحايا يمثلون "البعد الإنساني للإرهاب".

بينما يحاول الإرهابيون نزع الطابع الشخصي عن الضحايا عن طريق اختزالهم إلى مجرد أرقام أو إحصاءات، أكد السيد فورونكوف أن "علينا مسؤولية القيام بالعكس تماما".

وأضاف: "يجب أن نلتفت إلى آمال الضحايا وأحلامهم وحياتهم اليومية التي حطمها العنف الإرهابي - وهو انهيار يستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الهجوم. يجب أن نضمن احترام حقوق الإنسان الخاصة بهم وتلبية احتياجاتهم".

تأكيد إنسانيتنا المشتركة

وبينما اعترف السيد فورونكوف "بالواقع المريع للإرهاب،" أشار إلى أن الناجين يتميزون باعتبارهم "أمثلة على الصمود ومنارات للأمل والشجاعة والتضامن في مواجهة الشدائد".

وفي معرض إعادة التأكيد على "إنسانيتنا المشتركة،" حث الجميع على رفع مستوى الوعي باحتياجات الضحايا وحقوقهم. واختتم حديثه قائلا بالدعوة إلى إظهار الالتزام للضحايا بأنهم ليسوا وحدهم وأنهم لن يُنسوا أبدا".

شهادات الناجين

في الحدث الافتراضي، شارك ناجون قصصهم بالاتفاق على أن الهجمات الإرهابية تترك آثارا مؤلمة طويلة المدى على الناجين "لا تنتهي أبدا."

فقد طاهر من باكستان زوجته في هجوم على مكتب برنامج الأغذية العالمي في إسلام أباد. ويقول عن ذلك:

"عندما تتعرض لحادث، فأنت تعرف كيف تتأقلم معه. فحتى وإن كان مرضا عضالا، أنت تعرف كيف تتعامل معه. لكن لا توجد آلية لتناسي الآلام الناجمة عن وفاة شخص ما في عمل إرهابي."

لا توجد آلية لتناسي الآلام الناجمة عن وفاة شخص ما في عمل إرهابي

في غضون ذلك، لقي والد نيغيل حتفه في الهجوم على السفارة الأمريكية في كينيا عام 1998، عندما كان عمره أشهر فقط. وقال الشاب البالغ من العمر 22 عاما:

"بينما أنت تكبر، لا يكون لذلك تأثير كبير عليك، ولكن عندما تبدأ الحياة تتفتق، أجد نفسي في الغالب أتساءل عما إذا كان والدي سيكون فخورا بما أنجز في الحياة."

وفقدت جولي، من أستراليا، ابنتها البالغة من العمر 21 عاما في هجوم جسر لندن عام 2017.

"تذكرت عندما جاءت الشرطة الأسترالية إلى منزلنا وقالت: لدينا جثة، لم يتم تأكيدها بعد. لذا أوصوا بأن نسافر إلى لندن. يستعصي علي وصف الألم الذي يشعر به والد فقد طفلا في ظروف كهذه."