منظور عالمي قصص إنسانية

أبطال حقيقيون: إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين العالقين في مرمى النيران

سونيا المسعد، مدير برامج ميدانية من سوريا، تعمل مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.
© UNOCHA
سونيا المسعد، مدير برامج ميدانية من سوريا، تعمل مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.

أبطال حقيقيون: إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين العالقين في مرمى النيران

المساعدات الإنسانية

من مكتبٍ ميداني في اليمن، تعمل سونيا المسعد على ضمان وصول مساعدات الإغاثة التي تقدمها الأمم المتحدة إلى المحتاجين، في البلد الذي مزقته الحرب. وقد عملت سونيا سابقا في بلدها الأم، سوريا، حيث تفاوضت مع طرفي النزاع، وفي بعض الأحيان، كانت هي شخصيا عرضة للخطر.

سونيا المسعد، مسؤولة برامج ميدانية، من سوريا، تعمل الآن في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، وهي المرأة الوحيدة التي تعمل في الميدان مع أوتشا في اليمن. وتقود المسد فريقا من خمسة رجال، وكانت تعمل في الحُديدة، وهو أحد أهم مراكز الإغاثة، خلال النصف الأول من عام 2020.

وتتحدث المسعد عن قصتها كجزء من حملة #Reallifeheroes التي أطلقتها أوتشا قبيل اليوم العالمي للعمل الإنساني لهذا العام في 19 آب/أغسطس.

ندوب لن تشفى أبدا

"خلال حرب عام 2006 بين لبنان وإسرائيل، انضممتُ إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كمتطوعة، على الحدود بين سوريا ولبنان، ورأيت مقدار معاناة العائلات والأطفال.

سونيا المسد، مديرة برامج ميدانية من سوريان تعمل الان مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.
سونيا المسد، مديرة برامج ميدانية من سوريان تعمل الان مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن., by © UNOCHA

ثم انضممت إلى المنظمة الدولية للهجرة، للعمل مع اللاجئين العراقيين. لقد كان برنامجا جيّدا للغاية، حيث مُنح الناس فرصة جديدة وبداية جديدة، ولكن عندما تستمعون إلى قصصهم، ستجدون أن لديهم ندوبا لن تُشفى أبدا. أسَر تعرضت للخطف والتعذيب، ونساء اغتصبن وفقدن أطفالهن. لقد كنت جزءا من البرنامج الذي أرسل بعض العائلات إلى الولايات المتحدة، وكان من الرائع رؤيتهم يبدأون حياتهم من جديد.

عندما بدأت الأزمة السورية، كنت أعمل مع المنظمة الدولية للهجرة، كمنسقة ميدانية، أتنقل من منطقة إلى أخرى. لقد رأيت أشخاصا يفرّون من جماعة داعش الإرهابية، كانوا ينامون في العراء. أذكر أنني رأيت سيّدة تنزف مع طفل صغير، كانت تعيش في صندوق من الكرتون، ولم يكن لدى أسرتها أي وسيلة لمساعدتها.

ثم انتقلتُ للعمل مع أوتشا. في سوريا كنت أقوم بتنظيم خطة لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وتقييم الاحتياجات، والتفاوض مع الحكومة والجماعات المسلحة والوكالات لتحريك قوافل المساعدات.

ضمان الأمن

ليس من السهل الوصول إلى سكان المناطق المحاصرة، وليس من السهل كسب ثقتهم. وباعتباري سورية، كنت أعاني من مشكلات تتعلق بالحماية: لقد استخدمت اسم ذكر، محمد، على تطبيق واتس آب لأنني بصفتي رئيسة وحدة الوصول، كنت بحاجة إلى عدم الكشف عن هويتي.

أخبرت الناس أنني كنت مترجمة وأعمل لدى أحد المفاوضين، بينما في الواقع كنت أنا من يقوم بالمفاوضات. عندما وصلت مع قافلة المساعدات، سأل الجميع عن محمد. كنت أجيب بأنه مريض أو خارج البلاد، كل يوم كان محمد في مكان آخر.

عند التفاوض على دخول المواقع، يجب التأكد من أن السكان آمنون. لا يمكننا أن نتأكد  100في المائة من إمكانية الوصول، لكن نفعل ما بوسعنا ونحاول الحصول على ضمانات من الجميع على كافة المستويات، بما في ذلك الحكومة السورية والولايات المتحدة وروسيا، للتأكد من توقف الأنشطة العسكرية أثناء إيصال المساعدات. كما نحتاج إلى إشراك الجماعات المسلحة للتأكد من عدم اختطاف أي شخص.

سونيا المسد، مديرة برامج ميدانية من سوريان تعمل الان مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.
© UNOCHA
سونيا المسد، مديرة برامج ميدانية من سوريان تعمل الان مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.

 

في قافلة المساعدات الأولى مع أوتشا في سوريا (تشرين الأول/أكتوبر 2016)، كنا متجهين إلى مدينة دوما، وحصلنا على ضمانات للدخول. لكن مع دخولنا المدينة اندلع قتال بين الجماعات المسلحة وهاجمونا بقذائف هاون. اضطررنا للفرار إلى الطابق السفلي، حيث بدأنا بالتحدث مع شركاء منع الصراع، وهما الولايات المتحدة وروسيا. حاولت الجماعات المسلحة التي أعطتنا الضمانات تصحيح الأمر. انتظرنا بضع ساعات حتى حُلت المشكلة، ثم أفرغنا الشاحنات.

"عمل أؤمن به"

هذا عمل أؤمن به. أريد أن أقوم بعمل الخير من أجل الناس. في اليمن، أنا أتفاوض من أجل الوصول الآن إلى مناطق في عموم البلاد. الشيء الأكثر إحباطا بالنسبة لي هو رؤية احتياجات الأشخاص في هذه الأوقات الحرجة، وعدم القدرة على الاستجابة لها بالطريقة الصحيحة، بسبب نقص الأموال وعدم إمكانية الوصول إليهم، إنه أمر صعب للغاية عندما ترى الأشخاص المحتاجين يبحثون عن دعمك وليس بالإمكان دعمهم.

تبدو التجربة مثيرة لكوني المرأة الوحيدة والقائدة. في الثقافة اليمنية، وجود امرأة تفاوض وتدافع هو أمر غير معتاد للغاية، لكنني اعتدت على المزاح مع اليمنيين. أقول لهم عن الملكة اليمنية، أروى، التي حكمت البلاد لمدة خمسين عاما، لذا يجب أن يعتادوا على وجود النساء في السلطة. الآن لي زملاء غيّروا مواقفهم: يقولون لي إنهم الآن يتحدثون عني مع نسائهم وبناتهم".