منظور عالمي قصص إنسانية

لبنان: خبراء حقوقيون يدعون إلى إجراء تحقيق بهدف محاسبة المسؤولين وإنصاف ضحايا تفجير بيروت

بقايا صوامع الحبوب في مرفأ بيروت. حيث تدمرت الصوامع وتسبب ذلك في أزمة إمدادات غذائية حادة في لبنان.
WFP/Malak Jaafar
بقايا صوامع الحبوب في مرفأ بيروت. حيث تدمرت الصوامع وتسبب ذلك في أزمة إمدادات غذائية حادة في لبنان.

لبنان: خبراء حقوقيون يدعون إلى إجراء تحقيق بهدف محاسبة المسؤولين وإنصاف ضحايا تفجير بيروت

حقوق الإنسان

قال خبراء حقوق إنسان* تابعون للأمم المتحدة إن الانفجار الهائل المدمر، الذي وقع في مرفأ بيروت، في 4 آب/أغسطس، يتطلب تحقيقا سريعا وشفافا، لتوضيح المسؤوليات المتعلقة بالانفجار، وتحقيق العدالة والمساءلة، وتأكيد الالتزامات الدولية إزاء حقوق الإنسان.

وفي بيان، صدر الخميس، أعرب الخبراء عن القلق إزاء "مستوى اللامسؤولية والإفلات من العقاب الذي يحيط بالدمار الذي لحق بالبشر وبالبيئة."

لقد سلط هذا الانفجار وعواقبه الضوء على المشكلات المنهجية والعجز في الحكم الرشيد ومزاعم انتشار الفساد -- خبراء حقوق الإنسان

ووقع انفجار بيروت في وقت يواجه فيه لبنان، بالفعل، أزمة سياسية واقتصادية ومالية مدمرة، فضلا عن جائحة كـوفيد-19، مما أدّى إلى تدهور حاد في حماية حقوق الإنسان وإحداث معاناة كبيرة.

وأضاف الخبراء في البيان: "لقد سلط هذا الانفجار وعواقبه الضوء على المشكلات المنهجية والعجز في الحكم الرشيد ومزاعم انتشار الفساد.. لدينا مخاوف من أن تكشف المأساة عن تصدعات في المؤسسات التنفيذية والتشريعية والعدالة، مما يؤدي إلى التأخير والتحديات في ضمان سبل الإنصاف الفعّالة لجميع من تضرروا".

وحتى اليوم، لقي نحو 170 شخصا مصرعهم، وأصيب الآلاف بجراح، وأصبح ما لا يقل عن 300 ألف شخص بلا مأوى، والعشرات من الأشخاص في عداد المفقودين.

وأعرب الخبراء عن تأييدهم لإجراء تحقيق سريع ونزيه وذي مصداقية ومستقل على أساس مبادئ حقوق الإنسان، للنظر في جميع الادعاءات والمخاوف والاحتياجات فيما يتعلق بالانفجار، وكذلك الإخفاقات الأساسية فيمل يتعلق بحقوق الإنسان.

الصحة والغذاء والسكن اللائق وحرية التعبير

مع تدمير ميناء بيروت وصوامع تخزين الحبوب الرئيسية في البلاد بشكل شبه كامل، فضلا عن تأثر المستشفيات والمعدات الطبية بشدة، أصبحت قدرة السلطات اللبنانية على الوفاء بالتزاماتها لحماية الحق في الغذاء والسكن اللائق والحق في الصحة تتضاءل بشكل كبير، بحسب الخبراء.

كما دعا الخبراء السلطات الوطنية للسماح بالاحتجاجات السلمية وحماية المتظاهرين والصحفيين. "يجب أن يكون جميع اللبنانيين والمجتمع المدني والمجتمعات المتضررة قادرين على التأثير بحرية على صنع القرار الحكومي، خلال هذه اللحظة الحرجة، بما في ذلك ما يتعلق بالتنسيق والإشراف وتقديم أي مساعدات أجنبية".

وحث الخبراء على النظر في إجراء مناقشة خاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل، لاستكشاف جميع السبل التي يمكن من خلالها تحقيق العدالة لضحايا الانفجار وللناس في لبنان بشكل عام، بفعالية وشفافية وحيادية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث من خلال إجراء إصلاحات منهجية طويلة الأمد تستند إلى المشاورات المفتوحة مع الشعب في لبنان.

مخاطر بيئية محدقة ببيروت

وفق عدد من التقارير، تؤدي المواد الناتجة عن الانفجار إلى تلوث شديد في الهواء وتلوث بيئي آخر في أنحاء بيروت، ولفت الخبراء الانتباه إلى أهمية إحاطة السكان علما بمخاطر التعرّض لأكسيد النيتروز السام وغيره من الملوثات المنبعثة في الهواء فوق المدينة، وآثار ذلك على صحتهم.

لكل فرد في لبنان الحق في الحصول على معلومات حول المخاطر الصحية والبيئية التي يشكلها مخزون المواد الخطرة -- خبراء حقوق الإنسان

وقال الخبراء: "لكل فرد في لبنان الحق في الحصول على معلومات حول المخاطر الصحية والبيئية التي يشكلها مخزون المواد الخطرة. يجب أن تكون هذه المعلومات متاحة وميّسرة وعملية بطريقة تتفق مع مبدأ عدم التمييز"، مع إيلاء اهتمام خاص لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم ممن قد يكونون في أوضاع هشة بشكل خاص، والذين يتأثرون بشكل غير متناسب أثناء حالات الطوارئ.

وبموجب القانون الدولي للبيئة وقانون حقوق الإنسان، يقع على عاتق الدول والشركات واجب اتخاذ إجراءات لمواجهة المخاطر التي تشكلها المواد الخطرة.

وأشار الخبراء إلى ضرورة أي يأخذ أي تحقيق في عين الاعتبار التزامات لبنان الدولية، التي تحكم التعامل مع المواد الخطرة وحق الجميع في الحصول على معلومات حول المخاطر على الحياة والصحة.

التعاون مع السلطات

أعرب الخبراء عن الاستعداد للتعاون مع السلطات اللبنانية والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، بما في ذلك من خلال دعم عملية التحقيق والتدابير الأخرى، من أجل تقليل الضرر الناجم عن الكارثة، وضمان المساءلة وإعادة البناء بشكل أفضل مع الاحترام الكامل للتعددية الدينية والثقافية ومنع حدوث مآسٍ مماثلة في المستقبل.

وقال الخبراء: "يجب أن يحمي التحقيق، إضافة إلى الإجراءات الأخرى المرتبطة بالكارثة، الخصوصية وكذلك السرية وشهادات الضحايا والشهود والمساعدين والزملاء وعائلاتهم، يجب إعلان نتائج وتوصيات التحقيق على الملأ".

كما حثّ الخبراء المجتمع الدولي على تقديم المساعدة العاجلة للبنان وشعبه لتلبية الاحتياجات العاجلة من المأوى والغذاء والرعاية الصحية والطبية وغيرها من الاحتياجات ذات الصلة الناشئة عن الكارثة.

--==--

*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.