منظور عالمي قصص إنسانية

السودان يحصد تعهدات بقيمة 1.8 مليار دولار-والأمين العام يدعو إلى حشد دعم سياسي ومالي هائل للسودان فيما يخطو نحو الديمقراطية والسلام

في السودان، يتجمع الشباب في الفاشر، شمال دارفور، في يوم الشباب العالمي.
UNAMID/Amin Ismail
في السودان، يتجمع الشباب في الفاشر، شمال دارفور، في يوم الشباب العالمي.

السودان يحصد تعهدات بقيمة 1.8 مليار دولار-والأمين العام يدعو إلى حشد دعم سياسي ومالي هائل للسودان فيما يخطو نحو الديمقراطية والسلام

التنمية الاقتصادية

"نحن بحاجة إلى حشد دعم سياسي هائل من المجتمع الدولي لعملية الانتقال الديمقراطي في السودان (...) ولكننا بحاجة أيضا إلى حشد دعم مالي هائل للبلاد في الوقت الحالي".

هذا ما شدد عليه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش خلال كلمة ألقاها في مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان الذي انعقد اليوم افتراضيا في العاصمة الألمانية برلين.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان
United Nations/Nabil Midani
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان

المؤتمر الذي استضافته كل من جمهورية ألمانيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجمهورية السودان، قد جمع حوالي 50 دولة ومنظمة دولية.

وافتتح المؤتمر السيد عبد الله حمدوك، رئيس وزراء جمهورية السودان. وتحدث في الجلسة الافتتاحية بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كل من السيد هايكو ماس، وزير خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية، والسيد جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية.

وخلال المؤتمر، استعرض المشاركون إنجازات المرحلة الانتقالية في السودان حتى الآن، وناقشوا التحديات المقبلة. بناء على التقدم الذي أحرزته الحكومة الانتقالية في تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ظهر إجماع سياسي قوي لدعم السودان وانتقاله في بناء السلام والحكم الديمقراطي والانتعاش الاقتصادي الشامل وكذلك في التقدم نحو تخفيف الديون.

"علاقة حب" تربط الأمين العام بالشعب السوداني

ووصف الأمين العام الصلة التي تربطه بالشعب السوداني ب "علاقة الحب" التي بدأت منذ أن كان مفوضا ساميا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 (السودانيون)  شعب رائع، شعب كريم يستحق التضامن الكامل--أنطونيو غوتيريش

وذكر في كلمته العاطفية والمؤثرة أنه زار السودان حيث التقى بلاجئين من تشاد وإريتريا وجنوب السودان وشهد على "كرم الشعب السوداني الهائل" في وقت أغلقت فيه العديد الدول حدودها بوجه الفارين من ويلات الحروب أو الكوارث. وقال: "كانت الحدود السودانية مفتوحة دائما. فتح السودانيون أبواب منازلهم وقلوبهم".

وأضاف أنه شهد على هذا الكرم أيضاً عبر صمود والشجاعة اللاجئين السودانيين الأمر الذي كان ملهماً للغاية، بحسب تعبيره، وقال: "إنهم  شعب رائع، شعب كريم يستحق التضامن الكامل".

حمدوك يتطلع إلى شراكة متبادلة

رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أشار إلى تطور مفهوم هذا المؤتمر بمرور الوقت من مؤتمر المانحين التقليدي إلى مؤتمر الشراكة، موضحا أن ذلك لا يأتي على المستوى اللغوي فحسب بل على المستوى العملي. وقال: "يطلع السودان إلى بقية العالم لشراكة مبنية على المساءلة المتبادلة، على الاحترام، شراكة تسير في كلا الاتجاهين".

السيد عبد الله حمدوك، رئيس وزراء جمهورية السودان. خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان
United Nations/Nabil Midani
السيد عبد الله حمدوك، رئيس وزراء جمهورية السودان. خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان

وقال رئيس الوزراء السوداني إن بلاده تمر الآن بمرحلة انتقالية كاملة: الانتقال من الحرب والصراع إلى السلام، من الانهيار الاقتصادي إلى الأمل في الازدهار، من الاستبداد إلى الحكم الديمقراطي، من العزلة إلى إعادة الارتباط ببقية دول العالم.

وأعرب عن أمله في أن يدعم الشركاء السودانَ في تحقيق انتقال ناجح، مشيرا إلى أنه لا يريد أن يرسم صورة وردية، إذ إن أي عملية انتقالية لا تتم بشكل سهل، "وهناك العديد من التحديات".

تعهدات بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي

ولدعم الإصلاحات الاقتصادية في السودان والتخفيف من تأثيرها الاجتماعي على سكانها، تعهد الشركاء الدوليون بإجمالي 1.8 مليار دولار أمريكي.

وتعهد البنك الدولي بتقديم منحة إضافية للمقاصة قبل المتأخرات تصل إلى 400 مليون دولار أمريكي.

وهذا يشمل دعم تحسين استقرار الاقتصاد الكلي وبرنامج دعم الأسرة السودانية، الذي سيقدم مساعدة حيوية لملايين الأشخاص المستضعفين، ومساعدة مباشرة لتعزيز قدرة السودان على الاستجابة لكوفيد-19، وبشكل أعم، المساعدة الإنسانية والتعاون الإنمائي.

بيان مشترك يؤكد دعما دوليا للسودان

وشكل المؤتمر خطوة مهمة أخرى في الدعم الدولي للسودان، والذي تضمن في السابق الحدث رفيع المستوى حول السودان الذي انعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 2019 ، والمائدة المستديرة رفيعة المستوى حول المساعدة الإنسانية التي عقدت في لندن في كانون الثاني/يناير 2020، من بين أمور أخرى.

Tweet URL

وقد أصدرت الوفود المشاركة في المؤتمر بيانا مشتركا يؤكد ضرورة هذه الشراكة السياسية، والدعم الاقتصادي، وتعزيز عملية السلام، كما يحدد الطريق إلى الأمام لدعم السودان في المرحلة الانتقالية:

1- على صعيد الشراكة السياسية، افتتح المؤتمر فصلا جديدا في التعاون بين السودان والمجتمع الدولي. وقد عزز الشراكة السياسية، مدعومة بتعهدات الدعم المالي، لتحول السودان الديمقراطي والاقتصادي، بناءً على إطار الشراكة المتبادلة الذي تم تبنيه في اجتماع أصدقاء باريس في السودان في 7 أيار/مايو 2020. وستكون "المساءلة المتبادلة والشفافية" المبدأ التوجيهي في العلاقة بين السودان والمجتمع الدولي فيما يتعلق بالالتزام المشترك بسودان ديمقراطي مزدهر، وبتنمية شاملة ومستدامة في السودان.

 2- على صعيد الدعم الاقتصادي، أقر هذا المؤتمر بالحاجة الملحة لدعم السودان وهو يتصدى لأزمته الاقتصادية الحادة التي تفاقمت بسبب التحديات الإضافية الناجمة عن جائحة كوفيد-19. ورحبت الوفود بالإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها حكومة السودان الانتقالية وتعهدت بتقديم حزمة من الدعم المالي بقيمة إجمالية تزيد على 1.8 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك للحماية الاجتماعية، والتنمية، واستجابة كـوفيد-19، والمساعدات الإنسانية. والتزمت الوفود كذلك بتحويل تعهداتها إلى مساهمات فعالة دون تأخير.

3- على صعيد عملية السلام، أعربت الوفود، إدراكا منها للصلة بين السلام والتنمية، عن دعمها القوي لعملية جوبا للسلام. ودعت جميع الأطراف إلى المشاركة في المفاوضات باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتحقيق سلام كامل وشامل. وأشار عدة مشاركين إلى ضرورة أن تكون عملية السلام شاملة.

وذكر آخرون أن العدالة الانتقالية ينبغي أن تكون جزءا من عملية السلام، بينما ينبغي محاسبة مرتكبي الأعمال الإجرامية من خلال الإجراءات القانونية الواجبة. المصالحة مهمة على جميع المستويات وينبغي دعمها. واعترف المشاركون بدور حكومة جنوب السودان في دعم مفاوضات السلام، وكذلك الجهود المشتركة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والدول المجاورة والشركاء لتشجيع الأطراف على التوصل إلى اتفاق شامل. وأعرب الشركاء الدوليون عن دعمهم لمساعدة السودان في تقييم الاحتياجات المستمرة كجزء لا يتجزأ من التنفيذ الناجح لاتفاق السلام.

السيد هايكو ماس ، وزير خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية، خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان
United Nations/Nabil Midani
السيد هايكو ماس ، وزير خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية، خلال مؤتمر الشراكة رفيع المستوى للسودان

4- على صعيد المضي قدما، التزمت الوفود/ المشاركون بالمشاركة في مرافقة ومساعدة شعب السودان من خلال الانتقال السياسي وعملية الإصلاح الاقتصادي. وتحقيقا لهذه الغاية، ستعقد مؤتمرات رفيعة المستوى بانتظام لتقييم الشراكة والتقدم المحرز في المرحلة الانتقالية الجارية في السودان.

اتفق المشاركون على عقد مؤتمر الشراكة المقبل في أوائل عام 2021، بالتعاون الوثيق مع حكومة السودان ومجموعة أصدقاء السودان. بالإضافة إلى ذلك، قررت حكومة السودان والوفود إنشاء آلية متابعة بقيادة حكومة السودان الانتقالية كعملية شاملة في السودان.