منظور عالمي قصص إنسانية

ديفيد شيرر: الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في جنوب السودان "مأساة يمكن تجنبها"

تعمل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان (أونميس) على منع انتشار جائحة كوفيد-19 في البلاد.
UNMISS
تعمل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان (أونميس) على منع انتشار جائحة كوفيد-19 في البلاد.

ديفيد شيرر: الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في جنوب السودان "مأساة يمكن تجنبها"

السلم والأمن

يواجه جنوب السودان تهديدا مزدوجا يتمثل في مرض كوفيد-19 وتصاعد العنف الذي يهدد بانهيار وقف إطلاق النار الهش وعرقلة عملية السلام، وذلك بحسب ديفيد شيرر رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان، في الوقت الذي وثقت فيه البلاد ألفي حالة إصابة بالفيروس و35 وفاة حتى الآن.

وقال شيرر الذي يرأس بعثة الأمم المتحدة في أحدث دولة في العالم، إنه من المرجح أن تحجب الاختبارات المحدودة والوصم المجتمعي الحجم الحقيقي للجائحة.

سيموت الناس من الفيروس، مثل أي مكان آخر في العالم، لكن التهديد الحقيقي الذي يواجه شعب جنوب السودان يتمثل في انهيار النظام الصحي الهش -- ديفيد شيرر

وتتمثل أكبر مخاوف البعثة في أن تمثل الاستجابة لمرض كوفيد-19 ضغطا إضافيا على نظام الرعاية الصحية الضعيف أصلا في جنوب السودان وبالتالي تعطيل عمليات التطعيم وخدمات صحة الأم وعلاج الأمراض القابلة للشفاء مثل الملاريا والإسهال والالتهاب الرئوي.

وقد تكون النتيجة زيادة "مدمرة" في عدد الوفيات التي من المرجح أن تكون أكبر من الخسائر في الأرواح الناجمة عن الوفاة بمرض كوفيد-19 نفسه.

تهديدات منهجية

وقال شيرر أمام مجلس الأمن في جلسة عُقدت عبر تقنية الفيديو، إن جائحة كوفيد-19 سوف تضرب بقوة، ولكن ليس بالضرورة بالطريقة التي نفكر بها. وأضاف يقول: "نعم سيموت الناس من الفيروس، مثل أي مكان آخر في العالم، لكن التهديد الحقيقي الذي يواجه شعب جنوب السودان يتمثل في انهيار النظام الصحي الهش أصلا"، مشيرا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان عدد أكبر من الأرواح، وهي مأساة يمكن الحيلولة دون وقوعها على حد تعبيره.

وقد حصل جنوب السودان على استقلاله عن السودان في تموز/يوليو 2011، وتغرق الدولة منذ عام 2013 في حالة من عدم الاستقرار السياسي والعنف الذي تركز حول القتال بين القوات الموالية للرئيس ونائبه السابق.

الافتقار للمعدات والخبرات

وفي حين تم توسيع مستشفى الأمراض المعدية في العاصمة جوبا، قامت البعثة بتجديد وتجهيز المستشفيات في 10 ولايات لمعالجة مرضى كوفيد-19. وتعمل على مساعدة المنظمات غير الحكومية في توفير الموظفين لهذه المرافق، ولكن هناك افتقار شديد إلى المعدات والخبرات.

وقال السيد شيرر: "من أجل إبقاء العيادات مفتوحة، من الضروري أن يكون لدى العاملين الصحيين معدات حماية شخصية"، مضيفا أن 86 من العاملين الصحييّن أصيبوا بالعدوى وأن الرواتب لا تُدفع.

الحاجة إلى طاقات جديدة

وبالحديث عن العملية السلمية، قال السيّد شيرر إنها "متعثرة" وتحتاج إلى طاقة جديدة وإلى إعادة ضبط، على الرغم من بعض التطورات الإيجابية التي حدثت في الأشهر الأخيرة.

رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان، ديفيد شيرر، يقدم إحاطة أمام مجلس الأمن.
رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان، ديفيد شيرر، يقدم إحاطة أمام مجلس الأمن. 

وشملت تلك الاتفاقات تشكيل حكومة وحدة وطنية واتفاقا في حزيران/يونيو، بعد مواجهة دامت أربعة أشهر، بشأن توزيع الولايات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة، بقيادة سلفا كير، والحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، بقيادة النائب الأول للرئيس رياك مشار.

وللمضي قدما، قال السيّد شيرر، الذي قدّم آخر تقرير للأمين العام عن جنوب السودان، إنه ينبغي الآن تعيين حكام الولايات لملء الفراغ في السلطة ومعالجة الزيادة في حوادث العنف التي وقعت على مدى العامين الماضيين بمقدار أربعة أضعاف.

وقال المسؤول الأممي إن العنف مستشرٍ في ولايات جونقلي والوحدة والبحيرات وولاية واراب وغرب الاستوائية. وقتل العنف مئات المدنيين، واختُطفت النساء والأطفال، وشرد أكثر من 60 ألف شخص، ولم يعد من الممكن اعتبار العنف بأنه "قتال بين المجتمعات".

خطر انهيار وقف إطلاق النار

وتابع شيرر يقول إنه تم "رصد مقاتلين يرتدون الزي العسكري.. مما يشير إلى أن القوات النظامية قد تنضم إلى النزاع، الأمر الذي يهدد بانهيار وقف إطلاق النار".

وأوضح أنه كان بإمكان قيادة وطنية موحدة أن تتدخل بسرعة، ولكن بدلا من ذلك، سُمح للعنف بأن يحدث ويستخدم لتغيير أوضاع ترتيبات السلطة على المستويين الوطني ودون الوطني.

وقال شيرر: "تؤجج هذه الحلقة من الإفلات من العقاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان حيث يتحمل المدنيّون مرة أخرى وطأة العنف"، مشيرا إلى أن 7.4 مليون شخص سيحتاجون إلى مساعدة إنسانية في جنوب السودان، بمن فيهم العديد من الفقراء في المناطق الحضرية.