منظور عالمي قصص إنسانية

التحويلات المالية في زمن فيروس كورونا: تحد وفرصة لإصلاح نظام يعد شريان حياة اقتصادي بالنسبة للملايين في الدول النامية

المبالغ المالية البسيطة التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم تمثل 60% من الدخل الأسري في العديد من الدول النامية.
IFAD/Christine Nesbitt
المبالغ المالية البسيطة التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم تمثل 60% من الدخل الأسري في العديد من الدول النامية.

التحويلات المالية في زمن فيروس كورونا: تحد وفرصة لإصلاح نظام يعد شريان حياة اقتصادي بالنسبة للملايين في الدول النامية

أهداف التنمية المستدامة

تعد التحويلات المالية التي يرسلها العمال المهاجرون إلى عائلاتهم ذات أهمية بالغة، وتساهم بشكل كبير في أهداف التنمية المستدامة، وانتشال عشرات الملايين من الفقر المدقع.

من المفارقات، أن ظهور كوفيد-19 شكل فرصة لتحسين جزء فريد من النظام المالي العالمي، يمثل أكثر من خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لما لا يقل عن 60 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل - وأكثر من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر أو المساعدة الإنمائية الرسمية التي تقدمها الحكومات.

وقال جيلبيرت هونغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد): "بغض النظر عما إذا كان التعافي (بعد فيروس كورونا) سيكون أسرع من المتوقع أم لا، فقد كشفت الجائحة العالمية عن نقاط الضعف في نظام التحويلات العالمية."

في حوار مع أخبار الأمم المتحدة قبل الاحتفال باليوم الدولي للتحويلات المالية العائلية في 16 تمزو/يونيو، قال السيد هونغبو: "لقد حان الوقت لإصلاح نقاط الضعف هذه بغض النظر عن السيناريو الاقتصادي".

مليون مهاجر، 554 مليار دولار، 125 دولة

Tweet URL

وفي العام الماضي، بلغت التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل رقما قياسيا قدره 554 مليار دولار، وفقا للبنك الدولي، حيث أرسل 200 مليون عامل مهاجر في 40 دولة غنية أموالهم لدعم 800 مليون من الأقارب في أكثر من 125 دولة نامية.

وقال رئيس إيفاد، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة في روما، إن نصف العائلات التي تستقبل هذه التحويلات المالية تعيش في المناطق الريفية، حيث تعد التحويلات المالية أكثر أهمية.

ولكن مع ظهور جائحة كوفيد-19، يتوقع البنك الدولي انخفاض التحويلات المالية العابرة للحدود بنسبة 20%، مما قد يؤدي إلى دفع عشرات الملايين نحو الفقر مع تقويض التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحلول 2030.

ومن غير المحتمل، وفقا للسيد هونغبو، حدوث انتعاش في عام 2021، وهو ما سيؤدي إلى استنفاد المدخرات وجعل الظروف المحلية أكثر سوءا، حيث من غير المتوقع أن تعود التحويلات المالية إلى مستويات ما قبل الجائحة، لبعض من الوقت.

وقال السيد هونغبو لأخبار الأمم المتحدة عبر البريد الإلكتروني:

"في حين أن الانخفاض في التحويلات لن يقع بالتساوي على جميع الأسر، ولا في جميع القارات، فإن التأثيرات المجتمعية ستكون كبيرة ومستمرة".

دعوة إلى العمل

واستجابة لذلك، أصدرت عدة دول من بينها سويسرا والمملكة المتحدة ومصر، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمجموعات الصناعية - "دعوة إلى العمل" في 22 أيار/مايو لتمكين العمال المهاجرين ومجتمعات الشتات من مواصلة إرسال التحويلات المالية بطرق يمكن أن تحسن أيضا نظام التحويلات.

وحثت دعوة العمل صانعي السياسات ليس فقط على إعلان توفير التحويلات كخدمة عامة أساسية، ولكن أيضا على دعم تطوير قنوات تحويل رقمية أكثر كفاءة.

كما حثت دعوة العمل مقدمي خدمات التحويلات على استكشاف طرق لتخفيف العبء على عملائهم المهاجرين عن طريق تخفيض رسوم المعاملات، التي تبلغ الآن 6.8% في جميع أنحاء العالم، أي أكثر من نصف الهدف المحدد في أهداف التنمية المستدامة، وفقا للبنك الدولي.

تدعم التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم، في بلدانهم الأصلية، 800 مليون شخص بأنحاء العالم.
IFAD
تدعم التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم، في بلدانهم الأصلية، 800 مليون شخص بأنحاء العالم.

 

التحويلات المالية شريان حياة

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش إن التحويلات هي شريان الحياة في العالم النامي وخاصة خلال هذه الفترة، مشيرا إلى التزام البلدان بتخفيض رسوم التحويلات إلى 3 في المائة. وأضاف: "تتطلب الأزمة أن نذهب إلى أبعد من ذلك، ونقترب من الصفر قدر الإمكان".

ويؤكد الصندوق الدولي للتنمية الزراعية أنه يقيم شراكات مع شركات التكنولوجيا المالية ومشغلي الهواتف المحمولة والبنوك التجارية والشبكات البريدية لدمج الحلول الرقمية لتحسين خدمات التحويلات المالية إلى المناطق الريفية.

بالإضافة إلى مبادرة التسهيلات المالية للتحويلات، فإن الصندوق الأممي يعمل على تعزيز قدرة الأسر الريفية على تجاوز الأوقات الصعبة، من خلال برامج محو الأمية المالية والتخطيط، من بين جهود أخرى لبناء القدرات.

وقال السيد هونغبو، رئيس وزراء توغو السابق، الذي قاد الصندوق منذ عام 2017، إن تركيز الاهتمام الدولي، خلال الـ 15 عاما الماضية، كان على الجانب المرسل من التحويلات المالية، ولا سيما ارتفاع تكاليف المعاملات. وأضاف:

"نحتاج إلى التأكيد على أن الأثر الإنمائي للتحويلات المالية هو في الواقع على الطرف المتلقي - حيث تعاني الأسر، خلال هذه الجائحة، من الانقطاع المفاجئ لهذه التحويلات المالية التي تمثل بالنسبة لها شريان حياة اقتصادي."