منظور عالمي قصص إنسانية

الناجون والناجيات من العنف الجنسي في جنوب السودان يكافحون للحصول على الرعاية الصحية

ورشة عمل خاصة تنظمها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان مع سكان معسكر الحماية لدعم النساء اللواتي عانين من العنف الجنسي وتشجيع المجتمع على اتخاذ إجراءات لضمان تقديم الجناة إلى العدالة. (من الأرشيف)
United Nations
ورشة عمل خاصة تنظمها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان مع سكان معسكر الحماية لدعم النساء اللواتي عانين من العنف الجنسي وتشجيع المجتمع على اتخاذ إجراءات لضمان تقديم الجناة إلى العدالة. (من الأرشيف)

الناجون والناجيات من العنف الجنسي في جنوب السودان يكافحون للحصول على الرعاية الصحية

حقوق الإنسان

أشار التقرير الجديد الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء في جنيف، إلى أن الناجين والناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع  ما زالوا يكافحون من أجل الحصول على رعاية طبية ونفسية كافية.

وقالت ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن جائحة كوفيد-19 قد أوضحت، في حال لم يكن ذلك واضحا من قبل، "مدى أهمية حصول الجميع على الرعاية الصحية الفورية والكافية".

وفيما يتعلق بالناجين والناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، قالت باشيليت إن "الأمر يتجاوز علاج إصاباتهم الجسدية والصدمات النفسية. إنها ببساطة خطوة حاسمة تمنحهم فرصة لإعادة بناء حياتهم وحياة أسرهم".

تمويل الرعاية الصحية لصالح الناجين 

ويلقي التقرير الذي يحمل عنوان "وصول الناجين من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات في جنوب السودان إلى الرعاية الصحة" نظرة متعمقة على مدى كفاية الرعاية الصحية المتاحة في مناطق الوحدة والاستوائية الوسطى والغربية، والتي تمثل 85 بالمائة من حالات العنف الجنسي المرتبطة بالنزاع الموثقة بين يناير/كانون الثاني 2018 ويناير/كانون الثاني 2020.

ويرى التقرير أن تمويل الرعاية الصحية العامة في جنوب السودان لم يحدد كأولوية حتى الآن، حيث تم تخصيص 1.2 في المائة فقط أي 14 مليون دولار أمريكي من الميزانية الوطنية لهذا الغرض. وقد أدى ذلك إلى استعانة المنظمات الدولية بالتمويل المقدم من المانحين لمحاولة سد الفجوة. على الرغم من الاستثمار المالي الهائل، لا تزال الاستجابة الطبية للناجين من العنف الجنسي ضعيفة.

النساء ضاقت ذرعا من العنف الجنسي في جنوب السودان

وفي ردها على النتائج التي توصلت إليها، قالت وزارة الشؤون الجنسانية وشؤون الطفل والرعاية الاجتماعية، إن التقرير جاء "في الوقت المناسب" وقدم "صورة حقيقية" للتحديات التي يواجهها الناجون، بما في ذلك الوصول إلى الخدمات الصحية. كما سلطت الوزارة الضوء على الإجراءات التي اتخذتها جمهورية جنوب السودان بالفعل لمعالجة العنف الجنسي في جميع أنحاء البلاد.

يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان حصول الناجيات على الرعاية الصحية والدعم الذي يحتجن إليه بشدة-- ديفيد شيرير، الممثل الخاص للأمين العام في جنوب السودان

أعرب ديفيد شيرير، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، أنه "من المشجع حقاً أن نرى الحكومة تقر بالشواغل التي أثيرت في التقرير، وأنها مستعدة للعمل سويا مع الأمم المتحدة لمكافحة العنف الجنسي في جنوب السودان".

وأشار إلى أن النساء قد عانت ما يكفي في هذا البلد من العنف الجنسي، وأنه "يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان حصول الناجيات على الرعاية الصحية والدعم الذي يحتجن إليه بشدة".

قلة المرافق الصحية تؤدي إلى مضاعفات صحية

ووجد التقرير أن هناك في المتوسط، مرفقًا صحيًا واحدًا فقط لكل 10،000 شخص، ويقدر أن 72 في المائة من السكان يعيشون على بعد أكثر من 5 كم من أقرب عيادة. العديد من هذه المرافق ليست قادرة على توفير رعاية متخصصة ولا يوجد فيها ما يكفي من الأطباء المؤهلين أو الممرضات أو القابلات لعلاج الناجيات من العنف الجنسي.

وقد أدت هذه العوامل إلى إيثار العديد من الضحايا عدم طلب المساعدة حتى لا يتعرضن لمضاعفات صحية، مثل الأمراض المنقولة جنسيا، والحمل غير المرغوب فيه، وعمليات الإجهاض غير المأمونة. كما أن الوصم المقترن بخطر وصفهن بالناجيات من العنف الجنسي في حال توجهن إلى طلب الرعاية الصحية، كل ذلك أجبر الكثيرات على المعاناة بصمت.

محظوظة رغم من تعرضها للعنف الجنسي

امرأة تحمل ابنتها الصغرى في مركز الحكمة في منطقة جوري بجوبا، جنوب السودان، بعد تعرضها للضرب.
© UNICEF/Albert Gonzalez Farran
امرأة تحمل ابنتها الصغرى في مركز الحكمة في منطقة جوري بجوبا، جنوب السودان، بعد تعرضها للضرب.

وقد أعربت إحدى الضحايا التي تبلغ من العمر 47 عامًا لضباط حقوق الإنسان عن امتنانها وشعورها بالحظ لأنها ما زالت على قيد الحياة بعد أن تعرضت للاغتصاب الجماعي من قِبل رجال مسلحين عام 2018، وقالت على حد تعبيرها "أنا محظوظة لأنني بصحة جيدة الآن".

وأضافت أنه "في العام الماضي، اُغتصبت امرأتان وفتاة على يد عصابة مسلحة. عادت إحدى النساء والفتاة إلى القرية بعد الحادث. أما المرأة الأخرى فلم تزر المستشفى قط بسبب الخجل، وأصبحت مريضة جدا وتوفيت الشهر الماضي. أخبرني أقاربها أنها ماتت بسبب مرض سببه الاغتصاب. وقد توفيت أيضا الناجيتان الأخريان لاحقا".

العنف الجنسي -- أشبه بسلاح حرب

يوثق التقرير 356 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، بما في ذلك حوادث اغتصاب وقعت بين يناير/كانون الثاني 2018 ويناير/كانون الثاني 2020. وشملت هذه الحوادث ما لا يقل عن 1423 ضحية، بما في ذلك 302 طفل. وكان من بين المسؤولين عن العنف كل من القوات الحكومية والمعارضة، وكذلك الميليشيات الشبابية التي تستخدمها أطراف النزاع.

العنف الجنسي مستوطن ويُستخدم كسلاح حرب في جنوب السودان منذ اندلاع النزاع المسلح في عام 2013. وقد حدث انخفاض كبير منذ توقيع اتفاق السلام في عام 2018. ومع ذلك، فإنه لا يزال يمثل مشكلة خطيرة مع استمرار معاناة الضحايا أفعال العنف الجنسي المروعة، والتي غالبا ما تؤدي إلى أذى جسدي طويل الأجل وعواقب الصحة العقلية.

في عامي 2019 و 2020، أيد الجيش وقوات الشرطة وكذلك جيش التحرير الشعبي المعارض والمؤيد لـ "ريك مشار" وجبهة الإنقاذ الوطني، اعتماد خطط عمل مخصصة و/أو أصدرت أوامر قيادة تلتزم من خلالها باتخاذ تدابير ملموسة لمنع ومواجهة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

التوصيات:

يقدم التقرير سلسلة من التوصيات، بما فيها زيادة التمويل الحكومي بشكل كبير لقطاع الصحة العامة، وتعزيز قدرات المرافق والعاملين الصحيين، وتحسين الوصول إلى الرعاية الجنسية والإنجابية؛ التحقيق مع المجرمين المسؤولين عن العنف الجنسي ومحاكمتهم، بمن فيهم أولئك الذين يشغلون مناصب القيادة والسيطرة العسكرية؛  تعزيز الروابط بين المشاريع التي تمولها الجهات المانحة والتي توفر الرعاية الطبية للناجين والبرامج المصممة لبناء قدرات نظام الرعاية الصحية الحالي؛ تثقيف الأطراف حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وضمان تنفيذ خطط العمل وأوامر القيادة من قِبل قوات الدفاع والأمن؛ زيادة الجهود للتغلب على الحواجز الاجتماعية من خلال تثقيف المجتمعات حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وتأثيره على الناجين.